شهدنا على مدار الأعوام الماضية اهتماماً طيباً بالصحة النفسية والرفاهية على مستوى جميع الأعمار، إذ وضَع مديرو المدارس سعادة التلميذ وصحته النفسية في مقدمة أولوياتهم بالنسبة للأطفال في مدارسهم. يعرف هؤلاء المديرون أنّه إذا لم يشعر تلاميذهم بالأمان النفسي، والسعادة، والصحة الجيدة، فلن يتمكَّنوا من التعلّم كما ينبغي. ويعاني واحد من كل خمسة أطفال من اضطراباتٍ في الصحة النفسية مرةً على الأقل في أول أحدَ عشرَ عاماً من حياته، وفقاً لما نشرته النسخة البريطانية من موقع هافينغتون بوست.
وهناك العديد من الطرق التي يمكن للمدارس من خلالها الاضطلاع بدورٍ أساسيٍ في دعم الصحة النفسية للأطفال، ولكن للأسف، لا تزال هناك عوائق مُحبِطة تحول دون سعيهم لفعل ذلك.
العوائق
يجب أن تدعم الحكومة المدارس في تدريس الصحة النفسية والسعادة، والارتقاء بهما. يُمكن أن تُدرِّس المدارس للأطفال الاستراتيجيات الخاصة بالصحة النفسية، ويمكنها خَلق بيئاتٍ تساعد الأطفال على الازدهار. ويُمكن أن تُقدِّم حصص التعليم الشخصي، والاجتماعي، والصحي مساحةً آمنةً يُمكن من خلالها مناقشة المشكلات التي تواجه التلاميذ بوجهٍ عام، وتقديم طرقٍ صحية لعلاجها.
تنتهج العديد من المدارس مناهج ذات طابعٍ رسميٍّ بشكلٍ أكبر. وتدعم الاستشارات المدرسية، مثل تلك التي تُقدِّمها جمعية Place2Be، للأطفال، وتُركِّز على سعادتهم النفسية، وتُمثِّل لهم متُنفّساً واضحاً ومتاحاً إذا ضاقت صدورهم بإحدى المشكلات. ويعمل خبراء جمعية Place2Be مع المجتمع المدرسي ككل بما يشمله من تلاميذ، وعائلاتٍ، وأولياء الأمور، والمُعلِّمين، وإدارات المدارس، لمساعدتهم في التغلُّب على المشكلات الاجتماعية المنتشرة والمعقدة في أغلب الأحيان، ومنها التسلُّط، والحرمان، والعنف المنزلي، والتفكك الأسري، والإهمال، والصدمات النفسية.
ولسوء الحظ، هناك بعض الحالات التي تكون فيها المدارس عُرضةً لأن تصبح مكاناً أكثر ازدحاماً وتسبُّباً في الضغط النفسي بسبب السياسة التعليمية. وقد يؤدي إثقال كاهل المُعلِّمين بأعباء العمل المتزايدة، وزيادة أعداد التلاميذ في الفصول، وزيادة ساعات العمل، إلى إصابة طاقم التدريس بالإجهاد والاضطراب.
يجب أن تُعيد الحكومة النظر في كيفية تأثير سياساتها على الأطفال، وتأثير ذلك على المدارس. ويجب أن تحصل المدارس على دعمٍ بزيادة التمويل المُخصَّص لبرامج الصحة النفسية، وبتخصيص جزءٍ من المنهج الدراسي لتدريس السعادة النفسية والارتقاء بها.
التدخّل
يشغل طاقم التدريس موقعاً أساسياً في التعرُّف على المشكلات النفسية للأطفال الذين يتعاملون معهم. سيتحدث الطفل مع أكثر شخصٍ يشعر معه بالراحة، وليكن المُعلِّم، أو المُعلِّم المساعد، أو أي عضو آخر في طاقم التدريس. يجب تدريب جميع أعضاء الطاقم على معرفة مشكلات الصحة النفسية، والتعرُّف على إحدى هذه المشكلات عند وجودها. تحتاج المدرسة إلى الحصول على موارد خاصة بكيفية التعامل مع المشكلة عند ظهورها، وكيفية مساعدة الأطفال الذين تعرف المدارس بحاجتهم إلى المساعدة.
ستكون هناك بعض الحالات التي يحتاج فيها الأطفال إلى مساعدة أكثر احترافية، ويجب أن تكون المدارس قادرة على استدعاء متخصصين لمساعدة هؤلاء الأطفال الذين هم في أمسِّ الحاجة إلى المساعدة، وذلك من خلال توفير إمكانية الحصول على خدمات معينة، مثل خدمات الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، أو أخصائيين في علم النفس التربوي. ولكنّ هذه الخدمات تعاني من ضغطٍ كبير بسبب الطلب المتزايد عليها، وازدياد التعقيدات، ولعل السبب الأهم هو انخفاض الميزانيات.
ويتهرَّب حالياً رُبع الأشخاص ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، والذين يُحالون إلى مُقدِّمي الرعاية الصحية النفسية ولا يواصلون حضور الجلسات. وإذا لم يزد الاستثمار الوطني في خدمات الصحة النفسية، ستُترَك المدارس لمحاولة إعادة الأمور إلى نصابها بنفسها. فالمدارس ليست مؤهلةً لاتخاذ أكثر الإجراءاتِ العلاجية أهميةً، ولا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي حتى يصل الأطفال إلى مرحلة كارثية قبل الحصول على مساعدة من جهات أكثر تخصُّصاً.
ويُمكن أن تُحدِث المدارس فارقاً كبيراً في حياة الأطفال والشباب، ويمكنها أن تلعب دوراً جوهرياً في ضمان جودة الصحة والسعادة النفسية. ولكنها لا تحتاج سوى المساعدة لتحقيق ذلك.
يحتفل مهرجان إعلان الجوائز عن أفضل مستوى للسعادة النفسية في المدارس الذي تُقيمه جمعية Place2Be، الذي أقيم يوم الثلاثاء الموافق 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، بسفراء الصحة النفسية الإيجابية ويُكرِّمهم، ويسلِّط الضوء على الإسهام المميز للمجتمعات المدرسية في السعادة النفسية للمجتمعات المحيطة بها.
لمزيد من المعلومات، يمكنكم زيارة موقع Place2Be
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.