رسالة إلى فالنتاين !

الحب ليس شهوة جنسية أو نزوة أو رغبة، بل هو مشاعر نبيلة طاهرة نقية؛ ولذلك دعونا نطلق على من يظن أن الحب شهوة أو نزوة اسم "القساة الجاحدين المتشدقين بالحب الزائف الحقير"، كما أن قَصر الحب على العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة فقط هو أمر واهٍ، وقصر إظهار المشاعر على القبلات والأحضان هو أمر عجيب وغريب يجعل الصغار -الذين فيما بعد يصبحون كباراً- يعتقدون أن الحب هو مجرد قُبلة مجردة من الأحاسيس تطبعها على وجه من تحب فحسب، مع أن الحب استمرارية ومشاعر أعمق بكثير.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/15 الساعة 07:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/15 الساعة 07:32 بتوقيت غرينتش

عزيزي القديس فالنتاين..
يعي العالم أن 14 فبراير/شباط هو عيد الحب أو العشاق أو بيقولوا "عيدك" يا فالنتاين.

ويختصرون هذا العيد في تبادل الورود والشيكولاتة وقول عبارات الحب مع أحبابهم.. مع إن قدامهم 365 يوم يقدروا يقولوا فيه كل اللي هم عاوزينه!

باستغرب أوي يا فالنتاين من الناس اللي بتخلي يوم واحد للحب مع إن حياتنا المفروض تبقى كل دقيقة وكل ثانية فيها حب.. حب لكل حاجة ولكل شخص ولكل شيء.. وحتى نحب نفسينا!

ألسنا جميعا نتشدق بتلك العبارة "الحب خالد وباق ولا بد أن يكون مستمرًّا ودائماً" لذا أتساءل لمَ نقصر هذا الحب على يوم واحد فقط في العام؟! لمَ نطلق كل المشاعر والعواطف والأحاسيس في يوم واحد فقط مع أننا نمتلك 365 يوماً؟!

بس مشكلتنا يا فيفو "بادلعك يعني" إننا بنخاف نعبر عن مشاعرنا تجاه من نحب لأننا بنشوف التعبير عن المشاعر الحقيقية للأسف نوع من السذاجة أو التفاهة أو قلة الأدب مع إننا دلوقتي في أمس الحاجة إلى سماع كلمات الحب من جميع الناس، خصوصاً إننا كلنا محبطين وحاسين إن مفيش حد بقى يهتم بينا وبقى عندنا أزمة عدم اهتمام، والكارثة إن الاهتمام حاجة لو اتطلبت بتفقد معناها ولو اتطلبت اللي قدامك هيقول لك: "هو أنت عيل صغير؟ هو أنت مش كبرت بقى على الحاجات دي؟".

بص يا فالنتاين يا خويا الناس في زمني اختزلت الحب في مشاعر واهية جدًّا وتصرفات غبية، معتقدين إن الحب هو إني يبقى عندي صديق boyfriend وخلاص، والناس يا فالنتاين في عصري فاهمين الحب غلط خالص.. فاكرينه شيكولاتة أو وردة أو هدية أو زجاجة عطر أو أكلة في مطعم شيك، مع إن الموضوع أهم من كل المظاهر الزائفة دي، والكام صورة اللي على الفيسبوك وتقول لك خطيبي أو حبيبي جاب لي الدبدوب..

الهدية مش هي القيمة ولا المعنى.. الهدية هي الشخص نفسه.. هي إننا يا فالنتاين نفسنا في شخص يحبنا طول الوقت.. يستحمل الجنان اللي إحنا فيه.. يستوعب شخصيتنا بتناقضاتها بعيوبها بمميزاتها.. يحترم اختلافك وما يحاولش يخليك نسخة أخرى منه.. الهدية هي شخص لما نكون متضايقين يبسطنا.. لما نحكي له ما يزهقش ويصدع.. لما نتعب يكون أول حد نفكر فيه، علشان عارفين إن الكلام معاه بيسعد وبيخفف وطأة الأيام وسواد الليالي أحيانا.. محتاجين يا فالنتاين الرجل الحقيقي الضهر السند مش الرجل بتاع الهدايا والكلمتين اللي جايبهم من كام أغنية ولا كام فيلم.. محتاجين رجل بعقلية صديق وأخ وأب.. رجل أفعال.. محتاجين رجل بدرجة إنسان طول الوقت مش بدرجة دبدوب أحمر!

حتى اللي فاهمين الحب صح يا فالنتاين مش بيحبوا يعبروا، أو بيتكسفوا، أو خايفين الناس تقول شوف قلة الأدب اللي هما فيها..
يا فالنتاين في بلدي الأحمر بقى لون الدم اللي مغرق شوارعنا.. كلنا بقينا بنكره بعض ومش طايقين بعض ولو طايلين نقتل بعض هنعملها.. الناس في بلدي كمان فاكرين الحب دباديب.. تخيل يا راجل الدباديب والكروت والورد والهدايا الحمرا بقت مالية الشوارع، وطبعاً المحلات عاملاها مورد رزق ومكسب وموسم بقى، والدنيا بقت حمرا بأوفر والبنات بقوا يحطوا كمية دهانات على وشهم وماكياج كامل الدسم كأن وشها حيطة شقتها..
كله أحمر زي عروسة المولد، وكله بيلمع لدرجة تعميك لو بصيت على البنت وتحس إنك ضارب الناس وشوارع القاهرة في عصير طماطم.. وباقي أيام السنة مفيش دباديب بس فيه تكشيرة يتبادلها كل مواطن مع الآخر أيًّا كان جنسه..

البنات يا فالنتاين في بلدي بقت باين مقتنعة بالأسطورة الإغريقية التالية:
إن البشَر كانوا فِي الأصل بـ4 أيادي و4 أرجل ورأسَين لكِن (زيوس) رب الأرباب فصلهُم عن بعضِهم وإلى اليَوم كُل إنسَان يبحثُ عنْ نِصفه الآخر!
وكل مرة باقول للناس لا تبحثوا عن نصفكم الآخر "هو هيجي لوحده" استمتعوا بس بالحياة؛ لأن لو فضلتوا تدوروا على نصفكم الآخر يا إما هتيأسوا يا إما هتشغلوا نفسكم برحلة مش وقتها وهتضيعوا لحظات حلوة كان ممكن تتعاش..

سيبوا نفسكم لحد لما الحب نفسه ييجي؛ ولذا يسمونه الوقوع في الحب.. أنت بتقع مش حد بيزقك ولا مثلا هتخطط إنك تقع النهارده.. عيش الحياة وكمل الرحلة ودع رحلة البحث عن النصف الآخر جانباً؛ لأنك كلك على بعضك حلو لا ناقصك نص ولا ربع.. الحب ملوش سن.. بس ليه وقت.. وقت لما القلب يدق.. وقت لما تقول هو دا الشخص اللي يستحق نكمل معاه الحدوتة..

وفي النهاية:
الحب ليس شهوة جنسية أو نزوة أو رغبة، بل هو مشاعر نبيلة طاهرة نقية؛ ولذلك دعونا نطلق على من يظن أن الحب شهوة أو نزوة اسم "القساة الجاحدين المتشدقين بالحب الزائف الحقير"، كما أن قَصر الحب على العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة فقط هو أمر واهٍ، وقصر إظهار المشاعر على القبلات والأحضان هو أمر عجيب وغريب يجعل الصغار -الذين فيما بعد يصبحون كباراً- يعتقدون أن الحب هو مجرد قُبلة مجردة من الأحاسيس تطبعها على وجه من تحب فحسب، مع أن الحب استمرارية ومشاعر أعمق بكثير.

طولت عليك يا فالنتاين سامحني.. ارقد في سلام يا عزيزي ودعنا نتعذب في حياتنا الدنيا ليس بسبب تلك الحياة ولكن بسبب أناسها..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد