تغطُّ في نومٍ عميق عقب يومٍ طويل من العمل، لكن في نحو الساعة الثانية صباحاً تجد نفسك فجأةً مستيقظاً تماماً، ومهما أحصيت من خِراف أو شربت حليباً دافئ أو تصفحت هاتفك لا يبدو أنَّ أي شيء يساعدك على العودة للنوم مرة أخرى؟
ورغم أنَّ أغلب الأشخاص يعتبرون الأرق هو عدم القدرة على الخلود إلى النوم في الأساس، فإنَّه ينطبق أيضاً على عدم القدرة على العودة للنوم مرةً أخرى عقب الاستيقاظ في منتصف الليل.
وذكرت الأكاديمية الأميركية لطب النوم أنَّ 30-35% من البالغين في الولايات المتحدة تظهر عليهم أعراض أرق "عارض"، في حين يعاني 10% أرقاً مزمناً؛ إذ تظهر أعراض الأرق عليهم 3 مرات أو أكثر أسبوعياً، على مدى ما لا يقل عن 3 أشهر. ورغم أنَّ الكثير من الحالات الحرجة قد تستدعي الذهاب إلى الطبيب، يمكن التعامل مع حالات الأرق العارضة من خلال هذه النصائح الخمس المثبتة علمياً:
لا تستسلم لإغراء الهاتف الجوال
أحد أكبر العوائق التي تمنعك من الخلود إلى النوم مرةً أخرى في منتصف الليل، الضوء. وينطبق هذا تحديداً على الضوء الأزرق الذي يشع من هاتفك الذكي مباشرةً في عينيك. وفي هذا الصدد، قال دبليو.كريستوفر وينتر، مدير مركز مارثا جونسون لطب النوم، في تصريحٍ لمجلة Men's Health: "يصدر عن الأجهزة الإلكترونية، وبالأخص تلك التي تُبقيها قريبةً من وجهك، ضوءٌ يمكنه أن يبقيك مستيقظاً".
يصعب مقاومة إغراء تصفح الشبكات الاجتماعية أو القليل من المواقع الإخبارية حين لا يغالبك النوم، لكنَّ الاستسلام لهذا قد يحوَّل 15 دقيقة من الاستيقاظ خلال النوم إلى ليلةٍ كاملة من الأرق. أَسْدِ خدمةً إلى عقلك واترك الهواتف وأجهزة التابلت وأجهزة القراءة الإلكترونية بعيداً.
تجاهُل الساعة.. لن يزيدك الأمر إلا توتراً
في الوقت الذي تتجاهل فيه رغبة مطالعة الأخبار والشبكات الاجتماعية، عليك الابتعاد أيضاً عن ساعة هاتفك الذكي. في الواقع، لا تنشغل على الإطلاق بالوقت في أثناء محاولتك العودة إلى النوم؛ لأنَّ ذلك لن يتسبب إلا في زيادة توترك.
فكِّر في الأمر: إذا كنت بحاجة للاستيقاظ في الساعة السادسة صباحاً للذهاب للعمل، واستيقظت مثلاً في الرابعة، فعلى الأرجح ستفكر كالمعتاد: "حسناً، إذا غفوتُ الآن، فسأحظى بساعتين إضافيتين من النوم قبل أن ينطلق صوت المنبه". ثم ستجد أنَّ الوقت قد أصبح السادسة إلا دقيقة وأنت لا تزال مستيقظاً؛ وذلك بسبب كل هذا الضغط غير الضروري الذي تفرضه على جسدك ليعود للنوم خلال وقتٍ محدد.
وصرح براين موراي، طبيب الأعصاب بهيئة الإذاعة الكندية: "تحدث المشاكل حين تبدأ عقول الأشخاص بالعمل سريعاً والشعور بالقلق حول الأشياء. النظر إلى الساعة يدفع الناس للقلق حول عدم خلودهم إلى النوم مرةً أخرى؛ مما يسبب إفراز الجسم هرمون الأدرينالين، الذي يتداخل مع عملية النوم".
لا تقلق من الوقت، فهذا الأمر خارج بالفعل عن إرادتك. لكن في المقابل، ركِّز على تطبيق نصائح عملية لحل المشكلة.
لا تخشَ النهوض
ما زلت لا تستطيع العودة للنوم بعد 20 دقيقة؟ حسناً، ربما حان الوقت للنهوض، لتلك اللحظة على الأقل. ففي مقالٍ نشرته النسخة الأميركية من موقع Huffington Post، كتب جيمس فيندلي، المدير الإكلينيكي لبرنامج العلاج السلوكي للنوم في جامعة بنسلفانيا والحاصل على الدكتوراه، موصياً بالنهوض من الفراش والانشغال بأداء عملٍ بسيط عقب الانتظار لهذه الفترة الأولية.
ومن بين الأنشطة التي يوصي بها؛ التمدد، والقراءة الخفيفة، أو حل لغز، أي القيام بأي عمل يشغل بالك عن حقيقة أنَّك تعجز عن النوم، وإذا حالفك الحظ فسيكون هذا تحديداً هو ما تحتاجه لتغفو مرةً أخرى.
قم ببعض تمارين التنفس
إذا كان جسدك متوتراً، فعلى الأرجح لن تخلد إلى النوم سريعاً؛ لذا قد ترغب في التأكد من أنَّك مسترخياً تماماً بفراشك. وإحدى الطرق التي يمكنك من خلالها فعل هذا، هي التنفس بعمق: تنفَّس من أنفك، ثم أخرج الهواء من فمك في دورةٍ منتظمة. فوفقاً لما ذكره إيريك بي فويت (من جامعة نيويورك)، يمكنك أيضاً أن تهدهد عقلك إلى أن يغفو، عبر تكرار كلمةٍ أو عبارةٍ موحدة مثل "استرخِ"، في إيقاعٍ متزامن مع تمرين التنفس.
ركِّز على ما يُبقيك مسترخياً
تقول خبيرتا النوم إلين إم.روزين وشاليني باروتهي إنَّ أحد المفاتيح التي تساعد على العودة للنوم في منتصف الليل هو التركيز على صورٍ ذهنية لأكثر الأشياء التي تدفعك للاسترخاء. بالنسبة لهما، كان تخيُّل نفسيهما وهما على الشاطئ، أو أنَّهما عادتا إلى أحد الأماكن المفضلة لقضاء إجازةٍ عائلية، هو ما يدفع للاسترخاء.
فقالت باروتهي: "أستطيع الشعور بدفء أشعة الشمس على جسمي، وسماع أمواج المحيط. أستطيع أنَّ أشم رائحة ملح البحر". وأوصت مؤسسة النوم الوطنية كذلك بهذا النوع من التخيُّل المُوجَّه، الذي يمكنك خلاله تخيل كل تفاصيل ذكرى بعينها أو نشاط مفضل لك، لتخلص عقلك من التوتر حول الخلود إلى النوم.
أمَّا بالنسبة لك، فقد تكون هذه الصور أي شيء؛ مثلاً التفكير في فيلمك المفضل، أو تخيل أنَّك في مباراةٍ لفريقك، أو تذكُّر بعض كتبك المفضلة. الأمر يتعلق بالذكريات أو الأفكار التي تُشعِرُك بالاسترخاء. ومن ثم، بدلاً من مطالعة أخبارٍ تدفعك للتوتر أو التركيز على عقارب الساعة، اذهب بعقلك إلى الشاطئ، أو مطعمك المفضل.. أو ببساطةٍ، تذكَّر مشاهد وأصوات وروائح من يومٍ مثالي عشته، ولنأمل أن يدفعك هذا للخلود إلى النوم دون أن تشعر.