مكان العمل وساعاته والراتب.. قبل أن تقول نعم للترقية المعروضة اسأل نفسك: لماذا غادر المدير السابق؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/19 الساعة 07:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/20 الساعة 15:42 بتوقيت غرينتش
Business handshake in the office

نعتقد جميعاً أنَّ الترقية الوظيفية اعترافٌ غير مشروط بنجاحك وأنّها طريقٌ لتحقيق المزيد منه. ولكن ماذا لو كان هذا غير حقيقي؟ ماذا لو كنت غير راغب في قبول الترقية التي عُرضت عليك، بخلاف المنظور الثقافي الجماعي للتقدم في العمل؟

أحياناً تكون الترقية مسبباً للفشل، وحتى الإنهاك الصحي.

لذا عليك التفكير أكثر من مرة قبل قبول الترقية ودراسة الحيثيات قبل أن توافق على تحديات المنصب الجديد.

هل سيتم تدريبك، هل أنت متحمس له، هل أنت مستعد لكل هذه التحديات؟

لورين سيبين، 29 عاماً، صحفية أمريكية، قبلت بحماس شديد ترقية عرضت عليها لتتولى دور محررة رقمية في جريدة صغيرة بالساحل الغربي قبل 6 سنوات، رغم أنّها لم تكن تملك أي خبرة إدارية.

قُذف بها إلى هذا المنصب دون تجهيزها بأي شيء سوى خطاب أجوف عن أساسيات الإدارة، وفقاً لقولها.

لم يكن نقص التدريب أو الدعم ممن هم أعلى منها منصباً خافياً على أحد: إذ إنّ التغييرات التي أدخلتها قوبلت بمقاومة من الموظفين الذين كانوا يعملون في الصحيفة منذ مدة طويلة، مما منحها شعوراً بأنّها عديمة الجدوى ولا تحظى باحترام.

وقالت لورين لصحيفة The New York Times: "حين تنظر إلى الموضوع من منطلق أنني كنت في الثالثة والعشرين من عمري وأحاول أن أقنع أشخاصاً عمرهم ضِعف عمري بأن يغيروا طريقتهم في العمل، لن تجد الأمر مقبولاً حينها".

ورغم أنها كانت قد قررت أن تظل في منصبها لفترة طويلة، أصبح الوضع لا يُطاق، وقاومت لمدة عام حتى انتهى بها الأمر بالاستقالة والعثور على وظيفة جديدة في مجال آخر.

المتطلبات الكثيرة والسفر وعدد الساعات.. هل أنت مستعد؟

يعد غياب المؤهلات اللازمة واحداً من بين أسباب عديدة يمكنك بسببها رفض ترقية: لأنَّ التوقيت غير مناسب؛ أو أنّ الوظيفة الجديدة تأتي بزيادة في الضغوط والمتطلبات؛ أو بعدد ساعات عمل أطول؛ أو تستلزم السفر؛ أو أنّك راضٍ عما وصلت إليه وغير مستعد للتغيير؛ أو ربما لأنَّك لا ترغب أن تصبح ضمن الإدارة.

أجل، ربما يبدو هذا غريباً على المنطق بعض الشيء.

ولكن النظر بعناية في تفاصيل الترقية أمرٌ أساسي، إذ إنَّ العرض ربما يبدو غير مغرٍ عند النظر إليه عن كثب.

من الحكمة أن تكون الصورة واضحة لديك وأنت تدرس الخيارات المتاحة أمامك، لأن المنصب الجديد يمكن أن يؤثر سلباً على صحتك إن لم يكن ملائماً.

يمكن للضغط المزمن المرتبط بالعمل أن يسبب ارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول، وفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية.

كما أنّ هذا الضغط أيضاً يمكن أن يؤدي إلى "الإنهاك واستنفاد الطاقة".

قبل أن تقبل العرض، إليك الطريقة التي يمكنك أن تحدد بها ما إذا كان قبول الترقية خياراً ذكياً.

قيِّم خياراتك.. ما الذي تريد إنجازه حقاً؟

إذا كنت لا تملك أهدافاً محددة في ذهنك، في صورة مهارات واضحة المعالم تريد صقلها، أو فكرة عن الاتجاه الذي ترغب أن يسير فيه مسارك المهني؛ فلن تكون قادراً على معرفة ما إذا كانت الترقية ستزيدك قرباً من تلك الأهداف.

وقالت مارشا هايجود، مؤسسة شركة StepWise Associates L.L.C، وهي شركة استشارات للتنمية الشخصية والمهنية: "إن لم تكن أهدافك واضحة، أو لم تكن واضحاً فيما تحاول إنجازه، فكل شيء آخر سيبدو جيداً بالنسبة لك".

من السهل أن يسحرك المال أو المكانة الاجتماعية، ولكن تلك الجوائز يمكن ألا تتسق مع ما ترغب في تحقيقه فعلاً في مسارك المهني.

وتقترح هايجود استخدام أدوات تقييم ذاتي (وهي تفضل في هذا الصدد Strengthsfinder) لمعرفة ما إذا كانت الترقية تصب في صالح تنمية مهاراتك.

على سبيل المثال، إذا كان تدريس الأطفال هو شغف حياتك، ولكن الترقية يمكن أن تحرمك من التدريس وتبقيك ملتصقاً بمكتبك، ربما لن تستمتع بهذا الدور الجديد.

ثالوث أساسي قبل القبول.. مكان العمل وساعاته والراتب

وتنصح فيكي سالمي، الخبيرة المهنية لدى موقع Monster.com، بوضع قائمة بأهم ثلاثة أشياء تسعى إليها في أي منصبٍ تشغله.

وتقول إنّ الأولويات تختلف من شخص لآخر. بالنسبة للبعض تتمثل الأولوية في القرب من المنزل، في حين تتمثل الأولوية بالنسبة للبعض الآخر في العمل الذي يُشكِّل تحدياً وفي الحفاظ على نطاق معين فيما يتعلق بالراتب.

كما يوجد آخرون يعطون الأولوية للمرونة في ساعات العمل، والانضمام إلى فريق متناغم، والاستماع إلى مشرفين أكثر منهم خبرة.

اتخذ الاحتياطات اللازمة.. لماذا فرغ المنصب أصلاً؟

تعرف على الظروف المحيطة بالترقية. وفي هذا الصدد توصي سالمي بتقصي الأسباب التي لأجلها كانت الوظيفة شاغرة، ولماذا اختارتك الإدارة لشغلها.

ابحث عن إشارات تحذيرية، كأن يكون الشخص الذي شغل المنصب قد فُصِل من العمل، أو إذا كان القسم يمر بمرحلة إعادة هيكلة مزعجة.

إذا كان المنصب يشهد تبدلاً للموظفين أكثر من اللازم، عليك أن تتأكد أنّه ليس فخاً نُصِب لك لتفشل.

استعلم عن طباع مديرك الجديد (إذا كان هناك مديرٌ جديد في المنصب).

وهل سيكون هذا الشخص مدافعاً جيداً عنك، وهل من المعروف عنه أنّه شخص صعب المراس؟

اطلب توصيفاً وظيفياً أو عرضاً عاماً لدورك الجديد. إذا شعرت بغموض المشرف عليك في أي نقطة، سجّل ذلك لديك.

فهو يمكن أن يعني أنه لا يوجد تعريف واضح لمسؤوليات دورك الوظيفية، وهو ما يمكن أن يخلق لك المتاعب بمجرد البدء في دورك الجديد.

وتقول لوري راساس، مستشارة الموارد البشرية ومحامية التوظيف ومؤلفة كتاب The Perpetual Paycheck: "عليك أن تفكر في تلك الأمور لأنه سيكون من الصعب عليك التراجع بمجرد أن تتم ترقيتك. فوظيفتك الحالية لن تظل محفوظة لك إذا لم تسر الأمور على ما يُرام بعد الترقية".

كيف يبدو النجاح في هذه الترقية الوظيفية ؟

وتقول راساس إنه من المهم أن يظل عقلك منفتحاً وأن تفكر في الأبواب التي ستُفتح إذا قبلت الوظيفة الجديدة.

يمكنك أن تساهم في مشروع قائم، أو أن تعمل في مجال جديد ناشئ، أو أن تتعلم مجموعة مهارات جديدة.

وتنصح راساس الناس أن يتسموا بالمرونة ويبقوا الباب مفتوحاً أمام جميع الخيارات، وألا يرفضوا الترقية دون تفكير ولا يقبلوها دون تفكير.

الحل الأمثل هو الرجوع خطوة إلى الخلف، وتحليل العرض الوظيفي، والانطلاق من تلك النقطة.

من المهم للغاية أن تطرح الأسئلة الصحيحة وأنت تقيم الترقية. وتقترح هايوود طرح السؤال التالي: "كيف يبدو النجاح في هذا الدور الجديد؟"، ومعرفة التفاصيل الخفية للمنصب.

وتقول راساس: "ابحث في الأمر كما تبحث في أي عرض وظيفي جديد: لمن سأرفع تقاريري، ما ساعات العمل الخاصة بي، وكيف ستكون صورة نشاطي اليومي، وما شابه ذلك".

انظر بعناية في الزيادة في الراتب (إذا كانت هناك زيادة) والتغييرات في مسؤولياتك.

ضع خطتك بالمهارات الجديدة التي ستتعلمها والأشخاص الجدد الذين  يمكن أن تقابلهم.

تقول راساس: "فكر فيما تفعله حالياً، وما تُحسنه، وما ترغب في الاستزادة منه، وانظر ما إذا كانت الترقية ستسمح لك بالاستمرار في فعل ذلك. إذا كانت الترقية لن تسمح لك بالقيام بذلك، فربما تكون غير مناسبة لك".

تفاوض حول الشروط وعدّل بعض المهام

يقول الخبراء إنِّه من الخطأ قبول الترقية على علَّاتها. استخدم هذه الفرصة لترى ما إذا كان بوسعك أن تُشكِّل الدور الجديد وفقاً لهواك.

ربما لا ينتهي الأمر كله في جلسة واحدة، جهِّز نفسك للدخول في نقاش مستمر وأن تحدد الدور الجديد مع الإدارة.

وتقترح سالمي إعداد قائمة بما تحبه في وظيفتك الحالية وما تفضِّل التخلص منه أو تقليله.

وتقول: "لنفترض أنك شخص تفضل التعامل مع البشر وتريد أن تقوم بالمزيد من إدارة البشر والمشروعات، في حين تتعلق الترقية بالميزانيات والأرقام وعقد الاجتماعات بشكل مستمر؛ وهو ما يمكن أن يُبعدك عن القيام بما تحب".

انظر ما إذا كان مديرك على استعداد لتعديل المهام التي تقوم بها، بحيث تكون الترقية مستساغة بشكل أكبر.

أمسِك بزمام الأمور.. الخبرة والعلاقات تكسبك القوة والثقة

تدرب السيدة راساس الناس على التركيز على ما يمكنهم التحكم فيه فيما يتعلق بالتطور المهني.

وبدلاً من التسرع في الفوز بفرص التقدم التي تظهر أمامهم، من الأفضل تركيز خبراتهم وتقوية شبكة علاقاتهم بحيث يحظون بفرصة جيدة عن المنافسة في أي ظروف.

وتقول إنّه في نهاية المطاف لن تكون سلطة على معظم عملية الترقية.

من ستتم ترقيته، ومتى، وما الأجر الذي سيتقاضاه؛ الأمر يمكن أن يختلف اختلافاً واسعاً استناداً إلى كافة أشكال الظروف الخارجية.

وأضافت: "في كثير من الأحيان، توجد سياسات داخلية تمنع شخصاً ما من الترقي طوال حياته، ولا يجد ما يمكنه أن يفعله حيال ذلك. لذلك، من الأفضل برمجة العقل على الذهاب إلى العمل والقيام بأفضل جهد ممكن في الوظيفة الحالية وتطوير المهارات، باعتبار أنّ هذه الأشياء جميعها تقع داخل إطار سيطرة الإنسان. وبهذا يكسب الإنسان مزيداً من القوة ومزيداً من ثقة الناس به".

علامات:
تحميل المزيد