كُفَّ عن لوم الزواج والوظيفة.. 5 خرافات عن «أزمة منتصف العمر»، ولهذه الأسباب تصبح الحياة أجمل بعد الـ50

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/29 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/29 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش

احذر من أزمة منتصف العمر! فأنت على وشك الشعور بتغيرات مفاجئة سوف تُشعرك بالعجز. فعندما تبلغ عقدك الخامس، تتراجع قدراتك على الإبداع والإنتاج والتكيف. ونتيجة لذلك، تصبح مقومات السعادة محدودة بالنسبة لك؛ لأنك تعتقد أنك تركت أفضل سنوات العمر خلفك.

تلقي باللوم على وظيفتك وحياتك الزوجية وطموحك المحطم. وفي حال كنت تشعر -أنت أو أي شخص مهم في حياتك- بأعراض اضطرابات منتصف العمر، فعليك أن تتوخى الحذر؛ لأن  أضواء الإنذار تشتعل من حولك.

كل ما سبق ذكره ليس دقيقاً. لا يمكن إنكار حقيقة أن منتصف العمر فترة صعبة وحساسة في حياة المرء، ولكن كل ما يعتقد الأشخاص أنهم يعرفونه عن أزمة منتصف العمر، بداية من اعتبارها أزمة في حد ذاتها، يستند إلى مجموعة من الخرافات والصور النمطية التي عفى عليها الزمن.

الحقيقة تتمثل في أن فترة منتصف العمر تعتبر فترة جديرة بالاهتمام ومليئة بالمحفزات. ننقل فيما يلي عن صحيفة The Guardian خمس خرافات وأفكار شائعة يؤمن بها الناس خطأ عند بلوغ عتبة الخمسين:

  1. أدخل مرحلة عمرية خطرة، وكل شيء يتراجع

يمثل منتصف العمر مرحلة عمرية انتقالية في حياة الإنسان، بيد أن هذا التحول بالنسبة لغالبية الأشخاص هو تحول تدريجي وطبيعي وسلس، وكذلك صحي، حتى لو اعتبره البعض بغيضاً.

وعلى هذا النحو، لا يمكن أن نعتبر منتصف العمر "أزمة". ظهرت فكرة "أزمة منتصف العمر" لأول مرة سنة 1965، حيث وردت في أحد مقالات عالم النفس إليوت جاك، وسرعان ما انتشر مفهوم أزمة منتصف العمر بين عموم الناس. وعلى الرغم من عدم تمكُّن علماء النفس من إيجاد دليلٍ على تفشي تلك الظاهرة عندما حاولوا الاستقصاء حولها، فإن هذه الفكرة ما زالت قائمة.

ومنذ ما يقارب 15 سنة، أعلن الاقتصاديون عن اكتشافٍ غير متوقع، يتمثل في أن منحنى السعادة يأخذ شكل الحرف اللاتيني "U". كل شيء بالنسبة لنا متساوٍ، إذا اشتملت المعادلة حسابات الدخل والوظيفة والصحة والزواج. ولكن بعد أن نضع ذلك في الحسبان، سنرى أن منحنى السعادة يبدأ بالهبوط في بداية العشرينات من العمر وحتى نصل إلى الخمسينيات. وبعد أن نصل إلى الخمسينيات، يرتفع منحنى السعادة مجدداً، ليصل لأعلى ارتفاع له مرة أخرى في نهاية مرحلة البلوغ، أي بعد منتصف العمر.

ظهر هذا المنحنى بالفعل في عدة دول وبثقافات مختلفة، وهو شبيه بالمنحنى الخاص بحياة الشمبانزي وإنسان الغاب.

يعتقد الكثيرون أن التقدم في العمر والشيخوخة يسببان تعاستنا. ومن المرجح أن ننعم بشيء من السعادة حتى منتصف العمر، ولكن بعد ذلك سنتقلب حياتنا رأساً على عقب.

لا يعد التقدم في العمر العامل الوحيد الذي يسبب هذه الأزمة. ففي الواقع، يعتمد الرضا النفسي في أي فترة من حياتك على العديد من العوامل، إلا أن التقدم في العمر كفيل وحده بإحداث فرق كبير، خاصة في حال كنت ستنعم فيما تبقى لك من عمرك بالاستقرار والهدوء. كما أن التقدم في العمر لا يؤثر على حياتك فجأة وبطريقة مأساوية، وإنما هو تأثير بطيء وتراكمي.

  1. لا بد أن أكون غير سعيد حيال شيء ما

قد يشعر المرء باضطراب منتصف العمر دون أن يكون هناك داعٍ لذلك. وخلافاً للصورة النمطية في فيلم "American Beauty"، فإن أغلبنا لا يتصرف باندفاع أو تهور في مرحلة هبوط المعنويات قبل بلوغ منتصف العمر. ولحسن الحظ أننا نفعل ذلك؛ لأن فترة منتصف العمر قد تتحول إلى أزمة حقيقية في حال ارتكب بعض الأشخاص أخطاء متهورة وغير محسوبة العواقب. ولكن، ما السر الحقيقي وراء أزمة منتصف العمر؟

من الواضح أن هبوط المعنويات يرجع جزئياً إلى التأثيرات التي تُحدثها بعض التغيرات الطبيعية التي تطرأ على قيمنا. يكون أغلبنا في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، طموحين وتنافسيين وحريصين على تسجيل المزيد من النقاط، وتكوين رأس مال اجتماعي. ولكن بعد مرحلة منتصف العمر، تتغير أولوياتنا كافة، من الطموح إلى تعميق علاقاتنا بالناس الذين نهتم لأمرهم، وزيادة نشاطاتنا في المجالات التي نفضلها.

وفي خضم هذه التغيرات، نمر بمرحلة تحوُّل جذرية، خاصة عندما نوقن بأن قيمنا القديمة لم تجلب لنا السعادة التي توقعناها، في حين أن القيم الجديدة لم تثبت بعدُ قدرتها على جلب السعادة لنا.

  1. قلة الإنجازات سبب تعاستي

في حال أتيحت لنا الفرصة لتحقيق العديد من الإنجازات في سن الـ40، فهل سنشعر بقلق منتصف العمر؟ في الحقيقة، هذا اعتقاد خاطئ. عادة ما يكون الأشخاص الذين حققوا إنجازات واسعة في حياتهم أكثر عرضة لاضطرابات منتصف العمر. ويطلق الباحثون على هذه الاضطرابات اسم "طاحونة اللذة".

ومن أجل تحفيز أنفسنا، يجعلنا الطموح في فترة الشباب متفائلين بصورة غير واقعية حول الرضا النفسي الذي سنشعر به عند تحقيق النجاح. وعندما نحقق الهدف المراد، نجد أن رغبتنا في التقدم والنجاح تدفعنا لتحقيق أهداف أخرى، على الرغم من أن هدفنا الأول تحقق بالفعل، لنجد أنفسنا غير راضين عما حققناه كما كنا نتوقع.

بعد ذلك نتعجب، ويسأل كل واحد نفسه: "لماذا لست أكثر سعادة؟". ومع تكرار دورة تحقيق الإنجازات والشعور بخيبة الأمل، نجد أن الشعور بالرضا بات صعب المنال بمرور الوقت.

ويُعتبر أصحاب الإنجازات الكبيرة هم أكثر الأشخاص المعرَّضين لتلك الأزمة؛ لأنهم وضعوا سقفاً عالياً لبلوغ الإنجاز، ولديهم الكثير من الأهداف التي سيشعرون بالامتنان إذا حققوها.  وغالباً، ما يحس هؤلاء بعدم الرضا بطريقة غير مبررة وغير عقلانية؛ ما يؤدي في النهاية إلى فشل أخلاقي، ويجعلهم غير راضين. ويتحول شعور عدم الرضا في حد ذاته إلى دوامة لا يمكنهم الخروج منها، تدفعهم باستمرار.

لا شيء مما ذُكر آنفاً يعتبر محاولة لمنع أي أحد من التفكير في تأسيس تجارة أو الحصول على درجة الدكتوراه، أو تكوين أسرة، أو حتى التنازل عن أي طموح آخر مثير. فتلك الأهداف تستحق بذل  جهدٍ لتحقيقها.

وتتمحور الفكرة هنا في ألا تعتبر أي نجاح طبيعي تحققه في حياتك ضمانة ضد الشعور بالاستياء الشخصي؛ بل من الممكن أن يكون الوضع أسوأ، ولكن حتى التغييرات السابقة التي قد تطرأ على قيمنا، ستجعل التخلي عن السقف العالي لطموحنا أسهل.

  1. بعد الوصول للـ50.. أفضل سنوات العمر مضت

تعد هذه الخرافة أحد أكثر أسباب الشعور بالإحباط؛ لأنها تقول إن ما لم ننجزه قبل الـ50 لن نتمكن من إنجازه بعدها. في الحقيقة، يخبرنا منحنى السعادة، بأنه إذا غضضنا الطرف عن بعض الأمور، فسنكتشف أن أفضل فترات عمرنا لم تأتِ بعد.

فعندما نكون في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من عمرنا، ستجعلنا الشيخوخة أكثر إيجابية ورصانة، وأقل توتراً وندماً. ويمثل هذا الشعور الإيجابي درعاً واقية لنا في المراحل المتقدمة من العمر، سيحمينا من الشعور السلبي بالضعف البدني والتأخر الصحي.

سنة 2011، نشرت عالمة النفس في جامعة ستانفورد، لورا إل كارستنسن، دراسة بيَّنت فيها أنه "خلافاً للرأي السائد أن مرحلة الشباب هي أفضل مراحل العمر، فإن ذروة الحياة العاطفية للشخص تكون في العقد السابع من عمره".

كما أن الافتراض الخاطئ بأننا بلغنا ذروة حياتنا في منتصف العمر، يجعل من هم في أواسط أعمارهم متشائمين بصورة غير ضرورية. كما يغذي هذا الافتراض الصورة النمطية التهكمية عن كبار السن الذين لا فائدة لهم، ويغذي التمييز بين الأشخاص على أساس أعمارهم، ما يجعلنا نترك كمّاً هائلاً من الخبرات والإبداع غير مستغل.

في الولايات المتحدة، أثبتت الدراسات أن الأشخاص بعمر 55 وحتى سنة 65، لديهم ميول لإنشاء شركاتهم، أكثر من الأشخاص في عمر 20 وحتى 34. كما يتمتع كبار السن بالقدرة على الإنتاج بمعدل الشباب نفسه، وتزداد الإنتاجية فعلاً في حالة التعامل بهذا المبدأ. ولكنك بالطبع لن تستطيع استنتاج ذلك؛ بسبب الطريقة التي نفكر بها ونتحدث بها عن كبار السن.

  1. أزمة منتصف العمر شيء مخجل

ربما يكون ذلك المفهوم هو أسوأ ما يمكن أن يعرفه المرء بحياته كلها. ففي حال قمنا بدمج الافتراضات الخاطئة السابق ذكرها، سيتضح لنا أن الصورة التي كوناها عن أزمة منتصف العمر شكل من أشكال التعامل غير المبرر مع أشخاص قد يكونون سعداء الحظ، وممتنين لما هم فيه حقاً، خلافاً لما نتصوره.

لقد انتشرت هذه العبارة المبتذلة والمخادعة بين عموم الناس، وهم يكرّرونها باستمرار. ونتيجة لذلك، يمر العديد من الأشخاص بتحولات منتصف العمر في عزلة ووحدة تامتين، خائفين من الحديث عن تلك التحولات التي يمرون بها، خاصة مع شركاء حياتهم؛ خوفاً من نشر الذعر داخل العائلة، أو أن يخبرهم أحد بأخذ العلاج.

يجب على هؤلاء الأشخاص أن يتغيروا، ولكن قد تؤدي العزلة والشعور بالعار تجاه تلك التغيرات إلى عدم استقرار وحدوث أزمة حقيقية. وبدلاً من ذلك، إن هؤلاء الأشخاص في حاجة إلى المزيد من الدعم والتواصل. وعليهم أن يدركوا جيداً أنهم يمرون بتحولات إنسانية طبيعية ومفيدة بطريقة مميزة.


إقرأ أيضاً..

أنتما مقبلان على الخطوبة ثم الزواج؟ قبل ذلك اطرحا على بعضكما هذه الأسئلة الـ10 رجاءً

تصيب بالاكتئاب وتُعطِّل شبكات المحمول والإنترنت.. هل شعرتَ بالعاصفة المغناطيسية التي ضربت كوكب الأرض؟