من هنا دخل خالد بن الوليد، وازدهرت المسيحية.. دمشق القديمة تأوي بيوتاً عمرها مئات السنين.. وهذا حالها بعد الحرب

وكأن الحرب لم تمر هنا، من سوق الحميدية الشهير إلى المسجد الأموي ثم باب شرقي وحتى باب توما .. فمن حسن حظ العالم أن دمشق القديمة قد نجت من المحرقة

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/20 الساعة 14:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/21 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
Damascus, Syria - June 13, 2010: People walk in the courtyard of the Umayyad Mosque. Built on the site of a Byzantine church in the 8th century, today it is one of the most beautiful architectural landmarks in Syria.

وكأن الحرب لم تمر هنا، فإذا دخلت سوق الحميدية الشهير لن تجد آثاراً لأسوأ صراع أهلي في القرن الحادي والعشرين، فمن حسن حظ العالم أن دمشق القديمة قد نجت من المحرقة عكس مدن سوريا الأخرى.

نُصب باب حديدي عند مدخل سوق الحميدية، هو المظهر الأوضح للأزمة السورية، فهو لا ينسجم مع المكان ولا بيئته العمرانية ولا مع تصميم السوق العريق.

أمام هذا الباب وقف بعض المارة انقسموا ذكوراً وإناثاً للخضوع لعملية تفتيش حقائبهم والتأكد من خلو زوار هذا السوق التقليدي من أي سلاح قد يعكر صفوه ويقلق زائريه.

ولكن بعد أن تدخل الباب ستشعر بأن دمشق القديمة لم تعرف الحرب

بعد اجتياز الباب ستشعر بأن السوق لم يتغير أبداً، وأن الحرب لم تمر من هنا أصلاً.

فلا تغيرات حدثت في ملامح هذا السوق الذي يعد أشهر معالم دمشق القديمة، لا في عدد المحلات المنتشرة على صفي السوق المسقوف، ولا في شكلها.

ربما التغير الوحيد هو ازدياد الباعة الجوالين والبسطات، وهو أمر فرضته الأزمة الحالية، فسكان دمشق تضاعف عددهم وقلت مواردهم ومصادر دخلهم.

سوق الحميدية الشهير قي دمشق القديمة /خاص
سوق الحميدية الشهير قي دمشق القديمة /خاص

واخلع نعليك عند المسجد الأموي الذي بات يضيق بزواره الإيرانيين

من سوق الحميدية يمكنك الوصول إلى الجامع الأموي.

وبعد خلع الأحذية على الباب الرئيسي وارتداء العباءات للفتيات غير المحجبات، ستكون الحركة محدودة أمام الزوار؛ لأن الجامع الفسيح بات اليوم ضيقاً على زواره، وصحنه الشهير بخزنته المزينة بالزخارف الإسلامية، هو اليوم محاط بسلاسل معدنية يُمنع تجاوزها.

وأخبر أحد الحرس الموجودين في المكان "عربي بوست" أن هذا الإجراء اتُّخذ منذ بداية الأزمة، خاصة أن الساحة كانت تشهد تجمع أعداد كبيرة من الناس ووقوع حوادث بين هذه الجموع قد يسفر عنه قتلى بالعشرات.

وباستثناء الصحن يمكن الدخول إلى المسجد أو السير حول الفسحة الكبيرة المغلقة والاستمتاع بعمارة المسجد البهية وزخارفه الشهيرة.

على باب الجامع توقفت عدة سيدات يرتدين الزي التقليدي الإيراني، انتعلن أحذيتهن بعد انتهاء الزيارة قاصدات الفسحة المجاورة للمسجد من أجل التقاط الصور أمام طيور الحمام التي تشتهر بها دمشق، والتي تجمعت بالفعل أمامهن بعدما رمين لها شيئاً للأكل.

الجامع الأموي وصحنه الشهير بخزنته المزينة بالزخارف الإسلامية /خاص
الجامع الأموي وصحنه الشهير بخزنته المزينة بالزخارف الإسلامية /خاص

وفي حضرته مازالت الصور التقليدية لها رونقها، والأردنيون بدأوا يعودون

وبعد الانتهاء من التقاط الصور بهواتفهن، قررت السيدات الإيرانيات تجربة شيء مختلف.

فاتفقن مع مصور موجود في المكان ليلتقط لهن صورة فورية.

لم يتردد الرجل الستيني المنحدر من منطقة مصياف في تجهيز كاميرته العتيقة، والتقط صورة لهن كلفتهن 1500 ليرة (أقل من 5 دولارات) ، وحصلن عليها مباشرة دون حاجة لانتظار ساعات التحميض الطويلة.

محمد علي، المصور الشهير في تلك المنطقة والذي يحترف هذه المهنة منذ عام  1983 وكان يمارسها بداية في ساحة المرجة، ثم انتقل لمكانه الجديد هذا.

يخبرنا محمد بأن التصوير التقليدي خاصة الفوري لم ينقرض رغم ظهور وسائل التصوير الجديدة.

فالناس يرغبون في شيء يُذكرهم بالماضي ويوثق لهم الذكرى، خاصة أن غالبية صور أجهزة الهاتف أو الكاميرات الإلكترونية لا تُطبع وتُحذف مع الأيام.

وعن زبائنه، قال إنهم في الغالب من السياح، وخلال فترة الحرب كانوا إما لبنانيين أو إيرانيين أو عراقيين، ولكن اليوم بدأ الأردنيون يعودن وبعضهم حصل على صور من كاميرته.

التقاط صورة في الجامع كلفتها 1500 ليرة أقل من 5 دولارات / خاص
التقاط صورة في الجامع كلفتها 1500 ليرة أقل من 5 دولارات / خاص

"خبيني".. اسم غريب لمقهى سببه العسكر العثماني

تابعنا جولتنا بمحاذاة جدار المسجد الأموي، حيث تنتشر المحلات المتخصصة ببيع التحف الشرقية والمنتجات الدمشقية، بالإضافة لمحلات صياغ الفضة التي تشتهر بشدة في تلك البقعة.

ومن السوق مررنا بالقرب من مقهى قديم يُعرف باسم مقهى "خبيني".

وتقول الحكاية الشعبية إن التسمية الغريبة تعود إلى العهد العثماني، وتحديداً مع حملاتهم للبحث عن الشباب لاقتيادهم إلى الخدمة العسكرية "حرب السفر برلك"الحرب العالمية الأولى .

وبمجرد رؤية  الشاويش، وهو يعتمر قبعة طويلة من اللباد، كان الناس يصرخون: "عباية.. عباية"، ليتمكن الشبان من الهرب، وكان المقهى هو ملاذهم الوحيد.

وكانوا يتوجهون إلى مَنْ في المقهى ويقولون: "خبيني".

وإذا كنت من رواد مقهى النوفرة الشهير.. فلا تقلق فما زال يحافظ على تقاليده

وليس بعيداً عن هذا المقهى يقع مقهى النوفرة الأشهر، الذي لم يفقد زواره طيلة سنوات الحرب واليوم تمتلئ كافة كراسيه بالزوار وتعلو غيمة من دخان السجائر والأراجيل فوق المكان، وتزداد كثافتها في ليالي الحكواتي وهي عادة حافظ عليها أصحاب النوفرة.

بعد شرب كأس ساخن من الشاي في مقهى النوفرة، تابعنا المسير باتجاه ساحة باب توما، من خلال أحياء ضيقة وأزقة تتفاوت في العمق، وعلى امتداد الجدران يمكن رؤية اللوحات التي تتحدث عن مطعم معين أو فندق ما.

وجميعها كانت في الأصل بيوت يرجع تاريخ لعدة قرون، ولكن تمكنت حتى اليوم من المحافظة على شكلها ومواصفاتها.

وإذا زرت البيوت الدمشقية ستكشف كيف تتجنب عمارتها العبقرية استفزاز الفقراء

جدران صماء تطالعك ما إن تصل للبيوت الدمشقية العتيقة، وهذا أمر مقصود من بناة هذه البيوت التي تشتهر بها دمشق القديمة.

يخبرنا مروان مراد الباحث في التاريخ بأنه عند الدخول إلى الحارة الدمشقية تطالعك الجدران الصماء للبيوت المختلفة المستويات.

وتعبر هذه العمارة عن الفهم العميق للنفس البشرية، حتى لا يشعر الجيران والمارة بالتفاوت المادي بينهم.

الصحن يُعد من أهم أجزاء البيت وهو يعطي إحساساً بالانتقال المفاجئ من إطار البساطة إلى عالم غني بكل مظاهر الجمال / Istock
الصحن يُعد من أهم أجزاء البيت وهو يعطي إحساساً بالانتقال المفاجئ من إطار البساطة إلى عالم غني بكل مظاهر الجمال / Istock

ويتابع قائلاً: "على هذا الأساس جاء البيت الدمشقي مغلقاً ومعزولاً عن البيئة الخارجية ومنفتحاً على باحته الداخلية".

ويشرح مراد تفاصيل البيت الدمشقي الذي يتكون من صحن للدار يتلو الدهليز. هذا الصحن يُعد من أهم أجزاء البيت وهو يعطي إحساساً بالانتقال المفاجئ من إطار البساطة إلى عالم غني بكل مظاهر الجمال.

وفي وسط الصحن توجد بركة ماء مستطيلة أو مربعة أو مضلعة ينبثق من وسطها نافورة يتساقط منها الماء.

كما أنها تراعي طبيعة الطقس

ويؤمن الصحن فراغاً منفتحاً ومحمياً في آن واحد، فهو منفتح على السماء والضوء والنسيم، ومحميّ من أشعة الشمس المباشرة ونظرات الفضوليين.

ويتابع مراد قائلاً: "إن أول ما يلفت النظر في الواجهة الجنوبية للصحن، قوس واسعة حجرية ذات تيجان أنيقة مفتوحاً نحو الشمال دائماً، على فراغ يسمى الإيوان".

ويوضح أن تأسيسه بالجهة الجنوبية له أسباب مناخية، لذلك هو ظليل ومتنفس أهل البيت في الصيف، ويُزخرف عادة سقف الإيوان بالعجمي، وقد يصل ارتفاعه إلى 9 أمتار، أما الأرضية الواقعة أمام الإيوان فهي تتميز باستخدام الرخام الملون والمرسوم عليه أشكال هندسية.

يقابل الإيوان عبر الباحة السماوية، القاعة الرئيسية، وهي مُعدة لاستقبال الضيوف والمعيشة، وتكون عادة نوعين صيفية وشتوية، ومن التفاصيل المميزة في البيت الدمشقي عناصر المطبخ مثل الكانون وهو مكان طهي الطعام ويكون مصنوعاً من القرميد، بيت المؤن، ومصدر مائي.

ويختم مراد موضحاً أن قلة الحمامات في البيوت تعود لتوافر حمامات السوق، التي كانت منتشرة بكثرة في مختلف أحياء دمشق.

ولكن في باب توما تبدأ آثار الحرب في الظهور

داخل هذه الأزقة من الطبيعي أن تتوه بكل بساطة فهي جميعها متشابهة ولا يعرفها خبايها بشكل دقيق إلا سكانها.

أما الدخول بالسيارة إليها فهو أمر عسير جداً وقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لاجتياز مسافة صغيرة، لذلك عادة يتجول الناس سيراً على الأقدام.

بعد تجاوز الحمام البكري، يمكن الوصول أخيراً إلى ساحة باب توما، التي لم تسلم من آثار الحرب، وبدت في هذه الأيام أكثر شحوباً وتعباً من كل القرون التي مرَّت بها، ورغم أنها لم تغلق أبوابها أمام أحد من الزوار أو من السيارات، لكن ملامحها تغيَّرت، ووضع في محيطها حواجز إسمنتية ومعدنية.

وأصله روماني.. وعنده نزل عمرو بن العاص يوم الفتح

ويحتل باب توما الجهة الشمالية الشرقية من سور المدينة، وهو بالأصل باب روماني نسب إلى أحد عظمائهم الرومان يُدعى توما.

وكانت باسمه كنيسة حولت إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي، وترفع على الباب مئذنة كما توجد عنده باشورة (سوق صغير) ذات حوانيت يمكن إغلاقها ليتمكن أهلها من البقاء فيها عند حدوث الغارات أو الحصار.

ويضيف مراد: "أعيد بناء الباب بشكل تام زمن الملك الناصر داوود عام 1228 وأزيل المسجد الذي كان متواجداً خلال الاحتلال الفرنسي".

ويُنسب باب توما كما أورد ابن عساكر إلى كوكب الزهرة، ويقال إن عمرو بن العاص نزل به يوم الفتح الإسلامي.

وباب شرقي تم إنقاذه من جريمة ارتكبها أحد حراسه

الانتقال من باب توما إلى باب شرقي يحتاج للسير ضمن شوارع حديثة نوعاً ما خارج أسوار المدينة القديمة، كما يمكن الوصول إليه عبر الأزقة القديمة.

وفي رحلتنا اخترنا السير خارج الأحياء كي ندخل من مدخل باب شرقي الخارجي الذي مازال يحتفظ بجماله.

وقبل فترة قصيرة أصبح هذا الباب حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بعدما أقدم أحد الحراس الموجودين في المكان على إغلاق جزء منه وحوّله إلى غرفة بقصد الحصول على التدفئة في الشتاء.

ولكن نشر صور لما قام به، أثار ردود فعل غاضبة داخل دمشق وخارجها الأمر الذي استدعى تدارك الغلط بسرعة، وأُعيد فتحه ثانية.

ويقع باب شرقي على الجهة الشرقية من سور المدينة، وينتهي عند الشارع المستقيم الواصل بينه وبين باب الجابية.

بُني هذا الباب في العهد الروماني أوائل القرن الميلادي، وجُدد في عهد نور الدين الزنكي، سنة 1163.

كما تم تجديد المئذنة في عهد السلطان العثماني مراد الثالث سنة 1582، بحسب ما أوضح الباحث مروان مراد.

ويتألف الباب من 3 فتحات أكبرها هي الوسطى، وسدت هذه الفتحة بالإضافة للفتحة الجنوبية في القرون الوسطى، ولم تبق إلا الفتحة الشمالية.

ومنه دخل خالد بن الوليد إلى دمشق.. وسكانه يشكون من البارات

ومن أهم الأحداث التي وقعت عند هذا الباب دخول خالد بن الوليد منه إلى دمشق.

باب شرقي الذي كان قبيل الحرب قبلة للأجانب ممن قرروا السكن في دمشق بقصد العمل أو تعلم اللغة العربية، فقد اليوم هؤلاء الغرباء.

لكن من حُسن الحظ لم يفقد كامل هويته فكثير من الفعاليات الثقافية الخجولة مازالت تُعقد هناك ضمن مقاهيه وباراته، وفي الوقت ذاته بات يشتكي السكان من الاعتداء على عراقة حيهم مع كثرة انتشار البارات والحفلات في المكان، وكثرة الغرباء خاصة في ليالي الخميس والجمعة.

تقع الكنيسة القديمة تحت الأرض ينزل إليها بدرج يفضي إلى بناء يشكل تحفة تاريخية / Istock
تقع الكنيسة القديمة تحت الأرض ينزل إليها بدرج يفضي إلى بناء يشكل تحفة تاريخية / Istock

وعليك زيارة كنيسة حنانيا

غير بعيد عن مدخل الباب يمكنك زيارة كنيسة حنانيا.

ولهذا المكان أهمية في تاريخ الديانة المسيحية تثبت الدور الذي لعبته دمشق في التاريخ المسيحي.

وتقع الكنيسة القديمة تحت الأرض ينزل إليها بدرج يفضي إلى بناء يشكل تحفة تاريخية تعود إلى أكثر من 2000 عام.

وحي اليهود يتحوّل إلى حي الفنانين

بعد المرور عبر أزقة متعرجة يمكن تجاوز الحي المسيحي هذا والوصول إلى حي اليهود.

وبعد أن هاجر عدد كبير من سكان هذا الحي العتيق وأقفلت أبواب بيوته، بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بدأ بريق نور يعود للمكان مع عام 2003.

وكان السبب هو اختيار الفنان مصطفى علي أحد هذه البيوت الكبيرة وتحويله لغاليري أصبح خلال فترة قصيرة من أشهر معالم الحي.

ولم يكتفِ علي بتخصيص البيت ليكون مكاناً خاصاً به يصنع فيه أعماله الفنية، بل فتح أبوابه أمام الجميع وأقام المعارض الفنية والحفلات التي تردد صداها في المكان.

حتى إنهم اشتروا بيوتاً وحولوها لمراسم إلى أن جاءت الحرب

ومع الأيام تحول الحيّ البائس لمكان يعج بالحياة والفن وحمل لقب حي الفنانين بكل جدارة بعدما انضم عدد من الفنانين لتجربة مصطفى علي واشتروا منازل عربية حولوها لمراسم لهم، وربما من أبرز هؤلاء فادي اليازجي، إدوارد شهدة، غسان نعنع، عبدالله مراد ونذير إسماعيل.

ولكن هذا البيت والذي اشتهر لسنوات بأنه قبلة المثقفين ومحج للأجانب الذين زاروا دمشق، يثير الأسف  لما آلت إليه المدينة والحياة الثقافية في دمشق.

فقد خسر البيت الكثير من الضيوف خلال الحرب، وإن كان اليوم بدأت باستعادة شيء من ألق الأيام الماضية.

حينما تصبح الحرب إلهاما للفن

في جولة داخل المنزل العريق اطلعنا على أحد الغرف، حيث تنتشر المنحوتات وطاولة كبيرة.

فقد شهد البيت مؤخراً ورشة عمل للمخرج محمد ملص لتعليم أساسيات الإخراج بمشاركة أعداد من الشباب.

وفي إحدى زوايا هذه الغرفة وقف تمثال معدني لوحش وهو أحد أعماله المستوحاة من الحرب.

وليس بعيداً عنه تتمدد دمية محطمة الأرجل ضمن ما يشبه السرير، هي بدورها جزء من مشروع يعمل عليه الفنان السوري.

في مكتبه الخاص تصدرت الغرفة طاولة كبيرة ممتلئة ببقاية الحرب والبيوت المهجورة.

ويمكن للزائر رؤية كل ما يخطر بباله.

فهنا فرشاة لحلاقة الذقن وضعها بطريقة فنية على قاعدة وحولها لعمل فني، كما انتشرت عدة زجاجات عطر هي بدورها تحولت لأعمال فنية.

وعلى المائدة ذاتها وضع الفنان عدة رؤوس دمى محروقة على قاعدة، وأخبرنا بأنها جزء من المشروع الفني الذي بدأ العمل عليه، والذي نتج عنه برج ضخم نفذه في قلعة دمشق وسيُوضع قريباً في أحد شوارع العاصمة الرئيسية.

يشرح مصطفى علي لنا أن هذه الأدوات المتنوعة جمعها من داريا بعد دخول الجيش السوري إليها، وحصل على أشياء كثيرة من المكان المهجور، من غسالات محطمة ومولدات مدمرة بالإضافة لدمى الأطفال.  

حول مصطفى علي مخلفات الحرب إلى أعمال فنية / خاص
حول مصطفى علي مخلفات الحرب إلى أعمال فنية / خاص

ونكهة فلسطينية في حي الأمين الشيعي

من غاليري مصطفى علي انتهت رحلتنا باتجاه شارع الأمين، وبعد خطوات قليلة ستجد نفسك خارج المدينة القديمة دون اجتياز أي من أبوابها السبعة القديمة.

سيغرق الزائر في زحمة حي الأمين الشيعي وضجيج الباعة، وبالإضافة لأسماء المحلات المنتشرة هناك التي تحمل كنيات عائلات شهيرة مثل نظام وصندوق.

ويمكن رؤية طابع فلسطيني يظهر في المكان، مع وجود مركز ضخم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يقدم خدمات عديدة للاجئين الفلسطينيين منها توزيع المعونات.

ولهذا السبب سيكون طبيعياً رؤية سيدات يحملن أكياساً فيها مواد غذائية وأدوات تنظيف، كما سيكون بديهياً رؤية بسطات تفترش المكان تبيع منتجات مطابقة للمعونات التي يتم توزيعها.

رغم الحرب لم تمت دمشق، تدهورت أوضاعها، وعانى سكانها، ولكن بقيت دمشق موطناً فريداً للتراث الذي تراكم بشوارعها عبر آلاف السنوات، ومازالت تنتظر نهاية الحرب لتلتقط أنفاسها وليعود محبوها من كل العالم إلى هذا التراث.

علامات:
تحميل المزيد