بنك بيولجي للمعلومات يدعى Project Baseline.. مشروع يهدف إلى الوقاية من مرض السرطان قبل أن نصاب به

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/21 الساعة 13:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/21 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش
An ethnic woman with cancer and her son embrace while sitting on a couch and are smiling at the camera.

تتمثل إحدى الحقائق الجلية حول الوقاية من مرض السرطان والأمراض الفتاكة الأخرى في أن العلاج يبدأ في أغلب الأحيان بعد فوات الأوان. وتوضح الدراسات أن عدداً هائلاً من حالات السرطان القابلة للعلاج يتم تشخيصها في مراحل متأخرة من الإصابة بالمرض، حسب صحيفة The New York Times الأميركية.

وعلى مدار فترة زمنية طويلة، أزعجت تلك الحقيقة دكتور سام غامبير، كبير الباحثين في أمراض السرطان بجامعة ستانفورد والذي فقد ابنه المراهق بسبب سرطان الدماغ عام 2015.

وقال "في مجال أمراض السرطان، غالباً ما نواجه المشكلات بعد وقت طويل من ظهور الأعراض على المرضى".

تحديد مؤشرات الإصابة بالسرطان

ويُجري دكتور غامبير حالياً دراسة مطولة تسعى لفهم التحول من الصحة الجيدة إلى المرض بصورة أفضل. ويمكن أن تؤدي تلك الدراسة، المعروفة باسم Project Baseline، إلى تحديد مؤشرات أو دلالات من دم أو براز أو بول الأشخاص الأصحاء تساعد على التنبؤ بالإصابة بالسرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو غيرها من الأمراض القاتلة التي تفتك بصحة البشر. والدراسة هي نتاج جهودٍ مشتركة بين جامعتي ستانفورد وديوك وشركة Verily لعلوم الحياة المملوكة لمؤسسة Alphabet، أكبر مؤسسات مجموعة غوغل. ويقوم الباحثون بجمع 10 آلاف متطوع من البالغين من أنحاء الولايات المتحدة وإخضاعهم للفحص الطبي الدقيق ومتابعتهم بدقة بالغة على مدار أربع سنوات على الأقل.

الكثير من الأشخاص المشاركين في الدراسة بالغون أصحاء، وهو ما يختلف مع التجارب الطبية التقليدية التي تركز إلى حد كبير على أشخاص مصابين بالمرض بالفعل. وتتمثل إحدى الاختلافات الرئيسية الأخرى في أن الباحثين يجمعون قدراً هائلاً من البيانات الطبية حول الأشخاص الخاضعين للدراسة، بما في ذلك تحليل الكائنات الدقيقة بأجسامهم وترتيب الجينومات، كما يتم إخضاعهم لمجموعة من عمليات المسح ويتم تقييم صحتهم الإدراكية. ويقوم الباحثون أيضاً بتزويد المتطوعين بأجهزة تكنولوجية جديدة يتم ارتداؤها من ابتكار شركة Verily تسجل أنماط نومهم أثناء الليل وتتابع نشاط القلب والأنشطة البدنية لديهم.

وفي خطوة أخرى غير معتادة، يشارك الباحثون في Project Baseline نتائج البحوث مع المتطوعين، بما في ذلك كمية الترسبات أو الكالسيوم التي يجدونها في أوعيتهم الدموية وأنواع سلالات البكتيريا الموجودة في أمعائهم.

لكن هناك مخاوف من "الاستفسارات العميقة"

ومع ذلك، يشعر بعض الخبراء بالقلق خشية أن يؤدي تقديم مثل هذه البيانات الطبية التفصيلية للبالغين الأصحاء إلى ظهور مشكلات جديدة. وقد حذر دكتور إريك توبول، أستاذ علم الجينوم بمعهد سكريبس للبحوث بكاليفورنيا، من أن تؤدي الفحوص وعمليات المسح وغيرها من "الاستفسارات العميقة" إلى ظهور نتائج عرضية تسبب قلقاً لا داعي له. وقال "أحياناً تؤدي إلى إجراء المزيد من الفحوص غير اللازمة والتي يمكن أن تكون ضارة".

بنك بيولجي لمعلومات الصحة

ويشارك دكتور توبولي في دراسة مماثلة، تُعرف باسم "جميعنا" ويتم تمويلها من قبل معاهد الصحة الوطنية، التي تتولى إنشاء "بنك بيولوجي" لمعلومات الصحة التي يتم جمعها من ملايين الأميركيين. ويعتزم الباحثون إعادة البيانات الوراثية وبعض النتائج الأخرى إلى المشاركين، ولكنهم يدرسون أفضل وسيلة للقيام بذلك.

وذكر دكتور أوبولي "هذا هو التحدي الجديد الذي يواجه عالم البحوث الطبية. وأنا أفضّل هذا الإجراء بالفعل، ولكنه يفرض القضية الجديدة المتمثلة في التعامل مع النتائج غير المتوقعة التي يصعب تفسيرها".

الأمراض الفتاكة التي لا يلاحظها أحد

ويتعرف باحثو مشروع Project Baseline على ذلك بصورة مباشرة. ويذكر الباحثون أنهم اكتشفوا وحذروا المشاركين على الفور من الأمراض الفتاكة المحتملة التي يمكن ألا يلاحظها أحد، مثل مرض السرطان وتمدد الشريان الأورطي، حتى يتمكنوا من الحصول على الرعاية الطبية الملائمة. ومع ذلك، أصيب بعض المشاركين بالذعر جراء نتائج حميدة، مثل صورة أشعة إكس لمنطقة الصدر كشفت عن وجود نتوءات صغيرة حميدة داخل الرئتين، وقد بحثوا عنها لاحقاً على شبكة الإنترنت وظنوا أنها سرطانية، بحسب ما ذكرته الباحثة بمشروع Project Baseline دكتور تشارلين ونج. وقالت "لن يسبب ذلك سرطاناً بالنسبة لمعظم المشاركين. ومع ذلك، مازلنا نعمل مع المشاركين لنعرف ما إذا كان بإمكاننا إعادة تلك البيانات بالطريقة الصحيحة حتى نحد من القلق الذي يمكن أن تحدثه".

وذكر دكتور كين مهافي، الباحث بمشروع Project Baseline والمتخصص بأمراض القلب بجامعة ستانفورد أنه وزملاءه يتحملون "المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية عن وضع نظام حتى يمكننا مشاركة النتائج مع المتطوعين بأسلوب يمكنهم فهمه ثم مساعدتهم على التواصل مع أطبائهم ومقدمي الخدمات الطبية لهم".

والنتائج مبشرة حتى الآن

ورغم القلق الذي يمكن إثارته، يرحب الكثيرون بمثل هذه النتائج. وتثير دراسات مثل Project Baseline إعجاب الحركة المعروفة باسم Quantified Self، والتي تضم أشخاصاً يتتبعون قياساتهم الحيوية من خلال تطبيقات الهاتف المحمول والأجهزة عالية التقنية والاختبارات الصحية المتاحة للمستهلك. وقد انضم نحو 2000 شخص إلى Project Baseline حتى الآن، وسجل آلاف آخرون أسماءهم في سجل المتطوعين المحتملين الذين يمكن استدعاؤهم مع التوسع في المشروع ليشمل مراكز طبية إضافية.

ورغم إجراء الكثير من الدراسات الطولية في الماضي، لم تكن العديد من الدراسات الأكبر والأكثر أهمية متنوعة للغاية. فقد ركزت دراسة فرامنجهام التاريخية لأمراض القلب والتي بدأت عام 1948، على سبيل المثال، في الأغلب على البالغين من البيض. وذكر دكتور سفاتي شاه، الأستاذ المشارك بكلية الطب، جامعة ديوك، أن مشروع Project Baseline يستعين بالعديد من المتطوعين من أصول زنجية وإسبانية وآسيوية وغيرها من الأعراق، حتى تتمكن الدراسة من تسليط الضوء على الاختلافات في عوامل مخاطر الإصابة بالأمراض بين الأشخاص ذوي الخلفيات المختلفة.

ويتضمن ذلك أشخاصاً مثل روزا غونزاليز، 57 عاماً، وهي ممرضة تقيم في كونكورد بنيويورك. وانضمت غونزاليز، المكسيكية الأميركية، إلى الدراسة في وقت سابق من هذا العام وشجعت عشرة على الأقل من أصدقائها ومعارفها اللاتينيين على الخضوع لهذه الدراسة أيضاً.

وقالت "الدراسات الأخرى تقدم البيانات وتتحدث عن اللاتينيين، ولكنها لا تُخضع اللاتينيين للدراسة. وأنا أحاول أن أضرب مثلاً حتى يدرك اللاتينيون أنه من الرائع أن يشاركوا حتى نحصل على بيانات توضح لنا ما إذا كانت النتائج تنطبق علينا من عدمه".

وذكر دكتور غامبير أن فكرة مشروع Project Baseline قد بدأت عام 2013 حينما تحدث مدراء مؤسسة جوجل التنفيذيون معه وأبلغوه أنهم يريدون إجراء دراسة تاريخية حول صحة الإنسان. واقترح دكتور غامبير إجراء دراسة للتعرف على الدلالات المبكرة لمرض السرطان لدى الأشخاص الأصحاء.

نعرف المزيد من أجل الوقاية

وقال "كنا نعتقد دائماً أنه لو عرفنا المزيد من الأمور حول رد فعل جسمك قبل الإصابة بالمرض، سوف تسنح لنا فرصة أكبر لمنع المرض بصورة مثالية أو على الأقل الكشف عن تلك الأمور في مرحلة مبكرة". وقد راقت الفكرة لمديري جوجل ولكنهم اقترحوا توسيع نطاق الدراسة لتضم أمراضاً أخرى.

ورفضت مؤسسة Verily التحدث عن حجم ما تنفقه على مشروع Project Baseline. لكن الشركة لديها استثمارات في العديد من مجالات الرعاية الصحية، بما في ذلك تصنيع العدسات اللاصقة وأجهزة الاستشعار المصغرة التي تتولى متابعة مستويات السكر في الدم حتى يستطيع مرضى داء السكري السيطرة على المرض بصورة أفضل.

وبالإضافة إلى مشاركة النتائج مع المتطوعين بالدراسة، يستضيف مشروع Project Baseline مناسبات وندوات عبر شبكة الإنترنت يستطيع من خلالها المشاركون في الدراسة طرح الأسئلة على الباحثين وتقديم المقترحات إليهم. وذكرت دكتور جيسيكا ميجا، المسؤول الطبي الأول بمؤسسة Verily "إنها ليست أبحاثاً يتم إجراؤها داخل صندوق أسود. فالناس على الأرض يشاركون في هذه الحركة".

علامات:
تحميل المزيد