لماذا بعض الناس لا يمرضون؟ الأمر لم يعد سراً، أنت أيضا يمكنك ذلك

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/15 الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/15 الساعة 11:49 بتوقيت غرينتش
Cropped shot of a businessman suffering with allergies in an office

أنت تعرف من تكون: أنت الشخص الذي لا يغيب عن العمل، الشخص الذي لا يُعاني أبداَ من الزكام المنتشر في أنحاء المكتب. يبدو بعض الناس محصنين تجاه ما يصيب أصدقاءهم وجيرانهم، بينما ينتقل الآخرون من نوبة بردٍ إلى أخرى سريعاً.

ووفق تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأميركية، فإن الخبيرين شيلدون كوهين، أستاذ علم النفس بجامعة كارنيغي ميلون في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا الأميركية، وروبرت أتمار أستاذ الطب بقسم الأمراض المعدية بكلية بايلور للطب في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، يوضحان كيف أنَّ ملكية الأسرة لمنزل في مراحل الطفولة يمكن أن يكون لها دور في ذلك الأمر، ولماذا يمكن أن يكون الوضع أسوأ بالنسبة لمن يعيشون وحدهم.

اختبار الضغوط

يتفق العلماء على أنَّ العوامل الوراثية والعوامل البيئية المحيطة يؤثران بشكلٍ أو بآخر في إمكانية إصابة الأشخاص الأصحاء بأي فيروس منتشر في محيطهم.

إلا أنَّ كوهين المتخصص في المناعة العصبية النفسية حقق في العديد من الدراسات التي توضح أنَّه نحو ثُلُث أولئك الذين يتعرضون لفيروس تظهر عليهم أعراض المرض، وحاول اكتشاف العوامل النفسية خلف إصابتهم.

وبدأ بإجراء دراسة عام 1991 أوضح فيها أنَّ الأشخاص الذين أعلنوا عن شعورهم بقدرٍ كبير من الضغط قبل تعرضهم للفيروس كانوا أكثر عُرضة للإصابة بالإنفلونزا. وقال: "ولكن هذه الدراسة لم تحدد أنواع تلك الضغوط".

وأجرى كوهين دراسةً تمكن الباحثون فيها من تحديد ضغوطٍ بعينها. وجاءت النتائج واضحةً: إذا كانت الضغوط قد استمرت أكثر من 6 أشهر قبل التعرض للفيروس، فإنَّ خطر إصابة المشاركين بالمرض يكون أعلى بكثير.

وقال كوهين: "الخلافات الحادة مثل الشجار مع شريك حياتك لا يؤثر بهذا الشكل. أقوى أنواع الضغوط هي الخلافات طويلة المدى مع الناس، والبقاء دون عمل أو العمل في وظيفةٍ أقل من إمكانيات الفرد. لهذه الضغوط آثار على الصحة".

تتسبب هذه الضغوط في زيادة إفراز هرمون الكورتيزول، الذي يعمل على كبح البروتينات التي تتصدى للأجسام الغريبة. ولكن في حالات القلق المزمن، يقول كوهين: "تتوقف الخلايا عن التأثر بالكورتيزول". ويضيف أنَّه نتيجةٌ لذلك ينتج نظام المناعة كمياتٍ أكبر من البروتينات المسببة للالتهاب "فتظهر أعراض المرض عند التعرض لفيروس".

الشبكة الاجتماعية

بحث كوهين أيضاً في تأثير العلاقات الاجتماعية على الصحة. واستشهد في ذلك بدراسةٍ معروفة في مقاطعة ألاميدا بولاية كاليفورنيا، أظهرت كيفية ارتباط العلاقات الاجتماعية  ومعدلات الوفيات، وأخذ خطوةً أبعد من ذلك لتحديد كيفية تأثير الدوائر الاجتماعية على قابلية الإصابة بفيروس الأنفلونزا.

ودرس كوهين مدى تنوع العلاقات الاجتماعية للناس الذين يُعتبر أنَّهم يتمتعون بصحةٍ جيدةٍ من خلال استبيان عن أدوارهم الاجتماعية، ثم عرَّضهم لفيروس.

وقال عن ذلك: "كان الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقاتٍ اجتماعيةٍ أقل، أكثر عرضةً للمرض 4 مرات من أولئك الذين يتمتعون بروابط اجتماعية أقوى، وكلما زاد عدد الأدوار الاجتماعية التي يؤديها الفرد -زوج، أو صديق، أو أب، أو مقدم رعاية، أو متطوع- قلّ احتمال الإصابة بالبرد عند التعرض للفيروس.

ويتضح أنَّ احتمالية الإصابة بالبرد لا تُحدَّد بالنظام الغذائي أو ممارسة الرياضة"، بل بالعلاقات الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء.

ثروتك وصحتك

كما يتفق العلماء على أنَّ الأشخاص ذوي المستويات الاجتماعية الاقتصادية المنخفضة هم الأكثر عُرضة لخطر الإصابة بالأمراض بسبب تعرضهم للمواد المسببة للحساسية والمواد المسرطنة في بيئات عملهم ومعيشتهم.

وأراد كوهين فهم إذا ما كانت آثار العيش في فقر أثناء الطفولة تستمر حتى البلوغ، حتى إذا ما تحسن الوضع الاجتماعي الاقتصادي للفرد.

وفي إحدى الدراسات، سأل المشاركين عن امتلاك أسرهم لمنازل في كل عام بدايةً من ولادتهم وحتى وصولهم لسن 18، ثم عرَّضهم لفيروس.

وظهرت علاقةٌ عكسية بين المدة التي أقام فيها الشخص في منزلٍ مملوكٍ للعائلة وبين قابليته للإصابة بالمرض عند التعرض للفيروس بعد البلوغ، بغض النظر عن ظروفه الاجتماعية والاقتصادية.

وقال كوهين عن ذلك: "هذا يتفق مع فكرة أنَّ الطفولة لها تأثير طويل المدى".

وفي دراسةٍ تابعة، بحث أيضاً في أطوال التيلوميرات التي توجد في نهاية الكروموسومات وتُقاس بعدد الخلايا المناعية.

فعندما يُصبح الأشخاص أكبر سناً، تصبح التيلوميرات لديهم أقصر، فتزيد احتمالية إصابتهم بشتى أنواع الأمراض.

وقال: "دراسة التيلوميرات هي بالأساس بحثٌ في عُمْر نظام المناعة". ووَجد أنَّ البالغين الذين ذكروا أنَّهم نشأوا في بيئاتٍ أقل في المستوى الاجتماعي والاقتصادي من عامة الناس كانت لديهم تيلوميرات أقصر، الأمر الذي يرتبط بارتفاع قابليتهم للإصابة بالبرد في كِبَرِهم. ولا يؤثر في ذلك ما إذا كانوا قد أصبحوا أغنياء بعد البلوغ.

اغسل يديك

يقول دكتور أتمار من كلية بايلور للطب إنَّ دراسات دكتور كوهين تعطي الباحثين "دليلاً على تأثير العوامل الاجتماعية والضغوط الأخرى على تطور العدوى والمرض عند التعرض للفيروس".

وقال كوهين إنَّ الأشخاص الذين يبدو أنَّ احتمالية إصابتهم بالأمراض أكبر من غيرهم يمكنهم اتخاذ خطواتٍ محددة للحفاظ على صحتهم. يمكنهم إبعاد أنفسهم عن المواقف التي تسبب القلق المزمن ما أمكنهم ذلك، إلا أنَّ ذلك صعب التحقيق.

وأضاف أنَّه يمكنهم أن يصبحوا أكثر اجتماعية، وتجنب التعرض للفيروسات. وأضاف: "اغسل يديك بانتظام، وتجنب أي شخصٍ مصاب بالسعال، وقلل معدلات القلق لديك إن استطعت".

وأضاف أتمار المتخصص في الأمراض المعدية أنَّ عليك أخذ اللقاحات. وتابع: "حتى إذا لم تظهر عليك أيُ علاماتٍ للمرض بعد التعرض للفيروس، يمكن أن تنقل العدوى لأولئك الذين يمكن أن يمرضوا بشدّة، خاصةَ مع مرضٍ مثل الإنفلونزا".

تحميل المزيد