لكل سنّ سلوكه الغذائي الخاص.. هذا الخبير يشرح لك كيف يؤثر عمرك على شهيَّتك

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/08 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/08 الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش
Family On Weekend Luch At Home. Sitting by the table and enjoying the luch together. They are eating soup without spoon.

هل تأكل لتعيش أم تعيش لتأكل؟

لدينا علاقة معقدة مع الطعام، متأثرة بتكلفته، وتوفره وحتى بالضغط.

لكن كلنا نتشارك شيئاً واحداً وهو الشهية للطعام أي رغبتنا في تناول الطعام، حسب تقرير نقلته هيئة الإذاعة البريطانية BBC عن أليكس جونستون مسؤول قسم التغذية في معهد رويت، جامعة أبردين الإسكتلندية.

الجوع ليس الطريقة الوحيدة لنرغب في الطعام

وفي حين أنَّ الجوع -وهو الطريقة التي تجعلنا بها أجسادنا نرغب في الطعام عندما تحتاج الإطعام- هو جزءٌ من الشهية، فهو ليس العنصر الوحيد. فبعد كل شيء، نحن نتناول الطعام عادة عندما لا نكون جياعاً، أو قد نتخطى وجبة رغم آلام الجوع.

وتوصلت دراسة حديثة إلى أنَّ كثرة الإشارة إلى الطعام -سواء كان ذلك عن طريق الروائح أو الأصوات أو الإعلانات- في بيئتنا هي أحد المسببات الرئيسية للإفراط في استهلاك الطعام.

وشهيتنا تتأثر بأعمارنا.

وشهيتنا أيضاً ليست ثابتة، بل إنَّها تتغير على مدى دورة حياتنا كلما تقدمنا في السن. وكما قالها شكسبير هناك سبع مراحل عمرية للشهية، ومن شأن فهم أفضل لتلك المراحل أن يساعدنا في تطوير طرق جديدة لمعالجة نقص التغذية أو الإفراط في تناول الطعام، إلى جانب الآثار الصحية التي تنتج عنه مثل السمنة، حسب أليكس جونستون خبير التغذية بجامعة أبردين الإسكتلندية.

 العقد الأول من سن يوم وحتى 10 أعوام.. أعطوا الأطفال بعض الحرية

في مرحلة الطفولة المبكرة، يمر الجسم بطور النمو السريع الذي يمكن أن يمتد حتى مرحلة البلوغ، مما يؤدي إلى أن يصبح الطفل البدين بالغاً بديناً.

وقد يسهم أيضاً الإفراط في تناول أطعمة بعينها أو الخوف منها في معاناة الآباء مع الأطفال الصغار أثناء موعد الوجبات، لكن من شأن استراتيجية لتكرار تذوق الطعام والتعلم في بيئة إيجابية أن تساعد الأطفال على معرفة الأطعمة الغريبة ولكن الهامة لهم، مثل الخضراوات.

ينبغي أنَّ يمنح الأطفال كذلك بعض الاختيار والمرونة خاصة في ما يتعلق بحجم حصة الطعام. وقد يتسبب إجبار الآباء للأطفال على "إنهاء وجبتهم بالكامل" في جعل الصغار يفقدون قدرتهم على اتباع شهيتهم الخاصة ودلائل الجوع، ما يحفز الإفراط في تناول الطعام في السنوات اللاحقة.

وهناك مطالبات متزايدة وجهت للحكومات لحماية الأطفال الصغار من الدعاية الإعلانية للوجبات السريعة التي تستهدفهم -ليس فقط عبر شاشات التلفزيون ولكن أيضاً في تطبيقات الهواتف، وشبكات التواصل الاجتماعي ومدونات الفيديو- إذ تزيد إعلانات الطعام من استهلاك الغذاء، الأمر الذي يمكن أن يسهم في أن يصبح الأطفال بدناء.

العقد الثاني من عمر 10 إلى 20 عاماً.. يحدد سلوكيات غذائية لاحقاً

في سنوات المراهقة، يشير نمو الشهية والقامة المدفوع بالهرمونات إلى الوصول إلى سن البلوغ. وستُشكل الطريقة التي يتعامل بها مراهق مع الطعام في تلك الفترة الحساسة خيارات أسلوب حياته في السنوات اللاحقة.

يعني ذلك أنَّ القرارات الخاصة بالنظام الغذائي التي يتخذها البالغون مرتبطة بصورة جوهرية بصحة ومستقبل الأجيال التي ستصبح بدورها لاحقاً آباء وأمهات المستقبل. ولسوء الحظ، فدون توجيه، قد يعتاد المراهقون سلوكيات أكل وتفضيلات غذائية مرتبطة بتداعيات غير صحية، حسب خبير التغذية نفسه.

وفي العموم، تكون الفتيات أكثر عُرضة من الفتيان لأن يعانين نقصاً غذائياً بسبب طبيعتهن التناسلية. فالمراهقات اللواتي يصبحن حبالى هن أيضاً عُرضة لخطر أكبر لأن أجسادهن تدعم نموهن في تنافس مع إنماء الجنين.

العقد الثالث بداية من 20 وحتى 30 عاماً.. قرارات الحياة تزيد الوزن

في مرحلة الشباب، يُمكن أن تشجع التغيرات في نمط الحياة مثل الالتحاق بالكلية، أو الزواج، أو العيش مع الوالدين أو الوالدية، زيادة الوزن.

وبمجرد تراكم الدهون في الجسم يصعب غالباً التخلص منها. وعندما نَستهلك طعاماً أقل من احتياجاتنا من الطاقة يُرسل الجسم إشارات قوية على اشتهاء الطعام حتى نتناول المزيد، لكن الإشارات لمنع الإفراط في تناول الطعام تكون أضعف، الأمر الذي قد يؤدي إلى دائرة مفرغة من الاستهلاك المفرط. وهناك العديد من العوامل الفسيولوجية والنفسية التي تجعل من الصعب الحفاظ على عادة تناول طعام أقل.

ويعتبر أحد مجالات البحث الجديد هو تطوير إحساس بالشبع -ذلك الشعور بأن الشخص تناول ما يكفي من الطعام. ويكون ذلك الأمر مفيداً عند محاولة فقدان الوزن، لأن الشعور بالجوع هو أحد العوائق الرئيسية أمام تناول كمية طعام أقل من تلك التي يقول جسدك أنَّك تحتاجها.

تُرسل الأطعمة المختلفة إشارات متباينة إلى الدماغ. وعلى سبيل المثال، يسهُل تناول دلو مثلجات لأن الدهون لا تحفز إرسال إشارات إلى الدماغ لجعلنا نتوقف عن تناوله. وعلى الجانب الآخر، فالأطعمة الغنية بالبروتين، أو المياه، أو الألياف تجعلنا نشعر بأننا أكثر امتلاءً لفترة أطول. ويُتيح العمل مع صناعة الأغذية فرصةً لتشكيل مستقبل الوجبات والوجبات الخفيفة بطرق مفيدة.

العقد الرابع من عمر 30 إلى 40 عاماً.. ضغوط الحياة تغير عادات الأكل

تجلب الحياة العملية للبالغين المزيد من التحديات، وأيضاً آثار الضغط، التي ظهر أنَّها تؤدي إلى تغيرات في شهية وعادات الأكل لدى 80 % من السكان، مقسمة بالتساوي بين أولئك الذين يأكلون بنهم وبين من يفقدون شهيتهم.     

وتعتبر هذه الاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع آثار الضغط مثيرةً للاهتمام: فظاهرة "إدمان الطعام" -وهي رغبة لا يمكن مقاومتها في الحاجة إلى استهلاك أغذية بعينها غالباً تكون مرتفعة السعرات الحرارية- ليست مفهومة على نحوٍ جيد. ويتشكك كثير من الباحثين حتى في وجودها.

فيما قد تؤدي سمات شخصية أخرى، مثل السعي للكمالية والضمير، دوراً في التوسط بين الضغط وسلوك تناول الطعام.

ويُمثَّل تنظيم بيئة العمل لتقليل أنماط تناول الطعام الإشكالية، مثل تناول الوجبات الخفيفة أو اللجوء إلى آلات البيع، تحدياً. وينبغي أن يسعى أرباب العمل إلى دعم وتحفيز أسلوب صحي لتناول الطعام لتكون القوة العاملة لديهم منتجة وتتسم بالصحة، إلى جانب دعم طرق للتعامل مع الضغط والأوضاع المُكربة.

العقد الخامس من عمر 40 إلى 50 عاماً.. الحمية الغذائية ينبغي أن تكون أسلوب حياة

تأتي كلمة حِمية غذائية من الكلمة اليونانية "diaita" والتي تعني "أسلوب العيش ونمط الحياة"، لكننا كائنات تعيش وفقاً للعادة، وغالباً  ما نكره تغيير تفضيلاتنا حتى عندما نعرف أن ذلك التغيير في صالحنا. ونرغب في تناول ما نريد من طعام دون تغيير نمط حياتنا، وفي الوقت نفسه نرغب في الحصول على جسم وذهن سليمين.  

هناك العديد من الأدلة التي تُظهر أنَّ النظام الغذائي هو عنصرٌ مساهمٌ كبيرٌ في اعتلال الصحة. وصنفت منظمة الصحة العالمية التدخين، والنظام الغذائي غير الصحي، وقلة النشاط الجسماني والأنماط الخاطئة لشرب الكحوليات باعتبارها الآثار الرئيسية لنمط الحياة على الصحة ومعدلات الوفاة.

وينبغي على البالغين في الفترة العمرية بين سنَّي الـ40 والـ50 عاماً تغيير سلوكهم وفقاً لما تُمليه عليهم صحتهم، لكن أعراض المرض غالباً ما تكون خفيَّة -على سبيل المثال ارتفاع ضغط الدم أو الكولسترول-  ويفشل كثيرون للغاية في التصرف حيالها.

العقد السادس من عمر 50 إلى 60 عاماً.. ضمور العضلات ومحدودية الخيارات

بعد سن الخمسين، نبدأ في المعاناة من فقدان تدريجي في كتلة العضلات بنسبة تتراوح بين 0.5 إلى 1% سنوياً. ويُسمى هذا بضمور العضلات، وسيُسرَّع النشاط الجسماني المتضائل، والاستهلاك القليل للغاية للأغذية الغنية بالبروتين، وانقطاع الطمث لدى النساء من وتيرة تقلص كتلة العضلات.

ويعتبر اتباع نظام غذائي صحي ومتنوع والنشاط الجسدي هامين للحد من آثار الشيخوخة، ولا يجري تلبية احتياجات السكان المتقدمين في السن المتعلقة بالحصول على أغذية شهية وغنية بالبروتين وعالية المردود.

العقد السابع من 60 إلى 70 عاماً فما فوق.. للشيخوخة أحكامها

يُمثل الحفاظ على نوعية حياة أفضل تحدياً رئيسياً في يومنا هذا في وجه متوسط العمر المتوقع المتزايد، ودون تلك النوعية من الحياة سنصبح مجتمعاً مكوناً من أشخاص هرمين للغاية وضعفاء أو عاجزين.  

وتعتبر التغذية المناسبة هامة، إذ أنَّ التقدم في السن يصحبه ضعف في الشهية وقلة الجوع، مما يؤدي إلى فقدان غير متعمد للوزن وزيادة الهشاشة. ويمكن أن تنتج الشهية المنخفضة أيضاً عن أمراض مثل آثار مرض الزهايمر.

الطعام هو تجربة اجتماعية، لكن فقدان شريك أو العائلة وتناول الطعام وحيداً تؤثر على الشعور بالمتعة الناجم عن تناول الطعام. وتتداخل أيضاً الآثار الأخرى للشيخوخة، مثل مشاكل البلع والأسنان، وتراجع التذوق والرائحة مع الرغبة في الأكل والمتعة التي نحصل عليها من القيام بذلك.

ينبغي علينا تذكر أن على مدى الحياة طعامنا ليس مجرد وقود، بل تجربة اجتماعية وثقافية يجب الاستمتاع بها. نحن خبراء في الطعام إذ أننا نتناوله يومياً، حسب تقرير BBC.

لذلك يجب علينا أن نسعى جاهدين للتعامل مع كل فرصة لتناول الطعام باعتبارها فرصةً للتمتُع بطعامنا والتمتع بالتأثيرات الإيجابية التي يمكن لعملية تناول الأطعمة الصحيحة أن تُحدثها في صحتنا.


واقرأ أيضاً..

قل لي مع من تأكل أقل لك كم تأكل.. هل تناول الطعام بمفردك يضرك أم يفيدك؟

علامات:
تحميل المزيد