الزبائن يعرفون خطورة الأطعمة السريعة ويشتهون «البيتي».. رواج الطعام المنزلي في مصر عبر الشبكات الاجتماعية

تخلَّت نهال زقزوق عن مهنة الصحافة بعد سنوات من العمل، من أجل أن تحقق حلمها وشغفها في العمل في قطاع تجهيز وبيع الطعام بشكل احترافي، لتنضم إلى أخريات

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/10 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/10 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
A female traveler sits at a seaside restaurant for a mealin Dahab, Egypt. Among the items on the table: fish, rice, vegetables, soup, bread, and tahina.More of my images from Egypt:

تخلَّت نهال زقزوق عن مهنة الصحافة بعد سنوات من العمل، من أجل أن تحقق حلمها وشغفها في العمل في قطاع تجهيز وبيع الطعام بشكل احترافي، لتنضم إلى أخريات لجأن إلى مشروعات توفير الأكل البيتي (المنزلي) بعد رواجه بشكل كبير في القاهرة وبعض المدن الكبرى في مصر، بفضل شبكات التواصل الاجتماعي.

لم تستطع نهال (30 عاماً) أن توفق بين مواعيد العمل ومسؤولياتها الزوجية بعد زواجها قبل 18 شهراً، لتقرر البحث عن مشروع تستطيع من خلاله العمل من المنزل، "ولم يكن هناك أفضل من الطبخ الذي أعشقه"، على حد قولها.

البداية: مساعدة من الأهل والأصدقاء

ساعد أهل وأصدقاء نهال، المدركون جيداً لمذاق طعامها الطيب، في تطوير فكرة إعداد الأكل البيتي وبيعه من المنزل، وبعد أن استفسرت جيداً عن المشروع عرفت أنه يلقى رواجاً من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، خصوصاً فيسبوك.

بدأت الطاهية الشابة والصحافية سابقاً، في إعداد مجموعة مغلقة (جروب) على فيسبوك ضمت إليه الأهل والأصدقاء والمعارف، وطلبت منهم إضافة معارفهم المهتمين بالمشروع.

كما أعدت عدتها بشراء مجموعة من الأدوات لتساعدها في إنتاج وإخراج الطعام بشكل احترافي، مثل التعبئة والتغليف، حتى لا يتأثر الطعام سلباً عند نقله، بالإضافة إلى أدوات لعرض الطعام بشكل جيد من أجل تصويره وعرضه على الصفحة بشكل جذاب.

صفحة خاصة بالمشروع للتواصل

تتواصل زقزوق مع عملائها عبر الصفحة الخاصة بالمشروع على فيسبوك، وأيضاً من خلال أرقام التليفونات، فيطلب العميل طلبه قبل إعداده بوقت مناسب من خلال قائمة الطعام المعروضة على صفحتها، ثم توصل إليهم الطعام عبر مندوبي شحن إلى أي منطقة داخل القاهرة.

تحدد زقزوق الأسعار حسب عدد الأفراد وطلبات العميل. لا توجد قائمة طعام يومية، ولكن توجد قائمة ثابتة.

أما الأسعار فكانت على حسب وزن الأكل.

كانت البداية، ككل بداية، صعبة وبطيئة، لكنها لاقت لاحقاً تفاعلاً جيداً.

الحمام المحشي إحدى الأكلات المنزلية المفضلة للمصريين / عربي بوست
الحمام المحشي إحدى الأكلات المنزلية المفضلة للمصريين / عربي بوست

الربح لم يأتِ سريعاً

لم يكن مشروع الأكل البيتي مربحاً في بدايته بالنسبة إلى نهال، إذ تقول: "أي مشروع في بدايته طبعاً غير مربح، خصوصاً أنني أعمل بمفردي كي أضمن نظافة وجودة الأكل، ولكن مع الوقت استطعت تنظيم وقتي والتحكم في عدد الطلبات في اليوم حتى يصبح الأكل كله جيداً".

وأضافت الفتاة: "طبعاً مع زيادة الطلبات نحتاج إلى شراء أجهزة كهربائية أو أدوات تُسهل العمل أكثر، وتوفر أيضاً الوقت والمجهود".

تحلم الآن نهال بتطوير مشروعها وتحويله إلى مطعم كبير متخصص في الأكل البيتي، "النية موجودة من قبل المشروع ده، وأنا أعتبره بداية صغيرة وإن شاء الله أقدر مع الوقت أحوله لمطعم للأكلات البيتي".

الزبائن متوافرون

على الجانب الآخر في معادلة الأكل البيتي، تعتمد سارة محمد على الأكل البيتي الجاهز الذي توفره مجموعة صفحات متخصصة على فيسبوك، نظراً لانشغالها في العمل لساعات طويلة.

تعمل الشابة المصرفية (35 عاماً) في أحد البنوك الخاصة في مصر، وتسكن مع شقيقيها ووالدتها المسنة، ولا تجد وقتاً لتحضير الطعام، وتعبت هي وأسرتها من الأطعمة الجاهزة، فلجأت إلى الطعام المنزلي.

تقول سارة: "أطلب مع بداية الأسبوع 3 وجبات كبرى تكفي لخمسة أيام تتكلف ما بين 600 جنيه (33 دولاراً) إلى 800 جنيه (44 دولاراً)، وأتسلمها يوم السبت، لتكون جاهزة للتقديم مع غذاء يوم الأحد".

تقول: "هذه المشروعات ساعدتنا كثيراً في الابتعاد عن شراء الطعام الجاهز السريع الذي لم يعجب والدتي، وأيضاً كان مكلفاً جداً".

بحثت سارة جيداً وسألت عن أكثر من صفحة تقدم الأكلات البيتي، وقرأت وراجعت تقييمات العملاء وآراءهم، إلى أن استقرت على إحداها بالقرب من منزلها بمنطقة مصر الجديدة شرق القاهرة.

أصبحت سارة الآن زبونة دائمة وتحصل على تخفيضات كبرى وهدايا مع سلاطات أو حلويات مع كل طلب أسبوعي.

اشتاق إلى طعام والدته

أما الموظف في قسم التسويق أحمد مصطفى (37 عاماً) فقد وجد ضالته في مشروع أكل بيتي قريب منه، بعد أن ترك أكل والدته الشهي في مدينته الساحلية بورسعيد.

وقال مصطفى الشاب الأسمر الطويل: "أكلهم مميز جداً وشهي ويعوضني عن طعام الوالدة".

ويطلب مصطفى باستمرار خضار ومشاوي، قال إنها "تلبي الغرض وسعرها منحفض مقارنة بالوجبات السريعة".

وتصف أماني تجربتها مع الأكل البيتي بـ"الرائعة"، وأنها كانت سبباً في أن يجرّب أكثر من زميل لها في العمل هذا المشروع.

كثير من العاملين غير المرتبطين يشتاق إلى الأكل البيت / عربي بوست
كثير من العاملين غير المرتبطين يشتاق إلى الأكل البيت / عربي بوست

أماني بهجت (26 عاماً)، تعمل خبيرة في إحدى الهيئات الدولية في مصر، تقول إنها "طلبت وجبة من Mummm وهو موقع إلكتروني وتطبيق على الهواتف الذكية لبيع وجبات الأكل المنزلي مكونة من مكرونة وفراخ بانية للموظفين في الشغل".

وتوضح: "طلبت الوجبة عبر الموقع أون لاين، وبعدها بقليل تلقيت اتصالاً هاتفياً، وقال إنه تابع للموقع لتأكيد البيانات التي سجلتها، وأكد أن الطلب يأخذ من 60 إلى 90 دقيقة، ووصل فعلاً بعد 90 دقيقة".

أضافت بهجت أن "الوجبة كانت جيدة جداً وسعرها معقول، كان 35 جنيهاً للوجبة (دولارين) للوجبة و10 جنيهات (حوالي 60 سنتاً) للتوصيل".

طعامهم غير طيب

على عكس سارة، لم تكن تجربة هشام السبع جيدة مع طلب الأكل البيتي، لدرجة وصلت إلى أنه قرر مقاطعه تلك الفكرة من الأساس.

يقول المترجم البالغ 25 عاماً، إنه "شاهد إعلاناً بالصدفة على موقع فيسبوك على إحدى صفحات الأكل البيتي، وطلب طعاماً اشتمل على محشي ورق عنب وفراخ بانيه ومكرونة بشاميل".

يضيف هشام بغضب: "الطلب تأخر كثيراً حوالي ساعتين، رغم أن موقع المشروع قريب من مكاني بحسب ما كان مكتوباً على صفحتهم، والأهم من ذلك أن الطعام جاء بارداً ومقلوباً".

ويوضح المترجم الشاب: "ورق العنب لم يكن ملفوفاً بشكل جيد والأرز سقط منه والمكرونة كانت باردة.. البانيه كان لطيفاً إلى حد ما".

تواصل هشام مع الصفحة وأبدى غضبه من الطعام، "قالوا لن يتكرر مرة أخرى، وسنعوضك عند الطلب الثاني، لكن طبعاً لم أطلب منهم مرة ثانية".

رواد خارج القاهرة أيضاً

لا يقتصر الأكل البيتي على العاصمة وضواحيها فقط، بل امتد ليشمل الأقاليم والمدن الكبرى. فعلى بعد 40 كيلومتراً شمال القاهرة في مدينة بنها بدلتا النيل، بدأت منى حسن الترويج لمنتجاتها من الأطعمة والحلويات المختلفة على صفحتها الشخصية على موقع فيسبوك.

بدأت منى حسن، البالغة 28 عاماً، التجربة في طبخ الأطعمة مع أفراد أسرتها الصغيرة، ومع حصولها على إشادات وإعجابهم تطور الأمر ليشمل عزومات العائلة الكبيرة والأصدقاء، إلى أن وصلت الاقتراحات بتحويل موهبتها إلى نشاط تجاري.

تقول خريجة كلية الآداب قسم على الاجتماع، إنها لم تجد فرصة عمل مناسبة بعد التخرج، وكانت تشغل أوقاتها بالطبخ، تارة تصنع أكلة مميزة وتارة أخرى تفشل إلى وصلت إلى "الاحترافية"، بحسب ما قاله إخوتها وأصدقاؤها.

تعمل منى في مطبخ منزلها، لم تشترِ سوى بضع قطع مطبخية لتساعدها في إنتاج الأطعمة بحجم أكبر وبوقت أسرع.

زيادة الوعي تجاه محاطر الأطعمة السريعة ساهم في الإقبال على الأكل البيتي/ istock
زيادة الوعي تجاه محاطر الأطعمة السريعة ساهم في الإقبال على الأكل البيتي/ istock

من الأهل والأصدقاء إلى حفلات الزفاف

توضح: "في البداية كنت أعتمد على الأهل والأصدقاء، إلى أن رشحني أحدهم لتجهيز أطعمة حفل زفاف منزلي، وهناك أعجب الحضور بطعامي وطلبوا رقمي، ليطلبوا الوجبات".

تقول منى: "بعد أن عدت من حفل الزفاف أسست صفحة على موقع فيسبوك، ووضعت عليها صوراً لمأكولاتي مرفق بها السعر والحجم، ورقم تليفون للحجز قبل الطلب بـ24 ساعة للتجهيز، والاستلام من البيت عندي".

"أستهدف الزوجات العاملات اللاتي لا يجدن وقتاً لتحضير طعاماً منزلياً، بالإضافة إلى الزوجات حديثي الزواج اللاتي لم تتعلم بعد فنون الطهي"، بحسب ما توضح منى.

تقول حسن إن المشروع في البداية لم يكن مربحاً بما فيه الكفاية لـ"قلة خبرتي في شراء الطعام الخام، بالإضافة إلى الهدر الكثير"، أما الآن مع اكتساب المهارة والخبرة أصبح مربحاً.

بعد عام ونصف العام من بدء حسن لمشروعها تكسب ما بين 3000 إلى 4000 جنيه (حوالي 165 إلى 220 دولاراً) شهرياً وبعدد ساعات عمل لا يزيد على 4 ساعات في اليوم.

مخاطر الأكل السريع

أوضحت أستاذة الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة ومستشارة مستشارة جهاز التعبئة والإحصاء (حكومي)، أن أسباب رواج الأكل البيتي في مصر ترجع إلى زيادة وعي كثير من المواطنين بمخاطر الأكل السريع (Fast Food).

وتقول الليثي إن "الغلاء أيضاً من أسباب رواج الأكل البيتي، ما دفع كثيراً من المواطنين إلى اللجوء إلى الأكل البيتي، وأيضاً حاجة بعض السيدات إلى استثمار مهارتهن ووقتهن لزيادة الدخل".

وتضيف أن "أكثر الفئات المستفيدة من الأكل البيتي هن السيدات سواء العاملات أو ربات المنازل اللاتي بدأن في الدخول إلى تلك المشروعات".

لكن أستاذة الاقتصاد تعيب على مشروعات الأكل البيتي "عدم وجود رقابة صحية على الطعام أو من سلامة الغذاء".

علامات:
تحميل المزيد