باحثون ينجحون في نقل ذاكرة حلزون إلى آخر.. هل يمكن أن يستفيد الإنسان من التجربة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/20 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/20 الساعة 16:03 بتوقيت غرينتش
Two beautiful shells on the sand unusual shapes. Sink like a strange living creatures

تعد فكرة نقل الذاكرة وزرع الذكريات من كائن حي لكائن آخر ضرباً من ضروب الخيال العلمي، لكنها لم تعد كذلك بعد تجربة أخصائيين في علم الأحياء من جامعة كاليفورنيا في لوس آنجلوس، حيث تمكنوا من تغيير ذكريات حلزون من بحر كاليفورنيا بذكريات حلزون بحري آخر عبر الحمض النووي الريبوزي RNA،. حسب بيان نشر في مجلة E Neuro التابعة للجمعية الأميركية لعلم الأعصاب.

نقلوا الحمض النووي بين الحلزونات التي تعرضت للتدريب

لإجراء هذه العملية، أقدم فريقٌ من العلماء يترأسه البروفيسور ديفيد غلانزمان، على إخضاع الحلزونات البحرية إلى صدمات كهربائية خفيفة لإجبارها على إثارة حركة منعكسة (ودفاعية) عبر تقلص الذيل. وبعد تعرضها للصدمة الكهربائية، تنكمش هذه الرخويات لمدة ثانية، إلا أنه مع القليل من التدريب (يتلقى الحلزون عشر صدمات على مدى يومين) لتمتد مدة انكماش الذيل وتصل إلى حوالي 50 ثانية، حسب مجلة Sciences et Avenir الفرنسية.

بعد ذلك، اعتمد العلماء على استخراج عينة من النظام العصبي من الحمض النووي الريبوزي من هذه الحلزونات (ينتشر حمض الريبونيوكليك داخل تركيبة البروتين التي تتلقى معلومات ترِد عبر الحمض النووي وعبر العديد من العمليات الخلوية التي تتدخل في النمو والأمراض) الذي تم حقنه داخل حلزونات بحرية أخرى.

النتائج مفاجئة، قاموا بنقل الذاكرة بالفعل!

وكانت النتيجة أن الحلزونات التي حُقنت بالحمض النووي قد أبدت ردود فعل دفاعية بعد مضي 24 ساعة (رغم أنها لم تخضع للتدريب)، حيث امتدت ردود فعلها إلى ما يقارب 30 ثانية في المتوسط. ولاحظ العلماء أن سلوك هذه الحلزونات كان شبيهاً بسلوك الحلزونات التي استخرجت منها العينة، والتي خضعت للتدريب، حسب المجلة الفرنسية.

كما قارن الباحثون هذا الحمض النووي الريبوزي بالخلايا العصبية الحسية الحلزونية التي لم تتلق الصدمات الكهربائية. وبالفعل، اكتشف العلماء أن الخلايا سرعان مع أبدت اهتياجاً، كما لو أنها كانت حساسة للغاية. وعلق ديفيد غلانزمان على ذلك في بيان له، "كما لو أننا قمنا بنقل ذاكرتها".

ما هي الذاكرة البشرية؟ وأين يتم تخزينها؟

قدرة الدماغ على جمع وربط وتوصيل وخلق الفسيفساء من هذه الانطباعات التي تحدث في أجزاء من الثانية- هو أساس كل ذاكرة، وهي أساس تكوينك المعنوي أيضاً.

فكل تجربة حسية تؤدي إلى تغييرات في جزيئات الخلايا العصبية الخاصة بك، وتعيد تشكيل الطريقة التي تتصل بعضها ببعض، وهذا يعني أن دماغك مصنوع حرفياً من الذكريات، وهذه الذكريات هي ما يشكل الطبعة الأخيرة من دماغك باستمرار.

وتنتج الذاكرة من معالجة المعلومات الموجودة في الأنظمة المختلفة للدماغ، ويقول علماء الأعصاب إن استدعاء أي ذكرى يكون عبر تنشيط مناطق مختلفة من الدماغ في الوقت ذاته، فإعادة تجميع هذه الأجزاء هو التذكر.

ويحدث بناء الذاكرة خلال النوم بدرجة كبيرة حيث تتزايد الانطباعات والمعلومات التي يتم تخزينها في شبكة الأعصاب الدماغية، ويحدث تداخل بين هذه الذكريات حيث تخزن المعلومات الجديدة فوق معلومات قبلها أو حتى مكانها وتصعب القدرة على الاستذكار كلما قل استدعاء المعلومات.

لكن حسب غلانزمان الذي أجرى التجربة على الحلزون البحري، فإن الذكريات تُخزن في نواة الخلايا العصبية (حيث يوجد الحمض النووي الريبوزي) وليس على مستوى نقاط التشابك العصبي، كما هو متداول عادة لدى أخصائي علم الأعصاب. وأضاف غلانزمان أنه "إذا تم تخزين الذكريات على مستوى نقاط الاشتباك العصبي، فإن ذلك يؤكد بأن تجربتنا لم تحقق شيئاً يذكر".

بعد هذا الاكتشاف، هل يمكن إنعاش ذاكرة المصابين بالزهايمر؟

ومن هنا إلى أن يتم نقل هذه التجربة إلى البشر، يجب على ديفيد غلانزمان أن يقطع شوطاً كبيراً قبل أن يقدم على مثل هذه الخطوة. ففي حين أن الحلزون لديه حوالي 20 ألف خلية عصبية في نظامه العصبي المركزي، يمتلك رجل بالغ حوالي 100 مليار خلية. وفي هذا الإطار، صرح ديفيد غلانزمان قائلاً "أعتقد بأنه في المستقبل القريب، سيصبح بإمكاننا استخدام الحمض النووي الريبوزي من أجل إنعاش وتعديل الذكريات النائمة خلال المراحل الأولى من علاج المصابين بمرضى الزهايمر".

"إنه أمر مثير للاهتمام، لكنني لا أعتقد أنهم نقلوا ذاكرتهم"، يقول عالم الكيمياء الحيوية توماس رايان من ترينيتي كولدج دبلن ، الذي لم يشارك في البحث، لصحيفة الغارديان، ولا تحظى النتائج بقبول واسع من العلماء المختصين.

"هذا العمل يخبرني أن الاستجابات السلوكية الأساسية ربما تتضمن نوعاً من التبديل في الحيوان، وهناك شيء ما في ما يستخلصه غلانزمان."، وأثار رايان وغيره الشكوك حول نتائج الدراسة.

وأضاف رايان ربما يكون ذلك على مستوى حساسية RNA وليس خلايا توصيل الدماغ التي تعتبر مسؤولة عن الذاكرة، و"أعتقد أنه في المستقبل غير البعيد، يمكن أن نستخدم RNA من أجل تخفيف آثار مرض الزهايمر أو اضطراب ما بعد الصدمة".

لكن غلانزمان يرد بالقول أن "ما نتحدث عنه هو أنواع محددة للغاية من الذكريات، وليس النوع الذي يقول ما حدث لي في عيد ميلادي الخامس، أو من هو رئيس الولايات المتحدة"، حسبما نقلت مجلة E Neuro.

ولكن إذا كان غلانزمان على حق، فإن اكتشافه يمكن أن يغير حياة أولئك الذين تتأثر حياتهم سلباً بفقدان الذاكرة أو النسيان.

تحميل المزيد