المزيد من البروتين قد يكون مضيعةً للمال لا أكثر وقد يسبب “مجاعة الأرانب”، لماذا نحتاج لكمية أقل مما نستهلك من البروتين؟

يجادل بعض خبراء التغذية بأنَّ الأطعمة التي تحتوي على كمياتٍ كبيرة جداً من البروتين (بأسعارٍ باهظة) هي مضيعة للمال والصحة.

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/20 الساعة 14:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/20 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
Selection of protein sources in kitchen background, copy space

يجادل بعض خبراء التغذية بأنَّ الأطعمة التي تحتوي على كمياتٍ كبيرة جداً من البروتين (بأسعارٍ باهظة) هي مضيعة للمال، وتقدم لنا بروتيناً أكثر مما نحتاج بكثير وقد يسبب ذلك ضرراً صحياً مثل "تسمم البروتين" أو أمراض الكلى وضغط الدم.

البروتين لا يجعلنا نفقد الوزن

لطالما ارتبط البروتين بفقدان الوزن، خصوصاً لأنَّ اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات وغني بالبروتينات مثل نظامي باليو وأتكينز يطيل الشعور بالامتلاء. يفشل الناس في إنقاص الوزن في كثير من الأحيان لأنَّهم يشعرون بالجوع، وأظهرت دراسات أُجريت باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي أنَّ وجبة الإفطار الغنية بالبروتين يمكنها المساعدة على وقف الجوع الشديد في وقتٍ لاحق من اليوم، حسب هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

وتقول أليكس جونستون من جامعة أبردين البريطانية إنَّ هناك أدلة كافية تشير إلى أنَّ البروتين يُخلف إحساساً بالتخمة. وإذا كنت تحاول إنقاص وزنك، تزداد أهمية الحصول على وجبة إفطار غنية بالبروتين، مثل تناول الخبز المحمص بالفول أو مخفوق يحتوي على أحد مشتقات الألبان، بدلاً من تناول المكملات الغذائية.

لكنَّها لا تؤيد اتباع نظامٍ غذائي "مشابه لحمية أتكينز"، ووجدت أنَّ تجنب الكربوهيدرات تماماً يؤثر سلباً في صحة الأمعاء (ونعلم الآن أنَّ الحفاظ على أمعاءٍ صحية أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحتنا ورفاهيتنا من عدة نواحٍ).

وبدلاً من ذلك، توصي أليكس بأن يتناول الأشخاص الذين يعانون من السمنة نظاماً غذائياً عالي البروتين ومتوسط الكربوهيدرات، يتكون من 30% من البروتينات، و40% من الكربوهيدرات، و30% من الدهون؛ مقارنةً بالأنظمة العادية التي تحتوي على 15% من البروتينات، و55% من الكربوهيدرات، و35% من الدهون.

لكن لن يساعدك تناول كمية كبيرة من البروتين فقط على إنقاص وزنك بالطبع، إنَّما السر يكمن في اختيار اللحوم الخالية من الدهون مثل الدجاج أو السمك. وتظهر الدراسات أيضاً أنَّ تناول كميات كبيرة من البروتين الحيواني يقترن بزيادة الوزن، فيما يقترن اللحم الأحمر على وجه الخصوص بزيادة خطر الإصابة بالسرطان وكذلك أمراض القلب.

مع ذلك، هناك بروتينات صحية غير اللحوم مثل المايكوبروتين، وهو بروتين نباتي مشتق من الفطريات. يعد الميكوبروتين، مثل منتجات "Quorn"، غني بالألياف وكذلك البروتين.

ويدرس الباحثون الآن كيفية تأثير هذه التركيبة الفريدة (للبروتين والألياف) في مستويات الشبع والأنسولين، التي ترتبط بمرض السكري من النوع الثاني. إذ قارن فريق بحثي حمية المايكوبروتين بحمية الدجاج، ووجد أنَّ مستويات الأنسولين لدى أولئك الذين تناولوا Quorn حافظوا على مستوى السكر ذاته، لكنَّهم كانوا بحاجة لتقليل كمية الأنسولين التي ينتجها البنكرياس.

البروتين ضروري ولكن

البروتين ضروري لنمو الجسم وتعافيه. إذ تتحول الأطعمة الغنية بالبروتين؛ مثل الألبان، واللحوم، والبيض، والأسماك، والفاصوليا، إلى أحماض أمينية في المعدة، وتمتصها الأمعاء الدقيقة، ثم يحدد الكبد أياً من الأحماض الأمينية يحتاجه الجسم، ويتخلص الجسم من بقيتها وتخرج مع البول.

يُنصَح البالغون قليلو الحركة بالأخص بتناول 0.75 غرام من البروتين يومياً لكل كيلوغرام من وزنهم. ويساوي هذا في المتوسط  55 غم للرجال و45 غم للنساء، أو قطعتين في حجم الكف من اللحم، أو الأسماك، أو التوفو، أو المكسرات، أو البقول.

عدم الحصول على ما يكفي من البروتين يمكن أن يؤدي إلى تساقط الشعر، وظهور بثرات في البشرة، وفقدان الوزن بسبب انخفاض الكتلة العضلية. لكنَّ هذه الآثار الجانبية نادرة جداً، ولا يُصاب بها إلا الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل في غالب الأمر، حسب تقرير BBC.

ومع ذلك، لطالما ربط معظمنا بناء العضلات بالبروتين، وهذا صحيح بالفعل. تُسبب تمارين القوة انهيار البروتين في العضلات، ولكي تنمو العضلات أقوى، تحتاج البروتينات في عملية إعادة البناء. ويلعب نوعٌ من الأحماض الأمينية يدعى "ليسين" دوراً كبيراً بشكلٍ خاص في تحفيز تخليق البروتين.

حتى إنَّ بعض الخبراء يجادلون بأنَّ عدم استهلاك البروتين بعد التمرين يمكن أن يتسبب في زيادة نسبة انهيار العضلات على نسبة التخليق، مما يعني عدم حدوث أي زيادة في حجم الكتلة العضلية للجسم. وتنصح العلامات التجارية للمكملات الغذائية بتناول مخفوقات البروتين بعد التمرين للمساعدة في نمو وتعافي الأنسجة العضلية، عادةً في شكل بروتين مصل اللبن (واي بروتين) الغني بالليسين، وهو منتج ثانوي ينتج عن تصنيع الجبن.

وتؤدي زيادة البروتين لمخاطر صحية أيضاً، إذ تقوم الكلى بالتخلص من البروتين الزائد في الجسم، وتؤدي زيادته لإرهاق الكلى وإصابتها بأمراض مزمنة، فضلاً عن السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات المناعة والنقرس، وزيادة الكوليسترول والزهايمر وهشاشة العظام.

كما يزيد البروتين الحالة الكيتونية مما يسبب الغثيان وفقدان الشهية والإحساس بالدوار وتغير رائحة الفم.

نحن نحتاج إلى كمية أقل بكثير من كمية البروتين التي نستهلكها

في أوائل القرن العشرين، أمضى مستكشف القطب الشمالي فيلهيالمور ستيفانسون خمس سنواتٍ كاملة لا يأكل فيها سوى اللحوم. هذا يعني أنَّ حميته تكونت من نحو 80% من الدهون، و20% من البروتين. وبعد مرور عشرين عاماً، فعل الشيء ذاته ليكون جزءاً من تجربة دامت عاماً كاملاً في مستشفى مدينة بلفيو بمدينة نيويورك في عام 1928.

أراد ستيفانسون أن يدحض حجة أولئك الذين جادلوا بأنَّ البشر لن يستطيعوا البقاء إذا تناولوا لحوماً فقط. لكن لسوء حظه، سرعان ما أصابه المرض في كلتا الحالتين، عندما كان يأكل لحوماً بها نسبة دهون منخفضة، أو خالية من الدهون. أُصيبَ جسده بحالة "تسمم البروتين"، الذي يُسمى أيضاً "مجاعة الأرانب"، إلا أنَّ الأعراض اختفت بعدما خفض كمية البروتين التي يتناولها، وزاد كمية الدهون. في الواقع، بعد عودته إلى مدينة نيويورك واتباعه نظاماً غذائياً أميركياً نموذجياً يحتوي على مستوياتٍ أكثر طبيعية من البروتين، يُزعَم أنَّه وجد صحته تتدهور، وعاد إلى نظامٍ غذائي منخفض الكربوهيدرات، وغني بالدهون والبروتين حتى وفاته في سن الثالثة والثمانين، حسب تقرير BBC.

تعد أولى تجاربه ضمن بعض الحالات القليلة المسجلة عن الآثار العكسية التي يخلفها تناول نسبةٍ عالية من البروتينات، لكن على الرغم من ارتفاع مبيعات مكملات البروتين، فإنَّ كثيراً منا لا يزال غير متأكدٍ من كمية البروتين التي يحتاجها، وأفضل طريقة لاستهلاكها، وإن كان تناول الكثير جداً أو القليل جداً منه يعد أمراً خطيراً.

الأداء البدني والبروتين، المكملات ليست الحل

وعلى الرغم من تضاعف معدلات السمنة على مدار العقدين الماضيين، أصبحنا واعين بصورةٍ متزايدة لما نأكله. ففي السنوات الأخيرة، صار كثيرٌ منا يتناول الخبز الأسمر أو المصنوع من الحبوب الكاملة بدلاً من الخبز الأبيض، والحليب منزوع الدسم بدلاً من كامل الدسم. وأصبح للبروتين الأهمية الأولى في أي حميةٍ صحية نتبعها، إذ صارت كرات وألواح البروتين وإصداراتٌ محسنة من المنتجات الأساسية تحتوي على نسبةٍ أعلى من البروتين (بدايةً من حبوب الإفطار إلى الحساء) تهيمن على رفوف المتاجر الكبيرة. ومع بلوغ قيمة السوق العالمي للمكملات البروتينية 12.4 مليار دولار في عام 2016، أصبح واضحاً أنَّنا منساقون وراء فكرة أنَّنا نحتاج إلى أكبر قدرٍ ممكن من البروتين دون تفكير.

في الواقع، تختلف نتائج الأبحاث في تحديد قدرة بناء مكملات البروتين على بناء العضلات. إذ وجد تحليل أُجرِي في عام 2014 على 36 ورقة بحثية أنَّ مكملات البروتين ليس لها أي تأثير في كتلة الجسم الغث وقوة العضلات خلال الأسابيع القليلة الأولى من تمرينات المقاومة لدى الأفراد غير المدربين.

مع مرور الوقت، وإذا ازدادت صعوبة التمرين، يمكن أن تعزز المكملات نمو العضلات. ومع ذلك، تخلص الورقة البحثية أيضاً إلى أنَّ هذه التغيرات لم تثبت على المدى الطويل. بينما تشير ورقة مراجعة في 2012 إلى أنَّ البروتين "يزيد من الأداء البدني، وتعافي العضلات بعد التمرين، وكتلة الجسم الغث"، ولكي يحقق الجسد الفائدة القصوى منه، ينبغي أن يكون مقترناً بالكربوهيدرات سريعة المفعول.

لكن حتى لو استفاد الرياضيون ورواد صالات الألعاب الرياضية من تناول جرعة لزيادة نسبة البروتين بعد التمرين، فلا يعني ذلك أنَّه ينبغي عليهم السعي لتناول المكملات الغذائية ومخفوقات البروتين. إذ يقول كيفن تيبتون، أستاذ الرياضة في جامعة ستيرلنغ باسكتلندا، إنَّ معظم الناس يتناولون كمية بروتين أكثر من الموصى بها يومياً: "لا يحتاج أي شخص إلى تناول المكملات الغذائية. إنَّها وسلية ملائمة للحصول على البروتين، لكنَّ المكملات الغذائية تحوي العناصر ذاتها الموجودة في الأطعمة العادية. فألواح البروتين هي في الحقيقة مجرد ألواح حلوى تحتوي على القليل من البروتين الإضافي".


اقرأ أيضاً..

كي لا تقع فريسة شركات التسويق.. نعم، البروتين ضروري للعضلات ولكن مصادره ليست صحية كما تعتقد

فقط استحم! الحمّام الدافئ يحرق سعراتك ويضبط السكر والبروتين.. لكن بشرط

علامات:
تحميل المزيد