ليس من باب التّشكيك ولا التّحامل أن نسأل مثل هذا السّؤال، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار أنّ شهادة الدكتوراه التي تخوّل لصاحبها ممارسة أنبل وأخطر مهنة، مهنة الطبّ التي تتعامل مع النّفس البشريّة في كلّ علاّتها، هذه الشهادة هي أكثر أهميّة، وأكثر خطورة من أية شهادة أخرى، وأيّ دكتوراه أخرى.
وحتّى نفهم الأمر أكثر وضوحاً لا بدّ أن نقارب ونلامس مسار تكوين أيّ طبيب عموماً، الطّبيب طيلة مدّة دراسته من المفروض أنّه يلمّ بأبجديّات مداخل الطبّ وما يتفرّع عنه من علم تشريح وصيدلة ومخبريّات وغيرها من أمّهات العلوم التي تؤهّله لسبر أغوار الإنسان، وللإحاطة بجسمه بتقييمات الصحّة والمرض، هنا يأتي السؤال الأوّل هل كلّ الدّاخلين إلى كليّة الطب على نفس الدرجة من الفهم والاستيعاب؟ وهل كلّ من يدخل كليّة الطبّ هو (مشروع ناجح) لأن يكون طبيباً مهما كانت الأحوال؟
ثانياً: هل التأطير الجامعي لطلبة الطبّ يسير وفق المعايير المطلوبة؟ وهل حظوظ طلبة الطبّ متساوية في الانتفاع بهذا التأطير سواء النّظري أو التطبيقي؟ وتزيد أهميّة السؤال إذا ما عرفنا أنّ مستشفياتنا العموميّة وبالأخصّ الجامعيّة منها لا يكفي؛ بل أفلست خدماتيّاً بل إنّ كثيراً من أساتذة الطبّ وكبار الأطبّاء قد هجروها إلى الانتصاب الخاصّ.
ثالثاً: هل مدّة التربّص لكل قسم داخلي كافية لأن يستوعب طالب الطبّ معظم الحالات المرضيّة، وأن يطّلع معاينةً ومباشرة لأكثر الوضعيّات والتعقيدات التي تخصّ ذلك القسم؟ ثمّ أكثر وأخطر من هذا ماذا عن أقسام الجراحة وتخصّصاتها مع إشكالات وفرة الطلبة مقابل خطورة وقلّة العمليّات الجراحيّة على مختلف أنواعها وتعقيداتها وتطوّراتها؟
رابعاً: أطروحة الدكتوراه هل هي كافية وحدها لإعطاء الضوء الأخضر في انتقال طالب الطبّ من النّظري (النّسبي) إلى الممارسة التطبيقيّة لمهنة الطبّ، وهل بعدها مباشرة كلّ هؤلاء الحائزين على الدكتوراه مهما كانت درجات وملاحظات قبول أطروحاتهم قادرون على مباشرة المرضى؟
هذا إذا استثنينا طبعاً ما تشترك فيه شهادة الطبّ مع باقي الشهائد الأخرى في تعليم لا يكفي تكوينه بأن يؤهّل الطالب في أيّ اختصاص تأهيلاً وظيفيّاً كاملاً، وإذا استثنينا أيضاً التدخّلات والمحاباة التي تشوب أحياناً التقييمات التي تُجرى معاهدنا وكلّيّاتنا ولا يمكن لأحد إنكارها، فهل كلّ الأطبّاء أطبّاء قادرون فعليّاً على أن يمارسوا مهنة الطبّ بلا تحفّظ؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.