جميعنا يمر بأحداث مؤلمة وذكريات صعبة، فهل هناك طريقة لمحوها ونسيانها؟ الإجابة نعم، وإليك الطريقة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/23 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/25 الساعة 09:20 بتوقيت غرينتش
Elder crying while watching the picture of his wife

يمر الإنسان بأحداث مؤلمة على مدار حياته مثل الفقد أو الإخفاق. وفي بعض الأحيان، يمكن استيعاب تلك الأحداث والذكريات والمضي قدماً. ومع ذلك، هناك أوقات تكون فيها تلك الأمور أكثر تعقيداً. ويمكن أن يكون الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة الناتجة عن أحداث سابقة من الأعباء التي يصعب تحملها.

إذن، كيف نقوم بحذف ذكريات سيئة من رؤوسنا للحفاظ على تماسكنا وصحتنا؟  لفهم ذلك، تحتاج إلى فهم كيف تشكل الذكريات وتبقى حية في أدمغتنا في المقام الأول.

كيف تتشكل الذكريات؟

في الماضي، اعتقد العلماء أن الذكريات يتم تخزينها في بقعة واحدة مثل خزانة الملفات العصبية، لكنهم أدركوا لاحقاً أن كلَّ ذكرى لدينا محجوبة في اتصالات عبر الدماغ.

ولتفسير ذلك ببساطة، تتشكل الذاكرة عندما تحفز البروتينات خلايا دماغنا على النمو وتكوين روابط جديدة، مما يؤدي إلى إعادة ربط دوائر عقولنا.

بمجرد حدوث ذلك، يتم تخزين الذكرى في ذهنك، وبالنسبة لمعظمنا، ستبقى هناك طالما أننا نفكر أو نعيد النظر فيها.

حتى الآن، فالأمور في غاية البساطة. لكن ما لا يدركه كثير من الناس هو أن تلك الذكريات طويلة الأجل ليست مستقرة. في الواقع، في كل مرة نعود فيها إلى الذاكرة، تصبح هذه الذاكرة قابلة للتغيير مرة أخرى، وتتم إعادة ضبطها بشكل أكثر وضوحاً من ذي قبل.

تُعرف هذه العملية باسم إعادة الدمج، وتفسر لماذا تتغير ذكرياتنا أحياناً بشكل طفيف بمرور الوقت. على سبيل المثال، إذا سقطت عن دراجتك، في كل مرة تتذكرها وتغضب بشأنها، فإنك تعيد تقوية الروابط بين تلك الذاكرة والمشاعر مثل الخوف والحزن. في نهاية المطاف يمكن أن يكون مجرد التفكير في دراجة ما كافياً ليجعلك تشعر بالرعب. بدلاً من ذلك، كان لمعظمنا تجربة ذاكرة صادمة مرة واحدة أصبحت مضحكة سنوات في وقت لاحق.

إن عملية إعادة الإدماج مهمة للغاية، لأنها نقطة يمكن للعلماء أن يتدخلوا فيها ويخترقوا ذاكرتنا.

وقد أظهرت العديد من الدراسات الآن، أنه من خلال حجب مادة كيميائية تدعى النورايبفيرين norepinephrine -التي تشارك في ردود الفعل العصبية، يمكن للباحثين أن "يثبطوا" الذكريات المؤلمة، ويمنعوها من الارتباط مع المشاعر السلبية، حسب تقرير لموقع sciencealert.

ولماذا توجد تلك الذكريات بالأساس؟

بشكل عام، فإن الذاكرة موجودة لتنظيم حياتك.

من المستحيل العيش دون التذكر أو الذكريات. يعني ذلك أن تتعلم كل شيء في كل مرة كما لو كانت أول مرة، ويكون بذلك استرجاع أو نقل الخبرات مستحيلاً.

وكيف يقوم المخ بتخزينها؟

يقوم العقل بتخزين الذكريات بطرق عديدة، عبر أنواع مختلفة من الذاكرة هي:

الذاكرة الحسية

مبدئياً، فإن هذه الذاكرة هي التي تختبرها من خلال حواسك.

تُخزَن تلك الذكريات لفترة قصيرة جداً، ليس أكثر من 300 ملل ثانية. بعد ذلك الوقت تختفي تماماً، إلا إذا أصبحت جزءاً من الذاكرة قصيرة الأجل.

الذاكرة قصيرة الأجل

بمجرد اختيار تجربة ما من ذاكرتك الحسية، يتم تثبيتها في الذاكرة قصيرة الأجل.

تسمى هذه الذاكرة أحياناً بالذاكرة التشغيلية. بشكل عام، كل ما يمكنها أن تحتويه هو خمسة إلى تسعة عناصر في كل مرة.

الذاكرة طويلة الأجل

أخيراً، هذه هي الطريقة التي يخزن بها عقلك الذكريات بطريقة دائمة. بالإضافة إلى ذلك، تتجمع الذكريات المؤلمة هنا أيضاً. كما يمكن تقسيم الذاكرة طويلة الأجل إلى ذاكرة ضمنية وذاكرة صريحة، حسب موقع Step to health.

– الأولى مسؤولة عن تخزين ذكرياتك اللاواعية ومرتبطة بتعلم أنواع مختلفة من المهارات. وبفضل هذا النوع، يمكنك القيام ببعض الأنشطة مثل ركوب الدراجة أو قيادة السيارة.

– ترتبط الذاكرة الصريحة بنشاطك الواعي. وهناك نوعان من الذاكرة الصريحة: الدلالية والعرضية. تشير الدلالات إلى الذكريات التاريخية أو العلمية، بالإضافة إلى المعرفة الجغرافية أو المكانية. كما يتم أيضاً تخزين أسماء الأشخاص في تلك الذاكرة.

الذاكرة العرضية هي مكان تخزين الذكريات المؤلمة. تحتفظ هنا بالقصص عن نفسك وتخزن بعض الحقائق أو تسترجع تجارب معينة. من الأمثلة على التجارب المخزنة في الذاكرة العرضية يوم الزفاف أو التخرج أو معركة ما أو شيء سيئ حدث لك.

وهل بإمكانك محو ذكرى مؤلمة؟ الإجابة نعم

الإجابة البسيطة هي نعم، ولكن يعتمد أمر نسيان الذكريات أو الاحتفاظ بها على الكيفية التي تتبلور بها كل ذاكرة، ويرجع ذلك إلى طريقة تخزين ذكرياتك. يقودنا ذلك إلى أساس العلم المعروف باسم علم الأعصاب.

أظهرت الأبحاث في هذا المجال أنه في كلِّ مرة تتذكر فيها تجربة معينة، تصبح تلك الذكرى غير مستقرة أو مشوَّشة. وبالتالي، يسمح لك ذلك بإضافة معلومات جديدة إليها. وعند إعادتها إلى موقعها، تكون قد تغيَّرت قليلاً عن أصلها، حسب موقع Step to health.

تُوفر هذه الآلية مساحةً يمكنك فيها تعديل الذاكرة المؤلمة. ونتيجة لذلك، يمكنك تغيير استجابتك العاطفية المرتبطة بها.

حتى محاربة المشاعر السلبية ممكنة

صدّق أو لا تصدق، يمكن أن يساعد العلاج النفسي أيضاً في محاربة المشاعر السلبية، عن طريق مساعدتك في إعادة تفسير الحقائق التي تسبب لك الألم. عندما يتم تغيير المعنى، تتغير الحقيقة المؤلمة. يمكن إضافة المعلومات أو استبدالها من أجل تخفيف معاناتك.

في الوقت الحالي، يقوم العلماء بتطوير عقاقير يمكنها مساعدة المرضى على تخطي الذكريات المؤلمة. يمكن أن تساعد المواد التي تحول دون إنتاج الكورتيزول -هرمون الإجهاد- في حل مشكلات الذكريات المؤلمة.

ومع ذلك، تقترح معظم النظريات المتعلقة بدراسة تلك الذكريات على المرء قبول الحقائق، وفهم أنه لا يمكنك تغيير الماضي.

من المهم البحث عن طرق لاكتساب بعض الخبرات من ذلك الماضي المؤلم. وبغضِّ النظر عن مدى قوته أو صدمته، فإن به دائماً دروساً إيجابية لتتعلمها.

أخيراً، من المهم أن تغفر. تسمح لك المغفرة بالتغلب على أي شيء، وترك الماضي في الماضي حيث ينتمي.