خبراء تسويق يكشفون السر.. زارا لديها متاجر سرية تجريبية لدراسة كيفية جعل المشتري ينفق أكبر قدر ممكن من المال

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/23 الساعة 15:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/23 الساعة 15:16 بتوقيت غرينتش

لا يهم إذا كنت تتسوق في نيويورك، أو هونغ كونغ، أو بوغوتا، ففي كل متجر من متاجر"ZARA" تسير فيه تجد نفس التصميم الأنيق والتخطيط المتطابق تقريباً.

هذا لا يحدث عن طريق الصدفة. في الواقع، هناك فريق متفرغ من المهندسين المعماريين وخبراء التسويق المرئي في المقر الرئيسي لزارا، يتمثل عمله الوحيد في تصميم ورعاية كل جانب من جوانب المتجر.

 بدءاً من الديكور الأنيق واللون الخفيف إلى الموسيقى التي يتم تشغيلها وتحديد مواقع عرض الملابس بدقة.

يمتلك هذان الفريقان لوحة ثلاثية الأبعاد يمكن من خلالها اختبار رؤيتها على شكل عدة متاجر زارا وهمية بجميع فئاتها: ملابس نسائية، ملابس رجالية، ومستلزمات المنزل.

متاجر بعيدة عن الجمهور

وتختبئ هذه "المتاجر التجريبية" المزعومة في أعماق مقر زارا مترامي الأطراف في شمالي إسبانيا، وهي بعيدة تماماً عن الجمهور.

تعرض المتاجر مجموعات لم يتم مشاهدتها علناً من قبل، وبالتالي فهي تحتوي على بعض الأسرار التي تسمح لزارا بمواكبة سباق الموضة السريع.

فرق العمل هناك تعمل جاهدة على إعداد أحدث صيحات الموضة، وتبدو المتاجر من الخارج متشابهة تماماً مع متجر زارا، الذي قد تجده في مركز تجاري. لكن لا تنخدع، هذه الأماكن سرية.

تتشابه المواد المعروضة داخل متجر سري كثيراً مع تلك التي توجد في المتاجر المتاحة للجمهور، الفرق الوحيد أن هذه الملابس لن تشق طريقها إلى المتاجر الفعلية إلا بعد أسبوعين.

يدرسون هناك كيف يعرضون منتجاتهم

يتلقى الفريق في المعرض التجريبي قطعاً جديدة من الملابس مرتين في الأسبوع، ثم يقرر كيفية عرضها بدقة. ويشمل هذا تحديد القطع التي يجب أن تعرض معاً، ومكان وضعها في المتجر لتحقيق أفضل استفادة من الزبائن.

وتستخدم العارضات لعرض الملابس التي تبدو متلائمة معاً، لإلهام الزبائن وتشجيعهم على شراء مجموعة ملابس كاملة.

يعد تصميم وتنسيق المتاجر أمراً هاماً في الأعمال التجارية، ليس فقط لأنه يخلق تجربة تسوق جذابة، ولكن أيضاً لأن هذا هو الممر التسويقي الرئيسي لمتاجر التجزئة.

مخازن أنيقة ونظيفة

تشتهر زارا بكونها واحدة من عدد قليل من تجار التجزئة الذين لا يقومون بحملات إعلانية تقليدية. لذلك، تعمل متاجرها وموقعها الإلكتروني كوجه للعلامة التجارية.

يحتاج المخزن إلى صورة أنيقة ونظيفة تسمح للملابس بالتحدث عن نفسها، هذا ما قاله متحدث باسم زارا لبيزنس إنسايدر، موضحاً سبب اختياره لنظام الألوان البسيط الأبيض والأسود.

قال أحد خبراء التسويق المرئي الذي كان يعمل في المتجر، إن الفريق يضع أفضل الملابس الحديثة، المعروضة في المجلات، في أكثر المناطق المرئية للجمهور. وأكد أن الاتجاه الكبير، في شهر سبتمبر/أيلول، هو المطبوعات المستوحاة من ألوان جلود الحيوانات.

بين استلهام الأزياء وتقليدها

زادت شعبية زارا بسبب قدرتها على متابعة أحدث اتجاهات الموضة بسرعة. وكثيراً ما تم اتهامها بعبور الخط الفاصل بين الاستلهام من عرض أزياء أو مصمم أزياء، وبين تقليدهما.

يقول أحد الموظفين، إنهم يضعون العناصر الجديدة بالقرب من مدخل المتجر لجذب انتباه الزبائن، لأنهم في النهاية يعملون في مجال بيع "التجديد".

وقالت خبيرة أخرى في التسويق البصري، التي عملت في الشركة لمدة 16 عاماً، إن تصميم المتجر لم يتغير كثيراً خلال الوقت الذي عملتْ فيه هناك.

وأضافت قائلةً بنبرة غنائية، إن التركيز كان ينصب دائماً على"الحداثة والتجدُّد فقط"، مما يعني أن المخزون يتبدل باستمرار. وبمجرد أن تكون المجموعة الأحدث من الملابس في موقعها، تصل أرفف الملابس التالية، وتكون جاهزة من أجل ترتيبها.

تحديث المتاجر لمواكبة الذوق العام والتطور

وأردفت قائلةً، إن أكبر التغييرات التي شهدتها المتاجر خلال السنوات القليلة الماضية كان إضافة شاشات العرض. وتابعت "المتجر آخذٌ في التطور لمواكبة العصر ولجذب العملاء الشباب".

يُعدّ أحد أسباب استخدام المتاجر التجريبية هو أنها تساعد في الحفاظ على تماسك واتساق سمعة العلامة التجارية، خاصةً مع توسع متاجر البيع بالتجزئة بشكل هائل خلال العقدين الماضيين.

توسعت سلسلة متاجر زارا من امتلاكها لمتجر واحد في مدينة لا كورونيا الإسبانية، إلى عدد من المتاجر يصل إلى 2,238 متجراً في 96 دولة في جميع أنحاء العالم. وهو ما يعني أيضاً أن مديري المتاجر لا يملكون الحرية المُطلقة بشأن عملية تصميم المتجر.

يزور مديرو المتاجر من جميع أنحاء العالم مقر زارا الرئيسي، مرتين كل عام، وذلك عند إطلاق المجموعات أو أنماط الموضة الكبرى، يقومون خلالها بزيارة المتاجر التجريبية والتقاط صور للتصميم العام؛ وذلك من أجل تكراره في المتاجر الموجودة في بلدانهم.

في هذه المرحلة، يتبادلون أيضاً رؤاهم حول ما يتماشى مع بلدانهم وما لا يتماشى.

منتجات جديدة كل أسبوعين

ونظراً لأن زارا تُسلم منتجات جديدة إلى متاجرها كل أسبوعين، فإن مخزون وتصميم المتاجر التابعة لها يتغير باستمرار.

إذ يتواصل مديرو المتاجر مع الفرق التجارية لمناقشة أيّ تغييرات ضرورية يلزم إجراؤها على التصميم العام؛ لتلبية الأذواق المحلية المختلفة والتوافق مع المواسم الحالية في كل بلد.

 على سبيل المثال، فإن السترات والمعاطف تُوضع بالقرب من واجهة المتجر في فصل الشتاء في البلدان ذات الطقس البارد. وفي الوقت نفسه، في البلدان ذات الطقس الحار، سيكون العكس صحيحاً خلال التوقيت ذاته.

كل شيء مدروس

وحسب ما ذكرت إحدى خبراء التسويق البصري، فإن زارا تُعدِّل التصميم العام الخاص بالمتاجر في منطقة آسيا ليكون أكثر جاذبية للجماهير الأصغر سناً، لأنهم يمثلون العملاء الرئيسيين لمتاجر التجزئة هناك.

بالإضافة إلى خبراء التسويق البصري، فإن زارا لديها فريق مكون من 31 مهندساً معمارياً، وهم يمثلون العقل المدبر وراء كل التفاصيل الإنشائية في المتاجر. ويتم استدعاؤهم عندما يقوم فريق زارا بالتوسع في موقع جديد لاتخاذ القرار النهائي حول ما إذا كان ما يجري اقتراحه لهذه المساحة يمكن بالفعل تنفيذه.

ومن تلك اللحظة، تُصمم كل قطعة أثاث وجميع تجهيزات الإضاءة في كل متجر بواسطة هذا الفريق، حتى إنه تم وضع درج نقود (صندوق الدفع) وهميّ في المتاجر التجريبية لتحاكي تماماً المتاجر المفتوحة أمام المشترين.

يتحدث المهندسون المعماريون إلى مساعدي المبيعات والمحاسبين الذين يعملون في متاجر زارا لتحديد التصميم العام الأكثر منطقية.

ويتضمن ذلك تحديد ارتفاع الدرج، والموضع الدقيق لزر الأمان للتحذير من وقوع سرقة، وأماكن تخزين الشماعات القديمة. يتم التفكير في كل تفصيلة لجعل العملية فعالة قدر الإمكان، ومن أجل خدمة المزيد من العملاء بسرعة أكبر في النهاية.

وعلى بعد حوالي 50 متراً من هذه المتاجر التجريبية، توجد منطقة وفريق مستقل يعمل خصيصاً لإنشاء واجهات المتاجر الخاصة بكل مجموعة من مجموعات زارا.

وهو الأمر الذي أكده متحدث باسم زارا قال: "إن ذلك الفريق هو من يحدد اللون، والديكور، وأيضاً طريقة عرض الأنماط الشائعة من الأزياء".

يلبس هذا الفريق دميات العرض، ويلتقط الصور، ثم يوزعها على باقي المتاجر. وبناءً عليه يتم تغيير تصميم طريقة العرض هذه تقريباً كل 18 إلى 20 يوماً.