العباية المقلوبة.. بدأت كاحتجاج على تويتر ولكنها انتقلت للشارع.. إليك ما حدث للسعوديات اللاتي ارتدين العباءات مقلوبة

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/20 الساعة 05:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/20 الساعة 05:31 بتوقيت غرينتش

إذا رأيت امرأة ترتدي عباءة مقلوبة فإنها ليست قلة أناقة أو إهمال أو حتى موضة، ولكنه شكل جديد من الاحتجاج أطلقته عدد من النساء السعوديات تحت اسم العباية المقلوبة أو العباءة المقلوبة.

بدأت الحملة كهاشتاغ أطلقته مجموعة من السيدات والفتيات السعوديات بعنوان العباية المقلوبة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" احتجاجاً على إكراههن على ارتداء العباءات السوداء بشكل خاص، وعلى القيود القانونية والاجتماعية المفروضة عليهن بشكل عام.

وتبدو حملة العباية المقلوبة أشبه ما تكون بتظاهر سلمي صامت تقوم فيه المشاركات بارتداء عباءاتهن بشكل مقلوب في مقرات العمل والأماكن العامة.

وهذه هي مطالب حملة العباية المقلوبة

وحملة العباية المقلوبة هي استمرار لحملات حقوقية نسوية شهدتها السعودية خلال العامين الماضيين مثل حملة "إسقاط الولاية" وحملة "المقاومة بالمشي".

جميع هذه الحملات تأتي في إطار مطالب نساء السعودية بحقوق متساوية مع الرجال، وبإيقاف التمييز الممارس ضدهن من قبل السلطة والمجتمع.

كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال في مارس/آذار 2018، إن ارتداء العباءة ليس إلزامياً في الإسلام.

لكن في الممارسة لم يتغير شيء في هذا المجال في المملكة، ولم ينشر أي قرار رسمي بهذا الخصوص.
وركزت بعض المؤيدات للحملة على فكرة إجبارهن على ارتداء السواد.

وأكّدت إحدى الناشطات البارزات لـ"عربي بوست" أن مطالب السعوديات لن تتوقف إلى أن يُمحى التمييز الجنسي وكافة أشكال الاضطهاد تحت مظلته.

وقالت إن أهم مطالبهن هو إسقاط نظام الولاية، إلغاء دور الرعاية (مؤسسات تختص بالسعوديات اللاتي لا تزيد أعمارهن على 30 عاماً ممن صدر في حقهن أمر توقيف أو حبس)، وتجريم العنف المنزلي.

وشددت الناشطة على ضرورة تفعيل القوانين وتطبيقها، موضحة أن قانون مكافحة التحرش الذي تم سنّه لم يكن فعّالاً.

إنها طريقة سلمية للاحتجاج ولكن البعض يراها مؤامرة

واختلفت ردود الأفعال حول حملة العباية المقلوبة، فكان هناك داعمون لها وللطريقة السلمية التي اتبعتها المشاركات للمطالبة بحقوقهن وحريتهن.

المغردة هيا مثلاً أشادت بالطريقة الراقية والسلمية للاحتجاج على أوضاع السعوديات كما يجرى عبر المقاومة النساء بالمشى وهم يرتدين العباية المقلوبة.

أما الناشطة ملاك الشهري فقد كتبت أن الإحساس العظيم النابع عن الاحتجاج على أمور تُفرض بالإكراه لن يفهمه سوى من يشارك في الاحتجاج.

جدير بالذكر أن ملاك الشهري سبق وأن تعرضت للإيقاف من قبل السلطات السعودية بسبب نشرها صورة شخصية ظهرت فيها بدون عباءة في أحد شوارع مدينة الرياض.

ومن جهة أخرى كان هناك معارضون لحملة العباية المقلوبة، معظمهم من الرجال، باعتبارها خروجاً عن عادات المجتمع ومحاولة لتحدي السلطة والقوانين.

واعتبر البعض أن إطلاق مثل هذه الحملات في مثل هذا التوقيت تحديداً هو أمر مشبوه ومثير للشكوك.

وأكدت نساء أخريات رفضهن للحملة، وتمسكهن بملابسهن المحتشمة، في مواجهة حملة العباية المقلوبة.

وقالت سيدة إنها تعمل في بيئة عمل مختلطة ولا تعيقها العباءة عن العمل، كما يقول البعض.

ورأت أخريات أن ارتداء العباءة شيء جميل إذا جاء تعبيراً عن الانتماء الثقافي ولكن يجب ألا يكون بالإجبار.

البداية كانت بتغريدة.. وهذا ما حدث للنساء اللاتي ارتدين العباءة المقلوبة في الشارع

نظراً لصعوبة وخطورة تنظيم مسيرات أو مظاهرات جماعية في السعودية، فشبكات التواصل الاجتماعي كانت ولاتزال أفضل مكان يتيح للنساء السعوديات فرصة العمل الجماعي.

كما أنها تمكّن النساء من إيصال أصواتهن للعالم الخارجي.

ومن هنا كان طبيعياً أن تنطلق حملة العباية المقلوبة من على مواقع التواصل الاجتماعي.

في حديثها لـ"عربي بوست"، قالت ناشطة نسوية بأن الحملة بدأت بتغريدة على تويتر تبعها إطلاق هشتاغ #العباية_المقلوبة، ثم انتشرت المشاركات من جميع مدن السعودية.

وأضافت الناشطة بأنهن لم يتعرضن لأي أذى في الأماكن العامة، لكنهن قوبلن بنظرات استغراب واستهجان.

في المقابل، كانت هناك نظرات الدعم والتشجيع بين الفتيات اللاتي قلبن عباءاتهن والتقين ببعضهن مصادفة، إحساساً منهن بأنهن مشاركات في نفس النضال.

إحدى المشاركات في الحملة قالت لـ"عربي بوست" أنه على الرغم من بساطة الفكرة، إلا أنها خطوة ذات أثر كبير لتشجيع النساء والفتيات على رفض كل أشكال الظلم وبشكل علني.

وأشادت أيضاً بتشجيع المشاركات لبعضهن وتقديمهن اقتراحات لتطوير وتحسين أفكار الاحتجاج.

ولم يرصد عربي بوست تقارير عن أي إجراءات أمنية اتخذت بحق المشاركات بالحملة حتى نشر هذا التقرير.

وسبق أن ظهر هاشتاغ أكثر جدلاً.. حرق النقاب

وسبق الجدل بشأن هاشتاغ العباية المقلوبة، هاشتاغ أكثر إثارة للجدل، باسم #حرق_النقاب (#BurnTheNiqab)

ولاقى الهاشتاغ تأييداً على ما يبدو خارج السعودية، من ناشطات نسويات اعتبر بعضهن أن النساء بدأن ثورتهن في السعودية.

ولكن رفض الكثيرون هذا الهاشتاغ، وقالوا إن المشهد الذي يظهر فيه حرق النقاب يرتبط بواقعة ليس للنقاب علاقة بها.

في حين اعتبر آخرون أن حرق النقاب أو انتقاده أو انتقاد الحجاب ليس إساءة للإسلام.

ورد البعض على هذه الدعوات بأن النقاب حرية شخصية ونزعه حرية شخصية أيضاً، من ينادي بحرقه لا يختلف عن المتطرفين الذين يحاربون غير المحجبات "السافرات" في نظرهم.

وأظهر بحث أجرته "بي بي سي" ونشرته في أغسطس/آب الماضي أن حساب "dontcarebut" كان أول من دعا لإطلاق الحملة فيما اقترح حساب "سجاج" إطلاق هاشتاغ #حرق_النقاب.

وولي العهد السعودي سبق أن دافع عن حق النساء في عدم الالتزام بالعباءة

شهدت السعودية منذ وصول الأمير الشاب محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد محاولات لإزالة بعض القيود عن النساء، حيث تم السماح لهن بقيادة السيارات بعد عقود طويلة من المنع.

كما تم تسهيل إجراء بعض الخدمات والمعاملات الحكومية دون حاجة النساء لأخذ موافقة أولياء أمورهن، وهو أمر كن ملزمات به سابقاً.

وفيما يتعلق بملابس النساء، كان ولي العهد السعودي قد ذكر في مقابلة أجراها بداية العام الحالي مع برنامج 60 Minutes على قناة CBS الأميركية بأن الشريعة الإسلامية تكفل للنساء حرية اللباس طالما كان مظهرهن محتشماً ومحترماً، وبالتالي فإن القرار عائد للنساء في اختيار لون أو شكل ما يلبسنه على حد قوله.

الناشطة السعودية لجين الهذلول التي اختطفت من الإمارات وسُلمت للسعودية
الناشطة السعودية لجين الهذلول التي اختطفت من الإمارات وسُلمت للسعودية

في المقابل، وبشكل قد يبدو متناقضاً مع ما سبق، كان للنساء نصيب لا بأس به من حملة الاعتقالات الواسعة التي شهدتها السعودية مؤخراً، معظمهن من الناشطات اللاتي طالبن لسنوات بحقوق النساء بشكل عام، وحق قيادة السيارة بشكل خاص، مثل عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، لجين الهذلول، نوف عبدالعزيز، وميّاء الزهراني.

ويرى البعض بأن هذا السلوك المتناقض ربما يشير إلى أن السلطة السعودية تخشى، في حال هي أزالت كافة القيود، أن يتبادر لذهن الناس بأنها رضخت لمطالب المدافعات عن حقوق النساء، وهو ما قد يفتح الباب لمطالبات حقوقية وسياسية أخرى لن تنتهي، وذلك ما تحاول السلطة السعودية تجنبه.

كما يرى آخرون أن حملة الاعتقالات لهؤلاء الناشطات رغم تطبيق السلطات لبعض مطالبهن تحمل رسالة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للنشطاء الآخرين، مفادها أنَّ الإصلاحات مِنحة من القيادة إلى المواطنين السعوديين، وليست حقوقاً يمكن استخلاصها والفوز بها.

فالحقوق يجب أن تأتي بيد النظام لا بيد النساء.

تحميل المزيد