كبصمة الإصبع..كيف يسهم علم الطب الشرعي في إعادة اكتشاف سلالات التفاح المفقودة

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/26 الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/26 الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش
سلالات التفاح المفقودة

كان محصول التفاح هذا العام هو الأكبر على الإطلاق في أوروبا، لكن التفاح الموجود على أرفف المحال التجارية ليس وحده الذي يعزز هذا المؤشر.

 فهناك واقعياً 7500 نوع تفاح صالح للأكل يُزرع في مختلف أنحاء العالم، ويبذل المزارعون والعلماء جهوداً كبيرة للحفاظ على هذه السلالات وضمان زراعتها وفق موقع  The Conversation

حتى أن علم الطب الشرعي تمكن في استعادة بعض سلالات التفاح المفقودة بعدما اختفت الشجرات التي تنتجها

سمع البعض عن قصة تفاح غراني سميث (Granny Smith)، الذي يُقال إنَّه يمكن تتبع أصل كل حبة تفاح منه وصولاً إلى نبتة واحدة وُجِدت مزروعة في أستراليا عام 1868.

ومع أنَّ كل النباتات لا تحظى بشهرةٍِ مماثلة لتلك التي يتمتع بها هذا النوع من التفاح الأخضر النضر، هناك العديد من السلالات التي تُميِّز مكاناً بعينه، ونادراً ما تجدها في مكانٍ آخر.

3600 نوع تفاح في بريطانيا

تملك المملكة المتحدة وحدها أكثر من 3600 نوع تفاح مسجل في قائمة الفواكه القومية البريطانية. ورغم الاعتقاد بأنَّه كان هناك 200 نوع تفاح يُزرع في ويلز سابقاً، لا يوجد حالياً سوى 50 نوعاً فقط في المزارع.

لم ينخفض عدد أنواع التفاح عن هذا الحد بفضل المساعي لأشخاصٍ مثل إيان ستوروك، وهو صاحب مشتل بدأ في نشر تفاح أفال إنلي (Afal Enlli) المعروف أيضاً بتفاح جزيرة باردسي (Bardsey Apple Introduction) وهي سلالة باتت مشهورة على مستوى العالم الآن، عن طريق عملية الإكثار إلى جانب غيرها من أشجار التفاح التراثية النادرة في ويلز، بعد إعادة اكتشاف النوع عام 1998.

وتأتي جميع أشجار تفاح أفال إنلي المُباعة حالياً من شجرةٍ واحدة ربما زرعها أجيالٌ من الرهبان الذين كانوا يعيشون على جزيرة باردسي الويلزية الواقعة على أطراف شبه جزيرة لين قبل حوالي ألف عام.

أحياناً يكون من السهل على الخبراء تحديد ما إذا كان أحد أنواع التفاح موجوداً بالفعل أم أنَّه نوعٌ جديد لم يُرَ له مثيل من قبل في حال كان شكله مميزاً للغاية. لكن لا يمكن الاعتماد على هذه الطريقة دائماً. لذا، لجأ الباحثون في العصر الحديث إلى تقنية البصمة الوراثية أو بصمة الحمض النووي (DNA) الشبيهة بتلك التي يستخدمها علماء الطب الشرعي.

كل شيء يكمن في الحمض النووي

أصبح التصنيف بالحمض النووي أداةً مهمة لتمييز الأنواع الجينية المختلفة للتفاح وصياغة استراتيجيات للتصنيف، يتم ذلك عن طريق تحديد أقسام صغيرة في الحمض النووي للتفاح تسمى التكرارات المترادفة البسيطة.

ولا تسجل هذه الأقسام من الحمض معلومات عن الجينات، بل تخلق لكل نوع ما يشبه البصمة الوراثية.

تُقارَن هذه البصمات لاحقاً بقاعدة البصمات الوراثية الخاصة بقائمة الفواكه القومية البريطانية. وقد تتطابق هذه البصمة مع نوعٍ موجود في قاعدة البيانات أو لا تتطابق مع أي نوع، فنتأكد حينها أنَّ هذه السلالة لم تُصنَّف من قبل وربما تُمثِّل اكتشافاً جديداً أو نوعاً قديماً يُعاد اكتشافه.

لكل تفاحة بصمة وراثية

استخلص فريق جاين الحمض النووي من مئات أوراق شجر التفاح المُجمَّعة من البساتين القديمة في أنحاء ويلز، وأنشأ بصمةً وراثية لكل شجرة وقارنها بقاعدة بيانات قائمة الفواكه القومية البريطانية.

ومع أنَّ العمل الذي قام به الفريق مكنهم فعلاً من الوصول إلى قاعدة بيانات لقائمة الفواكه القومية، والتي تحتوي على نسخ مماثلة من أنواع تفاح تراثية ويلزية كانت معروفة في السابق، إلا أن النتائج إجمالاً كانت رائعةً وتم اكتشاف العديد من الأشجار الفريدة.

السبب وراء أهمية مشروع جين أنه يُوثِّق المشروع التاريخ والروايات الشفهية المُستقاة من المزارعين وعامة الناس، وذلك كي يشاركوا معرفتهم التفصيلية بالأشجار واستخداماتها.

حكايات عن التفاح يتم توثيقها..

يحدث ذلك عن طريق استخدام سجلات التاريخ الشفهي والاستقصاء أكثر في خصائص هذه الأشجار، ويمكن تحديد ما إذا كان نوع التفاح المُكتَشَف حديثاً أو الذي أُعيد اكتشافه يُمثِّل جوهرةً حقيقية تستحق الحفاظ عليها أم لا.

تعتزم جامعة أبيريستويث الويلزية تنفيذ مشروعات لمد وتوسيع عمل فريق جاين إذ تحصل على عينات من أشجار موجودة في البساتين القديمة الموجودة على أرض الجامعة يعود عمرها إلى ما لا يقل عن 60 عاماً.

وجدت قاعدة البيانات الخاصة بالجامعة أنَّ الأشجار الخاضعة للدراسة، بشكلٍ عام، هي أنواع موجودة بالفعل وكانت مشهورة وقت زراعتها، وأنَّه جرى الحصول عليها في الأغلب من قوائم المشاتل الإنكليزية، وتضم أنواع تفاح مثل Bramley's Seedling، وCox's Orange Pippin، وBlenheim Orange. والنوعان الاستثنائيان بعض الشيء هما Allington Pippin وLady Sudeley.

على الأرجح زُرِعت هذه الأنواع لأنَّها كانت ببساطة رائجة آنذاك، وليس بالضرورة لأنَّها كانت تناسب الظروف المناخية المحلية.

لكن ثَبُتَ أنَّ هناك نوعين من الأشجار فريدان، ويجري تقييم خصائصهما حالياً. ولا يُعرف فعلاً ما إذا كان وجود هذه السلالات يعود إلى قدراتها الخاصة على التكيُّف مع المناخ المحلي والبيئة، أم أنَّه كان وليد الصدفة، لكنَّها بالتأكيد تساهم في توسيع قائمة التنوع الجيني لمواردنا العالمية.

 ويُعَد الحفاظ على التنوع الجيني للمحاصيل الزراعية أمراً مهماً، ليس فقط للاستمتاع بطعمها، بل أيضاً لهدفٍ أكثر إلحاحاً وهو توفير مصدر غذاء مستدام اقتصادياً ويمكن الاعتماد عليه في مواجهة التغيُّر المناخي.

علامات:
تحميل المزيد