صحيفة بريطانية: حان الوقت لزيارة تونس.. بلدٌ ساحر يستحق شدّ الرحال

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/10 الساعة 06:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/10 الساعة 06:16 بتوقيت غرينتش
View from hill Byrsa with ancient remains of Carthage and landscape. Tunis, Tunisia.

أهم متحف في المنطقة العربية بعد المتحف المصري بالقاهرة، يكاد يكون خالياً من الزوار، وحمامات أنطونيوس الشاسعة يوجد بها 20 سائحاً فقط!

بدأت السياحة في تونس بالتعافي بعد هجمات العام 2015 الإرهابية، لكن توافد السياح الأجانب على عاصمتها في تناقص مستمر، تاركين آثارها الرومانية ومناطق الجذب السياحية الرئيسية فيها خاوية على عروشها، حسب وصف تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

يتناقص عدد السائحين الأوروبيين في تونس منذ 3 أعوام، بعد الهجوم الإرهابي المزدوج في مدينة سوسة، وعلى المتحف الوطني في باردو، إلا أنهم بدأوا العودة مرة أخرى إلى المنتجعات الشاطئية مثل الحمامات. وبتزايد رحلات شركات الطيران إلى تونس، من المتوقع أن يستمر هذا المسار.

مراسل The Guardian بيتر بومونت، رصد في أول زيارة إلى تونس، مهد الربيع العربي منذ ثورة العام 2011، البلد الذي حقق – حسب وصفه – نجاحات أكثر بكثير من بلدان الثورات العربية الأخرى كافة.

يقول، "جئت إلى تونس؛ لأن زوجتي كانت تعمل في البلاد مع الأحزاب السياسية من أجل الاستعداد للانتخابات المحلية القادمة، التي سيكون نصف مرشحيها من النساء. بالنسبة لها، كانت عطلة نهاية الأسبوع أول فرصة لها لرؤية معالم هذا البلد".

تشعر بأنك تقيم في فرنسا

"رائعة"، هكذا وصف بومونت منطقة المرسى التي أقام بها هو وزوجته؛ إذ تصطف المقاهي، والمكتبات، والأماكن الفنية في مواجهة الكورنيش والشاطئ، فضلاً عن فندق دار المرسى (غرفة مزدوجة شاملةً الإفطار بتكلفة 145 جنيهاً إسترلينياً) الذي يطلُّ على الواجهة البحرية.

إنها العاصمة الصيفية القديمة للبلاد، ويقول عن تجربة الإقامة: "ربما تعتقد أنك بفرنسا في بعض الأحيان".

فيها نقيم في منطقة المرسى، بالجهة الشمالية الشرقية بدلاً من الإقامة في وسط المدينة المليئة بالفنادق في شوارع محمد الخامس، وبورقيبة، ذلك الأخير سُمي باسم الحبيب بورقيبة، أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال. تُعد المرسى منطقة رائعة؛ إذ تصطف المقاهي، والمكتبات، والأماكن الفنية في مواجهة الكورنيش والشاطئ، فضلاً عن فندق دار المرسى (غرفة مزدوجة شاملة الإفطار بتكلفة 145 جنيهاً إسترلينياً) الذي يطل على الواجهة البحرية. إنها العاصمة الصيفية القديمة للبلاد؛ إذ ربما تعتقد أنك بفرنسا في بعض الأحيان.

وُضعت على نوافذ المكتبات مقالات ألبير كامي، وقصص مصورة، والمقاهي تشبه لو غورميه، أما المخبز الفرنسي ميزون كايسر فيصنع الإفطار على الطريقة الفرنسية. يتحدث البرجوازيون التونسيون على المقاهي الفرنسيةَ بعضهم مع بعض.

إحدى مميزات المرسى، أنه يقع على بُعد 25 دقيقة من سيدي بوسعيد، مشياً على الأقدام، والتي تُعد أكثر مراكز الجذب السياحي في البلاد. ورغم أنه يمكن للجولات السياحية المنظمة، الطواف على المواقع السياحية في يوم واحد ببعض الأحيان، فإنه من الأفضل أن تتريث قليلاً، حسب مراسل الصحيفة البريطانية.

الزبائن يملأون المكان.. لكن التجار يشكون

يأتي التونسيون لقضاء فترة ما بعد الظهيرة لعطلة نهاية الأسبوع في سيدي بوسعيد، يتناولون الحلويات ويشربون القهوة.

بعد ذلك، يتجهون إلى شارع 14 يناير – أحد الشوارع والميادين الكثيرة التي سُميت باسم ثورة 2011 التي أطاحت بزين العابدين بن علي -، حيث المطاعم والمقاهي في قلب سيدي بوسعيد نفسها.

على الرغم من أن المدينة تبدو مزدحمة، يشتكي أحد أصحاب المتاجر من نقص أعداد السائحين الأوروبيين، مضيفاً أنه قبل وقوع هجمات العام 2015، كان يبيع سجادة واحدة على الأقل في اليوم، وهي شكوى شائعة بين من يعتمدون في عملهم على السياحة.

تنتشر أكشاك بيع البمبالوني انتشاراً هائلاً، وهو كعك مقلي مُحلّى، يؤكل مع السكر أو العسل. تجدر زيارة مقهى الفن أيضاً، الذي يقع على سطح بناية ويمتد على عدة مستويات بينها درج، وتطل شرفته على المدينة، وحيث يمكنك الاستمتاع بتدخين النرجيلة.

على الجانب الآخر، يوجد مطعم وحانة دار زروق، وهو قصر تونسي قديم يطل على البحر، وبه فناء مليء بالأشجار، يعج بالضيوف من رجال الأعمال، والدبلوماسيين، والسياسيين المحليين.

آثار روما وقرطاج تُذكِّرك بأن العنف ليس قاصراً على زماننا

لا شك في أن المطبخ التونسي أحد أهم عوامل الجذب السياحي، إلا أن معالمها الأثرية أمر مختلف تماماً، حسب وصف بومونت مثال على ذلك، موقع قرطاج القديم الذي كان يحكمها هانيبال في يوم ما، ومدينة قرطاج التي دُمرت على يد الجنرال الروماني سكيبيو في العام 149 قبل الميلاد في نهاية الحرب البونية الثالثة.

بالنظر إلى أقبية المنازل القليلة المتبقية، تبدو قصتها – في ظل الصراعات الحالية، وحروب الوكالة التي انتشرت في المنطقة – قصة معاصرة بشكل صادم، وتذكاراً بأن صقور اليوم لا يختلفون كثيراً عن كاتو الأكبر، السيناتور الروماني الذي أنهى كل خطاباته بعبارة "يجب تدمير قرطاج".

على الرغم من أن معظم هذه الآثار، وضمن ذلك حمامات أنطونيوس، تعود إلى آخر أيام المستعمرة الرومانية، فإن عدداً من مناطق قرطاج البونية لا تزال صامدة، وضمن ذلك "منطقة حنبعل". ومع ذلك، يبدو أن أول ما يلحظه المرء هو انخفاض عدد الزوار بشكل واضح في منطقة الحمامات بوجود قرابة 20 سائحاً أجنبياً فقط يتجولون بالموقع الشاسع.

يمكن تصور الحياة القديمة في كل من قرطاج البونية، وقرطاج الرومانية بزيارة متحف باردو (سعر الدخول 3.30 جنيه إسترليني)، والذي شهد أحد الهجومين الإرهابيين عام 2015. وُضع في بهو المتحف نصب تذكاري لمن لقوا حتفهم.

أما مبنى المتحف نفسه، فهو عبارة عن قصر قديم يُعد أحد أهم المتاحف في المنطقة بعد المتحف المصري بالقاهرة، وتبدو غرفه البيضاء المقبَّبة خالية من الزوار بشكل كبير، حتى في أيام الآحاد، والتي كانت أحد أكثر أيامه ازدحاماً فيما سبق.

أغنى مدن العالم الإسلامي.. إنها تنافس طهران ومراكش والقدس

المدينة القديمة في تونس موقع تراث عالمي تابع لليونيسكو، وهي ترجع إلى عصر الموحدين والحفصيين في الفترة ما بين القرنين الـ12 والـ16 الميلادي.

في ذلك الوقت، كانت تونس واحدةً من أهم وأغنى المدن بالعالم الإسلامي. وهذه المنطقة عبارة عن منطقة مكتظة بالشوارع والممرات، فهي مدينة داخل مدينة، تنافس في نمطها مدينة القدس القديمة، كما تنافس السوق الكبير لمراكش أو طهران، والقصور التاريخية، والمساجد، والمدارس الدينية التي تحيط بها المقاهي والمتاجر.

يختتم بومونت مقاله قائلاً، "بين الوصول ليلة الجمعة، والمغادرة ظهيرة الإثنين، أورثتني مدينة تونس شغف العودة إليها مرة أخرى".

علامات:
تحميل المزيد