أخيراً.. البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار بعد ابتكار العلماء شبكة من الأدمغة تنقل للآخرين ما يدور بعقلك

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/26 الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/26 الساعة 04:39 بتوقيت غرينتش
Global business concept. Silhouettes of business person and communication network.

ما يدور في عقلك من أفكار أصبح ممكناً نقله إلى الآخرين، فقد تبين أن البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار عبر شبكة من الأدمغة صنعها العلماء، في تجربة واقعية حديثة.

ففي تجربة علمية فريدة، نجح علماء الأعصاب في القيام باتصال أدمغة ثلاثي الاتجاهات، يسمح لثلاثة أشخاص بأن يتشاركوا أفكارهم، حسب ما ورد في تقرير نُشر في موقع sciencealer.

وخلال التجربة، تمكن الأشخاص الثلاثة عبر شبكة من الأدمغة من أن يلعبوا معاً لعبة مشابهة للعبة تتريس (Tetris)، وهي لعبة فيديو على شكل أحجية صممها مهندس الحاسبات الروسي أليكسي باجيتنوف.

ويعتقد الفريق العلمي الذي أجرى التجربة، أنه يمكن تطويرها لربط شبكات كاملة من الأفراد، وأنها تُظهر أن البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار، وهو أمر كان يبدو غريباً حتى فترة قريبة.

هكذا ربط العلماء بين عقول البشر ليصنعوا شبكة من الأدمغة

تم تشغيل التجربة من خلال مجموعة من مخططات كهربية الدماغ (EEGs)، (وهي وسيلة لمراقبة وتسجيل النشاط الكهربائي للدماغ عبر وضع الأقطاب الكهربائية على طول فروة الرأس).

وكان الهدف من ربط المبحوثين بأجهزة (EEGs) هو تسجيل النبضات الكهربائية التي تشير إلى نشاط الدماغ.

 (EEG) أداة لمراقبة النشاط الكهربائي/ISTOCK
(EEG) أداة لمراقبة النشاط الكهربائي/ISTOCK

وتم إجراء تحفيز مغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) للمشاركين في التجربة، وهي عملية تجرى عبر تحفيز الخلايا العصبية باستخدام المجالات المغناطيسية، من خلال استخدام المجال المغناطيسي المتغير، لإحداث تدفق التيار الكهربائي في منطقة صغيرة مستهدفة من الدماغ.

وكان الهدف  النهائي لهذه الإجراءات هو إنشاء شبكة من الأدمغة لاختبار فرضية الدراسة الأساسية؛ وهي أن البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار.

التجربة تُظهر  أن البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار حتى عبر الإنترنت

وقد أطلق الباحثون على النظام الجديد اسم شبكة الأدمغة أو BrainNet.

ويقولون إنه يمكن استخدام شبكة الأدمغة في النهاية لربط العديد من العقول المختلفة معاً، حتى عبر الويب.

إذ يأملون أن يثبتوا أن البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار حتى عبر الإنترنت.

وبصرف النظر عن فتح شبكة الأدمغة طرقاً جديدة ورائعة في التواصل، فإنها يمكن أن تعلمنا أكثر عن كيفية عمل الدماغ البشري على مستوى أعمق، حسب التقرير.

وكتب الباحثون الذين شاركوا في تلك التجربة: "نحن نقدم شبكة الأدمغة BrainNet التي هي -على حد علمنا- أول واجهة مباشرة متعددة الأشخاص تربط ما بين دماغ وآخر بطريقة غير غازية للجسم البشري، من أجل حل المشكلات بشكل تعاوني".

و"تسمح هذه الواجهة لثلاثة أشخاص من البشر بالتعاون للقيام بمهمة باستخدام الاتصال المباشر بين أدمغتهم".

وإليك كيف تعمل شبكة الأدمغة التي تربط العقول البشرية

في إطار تلك التجربة، قام العلماء بتوصيل دماغي شخصين باعتبارهما "مرسلين" إلى أقطاب مخططات كهربية الدماغ EEG.

وطُلب من هذين الشخصين ممارسة لعبة على شاكلة Tetris تنطوي على كتل متساقطة، حيث كان عليهم أن يقرروا ما إذا كانت كل كتلة بحاجة إلى الدوران أم لا.

ولتأدية اللعبة كما هو مشار سابقاً، طُلب منهم التحديق في واحد من اثنين من الصمامات الثنائية الباعثة للضوء  (LEDs) يلمعان على جانبي الشاشة -أحدهما يومض بقوة 15 هرتز والآخر بقوة 17 هرتز- وهو ما أدى إلى إنتاج إشارات مختلفة في الدماغ يمكن أن يلتقطها مخطط كهربية الدماغ EEG.

وكانت هذه الإشارات الضوئية ( الفلاشات) التي يرونها هي التي تحدد خياراتهما في اللعبة.

ثم تم نقل هذه الخيارات السابقة إلى شخص آخر قام بدور "مستقبِل" وحيد، وذلك من خلال غطاء التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة TMS والذي يمكن أن يولد ومضات ضوء وهمية في عقل المتلقي، والمعروفة باسم الفوسفين phosphene، (ظاهرة تتميز بتجربة رؤية الضوء دون دخول الضوء فعلياً للعين عبر محفزات أخرى).

الشخص المستقبِل تصله أوامر اللعبة عبر شبكة الأدمغة/ISTOCK
الشخص المستقبِل تصله أوامر اللعبة عبر شبكة الأدمغة/ISTOCK

المستقبِل لم يكن يرى منطقة اللعبة بأكملها، ولكنه كان مطلوباً منه تدوير الكتلة الساقطة حين يتم إرسال إشارة فلاش خفيفة عبر ومضات الضوء الوهمية التي تصل إليه من المرسلين عبر شبكة الأدمغة.

أي إن جزءاً من اللعبة لم يكن يراه الشخص الذي يقوم بدور المستقبِل، ولكنه تصل إليه الإشارات المستخدمة لتوجيه الأوامر في اللعبة عبر أفكار الشخصين الآخرين التي تُنقل إليه عبر شبكة الأدمغة.

وعبر 5 مجموعات مختلفة من 3 أشخاص، كان يتم نقل أفكار الشخصين اللذين يقومان بدور المرسلين عبر شبكة الأدمغة إلى الشخص الذي يؤدي دور المستقبِل.

ولقد وصل الباحثون إلى مستوى دقة يبلغ في المتوسط 81.25%، وهو أمر جيد للمحاولة الأولى.

والأهم أن التجربة أثبتت أن البشر يمكنهم أن يتشاركوا الأفكار عبر هذا النوع من شبكات الأدمغة.

وقد أضاف العلماء مزيداً من التعقيد على التجربة

ولإضافة طبقة إضافية من التعقيد إلى اللعبة، بإمكان المرسلين إضافة جولة ثانية من التعليقات تشير إلى ما إذا كان المتلقي قد استقبل الاتصال بشكل صحيح.

وقد تمكن المستقبلون من اكتشاف أي من المرسلين كان أكثر موثوقية اعتماداً على اتصالات الدماغ وحدها.

وهو ما يقول عنه الباحثون، إنه يبشر بالخير في تطوير أنظمة تتعامل مع سيناريوهات العالم الحقيقي، حيث سيكون عدم موثوقية الإنسان عاملاً لا بد من أن يؤخذ في الحسبان.

كما أنه تمت ممارسة لعبة من 20 سؤالاً من قبل شخصين عبر مشاركة الأفكار فقط

النظام الحالي لا يمكنه نقل سوى "بت واحد one bit" فقط (أو وميض) من البيانات في وقت واحد.

غير أن الفريق المكون من علماء وباحثين من جامعتي واشنطن وكارنيغي ميلون الأميركيتين، يعتقدون أنه يمكن توسيع شبكة الأدمغة في المستقبل.

وقد تمكنت المجموعة نفسها من الباحثين في السابق من ربط دماغين بنجاح، ما جعل المشاركين يمارسون لعبة من 20 سؤالاً بعضهم ضد بعض، اعتماداً على نقل الأفكار عبر شبكة الأدمغة.

ومرة أخرى، تم استخدام ومضات الفوسفين phosphene لنقل المعلومات، في هذه الحالة عبر "نعم" أو "لا".

المهمة المبتغاة: هل يأتي اليوم الذي يتم فيه تشارك أفكار عقول عظيمة لحل المشكلات الكبرى؟

في الوقت الحالي، يعتبر هذا النظام بطيئاـ للغاية، ولا يمكن الاعتماد عليه بشكل كامل.

كما لا يزال هذا العمل يخضع لمراجعة في مجتمع علماء الأعصاب.

ولكن شبكة الأدمغة تعطي لمحة عن بعض الطرق التي يمكن أن نتعرف عليها في المستقبل، وربما تؤدي حتى إلى تجميع الموارد العقلية لعدة أفراد لمحاولة معالجة مشكلات البشرية الكبرى.ا

فإذا تم تطوير الفكرة، وأصبح بإمكان البشر أن يتشاركوا الأفكار بشكل أدق وأوسع نطاقاً وأكثر سرعة، فإن هذا سيمثل فتحاً علمياً عظيماً، ويمكن أن يعطي البشر دفعة في مواجهة الذكاء الاصطناعي.

وكتب فريق الباحثين معلقين على التجربة، أن "نتائجنا تثير إمكانية وجود شبكات من الأدمغة في المستقبل".

وهذا يتيح فرصة حل المشكلات بشكل تعاوني من قِبل البشر باستخدام شبكة من الأدمغة الاجتماعية "تتكون من عدد من العقول الموصولة بعضها ببعض".

علامات:
تحميل المزيد