إنهم يولدون مصابين بالسكري من الأصل.. تناول الحامل طعاما يحتوي غلوتين يهدد الجنين، فهل نمنعها من المعكرونة والخبز؟  

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/25 الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/25 الساعة 17:01 بتوقيت غرينتش
دراسة جديدة إلى أن الغلوتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة الأطفال بالسكري

توصَّل بحثٌ جديد إلى أن تناول الطعام الغني بالغلوتين أثناء فترة الحمل يبدو مرتبطاً بزيادة خطر إصابة الأطفال بالسكري من النوع الأول. لكنَّ خبراء قالوا إنَّ هذا لا يعني ضرورة تخلي الحوامل عن الخبز والمعكرونة بالضرورة. 

ويُعرف الغلوتين بأنّه البروتين المتوفر بشكلٍ طبيعي في العديد من الحبوب، مثل: القمح، والشعير، والجودار، والشوفان.

ومؤخراً بدأت تنتشر حمية الغلوتين، وإن كانت غير ضرورية إلا بالنسبة للمصابين بالداء البطني، وهو عبارة عن ردة فعل يقوم بها نظام المناعة عند تواجد مادة الغلوتين.

لأول مرة يظهر هذا العامل الذي يزيد خطر إصابة الأطفال بالسكري

بعض الدراسات التي أجريت على القوارض أشارت إلى وجود رابط محتمل بين انخفاض تناول الحوامل الغلوتين وانخفاض معدل إصابة الأطفل بالسكري من النوع الأول، لكن لم يسبق العثور على مثل هذا الدليل لدى البشر.

غير أن الدراسة الأخيرة، التي ذكرتها The Guardian البريطانية، تشير إلى أن الحامل التي تتناول 20 غراماً أو أكثر من الغلوتين يومياً أكثر عرضة لإنجاب طفلٍ مصاب بمرض السكري من النوع الأول، وذلك بمعدل الضعف عمن تتناول 7 غرامات أو أقل يومياً.  

ويعد النوع الأول من السكري حالة من أمراض المناعة الذاتية يتوقف فيها الجسم عن إنتاج الأنسولين، مما يؤدي إلى مشكلات خطيرة في امتصاص الغلوكوز وتنظيمه.

وإذا لم يُعاَلج، يمكن أن يؤدي ارتفاع الغلوكوز في الدم، وبالتالي مشكلات تشمل تلف القلب والعينين.

ولكن النتائج يجب تفسيرها بحذر

وقال كنود جوزيفسن، أحد الأطباء المشاركين في البحث من معهد بارثولين في كوبنهاغن، إنَّ النتائج يجب أن تُفسَّر بحذر.

وأوضح: "لا نوصي في الوقت الحالي بأي تغييرات في نظام الحوامل الغذائي".

 ولكنه أشار إلى أن العوامل البيئية للرحم قد يكون لها تأثير على احتمال إصابة الأطفال بالسكري من النوع الأول.

ونشرت مجلة BMJ الطبية البريطانية مقالاً، وصف فيه جوزيفسن وزملاؤه كيفية تحليل بيانات أكثر من 67500 دنماركية حامل، للتعرف على احتمال إصابة الأطفال بالسكري.

وُجِّهت أسئلةٌ للنساء اللاتي وصلن إلى الأسبوع الـ25 بشأن النظام الغذائي خلال الأسابيع الأربعة السابقة، بينما أجرى الباحثون مقابلات لجمع البيانات حول مختلف جوانب صحة المرأة وأسلوب حياتها، إضافة إلى عوامل أخرى مثل الرضاعة الطبيعية.

الأمهات الأقل تناولاً للغلوتين احتمال إصابة أجنتهم أقل
الأمهات الأقل تناولاً للغلوتين احتمال إصابة أجنتهم أقل

وتشير النتائج إلى أنه كلما ارتفع معدل تناول المرأة الحامل للغلوتين، زاد احتمال إصابة طفلها بالنوع الأول من مرض السكري في السنوات الـ15 التالية أو ما يقارب ذلك.

وبلغت نسبة إصابة الأطفال بالسكري، الذين أنجبتهم الأمهات ضمن المجموعة التي تتناول قدراً أقل من الغلوتين 0.3%.

بينما وصلت نسبة إصابة أطفال مجموعة الأمهات اللاتي تناولن مقداراً أعلى من الغلوتين إلى 0.53%.

وكانت أمهات تلك المجموعة يتناولن 20 غراماً على الأقل من الغلوتين يومياً.

وفور النظر في العوامل التي تشمل سن المرأة، ومؤشر كتلة الجسم، والحالة الاجتماعية الاقتصادية، وإجمال استهلاك الطاقة، اكتُشف أن أطفال السيدات اللاتي يتناولن نسبة أعلى من الغلوتين كن أكثر عرضة للإصابة بالنوع الأول من السكري، بمعدل الضعف عن أطفال المجموعة اللاتي تناولن الغلوتين بقدر أقل.

ومع ذلك، أصيب 247 طفلاً فقط بالنوع الأول من السكري، مما صعَّب عملية استخلاص نتائج حاسمة.

لماذا لا يسارع العلماء بالتوصية بتقليل الغلوتين؟

لم تتضح أيضاً الآلية المسؤولة عن ذلك، وقال جوزيفسن إن المكونات الأخرى للنظام الغذائي أو الحبوب من شأنها أن تكون السبب وراء تلك النتائج.

يبدو تأثير الغلوتين المحتمل يختلف بين نوعي السكري
يبدو تأثير الغلوتين المحتمل يختلف بين نوعي السكري

وهناك شاغل آخر أيضاً، إذ قال جوزيفسن: "إذا حاولنا القضاء على مرضٍ ما، ربما نتسبّب في أمراض أخرى".

وأشار إلى أن بعض الأبحاث أشارت مؤخراً إلى أن استهلاك كمية أكبر من الغلوتين، تخفض خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري.

وأضاف: "ربما يعود ذلك إلى أن بعض الألياف الموجودة في الحبوب، تحمي أيضاً من بعض الأمراض كالنوع الثاني من مرض السكري في هذه الحالة على سبيل المثال".

ولكن هناك مَن انتقدوا الدراسة بشكل صريح

في حين أبدى علماء آخرون تحفُّظهم بشأن نتائج الدراسة عن احتمالات إصابة الأطفال بالسكري.

وأشاروا إلى أن بيانات النظام الغذائي التي ذكرتها الحالات المُشاركة في الدراسة عرضة للخطأ، وأنَّ معاينة النظام الغذائي حدثت في مرحلة واحدة فقط، وأن العديد من الأغذية المصنعة تحتوي على الغلوتين، مما يُصعِّب إجراء تقديرات دقيقة عن الاستهلاك.

وأضافت مقدمة مرفقة مع المقالة المنشورة في المجلة الطبية البريطانية، أنَّ النظام الغذائي للطفل أو الأم المرضعة لم يُفحصا، لذا فليس من الواضح إذا ما كان هناك أي رابط يتضمَّن في الواقع تأثيراً في الرحم يؤدي إلى إصابة الأطفال بالسكري.

ورحَّب ديفيد ساندرز، الأستاذ في أمراض الجهاز الهضمي بجامعة شيفيلد بالبحث قائلاً، إنَّ هناك ارتفاعاً في حالات الإصابة بالأمراض الباطنية منذ الخمسينيات من القرن الماضي، ربما بسبب زيادة مستويات استهلاك الغلوتين في المجتمع.

هناك انتقادات وجهت للدراسة
هناك انتقادات وجهت للدراسة

لكنَّه قال إن الدراسة تشير إلى أن خطر الإصابة بالنوع الأول من السكري ما زال صغيراً، بينما الخطر المتزايد كان معتدلاً، وإنَّ شريحة واحدة من الخبز تحتوي على نحو 2.5 غرام من الغلوتين، وإنَّ مجموعة الحوامل ذوات نسبة الغلوتين الأعلى كُنَّ يتناولن كميات كبيرة جداً من تلك الأطعمة.

وقالت جيسيكا بيكسيكيرسكي المتخصصة في التغذية البشرية من جامعة لا تروب، إنَّ البحث لم يعرف ما إذا كانت أي من النساء أو الأطفال مصابين بمرضٍ باطني، وهذا النوع من الأمراض يكون غير مُشخَّص في أغلب الأحيان، لكن قد يكون موروثاً، وله علاقة بزيادة احتمالية الإصابة بالنوع الأول من السكري.

وأردفت جيسيكا: "إذا شعر أحد بالقلق حيال احتمالية إصابته بالسكري أو أي مرض باطني، يجب عليه زيارة الطبيب، ثم استشارة اختصاصي التغذية".

وأشارت إلى أن الوجبة الغذائية الخالية من الغلوتين تفتقر إلى المواد الغذائية مثل الألياف والحديد وفيتامين بـ.

علامات:
تحميل المزيد