روزي ليزروفيتشي هي مدوِّنة تكتب عن الإنتاجية، والإبداع، والكتب، وتدرس الأدب الإنكليزي واللغة الإنكليزية.
أقضي وقتاً طويلاً في تصفح المواقع وقراءة المدونات المتعلقة بأسلوب الحياة التقليلي (أسلوب حياة يعتمد على استخدام الأشياء الأساسية فقط والتخلي عن الكماليات). ونتيجةً لهذا، رأيتُ الكثيرَ من الناس يتبنون التقليلية أسلوباً لحياتهم، ثم يهجرونها. ومع الوقت، حدَّدتُ بعض الأسباب الرئيسة لحدوث ذلك.
إليكم 5 أسباب بسيطة تُفسر لماذا يفشل بعض الناس في انتهاج ذلك الأسلوب المعيشي. ويمكن لتلك الأسباب أيضاً أن تنطبق على أيٍّ من أساليب المعيشة.
1. توقَّع منها أكثر مما ينبغي
من المثير للسخرية، أنَّ بعض الناس يجعلون التقليلية شيئاً أكثر تعقيداً مما هي عليه في الواقع. أنت لا تحتاج دورةً تعليمية باهظة الثمن، ولا دليل تعليمات طويل لكي تبدأ. الأمر بسيط حقاً: تخلص من كل ما هو غير جوهري، واصقُل الأشياء الجوهرية. هذه هي القاعدة الوحيدة. ولهذا فوائد لا تُعد: ستحظى بوقتٍ أكثر، وستوفر أموالك، وستشعر بصفاءٍ ذهني.
التقليل لن يجعلك أسعد. أنت فقط من يستطيع أن يسعد نفسه. وأنا سعيدة لأنني تعلمت هذا في سنٍ صغيرة نسبياً. وقد حقَّق هذا الأسلوب لي أشياء مذهلة، وغيرت حياتي. يجب أن تحدد ما الذي يهمك لأن حذف التفاصيل الزائدة ليس له أي معنى دون تحديد بالضبط ما الذي يُهمك. تجاهَل أولئك الذين يعدُّون التقليلية طائفةً أو ديناً.
2. عدم التدرُّج في الأمر
إذا استيقظت يوماً ما وقررت أن تصير تقليلياً، وبدأت مباشرةً في التخلص من كل شيء، باستثناء أشياء قليلة وضعتها في حقيبة ظهرك، فمن المُرجَّح أنَّ محاولتك ستفشل.
على المدى البعيد، لا ينجح التطرف في أي أمر، وخاصةً في التغيُّرات الجذرية في العادات. هذا التحول من أسلوب حياة استهلاكي نموذجي إلى امتلاك أشياء قليلة جداً يشبه تحول المرء من شخصٍ كسول يجلس أمام التلفزيون طوال اليوم إلى شخصٍ يركض 30 كيلومتراً في اليوم. ويشبه أيضاً تحول المرء من شخصٍ مدمن للوجبات السريعة إلى شخصٍ نباتي.
قد تكون الخبرة مُهمة في إعادة تشكيل سلوكياتك. ومن الممكن أيضاً أن تسوء حالك، وتُصاب بالإحباط، وتفقد قابليتك للمحاولة ثانيةً. أحد الأسباب التي جعلت التقليلية مفيدةً لي بشكلٍ كبير هو تنفيذي البطيء لعملية التخلص من الأشياء الزائدة؛ إذ قضيتُ 9 أشهر للتحول من الهوس بجمع الأشياء، إلى امتلاك أقل من 150 شيئاً. كان التسرع مخيفاً، ومؤذياً على الأرجح. وغالباً كان الأمر سينتهي بي إلى الفشل، والاندفاع لشراء أكوام من الأشياء الجديدة لسد الثغرات.
3. لا تُكيِّفها لتلائم أسلوب حياتك
كلٌّ منا لديه حياته المختلفة، التي تتطلب امتلاك أشياء مختلفة.
ضع في الحسبان وظيفتك، وهواياتك، وعائلتك، وحيواناتك الأليفة، إلخ. غالباً ما أرى مقالاتٍ بعناوين على شاكلة "لماذا أقلعتُ عن التقليلية؟"، وهي ترفض التقليلية لكونها مُقيِّدة. كان اختيار خزانة ملابس مثالية أصعب مما يمكن لهؤلاء الناس أن يتحملوا. وشعروا بالذنب بعدما تخلصوا من أشيائهم التي يرتبطون بها ارتباطاً عاطفياً. وأرادوا لأطفالهم أن يتمتعوا بالطفولة الغنية التي لم يُتح لهم هُم التمتع بها.
المشكلة في تلك الحالات ليست التقليلية ذاتها، وإنَّما الطريقة التي يتعاملون بها معها. فقد فشل أولئك الناس في تكييف التقليلية لتلائم أسلوب حياتهم، وحاولوا حشر أنفسهم فيها مثل وتدٍ مستدير في فتحةٍ مربعة. وقد رأيت أناساً يسألون عما إذا كان يجب عليهم أن يتخلصوا من حيواناتهم الأليفة، أو يقلعوا عن ممارسة هواياتهم، لكي يصيروا تقليليين.
4. الاستغراق في مَظهريَّة أسلوب الحياة
غُرف سويدية هوائية بأرضيات حجرية مزخرفة. شقق سكنية يابانية خفيفة مبطنة بالأخشاب، ومزينة بالنباتات.
بلوزات بيضاء مموجة، ومعاطف سوداء طويلة، وجوارب صوفية رمادية. خواتم فضية مكتنزة، ووشوم خارجية.
شكل أسلوب الحياة الجمالي التقليلي مُغرية. وتحقيقها صعب نوعاً ما أيضاً، وقد يُثبط العزيمة. تلك الصور السابق ذكرها اختيرت بعناية، وعُدِّلت، أو حتى التُقطت داخل استوديو. بينما الحياة الواقعية فوضوية ومعقدة. الوشوم الساحرة تخبو مع الزمن، والملابس البيضاء تلوثها البُقع، وتسقط القهوة على الأثاث. هذه الأشياء تحدث. لا حاجة لأن تُلقي كل شيء وتستبدل به أشياء بيضاء وسوداء باهظة الثمن.
5. أن تُوبِّخ نفسك حين تهفو
إذاً، اشتريت حذاءً لأنك كنت حزيناً. أو جعلت خالتك تعطيك سترة زغبية غريبة الشكل. أو طلبت شراء خلاط جديد عبر الإنترنت فقط لأنه كان معروضاً للبيع بسعرٍ أقل من سعره. أو اشتريت أحدث موديلات الهواتف، رغم أنَّ هاتفك القديم يعمل بكفاءة.
انتهى الأمر. أنت لم تعُد تقليلياً. من فضلك أعِد لنا قميصك الأسود الرمزي، وغادِر المجموعة.
في الحقيقة، لم ينتهِ الأمر، أنت بخير. أسوأ طريقة للنظر إلى أسلوب حياة هي اعتباره أمراً عقائدياً. تحويل التقليلية إلى مصدر للشعور بالذنب هي طريقة مؤكدة النجاح لجعل نفسك بائساً.
تذكَّر، إنَّها ليست هدفاً، وإنَّما عملية مستمرة.
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة البريطانية لهافينغتون بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.