هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟ اللحوم تسبب الضرر للمناخ، وخبراء يقترحون هذه البدائل

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/23 الساعة 05:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/23 الساعة 05:59 بتوقيت غرينتش
Pasture with some brown cows in the foreground and coal-fired power station with steaming cooling towers close to town in the background. Location: North Rhine Westfalia, Germany.

"غذاؤنا قد يكون سبب هلاكنا"، إذن هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟ ، وذلك بعد أن تبين أن استهلاكنا للحوم يعد من الأسباب الرئيسية للانبعاثات الحرارية، والأسوأ قادم مع توسع البشر في تربية الماشية.

فقد كشفت دراسة حديثة أن التأثيرات البيئية للنظام الغذائي يمكن أن تزيد بنسبة تتراوح بين 50 إلى 90٪ في الفترة بين عامي 2010 و2050 إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لمواجهة التغيرات المتوقعة في أعداد السكان ومستويات الدخل.

وتذكر الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية "Nature" العلمية أنه ليس هناك سبيل نحو إطعام قرابة الـ١٠ مليارات إنسان هم مجموع سكان الأرض المتوقع في عام 2050، إلا بالتحول نحو اتباع نظام غذائي أكثر اعتماداً على النباتات وتقليل مخلفات الأغذية، إضافة إلى تحسين أنظمة الزراعة والاعتماد على التقنية الحديثة.

كارثة تهدد الأرض.. هكذا حذرت الأمم المتحدة

تأتي هذه الدراسة بعد أقل من أسبوع من التقرير الذي أصدرته اللجنة الدولية المعنية بالمناخ التابعة للأمم المتحدة (ipcc)، الذي تحذر فيه من كارثة تهدد الكوكب إذا لم يتخذ العالم إجراءات أسرع وأنجع في مواجهة التزايد الخطير في كمية الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

وطالبت اللجنة بالسعي الحثيث إلى العمل على تخفيض مستويات الحرارة إلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وليس هناك سبيل لتحقيق ذلك دون الحد من المخاطر البيئية المترتبة على تغير المناخ واستخدام الأرض واستخراج المياه العذبة، وتلوث النظم البيئية بسبب الأسمدة الزراعية، حسب الدراسة التي نشرت في دورية "Nature".

فعالمنا قد يصبح غير قابل للحياة

التأثيرات البيئية السلبية للنظام الغذائي الحالي، يمكن أن تزيد بنسبة 50-90 ٪ بحلول عام 2050 نتيجة النمو السكاني وارتفاع معدل اعتماد البشر في غذائهم على الدهون والسكريات واللحوم، حسب الدراسة.

الطرق الحالية لإنتاج الغذاء غير مستدامة/ISTOCK
الطرق الحالية لإنتاج الغذاء غير مستدامة/ISTOCK

الدراسة أجراها فريق بحثي مكون من 23 باحثاً ينتمون إلى جامعات أميركية وأوروبية وأسترالية إضافة إلى باحث لبناني، أجرى خلالها الفريق تحليلات للتفاعلات القائمة بين البيئة والأنظمة الغذائية المتبعة في مناطق مختلفة من العالم.

وأفادت هذه التحليلات أن الطرق الحالية لإنتاج وتوزيع واستهلاك الغذاء هي طرق غير مستدامة وتتسبب في جعل العالم أقل قابلية للحياة البشرية.

واعتمد الباحثون على تصميم نموذج لأنظمة الغذاء لتقدير التأثيرات البيئية المرتبطة بالغذاء على مستوى كل دولة في ضوء الاستخدامات المباشرة لهذه الأغذية مثل المحاصيل الزراعية التي تباع كسلع أولية أو يجري تصنيعها أو تتغذى عليها الماشية.

كما صمموا نموذجاً لتقدير الاحتياجات الغذائية الحالية والمستقبلية لمختلف دول العالم.

ونظامنا الغذائي تحديداً يلحق ضرراً كبيراً بالمناخ، ولا بديل عن تغييره

"ليس هناك حل واحد كاف لتجنب التأثيرات الخطيرة لتغير المناخ"، حسبما يقول ماركو سبرينجمان، الباحث بجامعة أكسفورد والمؤلف الرئيسي للدراسة.

ويضيف سبرينجمان: إنما يجب اتباع حزمة إجراءات للتمكن من إطعام العدد المتنامي من السكان عالمياً، بشكل مستدام.

يجب علينا تغيير نظامنا الغذائي/ISTOCK
يجب علينا تغيير نظامنا الغذائي/ISTOCK

وتشير الدراسة إلى أن الاتجاه نحو أنظمة غذائية أكثر مرونة يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الغذاء بأكثر من النصف.

إذ يقول سبرينجمان أن الاتجاه إلى المزيد من النظم الغذائية "المرنة" على مستوى العالم يمكن أن يقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من النظام الغذائي بأكثر من النصف.

كما يقلل أيضاً من التأثيرات البيئية الأخرى، كتلك الناتجة عن استخدام الأسمدة واستخدام الأراضي الزراعية والمياه العذبة، بنسبة تتراوح بين 10% إلى الربع.

ويمكن أن يؤدي خفض النفايات الغذائية إلى النصف، إذا ما تم تحقيقه عالمياً، إلى تقليل التأثيرات البيئية بنسبة تصل إلى 16%، وفق الباحث الرئيسي.

هكذا يتضرر كوكبنا من اللحوم.. إذن، هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟

الجهود المبذولة لمواجهة التأثيرات الخطيرة لتغير المناخ لن تكون ناجعة إلا بتقليل الاعتماد على اللحوم في الغذاء والاتجاه نحو أغذية أخرى أكثر مرونة مثل الخضراوات، حسب ما تشدد الدراسة.

إذن، هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟، ولماذا تسبب الماشية كل هذه الأضرار للبيئة؟.

التخمر المعوي بالماشية مصدر رئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة/ISTOCK
التخمر المعوي بالماشية مصدر رئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة/ISTOCK

يقول خالد غانم، أستاذ العلوم البيئية والزراعات العضوية والمستدامة في جامعة الأزهر، لـ"عربي بوست" إن ارتفاع استهلاك البشر للحوم يحتاج زيادة في تربية الحيوانات وخاصة الأبقار، ما يزيد من انبعاثات غاز الميثان أحد الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ويوضح غانم إن عملية التخمر المعوي بحيوانات الماشية هي المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة في قطاع الزراعة، والتخمر المعوي هو إحدى خطوات عملية الهضم عند الحيوانات مثل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والجمال.

كما تحدث ببعض الحيوانات العشبية الأخرى مثل الخنازير والجياد والحمير.

ومن خلال عملية التخمر المعوي التي تقوم بها الميكروبات التي تعيش بمعدة الحيوانات العشبية ينتج غاز الميثان ويخرج من خلال تنفس الحيوان أو من فضلاته.

وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو" إلى أن التخمر المعوي أنتج ما يوازي 39 %من مجموع ناتج غازات الدفيئة الناتجة من قطاع الزراعة عام 2011.

ومن حسن الحظ أن هناك بدائل متعددة لهذا الطعام الشهي

يقترح غانم بدائل متعددة للحوم الحمراء التي تعد سبباً رئيسياً للانبعاثات الحرارية، وذلك في معرض رده على التساؤل بشأن هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟.

إذ يقول إن من الممكن أن تكون البقوليات بشكل عام ومنتجات الصويا، وفطر الماشروم، وبعض الأغذية السوبر مثل طحالب "الأسبيرولينا" التي تعد مكملاً غذائياً، بديلاً مناسباً للحوم.

الدواجن بديل أكثر صداقة للبيئة من اللحوم الحمراء/ISTOCK
الدواجن بديل أكثر صداقة للبيئة من اللحوم الحمراء/ISTOCK

كما يمكن أيضاً أن تستبدل لحوم الأبقار باللحوم البيضاء كالدواجن.

فإنبعاثات الدواجن هي أقل تأثيراً على المناخ، من الماشية والأغنام وغيرها من الحيوانات الكبيرة، حسب مايقول أستاذ العلوم البيئية والزراعات العضوية والمستدامة .

ولكن البعض يرى أن هجر اللحوم الحمراء سيكون له تداعيات سلبية كبيرة

ليس هناك حاجة إلى إجبار الناس على الاتجاه إلى الأغذية النباتية وهجر استهلاك اللحوم حسب "مارك لي" الباحث بمركز "رويال بوتانك جاردنز" في المملكة المتحدة.

إذ يقول مارك في تصريح لـ"عربي بوست": يجب علينا فقط تقليل الاعتماد عليها لتقليل الانبعاثات السلبية الناتجة عنها.

ويرى الباحث البريطاني أنه رغم التأثيرات البيئية الضارة لاستهلاك اللحوم الحمراء، فإن أراضي الرعي تغطي الآن 35 مليون كيلومتر مربع بما يعادل 30 ٪ من سطح الأرض خال من الجليد، مستوعبة ما يقدر بـ 1.5 مليار من الأبقار و 1.2 مليار من الأغنام و1 مليار من الماعز و0.2 مليار من الجاموس.

هذه الثروة الحيوانية الكبيرة تسهم بنحو 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي وتدعم حوالي 1.3 مليار وظيفة.

الماشية تستخدم في المراعي الفقيرة التي يصعب الزارعة بها/ISTOCK
الماشية تستخدم في المراعي الفقيرة التي يصعب الزارعة بها/ISTOCK

بالإضافة إلى ذلك، ترعى بعض المواشي في الأراضي الهامشية غير المناسبة لزراعة المحاصيل الزراعية فتسهم تربية الماشية في تأمين سبل عيش أفضل للناس، وفقاً لمارك.

إذن، هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟، قد تكون إجابة هذا التساؤل متوقفة على التوقيت.

فإذا تحرك البشر مبكراً للحد من الانبعاثات الحرارية بما في ذلك تقليل استهلاكهم من اللحوم الحمراء، فإن هذا سيمثل إنقاذاً مبكراً للكوكب، بالاعتماد على مسار معتدل لاستهلاك اللحوم الحمراء.

ولكن إذا استمر المنوال الحالي من استنزاف الكوكب، فقد يضطر البشر للاجابة بنعم على هذا السؤال الصادم، هل يجب أن نصبح نباتيين لننقذ الأرض؟

 

علامات:
تحميل المزيد