«أم كريم» رئيسة جمهورية سيدي بشر.. تبيع أنابيب الغاز منذ 30 عاماً ولديها 7 أبناء

رئيسة جمهورية سيدي بشر هو اللقب الذي أطلقه أهالي منطقة سيدي بشر على السيدة "أم كريم"، لكونها تبيع أنابيب الغاز صباحا وتتزين لتتنزه مع أولادها مساء

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/17 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/17 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش

بصوت جهوري كجرس يدقّ صباح كل يوم "أنابيب.. أنابيب البوتجاز.. أنابيب" تنادي وهي تجلس على ناصية الشارع بمنطقة سيدي بشر، تقرع بمفتاحها على الأنابيب، ليعلم المارة والنائمون أن "أم كريم" بدأت رحلتها اليومية.

تصعد للشقق، تجمع الأنابيب الفارغة، وفى طريقها لا تنسى المقاهى التى تتعامل معها منذ 30 عاماً، تحمل الأسطوانة على كتفيها دون مساعدة من أحد، تأخذها للمستودع لاستبدالها بأنابيب ممتلئة، ثم تبدأ في توزيعها مرة أخرى من الظهر وحتى أذان العشاء.

هذه المهنة الشاقة يشتهر بالعمل بها الرجال في مصر، اختارتها "أم كريم" البالغة من العمر 55 عاماً، مضطرة للعمل لتوفير مصاريف أبنائها بعد وفاة زوجها على الرغم كبر سنها ومعاناتها من آلام الخشونة بالرجلين نتيجة عملها الشاق بدفع عربة حديدية كانت تحمل عليها أسطوانات الغاز سابقاً، والآن تستكمل المسيرة بالعمل على تروسيكل لتوصيل الأسطوانات للمطاعم والمحلات التجارية.

كفاح منذ الصغر

بصوت خافت استرجعت شريط كفاحها خلال السنوات الماضية، قائلة: "اسمي الحقيقي "سورية علي السيد"، مشهورة بـ"أم كريم"، عندي 6 عيال وابن سابع بالتبنّي؛ بنتي مخلصة كلية علوم، والتانية مخلصة كلية تجارة، وواحدة كمبيوتر، وبنت ثانوية عامة، وابن أمين شرطة، وولد سياحة وفنادق".

وتابعت ببكاء مكتوم: "أصلي من القاهرة من بولاق أبوالعلا، اشتغلت من وأنا عندي 7 سنين مافيش حاجة ما اشتغلتهاش مافيش حاجة ماعملتهاش، اشتغلت سباكة، اشتغلت نشارة، اشتغلت على حصان، لحد ما بقي عندي 18 سنة واتجوزت في إسكندرية، كانت العيشة صعبة وجبت عيال كتير، كان زوجي فلاح وعاوز عيال، فكنت جبت بنات في الأول وفضل يقولي عاوز ولاد".

وتابعت: "مكنش فيه فلوس، كنت باخذ 10 جنيه في الأسبوع، حيعملوا لنا إيه، فكنت في يوم رايحة أغير الأنبوبة، ومكنش معايا فلوس. فواحدة صاحبة عمارة معلمة هي غيرتلي الأنبوبة، واقترحت عليّ إني أبيع أنابيب، في الأول رفضت وقولتلها عيب مش حينفع، كان ساعتها عندي 25 سنة، وبعدين وافقت ابتدتها الأول بأنبوبتين، كنت أروح أجيب الأنابيب من على البحر على كتفي من عند فندق رمادا لحد هنا في سيدي بشر عشان آخد في الأنبوبة 2 جنيه".

بائعة الغاز.. المرأة الحديدية

المرأة الحديدية الحقيقية 😍مصرية لكن اسمها "سوريا" … عملت بحمل أنابيب الغاز لتربية أبنائها حتى تخرجوا في الجامعة، ثم تبنت طفلاً يتيماً لتربيه!

Gepostet von ‎عربي بوست‎ am Mittwoch, 12. Dezember 2018

نشاط في العمل ودعم من أهالي المنطقة

تصعد "أم كريم" الطوابق المرتفعة وكأنها فتاة في العشرين من عمرها، تكتم بداخلها آلامها، وتقابل الزبائن بابتسامة رضا: "بطلع لحد الدور السادس على رجلي، هعمل إيه؟ أكل العيش مر".

كانت تحصل على الأنبوبة بسعر 20 جنيهاً من المستودع، وتبيعها لزبائنها بـ25: "بتصعب عليّ نفسي، بس لازم أكافح". كانت تبيع الأنبوبة بـ10 و15 جنيهاً، حتى زاد ثمنها: "فيه ناس وصّلت غاز طبيعي ومبقتش محتاجة للأنبوبة، لكن سبحان الله بلاقي ربنا بيرزقني، وليّ زبوني اللي بيجيلي دايماً وببيع الأنبوبة بسعر 25 مش مغلياها عليه وبطلعها لحد فوق عنده".

تسترسل في الحديث: "الشغل هادي والزبائن بتستناني وبتشجعني، هما بيتصلوا بيّ ويقولوا عاوزين أنبوبة وأنا بوديها على طول، ولو اتأخرت عليهم مش بيدوروا على حد تاني ياخدوا منه بدالي، وأهل المنطقة مش بيضايقونا بالعكس بيحاولوا يساعدونا علشان عارفين الحمل اللي إحنا شايلينه، أنا لا أبيع خارج المنطقة فكل أهل المنطقة يعرفوننا، يتصلون على هاتفي ويطلبون الأنابيب، وأنا أحملها على "الفيزبة" وأوصلها إلى المنزل ثم أرفعها على كتفي وأصعد بها السلالم، حتى نوصلها للزبون إذا كان في طابق أعلى من الرابع، ولكن إذا كان في أدوار أقل أرفعها لوحدي".

وتضيف: "الشغلانه دي علمت عيالي وربتهم وجوزتهم. جوزي ميت في 2007 ومات وماسبليش جنيه، وما أخدتش جنيه من أهل جوزي ولا من أهلي، أهلي أغنياء جداً بس عمري ما خبطت عليهم وقولتلهم هاتوا جنيه، بدال ربنا عطيني الصحة وقادرة أشتغل، وربنا عاطيني الصحة دي عشان اليتامى اللي ورايا، يعني أنا سني كبير المفروض ماقدرش أشيل الأنبوبة شفتيني بطلع على العربية إزاي وبزوق عربية الأنابيب بالخمس أو ست أنابيب، الناس بتقابلني في الشارع بتقولي ربنا يعينك على اللي انتي فيه".

رئيسة جمهورية سيدي بشر

وعن المضايقات التي تعرضت لها "أم كريم" على مدار 30 عاماً في عملها كبائعة أنابيب تقول: "عشان أنزل السوق ده كان لازم أبقى راجل، فالست لما تكون شاربه دم الرجالة ماحدش يعرف ياخد منها حاجة، لأن أنا اتعرضت لمضايقات كتير، آخر ما زهقت قصيت شعري زي الرجالة وأكتر عشان أتفادي مضايقة الرجالة والناس، ده غير اللي كان يقولي بصي بتبيع أنابيب، بص ست شايله أنبوبة، وكمان لما آجي آخر اليوم ألبس لبس حلو زي الناس كان يقولي بص بتاعت الأنابيب لابسة إيه".

أم كريم أطلق عليها أهالي سيدي بشر رئيس جمهورية سيدي بشر، ففي الصباح بائعة أنابيب وفي المساء سيدة شيك ترتدي أرقى الملابس لكي تخرج مع أبنائها للتنزه.

ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة، فإن نسبة النساء المعيلات في مصر تبلغ 35%، معظمهن يعملن في قطاع غير رسمي، ويفتقدن التأمينات والتعويضات والرعاية الصحية، أما عن نسبة النساء العاملات بأجر في الأنشطة غير الزراعية فبلغت 18.2% عام 2017.

علامات:
تحميل المزيد