ذبول الشمس خطر يخشاه العلماء فما احتمالات حدوثه، وهل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/12 الساعة 00:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/12 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش
Winter forest landscape trees in the snow covered with white frost in cloudy weather

هل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً؟ تساؤل يبدو غريباً في ظل التحذيرات المتكررة من الاحتباس الحراري، الذي يفترض أنه بدأ بالفعل في زيادة درجة حرارة الأرض.

لكن بحثاً جديداً أُجري في الهند أعاد الجدل بشأن احتمالات حدوث عصر جليدي جديد، بحسب ما ورد في  تقرير لموقع EarthSky الأميركي.

ففي يوم 6 ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن مركز التميز بعلوم الفضاء الهندي (CESSI) عن إجراء اثنين من علمائه تنبُّؤاً مهما بشأن دورة البقع الشمسية القادمة.

والبقع الشمسية هي أجزاء على سطح الشمس أقل سطوعاً و حرارة من المناطق المحيطة بها. 

 وابتكر عالم الفيزياء الشمسية ديبييندو ناندي وتلميذته في الدكتوراه برانتيكا بهوميك، طريقةً جديدةً للتنبؤ، تُحاكي الظروف في كلٍّ من البطانة الداخلية للشمس، حيث تنشأ البقع الشمسية، والسطح الشمسي، حيث تُدَمَّر البقع الشمسية.

هذه التنبؤات أثارت الاهتمام في الأوساط العلمية، لأنها كانت مختلفة تماماً عن كثير من التنبؤات السابقة.

تقلبات دورات البقع الشمسية قد تحمل لنا خطراً كبيراً

تنبَّأ الكثيرون من قبل بحدوث دورةٍ ضعيفةٍ لبُقَعٍ شمسيةٍ في السنوات المقبلة.

إذ خرجت الأبحاث السابقة بنظرياتٍ تشير إلى أن العقد المقبل قد يشهد برودةً شاملةً في مناخ كوكب الأرض بفعل الدورات الشمسية.

ومن المتعارف عليه أن دورة البقع الشمسية الحالية -الدورة الـ24- تمتدُّ تقريباً ما بين 2009 و2019.

بعبارةٍ أخرى، نحن لم نبلغ المنحنى الأدنى للدورة بعد، ولا أحد يعلم بالضبط متى سيأتي، ولكن علماء الفيزياء الشمسية يعتقدون أننا على الأرجح اقتربنا منه.

إننا نعيش دورة شمسية شاذة

اللافت أن الدورة الشمسية الحالية توصف بأنها دورة شاذة، إذ ظهر على سطح الشمس عددٌ أقل من المُتوقَّع من البقع الشمسية.

ويعتقد ناثان شوادرون، أستاذ فيزياء بلازما الفضاء في جامعة نيوهامبشاير "أننا نمر بدورة شمسية غريبة جداً، وتستمر في إظهار مؤشرات على الاتجاه نحو الأسوأ".

يقول العلماء إننا نعيش دورة شمسية شاذة/ISTOCK
يقول العلماء إننا نعيش دورة شمسية شاذة/ISTOCK

والآن، مع اقتراب موعد بدء الدورة التالية، بدأنا نرى تكهُّناتٍ بما سيحدث حين تستعيد الشمس نشاطها، وتبدأ إنتاج مزيدٍ من البقع الشمسية.

فهل ستكون دورة البقع الشمسية التالية أكثر "اعتياديةً"؟ أم هل سنرى انخفاضاً آخر في عدد البقع؟

وبالتبعية، هل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً؟

هل تحدث دورة شمسية أضعف؟، وماذا سيحدث لنا في هذه الحالة؟ 

وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" كانت قد نشرت قبل عامين صورة للشمس، أظهرت اختفاء البقع الشمسية عن سطحها، مما أثار مخاوف لدى علماء الطقس.

وقد اقترحت تنبُّؤاتٌ سابقةٌ مثل هذه أن دورة البقع الشمسية الـ25 القادمة ستكون أضعف من الدورة الـ24 الحالية.

إذن، هل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً؟

وبالفعل، حذَّر بعض علماء الفلك من أنه نتيجة استمرار وضع دورات البقع الشمسية الحالي، فقد تدخل الأرض في عصر جليدي مصغر.

لمَ علينا أن نهتم بالدورات الشمسية؟ الأمر لا يقتصر على المخاوف من العصر الجليدي

يجب أن يهتمّ الكثير من الناس بالنشاط الشمسيِّ، بسبب الرابط بين الأرض والشمس.

ويمكن للنشاط المرتفع على الشمس أن يضرَّ ببعض التكنولوجيات الأرضية، ومنها شبكات الكهرباء والأقمار الصناعية، على سبيل المثال.

لذلك -كما يشير العالمان الهنديان ناندي وبرانتيكا بهوميك- فإن التنبؤ الدقيق بالدورات الشمسية التالية قد يساعد علماء الفضاء على التخطيط لمواعيد إطلاق الأقمار الصناعية، وتقدير المدة الزمنية لكل بعثةٍ على أحد الأقمار الصناعية.

وإحدى النماذج اللافتة التي تشير إلى تأثير دورات البقع الشمسية، هو إنفجار ألغام أميركية في فيتنام عام 1972 قبل أوانها بسبب النشاط الشمسي.

ولكن ماذا عن حقيقة تأثير الشمس على مناخ الأرض؟

هناك مشكلةٌ أخرى متعلِّقةٌ بالارتباط بين الأرض والشمس قد أسَرَت المُخَيِّلة العامة، ألا وهي رابطٌ محتملٌ غير مفهومٍ بين النشاط على الشمس ومناخ كوكب الأرض.

وقد أجاب مركز CESSI الذي يعمل به العالمان الهنديان عن هذا السؤال.

إذ قال "إن دورة البقع الشمسية الحالية، التي تحمل اسم الدورة الشمسية الـ24، هي في مراحلها الأخيرة، وقد كانت واحدةً من أضعف الدورات منذ قرنٍ من الزمان.

في الحقيقة، على مدار آخر عدَّة عقودٍ، حدث هبوطٌ كبيرٌ في قوة دورات البقع الشمسية المتتالية.

وقد زعمت دراساتٌ سابقةٌ مبنيَّةٌ على مناهج إحصائيةٍ بسيطةٍ بحتمية حدوث هبوطٍ كبيرٍ في النشاط الشمسي، مما ينتج عنه فقدان دورات البقع الشمسية.

هل تسبَّب النشاط الشمسي الضعيف في العصر الجليدي السابق؟/ISTOCK
هل تسبَّب النشاط الشمسي الضعيف في العصر الجليدي السابق؟/ISTOCK

وكانت آخر حقبةٍ كهذه، المعروفة بحقبة Maunder minimum، بين عامَي 1645 و1715، وتزامنت مع العصر الجليدي الصغير، وهي فترةٌ من الشتاءات الطويلة والبرودة المناخية على مستوى الكوكب".

فهل كانت هناك علاقةٌ سببيةٌ بين نقصان عدد البقع الشمسية والعصر الجليدي الصغير؟

بكلمةٍ أخرى، هل تسبَّب النشاط الشمسي الضعيف في العصر الجليدي الصغير؟

وفي هذه الحالة، هل يمكن لسلسلةٍ من الدورات الشمسية الضعيفة أن تتسبَّب في برودةٍ مناخيةٍ أخرى خلال السنوات القادمة؟

وإذا حدث ذلك، هل ستُغَطِّي تلك البرودة على موجة الاحتباس الحراري الحالية، التي يتَّفِق تقريباً كافة علماء المناخ على أن المتسبِّب فيها هي الأنشطة البشرية.

هل تؤثر برودة الشمس على الأرض؟

بالنسبة إلى العلماء، ثمة مشكلتان كبيرتان مع احتمال حدوث برودة في الأرض بفعل الشمس (أو الاحتباس الحراري بفعل الشمس، كذلك).

أولاً، لم يُعثَر بعدُ على آليةٍ فيزيائيةٍ معروفةٍ تفسِّر كيف يؤثِّر تَغَيُّر النشاط الشمسي في مناخ الأرض.

ثانياً، لا يعرف العلماء سوى حقبةٍ واحدةٍ فقط من الانخفاض في عدد البقع الشمسية، وتزامنت تلك الحقبة مع فترةٍ من البرودة المناخية على مستوى كوكب الأرض.

إن التصادف بين حقبة "موندر مينيمَم" والعصر الجليدي الصغير قد يكون ذا دلالةٍ، هذا صحيحٌ. ولكنها لا تثبت أي شيءٍ بالنسبة للعلماء.

ومع ذلك، فإن التصادف قد حدث، والفكرة مثيرةٌ للاهتمام.

ولذا فهي تغرينا لأن نتساءل إذا جاءت دورة البقع الشمسية الـ25 بالغة الضعف -خلال العقد المقبل- فهل ستُزِيح بصورةٍ مؤقَّتةٍ الاحتباس الحراري المستمر؟، والأسوأ هل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً.

هل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً؟ .. العالمان الهنديان يطرحان احتمالاً مختلفاً

قد تكون جميع تلك النظريات محلَّ خلافٍ، وفقاً لبرانتيكا بهوميك وناندي.

فربما تعود الشمس بقوةٍ إلى سابق عهدها عن طريق شيءٍ مثل النشاط الأكثر "اعتياديةً" خلال العقد المقبل: أي قد تبدأ في إنتاج مزيدٍ من البقع الشمسية.

أي أن العالمين يتوقعان سيناريو معاكساً للمخاوف التي طرحتها الدراسات السابقة، ويقدمان إجابة مختلفة للسؤال الذي حيَّر العلماء، هل تشهد الأرض عصراً جليدياً جديداً؟

بناءً على نموذجهما، يؤمن ناندي وبرانتيكا بهوميك بأن الدورة الـ25 قد تكون شبيهةً بالـ24 أو حتى أقوى منها.

وهما يتوقَّعان بدء الدورة التالية بعد قرابة عامٍ من وقتنا الحالي، ووصولها إلى الذروة في عام 2024.

وقد نُشِرَت أبحاث العالمين يوم 6 ديسمبر/كانون الأول، 2018، في مجلة Nature Communications.

إذن لن تنطفئ الشمس

ولقد بدت الثقة على برانتيكا بهوميك وناندي حين قالا: "لا نجد أية دلائل على قرب اختفاء دورات البقع الشمسية، وبذلك نَخلُصُ إلى أن النظريات بشأن البرودة المناخية على مستوى الكوكب بفعل الشمس هي نظرياتٌ غير محتملةٍ بشدةٍ".

هل هما على حقٍّ؟ هل سيَثبُتُ أن نموذجهما مصيبٌ في التنبُّؤ بالدورة الشمسية الـ25؟ سنعرف مع الوقت.

لقد كانت الدورة الشمسية الـ24 دورةً ضعيفةً، شَهِدَت ذروتها عدداً أقل من المتوقع من البُقَع الشمسية. ويتنبَّأ الكثيرون بأن الدورة الشمسية الـ25 ستزيد ضعفاً على ضعفٍ خلال العقد القادم.

ولكن جاء هذان العالمَان الهنديان بنموذجٍ تنبُّؤيٍّ جديدٍ قائمٍ على عمليات المحاكاة الحاسبية.

وهما يقللان من احتمالات حدوث عصر جليدي جديد، أي يبقى أكبر  خطر ماثل أمام البشر هو الاحتباس الحراري، وذلك حتى إشعار علمي آخر.

علامات:
تحميل المزيد