طريقة موت مرعبة لم تحدث في التاريخ من قبل.. دماؤهم وصلت حد الغليان ثم ماتوا بصورة لا تتخيلها.. قصة سكان بومبي

في القرن الميلادي الأول، وتحديداً عام 79 ميلادية، لم تكن المناطق المحيطة ببركان جبل فيزوف هي المكان المناسب للعيش، نحن نقصد هنا مدينتي بومبي وهركولانيوم

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/11 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/11 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش

في القرن الميلادي الأول، وتحديداً خلال شهر أغسطس/آب عام 79 ميلادية، لم تكن المناطق المحيطة ببركان جبل فيزوف بالتأكيد هي المكان المناسب للعيش، نحن نقصد هنا مدينتي بومبي وهركولانيوم الإيطاليتين.

على مدى يومين من اندلاع كارثي للبركان في ذلك الوقت، إذا لم "تحمّصك" الحمم البركانية وأنت حي، كان هناك عدد من الأشياء الأخرى التي يمكن أن تكون قد تسببت في موتك بصورة رهيبة.

من بين الطرق هذه، وفقاً لبحث جديد، هذا الموت المثير: الحرارة تبخر كل السوائل الجسدية، ما يجعل ضغط البخار المتصاعد منها يفجر جمجمتك من الداخل.

دراسة إيطالية حديثة تكشف سر الموت الرهيب

فقد أجرى علماء الآثار في مستشفى جامعة فيديريكو الثاني في إيطاليا دراسة على عظام تم استردادها من 12 غرفة على الواجهة البحرية في هركولانيوم -وهي واحدة من المدن الأقرب إلى البركان- وقد اكتشفت الدراسة بقايا معدنية غريبة، حمراء وسوداء على العظام، بما في ذلك داخل الجماجم، كما اكتشفت تخلل الرماد حول وداخل الهياكل العظمية.

ووفقاً لمقياس مطياف الكتلة البلازما المقترنة حثياً مع تحاليل رامان الطيفي المجهري، فإن تلك البقايا تحتوي على الحديد وأكاسيد الحديد. وهو ما يمكن أن يحدث عندما يغلي الدم داخل الجسد ويتحول إلى بخار.

وقد كتب الباحثون في بحثهم: "هنا نعرض للمرة الأولى أدلة تجريبية مقنعة تقترح التبخر السريع لسوائل الجسم والأنسجة الرخوة لضحايا هركولانيوم عام 79 ميلادياً عند الوفاة بسبب التعرض للحرارة الشديدة".

جبل فيزوف / istock
جبل فيزوف / istock

الآن، ليس من الواضح تماماً كيف يمكن لمخلفات الحديد هذه أن تصل إلى هناك. من المهم أيضاً ملاحظة أن بعضها يظهر بالقرب من قطع معدنية، مثل القطع النقدية والحلقات والعناصر الشخصية الأخرى الموجودة بالقرب من البقايا. لكن ليس كلها، حيث تظهر بعض البقايا أيضاً على عظام تم العثور عليها دون قطع معدنية قريبة.

ومن ثم يقترح عالم الطب الشرعي الإنثربولوجي بيير باولو بيترون وزملاؤه أن الحديد ليس ناتجاً عن قطع المعدن. بدلاً من ذلك، يفترضون أنها، بقايا الدم، متدهورة من الحرارة الشديدة للثوران.

300 من الضحايا فرُّوا من الموت إلى الموت

في هركولانيوم كانت هذه الغرف الـ12 المطلة على البحر على طول الشاطئ ملجأ لما يقرب من 300 شخص. وكما كتب الباحثون فقد أصبح هذا الملجأ قبراً لهؤلاء الضحايا عندما "غمرهم فجأة الانهيار المفاجئ لطفرة الحمم البركانية الأولى السريعة التقدم"، كان ذلك الاندلاع مميتاً، إذ كان بالغ الحرارة، حيث وصلت حرارته ما بين 200 و500 درجة مئوية (392 و932 درجة فهرنهايت)، وبسرعة وصلت إلى ما بين 100 و300 كيلومتر في الساعة (62 إلى 186 ميلاً في الساعة). ومن ثم، وبشكل مأساوي، فقد مات هؤلاء البؤساء في غرف الواجهة البحرية على الفور.

كان الفريق قد درس 103 من الهياكل العظمية، وإخضاعهم لمطياف الكتلة البلازما المقترنة حثياً ICP-MS، و22 منهم إلى تنظير رامان الطيفي المجهري.

ضحايا بركان جبل فيزوف / istock
ضحايا بركان جبل فيزوف / istock

حيث تشققت معظم العظام وتكسرت أيضاً، مع وجود هوامش حادة كتلك التي تظهر في عظام جثث الموتى الذين تم حرقهم، وتفحم حول مواقع الكسور دون استثناء، وهذا يدل على التعرض للحرارة الشديدة.

وفي حين لم يتمكن الباحثون بشكل حاسم من ربط الحديد بالسوائل الجسدية، وجد التحليل أن البقايا المعدنية كانت متوافقة مع دماء تعرَّضت للحرارة الشديدة فتبخرت، وترسب الحديد على العظام.

غلت أدمغتهم.. وفجّرت جماجمهم

أما بالنسبة للجماجم فقد كتب الباحثون أن "الفحص الدقيق للهيكل العظمي للضحايا كشف عن تكسير وتفجير الجمجمة واسوداد الألواح الخارجية والداخلية مصحوبة بإفرازات السوداء من فتحات الجمجمة والعظم المكسور"، و"يبدو أن هذه التأثيرات هي النتيجة المشتركة للتعرض المباشر للحرارة وزيادة في ضغط البخار داخل الجمجمة الناجم عن انفجار الدماغ، مع انفجار الجمجمة كحصيلة محتملة". وبعبارة أخرى، فإن أدمغة الضحايا غلت بسرعة كبيرة، وأن ذلك سرعان ما أنتج الكثير من البخار دون أن يجد البخار مكاناً يذهب إليه إلا عبر الجمجمة. وتلك طريقة قاتمة وشنيعة جداً للموت.

واليوم، ما زال فيزوف نشطاً -وكان ثورانه الأخير في عام 1944- ورغم ذلك يعيش أكثر من 3 ملايين شخص على مقربة منه.

علامات:
تحميل المزيد