من حرفين فقط لكن تأثيره أكبر من مئات الكلمات مجتمعة معاً في قصيدة، لا مبدأ ولا قانون له، لكننا نتبع قوانينه بكل حرص وحذر، ليس له بالعلم لكننا تلاميذه المطيعون، لا شكل له لكنه الأكثر جمالاً وإغراء، إنه سيد الرغبة، رحلة باتجاه واحد، هو الحب.
علينا أن نفهم جيداً أننا سنقع لندخل في الحب، فالوقوع ليس دائماً مؤلماً، ففي الحب أن تقع هو شيء مختلف تماماً، إذا أردت أن تدخل في الحب، أن تقع، هو شيء حاصل لا غنى عنه، هي أجمل مرحلة في أي علاقة حب قد تحصل، هي أكثر مرحلة قلبك سينبض فيها نبضات أسرع وأكثر من العادة؛ لذلك عندما تكون عاشقاً سيقال عنك إنك قد وقعت في الحب، وهو الوقوع الذي سيشعر الجميع بالفخر به عندما يحصل بالرغم من أنها أكبر وقعة قد تحصل للإنسان وأكثرها وجعاً.
"نحن نقع في الحب بعمقٍ أكبر عندما نكون تعساء" – أورهان باموق.
وقعت في الحب، أم وقعت في الفخ؟ الشبه بينهما كبير، فالحب لا يختلف كثيراً عن أي فخ، لن تستطيع معرفة ما أنت مقبل عليه في الحُب إلا بعد أن تقع، فمهما حصل إذا أردت الخروج من الحب فلن تخرج منه غير خاسر، الوقوع هو المرحلة التي عندما تتعداها لن تستطيع العودة وكأن شيئاً لم يحصل، عندما تقع لن تشعر بالألم، ولن ترى الجروح أو الكدمات ولكن فور أن تستيقظ ستبدأ بالشعور بكل هذه الأشياء التي لم تشعر بها في لحظتها، وستستغرب، ستستغرب من نفسك كيف أنك لم تشعر بكل هذه الآلام بالرغم من وجعها الكبير.
في الحب كل عاشق يملك فرصة حقيقية واحدة عليه أن يغتنمها، إذا فوَّتها عليه أن يجد فرصته الثانية لوحده، وهذا صعب جداً، ففي الحب لن يحصل أبداً ما خططنا له نحن، لا يوجد "أن تصل متأخراً أحسن من أن لا تصل أبداً" في الحب، فللحب وقت وموعد مثالي إذا فوَّته كل شيء سيكون عكس ما كان يجب أن يكون عليه.
90% من العشاق فاشلون، فمهما وصلت من نجاح في حياتك في الحب قد تكون أكبر فاشل، فأنواع العشاق كثر، وأنواع الحب أكثر، فمنهم ما هو أحب من طرف واحد، ومنهم من يتنازل عن كل شيء لأجل الشريك الآخر، ومنهم من يقوم بترجمة مشاعر لا علاقة لها بالحب لحب، ومنهم من يحب لأجل الحصول على شريك، ومنهم من يحب لأجل الحب فقط، وهؤلاء هم أكبر الفاشلين في الحب، فأي فاشل في الحب أنت؟ وهل من الممكن أن تكون من الـ10% المتبقين؟
الحب الحقيقي هو عندما نقع دون إرادتنا، نحاول الوقوف ولكن نتعرقل ونقع مجدداً، نرى في الأفق لكن الرؤية غير واضحة وبالرغم من ذلك نريد الاستمرار، شعور غير مطمئن بداخلنا يخبرنا بأن النهاية قد لا تكون جيدة، ولكن جميع المشاعر الأخرى تقوم بإسكاته، نرى الوحل ومستعدون تماماً للغرق فيه، هذا هو الحب، يجعلنا سعداء بالرغم من كل سلبياته.
الحب ليس بالضرورة أن يكون هو الطريق للسعادة، فقد نحب لنتألم، فليس كل عاشق سعيد، وليس كل غير عاشق سعيد، الجميع يبحث عن الحب الحقيقي وقد لا يجده أو قد يجده ولا يستطيع الحصول عليه، سعينا وراء مشاعرنا وثقتنا بها أكبر خطأ قد نقوم به، وبالرغم من ذلك نقوم به، خطأ نرتكبه ونحن نعرف بأنه خطأ، الجميع يعرف أن العقل هو الصواب ودوره في الحياة أهم من المشاعر، ولكن غالباً ما تفوز المشاعر على الصواب، غالباً ما تفوز المشاعر على الحياة كلها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.