مطيعون جداً، لا صوت لهم، وأصابعهم الصغيرة لا تضر بالمنسوجات.. هكذا تستغل الماركات العالمية الأطفال لحسابنا

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/27 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/18 الساعة 08:52 بتوقيت غرينتش

 ربما بدأت  الموضة الأخلاقية في الرواج مؤخراً، ولكن هذا لا يعني أنه من السهل دائماً معرفة الحقيقة عن ماركاتنا التجارية المفضلة. فالصناعة تكون على قدر كبير من عدم الشفافية والغموض عندما يتعلق الأمر بتقارير العلامات التجارية حول بيئة العمل وأحوال العاملين والظروف التي يشتغلون فيها.

260مليون طفل حول العالم يعملون في مجالات مختلفة، من بينهم  170 مليون في مجال صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة لتلبية حاجات مستهلكي الملابس في أوروبا والولايات المتحدة، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة العمل الدولية عام 2012

وعلى الرغم من أن عمالة الأطفال ممنوعة بموجب القانون في معظم بلدان العالم، فإنها لا تزال منتشرة في أفقر الدول، مثل بنغلاديش والصين وكمبوديا والهند؛ إذ يعمل الأطفال هناك في جميع مراحل صناعة الأزياء، بداية من إنتاج بذور القطن في مدينة بنين بنيجيريا، مروراً بالمشاركة في الحصاد في أوزبكستان، ثم غزل الخيوط في الهند، وأخيراً حياكة الملابس في المصانع الموجودة في أنحاء بنغلاديش.

أصابعهم الصغيرة لا تضر المحصول

الأبحاث الميدانية على أرض الواقع، أظهرت أن الأطفال يعملون في ظل ظروف مروّعة، يمكن وصفها بعبودية العصر الحديث، إذ أن كثيراً من سلاسل التوريد تتطلب عمالة منخفضة المهارات، وبعض المهام تكون أكثر ملاءمة للأطفال عن البالغين، مثل قطف القطن، إذ أن أصابعهم الصغيرة، لا تضر بالمحصول، كما أن الأطفال عمال مطيعون، وهو ما يجعل من السهل إدارتهم، وبشكل عام لا توجد آليات إشراف أو مراقبة اجتماعية ولا نقابات يمكنها حماية الأطفال من المساومة من أجل تحسين ظروف العمل، فهؤلاء عمال منخفضو المهارات للغاية، من دون صوت؛ لذا فهم أهداف سهلة.

الفقر يجبرهم على قبول الفتات
الفقر يجبرهم على قبول الفتات

المصانع تحتال على القانون

يصعب على الشركات العالمية التحكم في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، وهذا ما يجعل من عملية توظيف الأطفال في الفروع دون علم الشركة الأم والمستهلكين عملية بسيطة جداً، فالتعاقد مع تلك المصانع غالباً ما يكون من الباطن، وعليه تقوم تلك المصانع بالتواصل مع أهالي الأطفال دون علم ملاك الشركات، وعليه فمن المستحيل ملاحقتهم قانونياً.

وأحياناً لا تكون الشركات التي تبيع منتجاتها في أوروبا والولايات المتحدة على دراية بمصدر المنسوجات، أو يجهلون موردهم الأول، وحتى في حال وضعت الشركة قواعد صارمة، يكون الأمر في أسفل السلسلة معقداً أيضاً، فكيف يتسنى لهم معرفة مصدر القطن المستخدم في صناعة الملابس.

وعلى الرغم من أن عمالة الأطفال مشكلة حقيقية إلا أن ما يزيد من تعقدها، هو أزمة الفقر المدقع، فحتى لو حاولت المنظمات الدولية حماية الأطفال من العمل بتلك المصانع، فإنهم سيذهبون إليها مرة أخرى بمحض إرادتهم، مقابل مبالغ زهيدة، من أجل أن يستطيعوا العيش، وهنا يصعب الخروج من دائرة الفقر المفرغة.

المصانع تتحايل القانون
المصانع تتحايل القانون

انهيار مجمع "رانا بلازا": المجتمع الدولي لا يتحرك إلا بعد الكوارث

في 24 أبريل/نيسان 2013، انهار مجمع "رانا بلازا" الصناعي، المكون من ثمانية طوابق، في مدينة سافار، الواقعة على بعد 20 كيلومتراً شمال العاصمة البنغلاديشية دكا، وكان المجمع يضم خمسة مصانع للملابس، وقد راح ضحية الانهيار أكثر من 1100 شخص.

بعد انهيار المجمع بذلت الحكومة البنغلاديشية وشركات الأزياء والملابس العالمية، التي تنتج ملابسها في بنغلاديش، وأصحاب المصانع العاملة هناك، جهوداً مشتركة ساعدت في تحسين حالة مباني المصانع، وتطوير أنظمة السلامة المهنية، مثل أنظمة مواجهة الحرائق.

كارثة
كارثة "رانا بلازا" أعادت الأضواء إلى الأزمة ولكن دون جدوى

كما وقَّعت 200 شركة أوروبية اتفاقاً مُلِزماً من الناحية القانونية، من أجل ضمان سلامة المباني ومواجهة الحرائق في بنغلاديش، وشارك "التحالف من أجل سلامة عمال بنغلاديش"، الذي يضم 30 شركة أميركية كبرى بمساعدة السلطات البنغلاديشية في التفتيش على 2266 مصنعاً في بنغلاديش، لضمان توافر عوامل سلامة العمال والأمن الصناعي، لتفادي تكرار حادثة مجمع رانا بلازا.

علماً بأن  بنغلاديش هي ثاني أكبر منتج للملابس في العالم بعد الصين؛ إذ تصدر ما قيمته حوالي 21.5 مليار دولار إلى الأسواق العالمية، لكنها تواجه في الوقت ذاته انتقادات شديدة بسبب الأوضاع السيئة التي يعاني منها العمال في مصانع الملابس

 الأمر لا يتوقف على عمالة الأطفال، إنما يمتد إلى تلويث البيئة

وُجِّهت الكثير من الاتهامات إلى العديد من الشركات العالمية، مثل GAP وNike وH&M، وذلك بسبب عمالة الأطفال، فلقد عملت سلسلة الأزياء السويدية H&M مع مصانع الملابس في ميانمار وبنغلاديش، وكان هناك أطفال يبلغون من العمر 14 عاماً يعملون لأكثر من 12 ساعة يومياً، ولكن الشركة السويدية ذكرت أنها اتّخذت إجراءات مع كافة المصانع حول التحقق من بطاقات الهوية وظروف العمل الإضافي، وأكدت أن العمل في مصانعها يكون في ظروف عمل جيدة، مع مراعاة الصحة والسلامة.

لم تكن H&M وحدَها، ففي عام 2011 وُجه الاتهام إلى شركة زارا باستخدام الأطفال لإنتاج ملابسها، ودفع أقل من الحد الأدنى للأجور، بالإضافة إلى إجبار الموظفين على العمل لأكثر من 12 ساعة يومياً.

واستكمالاً لسلسلة العمل غير الأخلاقي، تعد صناعة الغزل والنسيج من أكثر الصناعات الملوثة للبيئة، وأكثرها استهلاكاً للماء؛ إذ إن صناعة قميص واحد تستهلك 2700 لتر من الماء، كما أن مياه غسل وصباغة الملابس تُصرف في أنهار مدينة دكا، عاصمة بنغلاديش، وهناك العديد من المصانع تتخلص من هذه المياه دون معالجة.

ورغم أن اقتصاد بنغلاديش يرتكز في الأساس على الزراعة، لوجود 70% من السكان يعتمدون في الأساس عليها، وخاصة صناعة الأرز، فإن مياه الصباغة تلوث الأنهار، وتغرق الحقول، وتقضي على الأسماك، مما يصعّب حصول البنغلاديشيين على مياه الشرب النظيفة والغذاء الآمن.

رغم الجهود الدولية لإنهاء عمالة الأطفال.. الأمر ليس سهلاً

دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إلى تكثيف الجهود من أجل القضاء على عمالة الأطفال، وأكدت أنها نتيجة للفقر، كما أنها تهدد سلامة الأطفال ومستقبلهم التعليمي. وأوضحت الدكتورة سوزان بيسل رئيسة قسم حماية الطفل في اليونيسف سابقاً، أن التقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية في مجالات التعليم والفقر وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز يُقوض بشكل منهجي من جانب عمالة الأطفال، وأنه لا توجد سياسة واحدة ستنهي هذه المشكلة، فقد أثبتت الأدلة أن الاستجابة الفعالة والمتسقة للقضاء عليها تتطلب مزيجاً من تدابير العمل اللائق، ونظم الحماية الاجتماعية للأطفال، وتوسيع الخدمات الأساسية لأكثر الفئات ضعفاً.

لابد من تغيير مجتمعي حتى نتمكن من حمايتهم
لابد من تغيير مجتمعي حتى نتمكن من حمايتهم

ودعت "اليونيسف" الحكومات والجهات المانحة إلى زيادة الاستثمار في التعليم الجيد، ودعم وضع تدابير الحماية الاجتماعية التي تشمل جميع الأطفال، كما حثَّت القطاع الخاص على استخدام إمكاناته كعوامل للتغيير الاجتماعي، لضمان حماية حقوق الطفل في سلاسل التوريد الخاصة به.

من تلك الجهود الدولية تنظيم الحكومة الأرجنتينية مؤتمراً دولياً بدعم من منظمة العمل الدولية في العاصمة بيونس آيريس، حول القضاء المستدام على عمل الأطفال، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، جمع بين ممثلي الحكومة وأصحاب العمل ومنظمات المجتمع المدني، وانتهت فعاليات المؤتمر بتعهُّد المجتمع الدولي بتسريع القضاء على عمالة الأطفال بحلول عام 2025.

كلمة السر: الموضة السريعة

تظهر اتجاهات الموضة وتختفي بسرعة كبيرة، ما يجعل الأسواق في حاجة دائمة لآلاف القطع من الملابس فيما اصطلح على تسميته إعلامياً بـ"الموضة السريعة"، ما دفع الشركات المصنعة إلى البحث عن مصادر عمل أرخص تكون متاحة بحرية، وبعيداً عن أعين القانون، وهو ما وجدوه في البلدان الفقيرة.

وتؤكد منسقة الحملة العالمية لوقف عمل الأطفال، صوفي أوفّا، على أن هناك العديد من الفتيات في الهند وبنغلاديش يرغبن في العمل بأسعار منخفضة للغاية، ويسهُل إدخالهن إلى مثل هذه الصناعات، في ظلِّ وعود كاذبة بتحقيق أجور لائقة.

كما كشف تقرير أصدره مركز البحوث حول الشركات متعددة الجنسيات (SOMO) ولجنة الهند في هولندا (ICN)، عن أن شركات التوظيف في جنوبي الهند تُقنع الآباء في المناطق الريفية الفقيرة بإرسال بناتهم إلى مصانع الغزل، بوعود إعطائهن وظيفة مدفوعة الأجر، وإقامة مريحة، وثلاث وجبات في اليوم، وفرص للتدريب والتعليم، بالإضافة إلى دفع مبلغ مقطوع في نهاية كل ثلاث سنوات.

كيف تحمي نفسك من خداع الشركات المصنعة

لحسن الحظ، ظهر تطبيق جديد في أوروبا يسهل على المتسوقين تجنب كل هذا الهراء والتسوق حسب مبادئهم. يوفر تطبيق Good on You بيانات معلنة للعامة عن آلاف العلامات التجارية ويقيمها على مقياس من 5.

انطلق التطبيق المجاني الذي يحوي بيانات ما يزيد على 2000 علامة تجارية في يونيو/حزيران الماضي في أوروبا، إلا أنه كان متاحاً في أماكن أخرى من قبل (في أستراليا منذ عام 2015 وفي كندا والولايات المتحدة منذ عام 2017) ويستخدمه 120 ألف مستخدم أخلاقي كل شهر.

لابد من تفعيل قوانين
لابد من تفعيل قوانين "التسوق العادل"

يُصنف نظام التقييم الذي يعتمد عليه التطبيق العلامات أو الماركات التجارية Brands حسب تأثيرها على الناس (العمال عبر سلسلة التوريد) والكوكب (استخدام المصادر والطاقة، الانبعاث الكربوني، الأثر على المياه ومعالجة النفايات) والحيوانات (استعمال الفراء وصوف الأنغورا والجلود وما شابه)، استناداً إلى معلومات من تقارير أصدرتها الماركات ذاتها وشهادات التسجيل (من ضمنها حركة التجارة العادلة ومقاييس تصنيع الأقمشة العضوية العالمية) ومن تحقيقات منظمات المجتمع المدني غير الهادفة للربح مثل السلام الأخضر.

يمنح تطبيق Good On You بعد ذلك أحد خمسة تقييمات للعلامات التجارية المختلفة: "نوصي بتجنبه"، "ليس جيداً بما يكفي"، "بداية مناسبة"، "جيد" و"رائع".

وبالإضافة إلى توفيره خاصية البحث عن علامات تجارية بعينها، فإن التطبيق يتيح أيضاً معرفة العلامات التجارية الأكثر أخلاقية (من الفساتين والمعاطف حتى النظارات والمجوهرات).

ويمكن للمستخدمين كذلك تحديد أولوياتهم فيما يتعلق بثلاث فئات: البيئة وحماية الحيوانات وحقوق العمال، على مقياس من الأقل للأكثر أهمية من أجل الوصول إلى نتائج أكثر دقة.

تقييم أخلاقيات ماركتك المفضلة؟

Adidas 4/5 جيد

& Other Stories 3/5 بداية مناسبة

ASOS 3/5t بداية مناسبة

Balenciaga 3/5 بداية مناسبة

Cos 3/5 بداية مناسبة

Free People 2/5 ليس جيداً بما يكفي

Gucci 3/5 بداية مناسبة

H&M 3/5 بداية مناسبة

Louis Vuitton 2/5 بداية مناسبة

Lululemon 3/5 بداية مناسبة  

Maje 1/5 نوصي بتجنبه

Nike 2/5 ليس جيداً بما يكفي   

Primark 3/5 بداية مناسبة

Stella McCartney 4/5 جيد

Topshop 3/5 بداية مناسبة

Uniqlo 3/5 بداية مناسبة  

Urban Outfitters 2/5 ليس جيداً بما يكفي    

Whistles 2/5 ليس جيداً بما يكفي    

Zara 3/5 بداية مناسبة.   


اقرأ أيضاً 

جبل طارق: سكانها يستخدمون أغرب مطارات العالم ويرفضون الوصاية الإسبانية.. ما لا تعرفه عن البلد الأوروبي الصغير

ليس لشخصية عسكرية والمادة الحمراء لن تمنحك قوةً خارقة.. حقائق حول تابوت الإسكندرية الذي لم يتم استبداله!

علامات:
تحميل المزيد