"أنتِ طالق"، عبارة سهلة النطق لا تكلفك عناءً ولا جهداً، فالإفصاح عنها لا يحتاج منك سوى خمس دقائق، أو أقل من ذلك؛ لتنهي بها قصة حب بدأت بنظرات إعجاب بريئة، تطورت فيما بعد برسائل نصية تتضمن كلمات الغزل والهيام، واتصالات تجعل عيون العاشقين الحيارى لا تنام.. مروراً بمرحلة الخطبة ثم الزواج، تأسيساً لأسرة يملأها الدفء والأمان، يسودها الاحترام المتبادل ويتوِّجها الإخلاص، فهذا ما عهدناه في رابطة مقدسة تجمع بين شخصين على الود والمحبة، تحت سقف بيت واحد مدى العمر.
لكن الواقع يعكس أموراً أخرى، فيكفي أن تمر الشهور الأولى؛ لتبدأ عاصفة الخلافات المدوية، فتتبدد مشاعر الحب شيئاً فشيئاً، وتحل محلها النزاعات الواهية، حتى في أبسط أمور الحياة وأتفهها؛ لتكون النهاية باباً موصداً يستعصي على أي من الشريكين فتحه؛ لينتهي الأمر بالجملة الشهيرة "أنتِ طالق".
"أنتِ طالق" جملة جائرة كالسيف عندما ينخر الجسد، كتلك الطعنة الموجعة خلسة؛ بل وأكثر، إنها جرعة من سم قاتل يميت القلب شيئاً فشيئاً حتى يفقده محبته وبريق براءته، وكأن طيفاً من الحزن يسكن القلب؛ ليرسخ داخله مشاعر الحسرة والأسى، ويذيقه علقم الفراق المؤلم.
من البديهي أن نتساءل بعد تجربة زواج فاشل: ما السبب في انهياره؟ ثم من المتضرر الأكبر؛ أهو الطليق أم المطلقة أم هما معاً؟
مع الأسف في مجتمعاتنا العربية تظل الأنثى دائماً في خانة الاتهام، فهي سبب الانفصال، ويقع على عاتقها كل أشكال البلاء.
نعم، أنت عزيزتي من لم تستطِع الحفاظ على بيت لا وجود له من الأساس، بيت سرعان ما تهاوت أسواره فسهل هدمه ليصبح ركاماً، فلا أحد يقر بأنه منذ البداية لم يكن بناؤه على أساس صلب متين، يتحمل صعاب الحياة وتحدياتها التي تعد ولا تحصى، بل إن أصابع الاتهام تتوجه مباشرة صوب الأنثى.
ما يزيد الطين بلة أننا ما زلنا إلى يومنا هذا نعيب على الفتاة المطلقة، وينظر إليها بنظرة شفقة وازدراء، وكأنها ارتكبت جريمة في حق الإنسانية، أو أقدمت على فعل مريب دنس نقاء شرفها وحطَّ من اسم عائلتها، فتبدأ سلسلة الانتقادات ولا سيما من طرف محيطها، الذي يجعلها تعيش حالة إقصاء اجتماعي، متجاهلاً ما قد تسببه معاملتهم من اضطرابات نفسية على المدى البعيد.
يقوم المجتمع بزج المرأة في سجن مظلم بلا تهمة ولا جرم، سجن يكبل حرياتها ويحد من سقف طموحاتها؛ بل ويسلبها بقايا الأمل التي احتفظت به لتحيا وتكمل مسارها، فالحياة منعطفات، وبعد قسوة وشدة الحال أكيد تنفرج وتلين الأجواء.. غير أن هذا الحجز يرفع عن الرجل، فكما هو متداول في ثقافتنا العربية "الرجل يبقى رجلاً.."؛ ليستقل بحياته ويعيد تشكيلها على هواه، في حين تظل المرأة تارة تحت ضغط الأهل، وتارة أخرى تحت ضغط المجتمع.
الطلاق مرحلة سرعان ما تمر مرور السحاب في سماء صيف ممطر، هو كابوس، لكن ستستيقظين منه لتعيشي حلماً سعيد الأحداث.. لقد انتهت قصص ألف ليلة وليلة، فلتطوي الصفحة واعتبريها ذكرى، هو مجرد امتحان لم تجتازيه بنجاح، لكن من نهل فصوله تعلمت الكثير من الدروس القيمة، التي ستجعل منك امرأة قوية، ناضجة يملأها التحدي والطموح لإكمال مشوارها وإثبات ذاتها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.