لا حلّ إلا بالمواجهة.. الخوف من الموت، اضطراب يشلّ الحياة

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/16 الساعة 08:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/16 الساعة 08:10 بتوقيت غرينتش

خوفاً من الموت، يقوم الإنسان بأمور ما كان ليفعلها، كأن يُرهِق نفسه في صالات الرياضة وأن يتناول خضراوات لا يحبها، وربما يُظهر مناطق خاصة من جسمه لطبيب غريب؛ خوفاً من أي مرض يقرّب من موعد الموت.

هذا الخوف المتواصل من الموت يُدخل الإنسان في دائرة اضطراب لا تنتهي؛ سواء من موعده أو طريقته أو ما سيحل بالمقربين مِن بَعده؟

اضطراب الخوف من الموت، هو أحد أخطر المخاوف التي تسيطر على تفكير الإنسان، فلا يتركه إلا بعد نزال وصراع طويل.

دراسة بريطانية أُجريت في العام 2014، كشفت أن 8 من كل 10 أشخاص في بريطانيا لا يشعرون بالراحة عند الحديث عن الموت.

في هذا التقرير، نتعرف على ذلك الاضطراب، ولماذا يصيب البعض دون الآخرين، وما هي أعراضه، وكيف نتغلب عليه.

انتظار الموت موت في حد ذاته

انتظار الموت.. موت في حد ذاته!

يمكن القول إن الخوف من الموت هو خوف من المجهول، ذلك اللغز والغموض بالحدث، الذي لم يعُد منه أحدٌ لينقل أخباره. لا أحد يمكنه تخمين موعد الموت؛ حتى الأطباء، عادة ما تفشل حساباتهم وتخميناتهم، وتكون النتيجة ربما مقاربة لما قِيل، لكن من المستحيل أن تتطابق.

انتظار الموت، هو في حد ذاته موت؛ فلو تخيَّلت شخصاً يقضي حياته وهو في انتظار تلك النهاية التي لا يعرف موعدها، فلن يكون لديه تلك المقدرة البشرية على التعرف أو التقرب ممن يحب، أو القيام بأمور تعود بالنفع عليه وعلى مَن حوله.

أنواع القلق المختلفة تُوهم الجسم، فيصاب بمرض.. أو يموت!

أولاً: اضطراب القلق الدائم

يعد أحد أكثر العوارض المسبِّبة لاضطراب الخوف من الموت. وتنشأ بعض المشكلات النفسية العضوية بسبب هذا القلق، منها مثلاً: نوبات القلق المبالَغ فيها.

يشعر خلالها الشخص بدوار شديد وألم في الرأس والصدر، وتسارع مطرد في ضربات القلب، فيشعر وكأنه على وشك الموت فعلاً. لا يدرك لحظتها الإنسان أن الأمر ناتج من الشعور بالقلق وحسب، وليس هناك أي خطر عضوي حقيقي، فالألم موجود والشعور موجود، والخطر في هذه الحالة هو عدم المعرفة، والاستسلام للنوبة، التي قد تؤدي إلى الموت فعلاً.

تلك الحالة، ما هي إلا نتاج عملية مشتركة بين العقل والجسد؛ فالجسد ينشّط حالة القلق، وهنا يأتي العنصر الأكثر أهمية وهو الأدرينالين، الذي ينبّه العقل إلى وجود خطر، فيتحرك كلاهما للمواجهة. لكن، ماذا لو كان الخطر غير موجود أصلاً!

ثانياً: اضطراب القلق العام

نوع آخر من أنواع القلق، والمرتبط أيضاً بالخوف من الموت. يؤدي هذا الاضطراب إلى الإصابة بما يُعرف بالتصلُّب اللويحي، وهو خلل يصيب الدماغ، ويمنع الجهاز العصبي من التواصل.

ثالثاً: اضطراب ما بعد الصدمة

لكونه اضطراباً شائعاً، فغالباً ما يصاحبه القلق والحزن والميول الاكتئابية العنيفة، خصوصاً في البلاد التي تشهد حروباً.

رابعاً: اضطراب الوسواس القهري

ذلك الاضطراب المخيف الذي يفتك بصاحبه، نفسياً وجسدياً. يبدأ الأمر بالتفكير في ذلك الشر الوهمي الكامن في مكان ما بانتظار أن يفتك بك، وعلى الرغم من كونه خطراً وهمياً، فإن المصاب يدخل في حالة اليقين من حدوثه، فينشأ اضطراب الخوف من الموت.

أحياناً.. يتطور القلق إلى فوبيا

قد لا يتطور القلق إلى الأعراض السابقة، لكنه قد يتحول إلى حالة أخرى، وهي الـ Thanatophobia أو فوبيا الخوف من الموت.

تختلف أعراضها العضوية والنفسية؛ فأما العضوية فقد تعني جفاف الحَلق، والتعرُّق الزائد وألم المعدة، وآلام الصدر، وربما التورم أحياناً.

أما عن الأعراض النفسية، فهي الخوف الدائم والحزن والغضب، والهرب من أي موقف يبدو مُقلقاً أو خطراً.

أما عن الأعراض النفسية، فهي فقدان السيطرة على الوعي، والانفعالات السريعة، وفقدان القدرة على التمييز بين الحقيقة والوهم.

إذاً.. كيف يمكن أن نتغلب على هذه الأفكار السلبية؟

توجد 4 طرق إيجابية للتغلب على هذا الخوف، والتعامل معه بالمنطق، للسيطرة عليه كي لا يسيطر على حياة صاحبه:

أولاً: السيطرة على الحياة

 بمعنى انتقاء الناس الذين ستمضي معهم وقتك بعناية، لتستمتع بصحبتهم. لو كان هناك شيء ما يُزعجك فاتخذ قراراً بشأنه. أنهِ تلك المهام العالقة. ولو كنت مشتاقاً لشخص ما، فاتصل به. وأخيراً، لا تستمر على رأس عمل لا تحبه، أو تبقى في علاقة لا تسعدك.

ثانياً: تقبَّل الموت على أنه ظاهرة طبيعية

الحياة والموت، مفاهيم كونية ستحدث للجميع، وكما أن الولادة أمر لا خيار فيه للشخص، كذلك الموت. ويمكن اعتبار أن وجودك وجسمك ومساهماتك على هذه الأرض هِبة ورسالة لا يجب الاستخفاف بها.

ثالثاً: الحياة بطريقة صحية وإيجابية

خطوات صغيرة تدخل إلى نمط الحياة بتمهُّل قادرة على ترك أثر كبير على المدى الطويل. المشي كل يوم نصف ساعة، استكشاف ما يثير اهتمامك في هذه الحياة، فلو كنت مشغولاً في عيش الحياة فلن تفكر أبداً في الموت.

رابعاً: حدِّد ما تريده بعد الوفاة

لعل أكثر ما يثير الرعب من الموت هو ما سيحلُّ بالمقربين من بعد الوفاة، سواء كانوا أولاداً أو أزواجاً أو أبوين. أسئلة كثيرة تزيد من هذا القلق. لا يمكن السيطرة على موعد الوفاة أو طريقتها، ولكن يمكن تحديد ما ستترك مِن بَعدك. أعلِم المقربين بوصيتك والطريقة التي ترغب فيها بوداع الدنيا. إزاحة هذا الأمر من تفكيرك يفسح المجال لأفكار أخرى.

قد لا يتوقف شخص ما عن الخوف من الموت بشكل نهائي، وبعض القلق قد يكون صحياً لحماية نفسك من خطر ما. الخطورة تكمن عندما يزيد الأمر على الحد، عندها تجب الاستعانة بالاستشارة النفسية.