أصبح افتتاح القنوات الإخبارية الفضائية أمراً شائعاً في الوطن العربي، خاصة بعدما سقطت بعض الأنظمة الشمولية، وسقطت معها الرقابة المسبقة والسيطرة على الإعلام، ولأن هذه القنوات الإخبارية الفضائية قليلة التمويل بالعادة وحديثة التأسيس، فتقوم بتغطية أخبار المحافظة أو الإقليم أو الدولة وقليل من أخبار العالم، هذه القنوات تُحاول زيادة عدد مُشاهديها دوماً بأي شكل وبأسرع وقت، لذلك تعتمد على ثلاث طرق للحصول على نتائج سريعة بوقت قصير:
أولاً: استخدام النساء الجميلات، أو جميلات بملابس غير لائقة، أكثر هذه القنوات تعتمد على نساء جميلات، لجذب الجمهور، فتجمع القناة فريقاً من اللواتي تم اختيارهن على أسس بعيدة عن العلم والثقافة واختصاص الأخبار، فيخضعن لدورة تدريبية لا تزيد عن شهرين؛ لتنطلق نحو الشاشة مُباشرة.
النتيجة السلبية لهذه الطريقة، ستظهر المذيعة مع ضعف في الإلقاء وكثرة الأخطاء اللغوية، وعدم التدريب الكافي للصوت وطريقة نطق الكلمات، والارتباك الظاهر، مع عدم إتقان لغة الجسد لإظهار التفاعل، ما يجعل الأخبار بلا قيمة، فالمشاهدون سيتأثرون بجمال المذيعات بعيداً عن المحتوى الإخباري للقناة، فقد يتم جذبهم لفترات قصيرة لستة أشهر أو سنة، أكثر قليلاً، لكن بعدها سيهجرون القناة؛ لأنه في النهاية سَيبحثون عن المحتوى الإخباري المؤثر، بسبب ذلك ستلاحظ القناة أن هناك انخفاضاً بأعداد كبيرة ومفاجئة لمشاهديها، فستتجه لإعطاء مزيد من الوقت للمذيعات، وقد تعمد إلى حثهن على ارتداء ما هو غير لائق إخبارياً، بذلك سيستمر الصعود المؤقت والهبوط الحاد في نسب المشاهدة، بالنهاية ستفشل القناة في الاستمرار.
ثانياً: تركيز الموارد المالية على الصورة الإعلامية، تعتمد القنوات الإخبارية حديثة التأسيس على صورتها لجذب المشاهدين، فتخصص الكثير لبناء الاستوديوهات وشراء الكاميرات المتطورة جداً والإضاءات والأدوات غالية الثمن، وقد تنسخ الأفكار من قنوات أخرى بدلاً من ابتكار صورة جديدة لها، وذلك للظهور بشكل رائع.
النتيجة السلبية لهذه الطريقة، ستنخفض الميزانية المالية للقناة بقوة، ما يجعلها عاجزة عن توفير مُستلزمات أخرى تُسهم في دعم المحتوى الإخباري وتسريع عمل فرق التحرير والمونتاج وغيرها، بل ستعجز عن صيانة المعدات وستتوقف عن تطوير البرامج الحاسوبية والأجهزة، ما يؤدي إلى ظهور مشاكل تقنية تسبب ضياعاً في الوقت والجهد وتؤثر على مُحتوى الرسالة الإعلامية لتصبح غير فعالة في زيادة عدد المشاهدين، بل ستفقدهم دوماً.
ثالثا: الاستثمار في المذيعين وليس في المحررين والمراسلين، القنوات حديثة التأسيس تميل إلى توظيف المذيعين والمذيعات بشكل كبير يؤثر على الإمكانيات المالية؛ لأنها تعتقد أن التنوع الكبير للوجوه في الشاشة سيجذب الجمهور (هذا خطأ إذا كانت القناة حديثة التأسيس، وصحيح إذا كانت الموارد المالية والإخبارية كبيرة جداً).
النتيجة السلبية لهذه الطريقة: ستعاني من الشح الإخباري؛ لأن مواردها المالية لم تذهب إلى المراسلين والمحررين الذين يجمعون الأخبار ويحررونها لتثري المحتوى الإخباري، فستكون أخبارها قليلة ومُحدودة، برامجها ضعيفة المحتوى، عدم وجود قدرة على توفير ضيوف للبرامج، أو مُقابلات للمسؤولين بشكل مُستمر، بالتالي ستكون القناة بلا مُحتوى يجذب الجمهور وستتجه للفشل؛ لأنها تعرض نفس الأخبار المتوافرة ولا جديد لديها.
إن الاعتماد على هذه الطرق يُعطي نتائج إيجابية لفترة زمنية قصيرة، فنسب المشاهدة تزداد في المرحلة الأولى، لكن بعدها، تبدأ بالانخفاض الشديد؛ لأنها تصنع جمهوراً مؤقتاً للقناة، ومحتوىاً إخبارياً ضعيفاً، ففي النهاية ستبدو القناة بكل ما تعرضة مُملة ولا تستحق المشاهدة، فتتجه إلى الفشل المستمر والإغلاق.
إن من يُحاول إحصاء عدد القنوات العربية في كل دولة قد يَعجز عن ذلك، فكل يوم تظهر قناة وتختفي أخرى؛ نظراً لمرورها بدورة الصعود السريع والهبوط للفشل.