تحمَّلت الكثير أعلم؛ لكي تحافظ على وصالهم، تمنعت عن البوح خوفاً من أن تفقدهم، ربما كابدت ليالي صعبة تشكو همهم لبارئك وبارئهم.
دعوت الله كثيراً ألا يقلِّب قلوبهم، مفزوعاً أن يضيعوك عند صدور أمر التقلب.
ربطت حبال الوصل بخفة كلما باشروا بحلّ عقدها، فأحكمت الربط، وأوصدت أبواب الفقد واختزلت المسافات؛ لكي تلقاهم ككل مرة مسروراً حتى وإن أردوك بالأمس قتيلاً بسهام كلامهم.
ربما حمّلت نفسك ما لا طاقة لها به، عندما دُستَ عليها لكي ترضيهم، لا وجود لـ"لا" في قاموس تعاملك معهم.
فكلنا لا تقلق قد فقدنا أنفسنا في أزقة الحفاظ على الأحباب، أولئك الذين ربما لا يأبهون بما تبديه من جهد جبارٍ من أجل البقاء، وأولئك الذين عند أول ثغرة تركتها أو خطأ ضخَّموه بسوء ظنهم يديرون لك ظهرهم، كأن فيك اجتمعت المساوئ كلها.
فأنا اليوم أقول لك: افقدهم، إني أسمح لك بذلك إذا لم يسمح لك قلبك، فالأوامر موجهة لك من الأعلى، من ربٍّ يغار على قلبك من ذرة هواء.
أقول لك: افقدهم لكي تنقذ نفسك أنت، لأنك وإن حافظت عليهم، كان مصيرك الضياع؛ لأنك استهلكت طاقة البذل في تغذية علاقات لن تنفعك بشيء يوم تشخص فيه الأبصار والقلوب.
علاقات ربما لو وُضعت فوق ميزان التعلق لا تحرك كفته لصالحك.
استدرجك الشيطان لكي يوقعك بها، ويستنزف طاقة العطاء لديك؛ لكي لا تُصرف في الاتجاه الصحيح الذي يريده الله.
عطاؤك يا صديقي وجب أن يُفرغ كاملاً في دلو ترسله بإخلاص إلى الله كل يوم وثانية وساعة.
هو سبحانه الذي ألقى عليك محبة منه؛ لكي تصنع على عينه، واصطنعك لنفسه سبحانه، لا لنفسك ولا لأنفسهم، فلا تسلب الله حقّه ولا حقك، واضبط ميزان التعلق لديك.
واعلم يقيناً أن مَن يريد الله أن يحفظ علاقته بك، سوف يحفها من كل المكاره، وإن بدت الصعاب يلينها ويذللها لكما، فقط لكي تجتمعا على محبته وذكره ورضوانه.. لا من أجل أن تسعد وتطمئن للدنيا ويتعلق قلبك بما هو فانٍ.
يمكنك الآن أن تتحرر من قبضتهم التي طالما آلمتك، وأوجعتك، وحقائب رحيلك عنهم التي أعدت محتواها ككل محاولة رحيل للخزانة، أخرجها وأعدها ولا تأبه بما ستخلفه وراءك.. افقدهم لكي تنقذ نفسك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.