يردد الأخصائيون أن الإنسان بحاجة إلى 8 ساعات من النوم ليقي نفسه من كل أنواع الأمراض، بداية من مرض السكري وحتى الخرف. لكن بحثاً جديداً يوضح أن هذه الساعات الثماني لن تكون ذات قيمة إذا كان نومك ليس جيداً. النوم السيء يؤدي للزهايمر استنتاج حقيق يجب أن نتعامل معه من الآن كي نتفادى هذا المصير في المستقبل.
في الواقع، أظهرت الاختبارات على الفئران أن من ينام ساعات أقل لكن بجودة عالية لديه خطر أقل للإصابة بالخرف، مقارنة بمن ينام نوماً متقلباً ساعات أطول.
النوم عملية حيوية مهمة لنظام التخلص من الفضلات بالمخ
المؤلفة الرئيسية للدراسة، الأستاذة ميكن نيدرغارد، وهي من المركز الطبي بجامعة روتشستر، قالت: "إن النوم عملية حيوية مهمة لنظام التخلص من الفضلات بالمخ، وهذه الدراسة توضح أنه كلما كان النوم أعمق، كان أفضل".
وأضافت لصحيفة The Daily Mail: "تضيف هذه الاكتشافات أيضاً إلى الأدلة التي تزداد وضوحاً والتي تشير إلى أن جودة النوم، أو الحرمان منه، يمكنه أن يجعلنا نتنبأ ببداية الإصابة بالزهايمر والخرف".
هذه الدراسة تمثل تقدماً محورياً في علم النوم، وتكمل اكتشاف الدكتورة نيدرغارد في عام 2012 الجهاز الغليمفاوي، الذي يؤدي العملية الفريدة في المخ للتخلص من الفضلات في أثناء النوم.
النوم السيء يؤدي للزهايمر
حددت هذه الورقة البحثية نظام ضخٍ يعتمد على الأوعية الدموية، ويضخ السائل المخي الشوكي خلال أنسجة المخ، ليزيل الفضلات.
وأظهرت ورقتها التالية أن هذا النظام يعمل بالأساس ونحن نائمون. ووفرت الاكتشافات حلقة وصل بين أبحاث النوم وأبحاث فقدان الذاكرة.
كنا نعرف أن من بين أسباب الخرف، تراكم طبقات من الفضلات على المخ. لكن الدكتورة نيدرغارد أشارت إلى أن سوء وظيفة التخلص من فضلات المخ قد يزيد من هذا.
وقادها شعورها، الذي تَشاركه معها آخرون من المجال نفسه، إلى طفرة في أبحاث كيفية النوم.
إليك الأنواع المختلفة من النوم:
- نوم حركة العين السريعة.
- ونوم لا توجد به حركة العين السريعة.
يستمر نوم حركة العين السريعة 10 دقائق بالمرة الواحدة، في أوقات مختلفة منذ أن تغلق عينيك. وهذه هي اللحظات التي تعيش فيها أحلاماً حية، وتتسارع فيها ضربات قلبك.
أول نوع من النوم الذي لا توجد به حركة العين السريعة يحدث عندما تكون نمت بالكاد، ومن السهل إيقاظك.
لكن النوع الثاني هو أعمق أنواع النوم التي يمكن أن تعيشها.
الزهايمر والنوم العميق
في هذه الدراسة الجديدة، التي نُشرت بمجلة Science Advances العلمية، اكتشفت الدكتورة نيدرغارد أن النوع العميق من النوم الذي لا توجد به حركة العين السريعة هو النوع "الأمثل" لعملية الجهاز الغليمفاوي.
أجرى الباحثون تجارب من أجل الدراسة الجديدة على فئران مخدرة تحت تأثير 6 خلطات مختلفة من العقاقير.
تتبَّع الباحثون في أثناء نوم الحيوانات بفعل المهدئات، نشاط كهرباء المخ، ونشاط الجهاز الدوري، وتدفق السائل المخي الشوكي المنظف خلال المخ.
ورأوا أن خليط عقارَي الكيتامين والزيلازين (K/X) اقترب كثيراً من محاكاة النشاط البطيء والثابت للنشاط الكهربي في المخ، والمعدل المنخفض لضربات القلب المرتبطين بالنوم العميق الذي لا توجد به حركة العين السريعة.
كما رأوا أن نشاط كهرباء المخ في الفئران التي استخدمت خليط (K/X) كان الأمثل لوظيفة الجهاز الغليمفاوي.
The brain may clean out #Alzheimer's plaques during sleep. If sleep deprivation puts garbage removal on the fritz, the memory-robbing disease may develop. pic.twitter.com/LiaqIyRuHn
— Gorka Orive, PhD (@gorka_orive) July 15, 2018
يسحب السوائل من أنسجة المخ ويعزز الذاكرة
قالت المؤلفة الأولى للدراسة الدكتورة لورين هابليتز: "إن الموجات المتزامنة للنشاط العصبي في أثناء النوم العميق تتماشى مع ما نعرفه عن تدفق السائل المخي الشوكي بالجهاز الغليمفاوي".
وأضافت: "يبدو أن المواد الكيميائية المرتبطة باستثارة الأعصاب، أو الأيونات تحديداً، تقود عملية إسموزية تساعد على سحب السائل خلال أنسجة المخ".
وتدعم الدراسة أكثر، العلاقة بين النوم، والتقدم في السن، والزهايمر.
من المعروف أننا يصعب علينا الوصول بانتظام إلى مرحلة النوم العميق الذي لا توجد به حركة النوم السريعة مع التقدم في السن، وتؤكد هذه الدراسة أهمية النوم العميق من أجل قيام الجهاز الغليمفاوي بوظيفته على أكمل وجه.
يقول الباحثون إن اكتشافاتهم توضح أيضاً أن الجهاز الغليمفاوي يمكن التأثير فيه عن طريق تحسين جودة النوم، وهو اكتشاف يمكنه الإشارة إلى أساليب سريرية، مثل العلاج بالنوم أو طرق أخرى لتحسين جودة النوم لمن يعانون خطر الإصابة.
وقالوا إن الدراسة تلقي أيضاً الضوء على المشاكل في الوظائف الإدراكية التي يعانيها كبار السن عادة بعد العمليات الجراحية، وتشير إلى فئات معينة من الأدوية يمكن استخدامها لتجنب هذه المشكلة.
من أسباب الزهايمر العمليات الجراحية لكبار السن
وشهدت فئران الاختبار التي تعرضت لمخدرات لا تستحث النشاط البطيء للعقل، انخفاض النشاط الغليمفاوي.
وقال المؤلف المساعد في الدراسة الدكتور توماس ليلوس، وهو من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك: "إن المشاكل الإدراكية بعد التخدير والجراحة مشكلة كبيرة".
وأضاف: "نسبة كبيرة من المرضى كبار السن ممن يخضعون لعمليات جراحية يدخلون في فترة من الهذيان بعد العملية، أو يعانون مشكلة إدراكية جديدة، أو تسوء مشكلة إدراكية قديمة عند خروجهم من المستشفى".