"طلبت مني أن تسافر مع صديقاتها فرفضت، تعاركنا كثيراً، ومن حينها وهي لا تترك جهاز الكمبيوتر، والمرة الوحيدة التى خرجت فيها من حجرتها كان يوم موتها".. تحكي والدة "فاطيما" عن اللحظات الأخيرة في حياة ابنتها التي انتحرت بإلقاء نفسها من على أحد الجسور في مدينة أصفهان بإيران العام الماضي.
هكذا يطل الحوت الأزرق مجدداً على الساحة ناشراً فكرة الانتحار في أكثر من بلد من بلدان الشرق الأوسط، كان أحدث ضحاياها في مصر. تتذكر والدة فاطيما الإيرانية مأساة ابنتها التي أطاعت أوامر "لعبة ملعونة"، كما تصفها، وأنهت حياتها بيدها، والدة فاطيما روت ل"عربي بوست" القصة التي لم تمت في ذاكرتها، رغم مضي شهور على وقوعها..
البداية: العزلة وآثار جراح على الذراعين
تقول والدة فاطيما، أن ابنتها كانت تبلغ من العمر 16 عاماً، لاحظت عليها في الفترة الأخيرة انعزالها ومكوثها أمام الكمبيوتر لفترات طويلة، وأحياناً كانت تلاحظ وجود جروح في ذراعيها، لكنها لم تعر الأمر اهتماماً.
تقول "كنت أظنها غاضبة فقط لعدم سماحي لها بالخروج أو شراء بعض الأشياء، وتركتها تمكث أمام الإنترنت لساعات طويلة لأنها ادعت أنها تقوم بعمل بحث للمدرسة"
النهاية: انتحار من فوق الجسر
خرجت فاطيما ذات يوم من المنزل بدعوى أنها ذاهبة إلى صديقتها، وبعد عدة ساعات تلقت أسرة فاطيما وأسرة صديقتها "زينب" مكالمة من الشرطة. أخبروها أن الفتاتين ألقتا بنفسيهما من فوق الجسر، ولقيت فاطيما حتفها على الفور بينما ظلت زينب في غيبوبة دامت 3 أشهر قبل أن تفارق الحياة.
تركت الفتاتان رسائل إلى أسرتيهما تقولان فيها أنهما أقدمتا على الانتحار تنفيذاً لأوامر "الحوت الأزرق"، وكان لابد أن تنفذا هذه الأوامر وإلا تعرضتا للعقاب بعد أن تلقتا تهديدات من أشخاص قائمين على تلك اللعبة.
وهذا ما أكده رئيس الشرطة في أصفهان الذي قال "وجدنا فى غرف الفتاتين أوراقاً بها رموز غريبة، وفي أثناء تشريح جثة فاطيما وجدنا جروحاً كثيرة.
إيران تحاول حجب اللعبة
لم يكن انتحار فاطيما وزينب هو الحادثة الأولى في إيران بسبب الحوت الأزرق، فقبلها بعدة أشهر حاول شاب يدعى "أمير" الانتحار بسبب تلك اللعبة، لكن أخته تمكنت من إنقاذه قبل أن يقوم بالقفز من أعلى سطح المنزل، وفضلت أسرة أمير عدم التحدث عن هذا الأمر قبل حادثة الفتاتين.
على حسابه على موقع إنستغرام قال وزير الاتصالات والمعلومات الإيراني "أزارى جهرمي" أن الوزارة ستحاول بكل جهد حجب تلك اللعبة في إيران تماماً، لأنها تروج لأفكار شيطانية ولابد من التخلص منها في أقرب وقت، ودعا الوزير الآباء والأمهات إلى مراقبة أولادهم لعدم الوصول إلى تلك اللعبة.
أخبار الانتحار تجذب المزيد من الضحايا
وعلى الرغم من الخوف العالمي المنتشر من تلك اللعبة لايزال الفضول يتملك البعض من الشباب لممارستها فقد تمكن الفضول من" حيدر" (اسم مستعار) 17 عاماً، وحاول الوصول إلى تلك اللعبة لكنه توقف. يقول حيدر لـ"عربي بوست"، "عندما انتشر خبر انتحار الفتاتين، بحثت عن الحوت الأزرق وكيفية لعبها، ومع أول خطوة من الخطوات الخمسين للعبة والتي تبدأ برسم الحوت الأزرق على اليد، طلب مني فيها جرح يدي لم أستطع استكمالها، خشيت أن يعلم والدي"
يضيف حيدر أنه كان يتمنى أن يكمل تلك اللعبة، لأنه يرى أن حياته بائسة ولا يوجد بها شيء جديد، لكنه إلى الآن يخشى والده ويخشى الموت.
الحوت في عيادة الطب النفسي
الطبيب النفسي الإيراني "أحمد مونجهري" يرى أن لعبة الحوت الأزرق ليست هي المحرض الأساسي على الانتحار حيث يقول لـ"عربى بوست"، "إن المراهقين الذين يقدمون على الانتحار بعد الوصول إلى تلك اللعبة، يعانون من قبل من مشاكل نفسية، واللعبة هي التي شجعتهم على الانتحار، لكنها ليست الدافع الرئيسي".
من جانبهم أدان المسؤولون في إيران لعبة الحوت الأزرق وعقد البرلمان الإيراني جلسة طارئة لمناقشة كيفية حجب تلك اللعبة ومنع وصولها إلى المراهقين لكن "حسيني" مهندس الاتصالات يرى أن كل تلك المحاولات لا فائدة منها حيث يقول "إذا قامت وزارة الاتصالات بحجب تلك اللعبة سيلجأ هؤلاء المراهقون إلى مواقع كسر الحجب للوصول إليها، فأمر الحجب صار من السهل التغلب عليه".
والقاتل الحقيقي هو مخترع اللعبة
والدة فاطيما ترى أن السبب الوحيد لانتحار ابنتها هو تلك اللعبة الملعونة على حد تعبيرها، فقد "كانت فاطيما تحب الحياة، ولكن تلك اللعبة هي من أفسدت حياتها وجعلتها تعتنق أفكاراً غريبة". أما والد زينب (الفتاة الأخرى المنتحرة) فيقول أنه يتمنى أن يصل إلى مخترع تلك اللعبة ليقتله كما قتل ابنته الوحيدة.