مُعلِّمتي المسيحية لمادة الرياضيات في الابتدائي "ست ماري" لا أعرف أين أنت الآن.. أنا أحبك.. كل عام وأنت بخير، كذلك صديقي نوفل ابنها، كان خجولاً ومتعاوناً في صفي من الأول إلى السادس الابتدائي.. تحياتي له حيث كان بمناسبة العام الجديد.. جاري أبو بشار أستاذ كذلك وزوجته أستاذة علماني كيف أتعامل مع الكومبيوتر قبل 17 عاماً، وأخت زوجته أفادتني باللغة الإنكليزية، بين بيتهم وبيتنا بيتان فقط.. ابنهم بشار كان يلعب معي كرة القدم وهو أصغر منا ومستواه ضعيف هههه.. ابنتهم مريم جميلة جداً جداً جداً، أجمل بنات الحي بلا شك.. كل عام وهي بخير، لا أعرف أين هي.
صديق آخر كان يأتي معنا للمسجد بعد سقوط بغداد لنوزّع الحمايات على منطقتنا لنحمي المداخل والمخارج، كذلك نجتهد في التنظيف وتوزيع حصص تموينية.. كنت أحبه ولا أعرف أين هو.. يحمل على ظهره المواد الغذائية للناس ويساعد الكبير والصغير، كل عام وهو بخير، وأصدقائي أولد وسايفن.
على هذا المستوى الشخصي جداً في حي الجامعة في بغداد.. وعلى مستوى حزين حصل مع أفضل مصور عملت معه في العراق صديقي علاء إدوار الذي قتل في الموصل.. أقول لأهله كل عام وأنتم بخير، وهذه خاتمة الأحزان، أهل علاء خرجوا بعده من الموصل؛ لأن تنظيم داعش قرر خروج المسيحيين من بلدهم الموصل.
المسيحيون العراقيون من أجمل ما خلق الله، إنسانيون، أحباب، ودودون جداً.. أتذكر أنني كنت أغطي تفجير إحدى الكنائس في الكرادة، ثم بعدها انفجرت سيارة على كنيسة ثانية الفارق بينهما وقت قصير، يقف أمامي الجيش الأميركي قبالة الكنيسة فقد حضروا بعد التفجير فوراً، وفي الأجواء حصل انفجار الكنيسة الآخر، كان ذلك في عام 2004.
وعلى مستوى بسيط آخر كانت جدتي أم أمي تعاني من مرض في القلب، وكان لا بد من زراعة شبكة في قلبها، الكنائس تبادر بجلب مساعدات طبية قبل الاحتلال لارتباطاتها بمجامع مسيحية إنسانية، مستشفى الراهبات وضع آلاف شبكات القلب حينها للمسلمين، وهو مستشفى للمسيحيين لكن جدتي مسلمة.
مضت الأيام، لا شك عندي أن أكثر من تضرر بالعراق هم "المسيحيون"، بسبب عددهم القليل، فأكثر من نصفهم ترك البلد.. توزعت مأساتهم من البصرة إلى الموصل.. ولم يحافظ عليهم سوى الأكراد في العراق كله.
مثلكم أنا، مثلكم جاري الشيعي أبو علي بالضبط، كان تاجراً من أهل البصرة رحمه الله، لكن عمله تركز في بغداد، ابنه علي من خيرة الشباب خُلقاً وأدباً، لم أسمع صوته يوماً رغم أنهم أثرياء جداً، قتلوا أباه رحمه الله، وتركوه يتيماً مع إخوته الصغار.
أربعة بيوت متجاورة في حي من أحياء بغداد فيها سني وشيعي ومسيحي.. ذاك أنا.. ذاك بيتي.. أولئك جيراننا.. أعرف أن البيوت الأربعة فقدت أحبابها.. هاجرت من المكان.. تغيرت.. الأربعة هم العراق.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.