تصدَّرت القاهرة قائمة المدن العشر الأسوأ لهذا العام بعد أن كانت في المركز الثاني سابقاً، وتليها دلهي وبكين وموسكو وإسطنبول وغوانزو وشانغهاي وبيونس آيريس وباريس، في قائمة المدن الأكثر تلوثاً على صعيد مستويات التلوث العالمية للهواء والضوء والضوضاء.
وتُصنِّف الدراسات الحديثة التي أجراها موقع Eco Experts وتُعد زيوريخ السويسرية أنظف مدن العالم وفق القائمة، بينما جاءت لوس أنجلوس هي المدينة الأميركية الوحيدة المُدرج اسمها في القائمة، وتحتل المرتبة العاشرة والأخيرة، حسب مجلة Forbes الأميركية.
بإمكان التلوث بكافة أشكاله أن يؤثر على صحة وسلامة البشر في كل يوم. وبحسب منظمة الصحة العالمية، 9 من كل 10 أشخاص حول العالم يتنفَّسون هواءً مُلوثاً. ويبدو أنَّنا نرضخ لقبول هذا الأمر حالياً باعتباره جزءاً من الحياة.
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10156577240218834&set=a.156117023833&type=3&theater
7 ملايين ضحية سنوياً بسبب القائمة الخطيرة
زد على هذا أنَّ منظمة الصحة العالمية تُقدِّر أنَّ قُرابة 7 ملايين شخص يموتون كل عامٍ جرَّاء التعرض لجسيماتٍ دقيقة عالقة في الهواء المُلوث، تتغلغل بعمقٍ داخل الرئتين ونظام القلب والأوعية الدموية، مُسبَّبةً أمراضاً تتمثَّل في السكتة الدماغية، وأمراض القلب، وسرطان الرئة، وداء الانسداد الرئوي المزمن، وعدوى الجهاز التنفسي، بما فيها الالتهاب الرئوي، حسب المجلة الأميركية.
وتدمّر المدن الملوثة السلامة البدنية والعقلية
وعرفنا لسنوات أنَّ مستويات التلوث المرتفعة قد تُحدث تأثيراتٍ مُدمرة على السلامة البدنية والعقلية، ما يؤدي إلى ظهور أمراض البدانة والأرق والاكتئاب. لكن ما يميز تقرير موقع Eco Experts هو كونه لا يشمل فقط التلوث الهوائي، بل أيضاً أشكالاً أخرى للتلوث، كالتلوث الضوئي والتلوث الضوضائي أو السمعي.
مدن هي الأكثر تلوثاً .. من بينها عربية!
مدن هي الأكثر تلوثاً .. من بينها عربية! وماذا عن مدينتك؟
Posted by DW عربية on Saturday, September 1, 2018
وتؤثر على إيقاع الحياة
للنوعين الآخرين تأثيراتٌ هائلة على النوم والإيقاعات البيولوجية اليومية، التي بدورها تؤثر على السلامة العقلية والبدنية بطرقٍ لم نتوَّصل لفهمها حتى الآن.
وينشأ النوم المضطرب
يُشار إلى النوم المضطرب باعتباره سبباً رئيسياً لأمراض الزهايمر، وباركنسون، وداء جسيمات ليوي، لكونها ترتبط بتكوين بروتينات مُحددة وروابط بيتيدية (جزيئات حيوية قصيرة شبيهة باليروتين)، مُتمثِّلة في بروتينات أميلويد بيتا وألفا ساينوسلين، وتلك البروتينات والروابط تتكون حينَ لا نحصل على نومٍ كافٍ أو عميق، وبالأخص نوم حركة العين السريعة. إذ فقط في أثناء النوم العميق تُنظَّف أدمغتنا من تلك النفايات بواسطة خلايا عصبية مُحددة.
والأمراض المرهقة للأعصاب
وفيما تتزايد هذه الأمراض المُدمرة للأعصاب في شتى أنحاء العالم، مُلحقةً تأثيراتٍ بالشباب والأطفال، أصبحت مسألة التلوث الضوئي والضوضاء أمراً بالغ الأهمية. وفي الفترة ما بين 1979 إلى 2010، حصلت أميركا على الزيادة الأسوأ في مُعدل الوفيات جرَّاء الأمراض العصبية، أكثر من أي بلدٍ؛ إذ ارتفعت النسبة لتصل إلى 66% في الرجال و92% في النساء.
كيف تقاس "جودة الهواء"؟
استخدم التقرير تعريفاتٍ دولية لترتيب تلك الدول. تُعرِّف منظمة الصحة العالمية جودة الهواء في الغالب استناداً إلى مقياسين، وهما PM10 وPM2.5. يرمز قياس PM10 إلى المواد الجسيمية في الهواء التي يبلغ قطرها نحو 10 ميكرومترات أو أقل، وقياس PM2.5 يرمز إلى المواد التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل، وهذه عادةً توصف بأنَّها جُسيمات دقيقة أو أيروسولات.
كلما كان الجُسيم أدق يعلق في الهواء لفترة أطول، ويصبح من الأسهل حمله جواً عن طريق الرياح، يمكن أن تكون الجسيمات صلبة أو سائلة. وتصل المستويات الآمنة من قياس PM10 إلى أقل من 20 ميكروغراماً/للمتر المكعب، فيما تصل المستويات الآمنة من PM2.5 إلى أقل من 10 ميكروغرامات/للمتر المكعب.
وحدة قياس "الشمعة"
يُقاس مستوى التلوث الضوئي الصناعي في الليل لكل مدينةٍ بالشمعة أو القنديلة (وحدة قياس شدة الضوء) لكل متر مربع. وللتوضيح أكثر كل قنديلة/متر مربع، هي شدة إضاءة بداية الرؤية المطلقة، وشدة إضاءة سماء الليل الطبيعية تساوي قرابة 174 قنديلة/متر مربع.
أضف إلى هذا أنَّ الباحثين استخدموا بيانات تلوث الهواء الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، مصحوبةً بمؤشر Mimi Hearing، لتعريف التلوث الضوضائي على أنَّه رقم غير مُحدد بين الـ0 و2، وكلما اقترب من 2 تُصبح المدينة أكثر ضجيجاً.
لماذا تصدرت القاهرة؟
يُشير تقرير Eco Experts إلى القاهرة باعتبارها المدينة الأكثر تلوثاً في العالم، إذ سجلت نسبة 284 في مقياس PM10 فيما يخص تلوث الهواء، و14900 قنديلة/متر مربع في التلوث الضوئي، ونسبة 1.7 في التلوث الضوضائي.
برلمانية تطالب بإلغاء وزارة البيئة بعد وضع القاهرة أكثر تلوثًا عالميًا
https://t.co/3EXksM1gbn pic.twitter.com/kpyllcJckW— المصريون (@almesryoonnews) September 1, 2018
وتلتها المدن الصينية
ويكثُر ذكر المدن الصينية في قائمة المدن العشر الأكثر تلوثاً؛ إذ تأتي بكين في المرتبة الثالثة، تليها غوانزو في المرتبة السادسة، وشنغهاي في المرتبة السابعة. وسجلت بكين نسبةً خطيرة فيما يخص تلوث الهواء (73 على مقياس PM2.5)، وهي ثالث أعلى نسبة درجة تلوث هوائي سُجِّلت في الدراسة، وتفوق المستوى الآمن لمنظمة الصحة العالمية بـ7 أضعاف، حسب مجلة Forbes الأميركية.
ثم مدينة أميركية
لوس أنجلوس هي المدينة الأكثر تلوثاً في أميركا، والعاشرة على مستوى العالم، مُسجلةً سابع أعلى مستوى تلوث هوائي يصل إلى 57 على مقياس PM10، ودرجة تلوث ضوئي تصل إلى 10900 قنديلة/متر مربع. وتُصنَّف مدينتا شيكاغو ونيويورك في المرتبة 21 و26 على التوالي.
بينما كانت زيوريخ السويسرية أنظف مدينة
على الجانب الآخر، أنظف مدينة في العالم هي زيوريخ، المدينة الأكبر في سويسرا، إذ سجَّلت أقل النسب على مستوى جميع أشكال التلوث، بنسبة تلوث ضوئي منخفضة تصل إلى 2170 قنديلة/متر مربع فقط، ومُحرزةً النسبة الأقل في التلوث الضوضائي من بين جميع الدول التي شملتها الدراسة، على الأرجح لأنَّ السويسريين لديهم تقليد "ساعات الهدوء"، التي عادةً ما تكون بين الساعة 10 مساءً إلى الساعة 6 صباحاً، ومن الظهر حتى الساعة الواحدة، وكل أيام الأحد.
والأكثر سعادة أيضاً
وليس من قبيل الصدفة إذن أنَّ سويسرا أيضاً من بين الدول العشر الأكثر سعادة في العالم. وليست مُصادفةً أيضاً كون أنظف عشر مدن في العالم هي أيضاً أسعد مدن في العالم.
التلوث يقتل البشر
نعرف بالفعل أنَّ الهواء القذر والمياه المُلوثة والأجزاء الأخرى المُلوثة من بيئتنا تقتل عدداً أكبر من الناس في شتى أنحاء العالم كل عامٍ تقريباً أكثر من كل الأشياء الأخرى مُجتمعةً، كالتدخين والجوع والكوارث الطبيعية والحرب والقتل، وأمراض الإيدز والسل والملاريا. ويكلفنا هذا التلوث ما يزيد على 4 تريليونات دولار من الخسائر السنوية، أو ما يُمثل 6% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
تلمس الصين هذا الأثر أكثر من أي بلدٍ آخر، إذ تحوي 3 مدن مُدرجة في قائمة المدن العشر الأكثر تلوثاً، ويهلك أكثر من 300 ألف شخص سنوياً في الصين جرَّاء الانبعاثات الضارة من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وحدها. وهو ما يُعد السبب الرئيسي وراء إقدام الصين على بناء محطة طاقة نووية جديدة كل شهر.
وفي حين تقدَّمت الحضارة بلا شكٍ من ناحية العمر الافتراضي الإجمالي، وجودة الحياة لمليارات البشر، لا يزال أمامنا الكثير لنقوم به من أجل إصلاح بعض الأضرار التي خلَّفتها تلك الحضارة في الوقت ذاته.