مشاهير وعسكريون يستخدمونه وكلّ همّهم العضلات.. ما قصة حبوب “سارم” التي تقلق الجيش الأميركي؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/17 الساعة 05:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/17 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
Doping anabolic pills bodybuilder bodybuilding muscles body builder building strong muscular man

في غضون 4 أسابيع فقط، اكتسب 5 أرطال من العضلات، بفضل هذه الحبوب الجديدة.

ليس الأميركي ثاديوس أوين، صاحب الـ 42 عاماً – الذي يصف نفسه بـ "بيوهاكر Biohacker" -، وحده من يستخدم عقار "SARMs سارم"؛ بل رُصد استخدامه من قِبل رياضيين مشاهير وعسكريين ورجال شرطة.

أوين وثَّق تجربته على موقعه الإلكتروني PrimalHacker رغم إقراره بالمخاطر المحتملة، غير أنه يرى أنَّه ينبغي السماح للبالغين الواعين بـ "تجريب العقار على أنفسنا وتحسين قدراتنا الحيوية. هذا بالتأكيد نوعٌ من المخاطرة على مسؤوليتك الخاصة"، على حد قوله.

المسؤولون خائفون

ورغم الخطر، يلجأ العديد من الرياضيين ومُرتادي صالات الألعاب الرياضية لتناول هذه الحبوب، لمساعدتهم في بناء العضلات واكتساب القوة الجُسمانية، بحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية. فالعقار الجديد هو بديل للستيرويد؛ إذ تروَّج حبوبه على نطاقٍ واسع عبر الإنترنت باعتبارها "مُنشِّطات مُصرَّح بها" تمنح فوائد بناء العضلات كمُنشِّط ستيرويد البنائي من دون آثارٍ جانبية مُقلِقة.

وفي حين أنَّ المُنتَج مُصرَّحٌ به فعلياً – على الأقل حتى الآن -، فإن انتشاره يخيف المسؤولين عن الصحة الذين يقولون إنَّه ليس آمناً بالضرورة حتى لو كان مصرحاً به.

منتجاته أسيء تصنيفها

طوَّرت شركات الأدوية عقار "سارم"، الذي يستند إلى تنظيم مُستقبلات الأندروجين الاختيارية، كبديلٍ لمُنشِّط الستيرويد البنائي للأشخاص الذين يُعانون مشكلات فقدان الكتلة العضلية المُتعلِّقة بالمرض والتقدُّم في العمر. لكنَّها لا تزال تخضع للتجارب السريرية المُستمرة، ولم يُوافَق على استخدامها بعد من قِبَل هيئة إدارة الغذاء والدواء.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، أصدرت الهيئة تقريراً عاماً حذَّرَت فيه من أنَّ عقار "سارم" لم يُصرَّح باستخدامه؛ بسبب "مخاوف خطيرة تتعلَّق بالسلامة"، وتشمل احتمالية زيادة خطر حدوث سُميَّة الكبد، والنوبات القلبية، والجلطات.

المشكلة أنَّ المنتجات التي جرى تسويقها باسم SARMs أُسيء تصنيفها كثيراً، وتشوبها مكونات غير مُدرَجة، حسبما كشفت دراسة نُشرت في مجلة JAMA الطبية الأميركية.

فمن بين 44 منتجاً طبياً سُوّقت باسم "سارم" وبيعت عبر الإنترنت وتم تحليلها، كان نصفها فقط يحتوي على عقار "سارم" فعلياً، بينما لم تكن تحتوي 10% منها على شيءٍ مُطلَقاً.

واحتوت نسبة تُقارب 40% من المنتجات على هرموناتٍ أخرى وأدويةٍ غير مُصرَّح بها؛ إذ احتوى العديد منها على مُخدِّرٍ حظرت شركة الأدوية البريطانية "غلاكسو سميث كلاين" استخدامه منذ عقدٍ مضى، بعد أن اتضح أنَّه يُسبب السرطان للحيوانات التي خضعت لتجربته.

هل هو آمن؟

إنَّ العواقب طويلة الأمد لاستخدام عقار "سارم" غير معروفة بصورةٍ عامة، ومن يبتاعون مثل هذه المنتجات التي تُسوَّق لا يمكنهم التأكُّد تماماً من ماهية ما يضعونه داخل أجسادهم. حسبما قال د. شاليندر باسين، مدير المراكز البحثية المُتعلِّقة بصحة الرجال والشيخوخة والأيض بمستشفى النساء وبريغهام في بوسطن، وصاحب تقرير مجلة JAMA الطبية.

وقال باسين، "نحن لا نعرف ما إذا كانت هذه المُركَّبات آمنة، لكنَّنا نعرف بالفعل أنَّ بعضها يُسبِّب آثاراً جانبية".

لكنَّ هذا لم يمنع العديد من الناس من تجربته.

موقف وكالات مكافحة المنشطات

عَرِف مسؤولو مكافحة المنشطات عقار "سارم" منذ فترة، وشهدوا عدداً متزايداً من صفوة اللاعبين الرياضيين يستخدمونه.

ومنذ العام 2015، أصدرت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات التابعة للولايات المتحدة عقوبات على أكثر من 20 لاعباً رياضياً، من بينهم عدَّائون، ورافعو أثقال، وراكبو الدراجات الهوائية، ومُحترفو الفنون القتالية، وغيرهم، بعدما أكدت الاختبارات التي خضعوا لها تناولهم مجموعة من عقارات سارم، وبالأخص عقار يحمل اسم "أوستارين-Ostarine" في أغلب الأحيان.

وفي العام 2017، تعرَّض اللاعب يواكيم نواه، لاعب الوسط في فريق نيويورك نيكس لكرة السلة، للإيقاف على مدى 20 مباراة لاكتشاف عيَّنة إيجابية لمُنشِّط "سارم"، كما أُوقف زميله اللاعب ألونزو ترير، نجم فريق آريزونا وايلد كات لكرة السلة، عن اللعب أيضاً للسبب نفسه.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، جُرِّد ريكي غاراد، أكبر منافسي كمال الأجسام، من لقبه الذي ناله بحصوله على المركز الثالث بعد كشف الاختبارات عن تناوله نوعين من عقار سارم هما: ستارين وتيستولون.

قد يكون له دور مصيري.. لكن ما حقيقة آثاره الجانبية؟

دور مصيري للعديد من المرضى يمكن للعقار "سارم" يوماً ما أن يؤديه، رغم الجدل الذي أثاره جراء استخدام مُنشِّطاته بشكل سري.

إذ طوَّر العلماء منذ عقودٍ عقار سارم لمكافحة ضعف العضلات والقوة الجسمانية الناجم عن الشيخوخة والتقدم في العمر، والذي يميل إلى الظهور في فترة منتصف العمر ويمكن أن يسهم في ضعف وتكسُّر العظام.

كما أنَّ هناك أمراضاً مزمنةً عدة، مثل السرطان، وقصور وظائف القلب، وأمراض الكُلى، يتخلَّلها أيضاً فقدان الكتلة العضلية وضعف الحركة الجسدية.

ويمكن لمُنشِّطات الستيرويد الابتنائية والأندروجينية، مثل التستوستيرون، مساعدة الأشخاص على استعادة الوظيفة البدنية والعضلية.

لكنَّها في الوقت ذاته تؤثر على العديد من الأنسجة في مُختَلَف مناطق الجسم، وارتبطت بظهور مجموعة من الآثار الجانبية المُحتملة، من بينها أمراض البروستاتا، وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وصُنع عقار "سارم" بهدف استهداف العضلات الهيكلية بصورةٍ انتقائية وتجنُّب الأنسجة الأخرى، في محاولةٍ للحد من حدوث بعض الآثار الجانبية غير المرغوب فيها للعقاقير سالفة الذكر.

وتبحث تجارب عدَّة، فائدته في علاج مرضى السرطان، والمتعافين من جراحات الفخذ، والنساء بعد سن اليأس المصابات بسلس البول نتيجة ضعف عضلات الحوض.

وأثبتت تجربة استغرقت 3 أسابيع في جامعة بوسطن الأميركية أنَّ عقار LGD-4033، وهو نوعٌ من منشطات سارم طوَّرته شركة "ليغاند" الدوائية، كان آمناً ومُحتَمَلاً بالنسبة للرجال الأصحاء، وقد أفضى إلى "تقدُّمٍ كبير في بناء وتقوية كتلة العضلات" من دون رفع مستويات البروتين المرتبطة بسرطان البروستاتا.

ولكنّها تؤدي إلى أثرٍ جانبي أيضاً؛ فعلى سبيل المثال، تُسبِّب انخفاض مُعدل الكولسترول الجيد (HDL cholesterol)، ما أثار تساؤلاتٍ عن مدى تأثير العقار على صحة القلب.

وخلص الباحثون إلى أنَّ "هناك حاجة إلى إجراء دراساتٍ طويلة الأمد لتوضيح تأثيرات عمل عقار سارم على المدى الطويل وإلى أي مدى يبلغ تأثيره على القلب والأوعية الدموية".

رجال شرطة ورياضيون.. ومخاوف من تأثيرات جنسية

"شُوهِد المئات، وربما ما يفوق الألف، من الرجال يُقبلون على استخدام عقار سارم" من مختلف مناحي الحياة: ضباط شرطة، وعمال الحماية، والرياضيون الهُواة، والمحاسبون وغيرهم، منذ العام 2010، حسب توماس أوكونور، الطبيب المؤسس لعيادة لصحة الرجال، ومؤلف كتاب America on Steroids.

وقال أوكونور إنَّ العديد من مرضاه من مُستخدمي منشطات ستيرويد البنائية، اتجهوا إلى استخدام منشطات "سارم"؛ لأنَّهم علموا أنَّها آمنة وغير سامة.

ومن الصعب تحديد التأثير الدقيق لمنشطات سارم؛ لأنَّ العديد من مُستخدميها يجمعون بينها وبين العقاقير الأخرى، حسبما قال أوكونور.

لكنَّ الشيء المُشترك الذي لاحظ وجوده في غالب الأحيان بين الأشخاص مُستخدمي عقاقير "سارم" هو تدهور نسب الكولسترول لديهم وارتفاع إنزيمات الكبد، ما يدل على زيادة إجهاد الكبد.

وعلاوةً على ذلك، يُعاني البعض تضاؤل الدافع الجنسي، وفقدان الشعر، وظهور حَب الشباب وتهيُّج الجلد، برغم أنَّه يصعب في الغالب معرفة ما إذا كانت عقاقير "سارم" هي المسؤولة عن ظهور هذه الأعراض أو بعض المُكونات الأخرى غير المُدرجة في المنتجات.

وبصفته رافع أثقال منذ فترةٍ طويلة، قال أوكونور إنَّه يتفهَّم رغبة الكثير من مرضاه في الحصول على مزيدٍ من القوة واللياقة، لكنَّه ينصحهم بالإقلاع عن استخدام تلك العقاقير المُنشطة؛ لأنَّهم يُخاطرون بصحتهم.

وأكَّد ذلك قائلاً، "دائماً أقول لهم الشيء ذاته؛ تصدر تلك العقاقير من وكلاء غير شرعيين، وغير مدعومة بإرشادات الخبراء، كما أنَّها خطيرة.؛ لذا لا تتناولوها".

لماذا يفضله الجنود؟

"عقاقير (سارم) شائعة بين بعض الجنود"، حسبما قالت باتريشيا ديوستر، أستاذة الطب العسكري وطب الطوارئ في جامعة المُنظمة للعلوم الصحية.

والسبب أنَّه يسهل الوصول إليها مقارنةً بمُنشطات الستيرويد، لكنَّها تُحذِّرهم من كونها تحمل مخاطر، مُستشهدةً بجندي عانى تلفاً في الكبد ولم يتمكَّن من الانتشار مع وحدته لإدخاله إلى المستشفى بعد استخدامه مُنتجاً يحتوي على عقار سارم ومكوناتٍ أخرى.

وأضافت باتريشا، "نحاول إخبارهم بأنَّ هناك طرقاً أخرى يمكنهم من خلالها تحقيق أهدافهم دون المخاطرة بصحتهم أو قدرتهم على الحفاظ على حالة انتشارهم. نُحاول توعيتهم".

الجيش الأميركي يتحرك

هاشتاغ #SARMSCanHarm (سارم قد يُضر) أطلقه مجلس التغذية المسؤولة، وهي مجموعة مُختصة بصناعة المُكملات الغذائية المتبادلة تجارياً ضمن حملة على الشبكات الاجتماعية، في إشارةٍ للخطورة المحتملة لاستخدام عقاقير سارم.

ويعمل المجلس أيضاً مع النوادي الرياضية، ومجموعات اللياقة البدنية، والمدربين الرياضيين في مُختلف أنحاء البلاد. فضلاً عن قيام الجيش الأميركي والحكومة الفيدرالية بحملة توعية حول المنتجات الخطرة تحت شعار "حملة مكملات غذائية آمنة".

تحميل المزيد