يتحكمون في فاتورتك بالموسيقى وأنت لا تدري.. قوة الصوت في المطعم تجعلك تفضل البرغر على السَلطة!

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/15 الساعة 14:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/15 الساعة 14:11 بتوقيت غرينتش

لن أتناول البرغر بعد اليوم وسأكتفي بالسَّلطات الغنية في المطاعم.

وعدٌ يردده كثيرون على أنفسهم، وبمجرد أن تطأ أقدامهم باب المطعم يطير الوعد من الشُّباك. ولكن السبب ليس ضعف الإرادة أو شهوة حب الطعام؛ بل مجموعة عوامل مدروسة تهيئ لها المطاعم، ومنها نوع الموسيقى!
فالموسيقى العالية في المطاعم مصدر دائم للشكوى، ولكنَّ أثرها لا يقتصر على آذان الزبائن؛ بل خصرهم أيضاً؛ إذ وجدت دراسة جديدة أنه كلما ارتفع صوت الموسيقى في المطعم، زاد ميل الزبائن إلى اختيار أطعمة غير صحية.
أستاذ التسويق بجامعة جنوب فلوريدا، ديبيان بسواس، أجرى الدراسة في مقهى بستوكهولم؛ شَغَّل فيه أنواعاً مختلفة من الموسيقى تشغيلاً متكرراً، بشدة 55 ديسيبل و70 ديسيبل في أوقاتٍ مختلفةٍ عدةَ أيام. وجد الباحثون أن عدد الزبائن الذي يطلبون طعاماً غير صحي لهم ارتفع بنسبة 20% حين كانت الموسيقى أعلى، مُقارنة بمن تناولوا طعامهم في أوقات تشغيل الموسيقى الأقل شدة.
فالموسيقى الخافتة تهدئ، والموسيقى الصاخبة تملؤنا بالطاقة والحماسة.

قوة الصوت تؤثر على القلب والهرمونات والقرارات

تشير الدراسة إلى أن "قوة الصوت تؤثر مباشرة على معدل نبضات القلب والإثارة الجنسية، كما تؤثر على عملية اتخاذ القرار أيضاً: في الهدوء المريح لموسيقى الجاز الرقيقة، نتحكم في أنفسنا أكثر، ونتخذ قراراتٍ أفضل بشأن الأطعمة الجيدة لنا. لكن في الأجواء الحماسية لموسيقى الروك العالية، نريد اللحم والجبن في شطيرة من الخبز، وأصابع البطاطا المقلية كطبقٍ جانبي، إلى جانب المشروبات الباردة".
رغم أن الدراسة جديدة، فإنها تعزز الاعتقاد السائد الذي يعرفه أصحاب المطاعم منذ وقتٍ طويل: خلق الجو المناسب أمرٌ أساسي للنجاح.

وتخلق طاقة حيوية في الجو وتثير الزبائن

يقول أليكس ماكوي، مالك وشيف مطعم Lucky Buns للبرغر بواشنطن، إن الموسيقى "تخلق طاقة في الجو، ويبدأ الوخز يسري بالجسم. وكلما جعلت التجربة حيوية، يبدأ دماغك بالجنون. ترغب في شراء الأشياء، والأكل، ومقابلة الناس".
شطائر البرغر والدجاج المقلي ذات الشهرة العالمية في مطعم ماكوي، لاقت الاستحسان باعتبارها من أفضل الشطائر بالمنطقة، ومطعمه -وفقاً لتقييمات مستخدمي منصة Yelp- "صاخبٌ جداً"، "لكن الأمر يستحق!". يشغِّل ماكوي عادةً موسيقى اليورو هاوس أو الريغي الصاخبة، ويترك الإيقاع المدوي يرج المطعم، وهي "قائمة تشغيل تمكِّن الزبائن من نسيان أنفسهم في الموسيقى"، كما نقلت عنه صحيفة The Washington Post.

والأغنيات الجميلة تطيل من فترة الجلوس في المطعم

ويُضيف ماكوي: "أشغل أغاني وتوليفات وأنواع موسيقى مختلفة، ما يخلق هذا الجو الفوضوي. وبالنسبة لي، تخلق هذه الأغاني أفضل أجواء الحانات، حين تأتي أغنية ويصيح الزبائن (آه أجل، هذه أغنية جميلة! فلنطلب جولة من المشروبات)".
يقول ماكوي إنه لم يُقارن قَط بين مبيعاته في فترات تشغيل الموسيقى بعلو صوت مختلف. لكن، هناك 4 أطباق سَلطة جانبية في القائمة، وأي شطيرة برغر أو دجاج مقلي يمكن تقديمها مع الخس دون خبز. ويؤكد أن هذه الخيارات الصحية لم تحقق أفضل المبيعات، خاصة بالمقارنة بشطائر البرغر مع المربَّى والجبن، أو الدجاج المقلي مع المخلل وصوص السريراتشا الحارة.

لكن الصوت العالي يؤذي كبار السن والعاملين في المطعم

لم تكن المطاعم دوماً صاخبة هكذا. تُرجع مجلة New York، أصل هذا "الانفجار الصاخب العظيم" إلى أواخر التسعينيات، وتحديداً مطعم بابو، المملوك للشيف ماريو باتالي، الذي يخضع لتحقيقات جنائية الآن بعد اتهامه بالاعتداء الجنسي.
بدأ طهاة مثل ديفيد تشانغ في الصعود إلى منزلة نجوم الروك، ورفعوا صوت الموسيقى بمطاعمهم، في محاولة لاجتذاب الشباب الذين يحبُّون الأجواء الصاخبة. لكن المطاعم الصاخبة قد ينفر منها الأكبر سناً أو من يواجهون مشاكل بالسمع، أو من يريدون الاستمتاع بحديثٍ هادئ على العشاء دون أن يصرخوا حتى تبح أصواتهم.
وفي بعض الحالات، يُمكن لأصوات الموسيقى العالية في المطاعم أن تشكّل خطراً على العاملين فيها. فالتعرض الدائم لمستويات من الضوضاء أعلى من 70 ديسيبل قد يسبب فقدان السمع بمرور الوقت.
وصلت مستويات شدة الصوت في بعض المطاعم إلى التسعينيات، أشد من صوت آلة جز العشب. كانت شدة الصوت في مطعم واشنطن شيك شاك وسط المدينة في نحو الساعة الثانية عشرة والنصف مساءً -في ذروة زحمة تناول الغداء- تصل إلى 75 ديسيبل بين الموسيقى والضوضاء الخلفية، ما يعادل سماع "الطريق السريع على بُعد 50 قدماً من حافة الرصيف".

والنتيجة مفتاح للتلاعب بالموسيقى وزيادة الأرباح

لكنَّ ورقة بسواس البحثية تُظهر أن الضوضاء يمكنها دفع الزبائن إلى طلب أنواع بعينها من الأطعمة، ما يعني زيادة ما يدفعونه. يقول بسواس لموقع Science Daily: "يمكن للمطاعم ومحلات السوبرماركت أن تستخدم الموسيقى الخلفية كاستراتيجية للتأثير على السلوك الشرائي للمستهلكين". وفقاً للدراسة، "تمكن هذه النتائج مديري المطاعم من التلاعب بشدة الموسيقى والتأثير على المبيعات".
لذا، إذا وجدت نفسك المرة المقبلة تلتهم كميات كبيرة من الطعام، فتوقف قليلاً ولا تدعْ حاسة السمع تسيطر على حاسة التذوق، فتدفع شرايين القلب صمن تضارب الحواس!