لا تركزي عليه فقط فأنت بحاجة أيضاً للراحة.. طفلك لا ينام طوال الليل؟ لست وحدك

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/23 الساعة 21:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/23 الساعة 21:14 بتوقيت غرينتش
Adorable baby boy sitting on bed and looking at yawning tired mother

عندما يتعلق الأمر بنوم الطفل الرضيع، لا توجد طريقة واحدة صحيحة، فكل طفل يختلف، والبحث عن حل للنوم يجب أن يشمل الوالدين أيضاً.

هذه خلاصة دراسة أعدها خبراء للبحث في تأثير قلة النوم على نمو الطفل والوالدين. وتبين عدم وجود دليل على ذلك وأن الأم تخضع لضغوط اجتماعية هي في غنى عنها.

في العدد الحالي من مجلة طب الأطفال، وصف الباحثون دراسة شملت حوالي 400 أمّ في كندا طُلب منهن الإجابة عن سؤال:

أثناء الليل، كم ساعة متواصلة ينام طفلك دون استيقاظ؟

مع العلم أن الباحثين عرّفوا "النوم طوال الليل" بأنه النوم لِـ 6 أو 8 ساعات دون انقطاع.

وجد الباحثون ما يلي:

في عمر 6 أشهر

62.4 % من الأمهات أبلغن بأن أولادهن ينامون لمدة 6 ساعات أو أكثر

و43% فقط من الأمهات أبلغن عن النوم لمدة 8 ساعات متتالية

في عمر 12 شهراً

سجلت 72.1% من الأمهات 6 ساعات من النوم المتتابع

و56.6% أبلغن بأن أولادهن ينامون 8 ساعات

بما أن جميع الأطفال الرضع يستيقظون عدة مرات في الليل، فمن المحتمل أن أولئك الذين تم الإبلاغ عنهم على أنهم ينامون لساعات متتالية دون انقطاع قد استيقظوا عدة مرات وعادوا للنوم بأنفسهم دون علم الأمهات.

لا ينام الأطفال كل الليل في السنة الأولى

ومن خلال هذه المعايير، لم يكن عدد كبير من الأطفال "ينامون طوال الليل" في عمر 6 أشهر، وحتى في عمر 12 شهراً.

وفي بعض الأوقات، كانت الفتيات أكثر قدرة على النوم لفترات أطول من الأولاد، ولكن في أوقاتٍ أخرى، لم يكن هناك فرق كبير.

والأطفال الذين يرضعون طبيعياً يستيقظون أكثر

وجدت الدراسة ارتباطاً ثابتاً بين مدة النوم والرضاعة الطبيعية في كل عمر.

كان الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية أقل قدرة على النوم لفترات أطول، وعلى الرغم من ذلك، لا توجد طريقة لتحديد السبب والتأثير في هذا الأمر.

ميّزت ماري-إيلين بينستري، أستاذة علم النفس والأستاذة المساعدة في علم النفس التربوي والاستشاري في جامعة ماكغيل، والباحثة الأولى في الدراسة، بين قياس تلك المدد الطويلة من النوم، والنظر في معايير أخرى، مثل مدة النوم الكلية.

يجب أن تكون توقعات الأهل حول النوم واقعية

وقالت لصحيفة The New York Times الأميركية: "لا أريد أن يظن أي شخص أنني أقول إن النوم ليس مهماً. كان هدفي العام في هذه الدراسة هو تقليل الشعور بالذنب".

وأضافت أن التوقعات الأكثر واقعية بشأن أنماط نوم الأطفال الصغار قد تساعد الوالدين على التأقلم.

وقالت إنه في الدراسات المستقبلية، سيأخذون بعين الاعتبار معايير أكثر موضوعية للنوم، وكذلك توقعات الآباء.

إذ لا فرق في تطور الأطفال مهما اختلف نمط نومهم

تطرقت الدراسة أيضاً إلى نمو الطفل، ولم تجد فروقاً ذات دلالة إحصائية بين المجموعتين في التطور العقلي أو النفسي.

كما لم تجد الدراسة فروقاً بين مزاج الأمهات اللاتي كان أطفالهن ينامون مدة أطول والأخريات، على الرغم من وجود روابط بين نوم الرضع وتوتر الأم في دراسات أخرى.
أستاذ علم النفس التنموي البشري وطب الأطفال في جامعة ولاية بنسلفانيا دوجلاس تيتي، درس النقد الاجتماعي الذي تمر به الأمهات في بعض الأحيان إذا استمررن في إبقاء الطفل في غرفة الوالدين بعد عمر 6 أشهر.

إذ توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بأن ينام الأطفال الرضع في غرفة الوالدين -ولكن ليس في سرير الوالدين- على الأقل في الأشهر الستة الأولى من عمرهم، ويفضل خلال السنة الأولى كلها، لأسباب تتعلق بالسلامة.

حتى النوم مع الوالدين ليس سبباً أو نتيجة

وأردف قائلاً: "إن الآباء الذين يستمرون في إبقاء الطفل في غرفتهم غالباً ما يواجهون مثل هذا الانتقاد في ثقافتنا، في حين أن النوم المشترك هو القاعدة في العديد من الثقافات الأخرى".

ووجدت دراستهم أن النوم المشترك المستمر يرتبط بزواج أقل سعادة وأكثر توتراً بشأن الرعاية المشتركة بين الوالدين.

ورغم ذلك، مرة أخرى، هذا ارتباط؛ ولا توجد وسيلة لبحث العلاقة السببية.

وقال إن الأمهات "يبدو أنهن معرضات بشكل خاص لقلة النوم"، وقد يعانين من الحرمان المزمن من النوم، ما قد يؤثر على سعادتهن وأدائهن في رعاية الأولاد.

وأضاف: "الكثير يعتمد على رد فعل الوالدين أو استجابتهم. ولذلك من بين الأشياء التي نوصي بها الوالدين الانتباه إلى جداول نومهم والحصول على قدر صحي من النوم".

بل يجب أن يتشاركا قرار موعد ومكان نوم الطفل

وقال إن بعض الأمهات يتحملن الحرمان من النوم تحملاً أفضل من الأخريات.

وإنه "لا يُظهر الجميع وجود إجهاد بسبب الرعاية المشتركة للطفل أو توتر في العلاقات الزوجية".  

وأضاف إن على الزوجين أن يتشاركا في القرارات حول مكان نوم الطفل، وكيف سيتم التعامل مع الاستيقاظ الليلي، ويجب أن يتأكدا من أنهما يأخذان الوقت الكافي لرعاية علاقتهما الخاصة.

المجتمع يضغط على الأهل ويفرض تقنيات معينة

الدراسة الجديدة، مثل العديد من الدراسات الأخرى حول التباين والمزاج والطرق المختلفة لرعاية الأطفال، يجب أن تكون مطمئنة للجميع.

فالأطفال يتطورون بأنماط مختلفة، وهناك الكثير من الأنماط للنمو والتمتع بصحة جيدة.

ويجب على الآباء الذين يشعرون بالضغط أو الانزعاج بسبب نمط نوم الرضيع التحدث إلى طبيب الأطفال الخاص بهم.

قالت الدكتورة بينستري: "عندما تطلب مني أي أم تعليمها تقنيات النوم السلوكية، أشعر بسعادة غامرة، ولكن إذا طلبت مني ذلك بناءً على ضغط ممرضة أو صديقة لها، يكون ردي، لابد أن ينام طفلك ليلاً، إذ لا أعتقد أنها يجب أن تستخدم هذه التقنية".

يشعر مؤلفو هذه الدراسة بقلق شديد حيال شعور الأمهات بالضيق الناتج من توقعات غير واقعية حول توقيت نوم الأطفال خلال الليل.

في عالم نوم الأطفال الرضع، يثير ذلك مشاكل يحفها جدل كبير، وهذا الاستقطاب مع الأسف لا يصبّ في مصلحة الوالدين من كافة النواحي.

الأطفال مختلفون للغاية منذ البداية، ولا يخبرنا مقياس واحد مثل طول مدة النوم بالضرورة عما يحدث في المنزل، أو عن طبيعة فترة الليل لدى العائلة، أو عن طبيعة تصرف الوالدين.

لكن الأطفال يختلفون جداً فيما يتعلق بسلوك النوم

إن السبب والنتيجة معقدان للغاية في مثل هذا الوضع، كما أن الأنماط التي تتطور داخل العائلات تعكس تصرفات الآباء والأطفال، إلى جانب الثقافة بطبيعة الحال.

جوانب أخرى المتعلقة بوضع العائلة (مثل الخلفيات الاجتماعية الاقتصادية، وترتيبات الإسكان، وعمل الآباء والتوازن في إجازات العمل، ووجود أشقاء آخرين) تؤثر أيضاً.

وربما الأهم من كل ذلك، الاختلافات المزاجية بين الأطفال، فهناك أطفال ينامون جيداً، وآخرون نومهم متقلب، وعلينا أن نحب ونشمل بالرعاية كل الأطفال.

لابد أن نستوعب أن هناك الكثير من الاختلافات الطبيعية، وأن المتخصصين يجب أن يقدموا لك المساعدة، لا أن يبثوا فيك شعوراً سيئاً.

لا يجب على العائلات التي تبلي حسناً مع طفل لا "ينام ليلاً"، وهي العبارة التي تستخدمها بعض التعريفات، أن تشعر بالذنب أو الضيق.

والتدريب التدريجي يخدم صحة العائلة بأكملها

ليس هناك دليل على أن عدم نوم الأطفال البالغين من العمر 6 أشهر -أو 12 شهراً- خلال الليل هو أمر سيئ.

إضافة إلى أن الدكتور تيتي -وعلى الرغم من أنه لا ينصح بذلك لمجرد أن الطفل لا ينام ليلاً- يقول إن "التدريب على النوم ليس شيئاً بربرياً، وهناك طرق لفعل ذلك بأسلوب تدريجي".

كما أن دراسات الارتباط والتطور الاجتماعي والعاطفي لم تقدم أي دليل على أن "النوم المتدرج" ضار للأطفال.

وختم الدكتور تيتي: "ليس هناك وصفة متبعة واحدة. ولا يجب التركيز فقط على الطفل. إذ لابد من الاهتمام بصحة ونظام الأسرة كاملة".

تحميل المزيد