العروسة باربي الجميلة هذه قد تكون خطراً على سلوك أطفالك، وعليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها، مع الحرص على أن تكون متنوعة.
عندما أعطي مجموعة من الأطفال البيض والسود دمية بيضاء وأخرى سوداء للعب بها، اختار جميع الأطفال الدمى البيضاء.
كانت هذه نيتجة تجربة أجراها عالم النفس الاجتماعي كينيث كلارك وزوجته مامي فيبس عام 1940، وعرفت بـ "اختبار الدمية".
النتيجة دفعت كلارك إلى استنتاج علمي، مفاده أن الأطفال الصغار يتأثرون بشدة بالصور النَّمطية السائدة، مما يجعلهم يستوعبون القوالب العُنصرية إلى الدرجة التي جعلت بعض الأطفال السود يكرهون أنفسهم.
كانت تلك الدراسة أحد أسباب إقناع المحكمة العليا الأميركية أن المدارس المنفصلة للبيض والسود غير قانونية ولا إنسانية.
ووفقاً للدكتورة "أمبير هيويت" المتخصصة في التنشئة الاجتماعية فإن اختيار الآباء لأبنائهم الألعاب التي تشبههم له دور كبير في تشكيل إحساس الأطفال بهويتهم الذاتية.
ومن هنا يجب عليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها ، ولا تفرض عليهم الأنماط السائدة في المجتمع.
لماذا عليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها؟
يبدو سلوك اللعب فطرياً لدى الأطفال، ويتم بصورة حُرة وغير موجّهة، إلا أن اللعب له دور كبير في تكوين شخصية الطفل.
فهو وسيلة هذا الطفل للتعاطي مع العالم، والتفاعل مع البيئة المحيطة.
ولذا فإنه يجب عليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها لكي يختاروا ما يشببههم دون تأثير من السياق والاجتماعي والانحيازات السائدة فيه.
ولكن على الآباء في البداية أن يشجعوا الأطفال على اختيار ألعاب تشبههم (الأطفال)؛ لأن هذا الاختيار ستعتمد عليه بنية شخصية الطفل ودوره الاجتماعي في المستقبل.
دمية لديها حب شباب ونمش ونظارة طبية.. فلماذا أحبَّها الأطفال؟
أخيراً بدأت هذه الأفكار تنتقل إلى الواقع.
فعلى سبيل المثال وخلال عام 2014 ظهرت في الأسواق الأميركية الدمية "لاميلي"، وهي فتاة عادية بمواصفات أكثر واقعية من دمية باربي الشهيرة ذات المثالية المفرطة.
ويمكن إضفاء بعض اللمسات على لاميلي، مثل حب الشباب والنمش والنظارة الطبية، هذا بالإضافة إلى وضع الندوب على جلدها، التي نتجت عن لدغ البعوض.
وارتكزت فكرة الدُّمية بشكل رئيسي على القبول بالمظهر العادي والاعتزاز بالذات، والابتعاد عن الصورة النمطية للفتاة التي تتمتّع بالوزن المثالي والجمال والعينين والشعر المثاليين.
وعندما أخذ مُصمم الدمية " نيكولاي لام" الدمية لاختبارها في إحدى المدارس الأميركية، لاحظ أن الأطفال أحبّو Lammily؛ إذ علّقوا أنها تبدو حقيقية وتشبه أخواتهم أو أحد الأقارب.
وقد ظهرت في الأسواق باربي محجبة أيضاً، أطلقتها شركة Mattel تكريماً لابتهاج محمد اللاعبة الأميركية المسلمة ذات الأصول الإفريقية .
ومن هنا عليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها لأن اختياراتهم ستفاجئك، وقد تكون أقل تكلفاً من الكبار.
ولا يجب منع الأطفال الذكور من اللعب بالدمى
شخصية الطفل عادة ما تقوده لاختيار اللعبة المناسبة.
ولذا لا يجب تقييد الطفل بتصنيفات الألعاب المتشدة، أو المُتعنّتة القائمة على الجنس؛ لأن ذلك من شأنه أن يبعث للأطفال رسائل غير مرغوب فيها، حسب ماورد في تقرير لموقع mashable.
من الأمثلة على ذلك منع الأطفال الذكور من اللعب بالدمى، على الرغم من أن لعبهم بالدمى يُمكّنهم من التعبير عن مشاعرهم، ويعزز من شعورهم بالآخر طوال حياتهم.
أندر كرو هي مجموعة من الدُّمىّ المصنوعة خصيصاً من أجل الأطفال الذكور.
ووفقاً لمُبتكِرتها الطبيبة النفسية لوريل وايدر، فهي تشجع الأولاد على التعبير عن مشاعرهم.
ففي عام 2015 عاد ابن وايدر الصغير من المدرسة، وأخبر والدته أن مُعلمه قال له "لا يفترض أن يبكي الأولاد".
وهنا أدركت وايدر أنه وعلى الرغم من مجهودها في تربية طفلها فهو لا يزال يتعرّض لأفكار جامدة وضيّقة حول الجنس.
ولذا بدأت في إجراء الأبحاث والتحدث مع أكثر من 150 أباً.
وفي النهاية توصّلت إلى ابتكار تلك الدمى، وأكدت وايدر أن الأطفال يَلتقطون الإشارات الاجتماعية حول الجنس في سنٍّ مبكرة جداً، وأن الآباء يجب أن يقدموا لأطفالهم مزيجاً من الألعاب بدلاً من ترسيخ النظرة النمطية.
إذ يجب عليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها وحتى الذكور لاتحاول فرض الاختيارات عليهم أو منعهم من الدمى.
كما يجب أنه تُقدِّم له دمى وألعاباً تمثل ثقافات مختلفة
من المهم أن يَملك الطفل مجموعة شاملة من الألعاب، تَضم الكثير من الخلفيات الثقافية المتنوعة.
وليس هذا من أجل أن تعكس الألعاب صورهم الذاتية فقط، ولكن لكي تكون وسيلة لرؤية تنوع العالم وثرائه.
وعلى سبيل المثال تستهدف لعبة Children of the World Memory الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و7 سنوات.
ووفقاً لقواعد اللعبة يقوم الأطفال بمطابقة قطع اللعب الصغيرة مع أسماء البلاد والملابس التقليدية للدول المختلفة.
وتهدف تلك اللعبة إلى تَشجيع الأطفال على احترام الاختلافات الثقافية، كما تعمق من شعورهم بالاتصال مع غيرهم من الشعوب الأخرى.
نعم عليك أن تترك أطفالك يختارون الدمى التي يلعبون بها، ولكن شجعهم في الوقت ذاته على تقبل التنوع البشري.
وبرامج التلفاز بأنماطها الحالية تخلق مشكلة لدى بعض الأطفال
أثبتت بعض الأبحاث العلمية أن مشاهدة التلفاز تعزز من الثقة بالنفس لدى الأولاد البيض؛ لأن الصورة النمطية للمجتمع عادةً ما تجعلهم أبطالاً ومميزين، وفقا لما ذكر موقع huffpost.
ولكنها تُقلل من تقدير الذات لدى الفتيات والأطفال من ذوي البشرة السمراء.
وذلك لأن غالبية مشاهد الترفيه التلفزيونية والسينمائية تحصر الأبطال السود في أدوار سَلبية أو ثانوية، أو تُهمّش تلك الشخصيات في بعض الأحيان.
وهناك تجربة لدمية تجلس على مقعد متحرك
ن خلال اللعب فعادةً ما يصنع الطفل عالمه الخاص بنفسه، ولذلك تشير الدراسات إلى أهمية الدُّمى المتنوعة في جعل الأطفال أكثر تعاطفاً مع الآخرين.
وكان تجربة لافتة في هذا الشأن.. مجموعة دمى "ليغو" (Lego)، تضم دمية تجلس على مِقعد مُتحرك، كما تقدم مجموعة واندر كرو دُمية صمّاء، وأخرى ضَعيفة البصر.
ومن شأن تلك الألعاب أن تخلق القدرة على صياغة مفهوم جديد للعالم، ذلك المفهوم الذي يتَّسع ليشمل الجميع، ويشير إلى التنوع.
فعلى الرغم من أن اللعب نشاط طفولي في الأساس فإن له تأثيرات راسخة على بَلوَرة الهوّية الذاتية والعِلاقات الاجتماعية في المستقبل.
فأطفالنا يشكِّلون تصورهم للعالم عبر ألعابهم.