أصبحت الجمعة السوداء يوماً للتسوق حول العالم يحتفل به الأميركان بعد عيد الشكر بيوم واحد، لكن هذا اليوم يعني أكثر من ذلك فما قصة يوم الجمعة السوداء
تمتلئ المتاجر ومواقع الإنترنت التابعة لها بالعروض الترويجية التي يستفيد منها المتسوقون في موسم الأعياد.
في السنوات الأخيرة، انتقلت عدوى هذه العروض إلى الوطن العربي، وتحديداً تحت مسمى "الجمعة البيضاء"، وبدأت مجموعة من المحلات الكبيرة في استغلال هذا اليوم لتقديم خصومات جيدة، وبالطبع دخلت المواقع الإلكترونية على الخط لتقدم عروض مميزة.
الجمعة السوداء يوماً للتسوق حول العالم
لكن من أين جاء اسم بلاك فرايداي؟ ولماذا يتم الاحتفال به في نوفمبر/تشرين الثاني؟ وإلى أي مدى وصلت شعبيته؟
هنا نكشف لكم عن بعض الحقائق التي قد تهتمون بمعرفتها حول هذا اليوم.
1- الاسم
كانت صفة اللون الأسود تستخدم لقرون عديدة لوصف أنواع مختلفة من الكوارث"، كما يقول الباحث اللغوي الأميركي بنجامين زيمر، المحرر التنفيذي لموقع Vocabulary.com، على الرغم من أن المفهوم الذي يمثله هذا اليوم حالياً بعيد عن هذا المعنى وفق موقع BBC Mundo الإسباني.
بمعنى أنه في الولايات المتحدة، كان أول استخدام لمصطلح "Black Friday" في 24 سبتمبر/أيلول 1869، عندما حاول اثنان من المضاربين، جاي غولد وجيمس فيسك، احتكار سوق الذهب في بورصة نيويورك، وعندما أُجبرت الحكومة على التدخل لتصحيح اختلال السوق عن طريق زيادة المعروض من الذهب الخام، حدثت الأزمة التي تسببت في انخفاض الأسعار وفقد العديد من المستثمرين لثروات كبيرة.
2- التاريخ
منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين، احتفل الناس بعيد الشكر في الولايات المتحدة الأميركية في الخميس الأخير من نوفمبر/تشرين الثاني، في تقليد بدأه الرئيس أبراهام لنكولن (1809-1865).
ولكن في العام 1939 حدث شيء غير عادي؛ إذ تزامن يوم الخميس الأخير مع يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
فأرسل التجار، الذين كانوا يشعرون بالقلق إزاء فترة التسوق القصيرة المتبقية بين ذلك اليوم وعطلات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، طلباً إلى فرانكلين روزفلت ليعلن الرئيس بداية العطل قبل أسبوع من موعدها، وهو الطلب الذي وافق عليه.
في السنوات الثلاث التالية، تم الاحتفال بعيد الشكر، الذي أُطلق عليه في البداية اسم "فرانكسجيفينغ" (تركيب لاسم فرانكلين مع عيد الشكر، وفقاً لاسم هذا العيد باللغة الإنكليزية)، في أيام مختلفة في أجزاء مختلفة من البلاد.
وأخيراً، في نهاية عام 1941، ساعد قرار مشترك من الكونغرس في حل المشكلة.
منذ ذلك الحين، يتم الاحتفال بعيد الشكر في الخميس الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، مما يضمن أسبوعاً إضافياً من التسوق حتى عيد الميلاد.
3- متلازمة عيد الشكر
في عام 1951، لفتت نشرة دورية الانتباه إلى عدد العمال الذين لم يذهبوا إلى العمل في اليوم التالي لعيد الشكر.
وفقاً لبوني تايلور-بليك، الباحثة في جامعة نورث كارولينا، فإن مجلة Factory Management and Maintenance المعنية بسوق العمل تبرر مصطلح "متلازمة الجُمع التالية لعيد الشكر" المرتبط بفترة العُطَل.
ووفقاً لما نشرته المجلة، "الآثار السلبية لهذه المتلازمة لا يضاهيها سوى الآثار التي يسببها الطاعون، على الأقل هذا ما يشعر به هؤلاء الذين يضطرون إلى العمل في الجمعة (السوداء).. تكون المتاجر والمؤسسات نصف فارغة من العاملين الذين حصلوا مسبقاً على إجازات مرضية".
4- شعبية غير متوقعة
ظل مصطلح "الجمعة السوداء" مقتصراً على ولاية فيلادلفيا، لفترة طويلة.
يقول عالم اللغويات زيمر "تم استخدام هذا المصطلح بشكل معتدل في ترينتون في نيوجيرسي، لكنه لم يعبر حدود فيلادلفيا حتى الثمانينيات".
على الرغم من أن يوم "بلاك فرايداي" يعتبر أكبر يوم للتسوق على مدار العام، إلا أن هذا التاريخ لم يكتسب هذه السمعة حتى عام 2000.
كان ذلك لأنه، لسنوات عديدة، لم يكن الأميركيون يخصصون أي خصومات لهذا اليوم، بل اختاروا تأجيل وقت التسوق.
وهكذا، كان الوقت الذي كانت فيه حافظات نقودهم شبه فارغة هو عطلة نهاية الأسبوع، لذا كانوا ينتظرون حتى يوم السبت (وليس الجمعة) لافتتاح موسم التسوق لأعياد الميلاد.
5- التأثير في البلدان الأخرى
لفترة طويلة، كان التجار الكنديون يموتون كمداً أمام نظرائهم الأميركيين، خاصة عندما يقرر زبائنهم القدماء السفر جنوباً بحثاً عن عروض جيدة.
لهذا السبب، بدأت كندا أيضاً في تقديم العروض الخاصة بها، على الرغم من حقيقة أن عيد الشكر يحتفل به في ذلك البلد قبل شهر من تاريخ الاحتفال به في الولايات المتحدة.
في المكسيك يُطلق على هذا اليوم اسم "Buen Fin" أي "النهاية السعيدة"؛ وهو يرتبط بذكرى بداية الثورة، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1910، والتي تتزامن في بعض الأحيان مع عيد الشكر في الولايات المتحدة. وكما يشير الاسم، يستمر حدث الـ"نهاية السعيدة" طوال عطلة نهاية الأسبوع.
في البرازيل، حيث لا توجد عطلة عيد الشكر، تم إدراج "بلاك فرايداي" في التقويم التجاري للبلاد عندما أدرك رجال الأعمال فرص الأرباح الضخمة في هذا اليوم.
وفي السنوات الأخيرة، أضافت دول مثل إسبانيا وبوليفيا والأرجنتين وبيرو، إلى جانب العديد من الدول الأخرى، إلى موجة العروض المحمومة لـ"بلاك فرايداي" يوماً إضافياً؛ وهو "إثنين الإنترنت"، والذي يُحتفل به في يوم الإثنين التالي لتلك الجمعة.
وفي الأعوام اللاحقة، أُضيف يوم آخر إلى قائمة التخفيضات؛ وكان ذلك في عام 2011، عندما حطمت شركة وول مارت، وهي واحدة من أكبر سلاسل متاجر التجزئة في العالم، تقاليد يوم بلاك فرايداي عندما افتتحت متاجرها في ليلة عيد الشكر.
انتشر هذا التقليد في أنحاء كثيرة من العالم وسمي يوم التخفيضات الإضافي هذا باسم "الخميس الرمادي" "Gray Thursday".