أهلاً وسهلاً بغير الرجال فقط! تنظيم أول مهرجان مخصص للنساء في السويد لمحاربة التحرش

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/04 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/04 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش

هنا لم أعد أشعر بالخطر مطلقاً، فليس هناك رجال.

هل سمعت بتنظيم مهرجان موسيقي من دون حضور رجال؟

نعم هذا ما حدث بالسويد، فقد تم تنظيم أول مهرجان موسيقي في العالم مخصص بصفة حصرية للنساء في مدينة غوتنبرغ السويدية، حسبما ذكر تقرير لصحيفة New York Times الأميركية.

هناك نوع واحد من الرجال مسموح له بالمشاركة

انطلقت فعاليات هذا المهرجان الذي يطلق عليه اسم "Statement Festival" يوم الجمعة 31 أغسطس/آب 2018 واختتم يوم الأحد 2 سبتمبر/أيلول، وله هدف أوحد، يتمثل في خلق مساحة آمنة للنساء.

ويعني ذلك، من وجهة نظر المنظمين، أن الرجال متوافقي الجنس لا يسمح لهم بحضور هذا المهرجان.

(ويعرف الأشخاص متوافقو الجنس أنفسهم حسب هويتهم الجنسية التي يمتلكونها منذ الولادة، أما الأشخاص اللامنتمين للثنائية الجنسية الذين يقولون إن نوع جنسهم لا يمكن أن يكون ذكراً أو انثى، وربما يتأرجح بين الاثنين).

والفكرة جاءت بسبب ما حدث بأكبر مهرجان موسيقي في البلاد الأمر الذي أدى لإلغائه

يأتي هذا المهرجان بعد موجة من التحرش الجنسي التي شهدتها مناسبات أخرى في السويد، بما في ذلك مزاعم بالاغتصاب و23 حالة من الاعتداء الجنسي في أكبر مهرجان موسيقي في البلاد يدعى "برافالا".

وتم إلغاؤه هذه السنة نظراً لعجز المنظمين على توفير بيئة آمنة للحضور.

وانبثقت هذه الفكرة من تغريدة نشرت على موقع تويتر من قبل كوميدية ومقدمة برامج إذاعية سويدية تدعى إيما كنيكير، التي لاقت رواجاً في السويد.

ونشرت كنيكير على تويتر في يوليو/تموز 2017 تغريدة تقول فيها: "ما رأيكم في تنظيم واستضافة مهرجان رائع للغاية حيث يتم الترحيب بغير الرجال فقط، حتى يتعلم جميع الرجال كيف يتصرفون؟".

وأصابت صرختها الوتر الحساس للعديد من الفنانين وجماهير المهرجان الذين أكدوا تعرضهم للتحرش الجنسي في المهرجانات والحفلات الموسيقية وأن الوقت قد حان للتصدي والوقوف في وجه هذا السلوك الدنيء.

إذ يبدو أن التحرش في هذا المهرجان ظاهرة قديمة

من جهتها، قالت تامي تي، مغنية إلكترو بوب متحولة جنسياً تبلغ من العمر 32 سنة من مدينة غوتنبرغ، إنها واحدة من الفنانين في طليعة المدعوين للمشاركة.

وقالت المغنية تي، في مقابلة هاتفية أجريت معها السبت: "كنت سعيدة حقاً عندما طرحوا علي الأمر، لقد كانت طريقة جيدة لإثارة النقاش حول ما يحدث في المهرجانات الأخرى".

كما أشارت تي إلى أنها اعتادت الذهاب إلى المهرجانات عندما كانت في سن 16 و17 سنة، وقد كانت شاهدة على العديد من محاولات التحرش الجنسية المزعجة.

حتى أن كل فتاة تحتاج إلى أن تحمل هذا السلاح البسيط في يدها

"جميع الفتيات اللاتي أعزف معهن الموسيقى تعرضن لأنواع مختلفة من هذه المضايقات في النوادي الليلية والمهرجانات"، هكذا قالت ستينا فيلوسيتي، وهي فنانة أخرى غنّت في المهرجان، تبلغ من العمر 35 سنة.

وأضافت فيلوسيتي: "لا يمكنك الاسترخاء، والشعور بالأمان. ينبغي عليك حمل مفاتيحك في يديك مثل السلاح، ووضع هاتفك المحمول في حالة استعداد للاتصال بالشرطة".

والآن لا داعي للقلق فجميع المشاركين من النساء حتى التقنيون

وأوردت فيلوسيتي، أنها تتوقع أن يكون مهرجان "Statement festival" بمثابة "المنطقة الآمنة" حيث لا يجب عليها القلق بشأن مواجهة أي أشكال من التفرقة الجنسية لأن جميع التقنيين سيكونون من النساء.

يوم السبت وفي منطقة  بنانا بير (سميت المنطقة على هذا النحو منذ عقود نظراً لأن ثمار الموز كانت تصل عن طريق القارب من هناك)، حيث أقيم الحدث، شق الضيوف طريقهم نحو البار ومنصة مخصصة للحصول على وشم.

وكان بالإمكان سماع دوي ضحكات النساء اللاتي كن يقفزن على مجسم قلعة منتفخة ومخصصة للقفز، بينما استلقت مجموعة من النساء اللاتي التحقن بالمهرجان في منطقة جلوس مغطاة بسجادة وردية اللون.

وقد وضعت أيضاً الوسائد العملاقة في أرجاء المكان، حيث عمدت النساء للجلوس والضحك وتناول بعض المشروبات والاستماع إلى الموسيقى المنبثقة من كلا المسرحين.

وتم تقديم شكوى تتهم المهرجان بالإقصاء

لقد اشتكى العديد من الرجال وامرأة واحدة على الأقل من الجانب الإقصائي للمهرجان إلى "الأمبودسمان" أو المدعي العام الشعبي السويدي المعني بالمساواة، مما أدى إلى إجراء تحقيق في ما إذا كان حظر الرجال ينتهك القانون الخاص بالتمييز في البلاد.

وقال كلاس لوندستيدت، المتحدث باسم الأمبودسمان، إن التحقيقات لا تزال مستمرة.

لقد بدت النساء في المهرجان وكأنهن يستمتعن بالحرية التي عثرن عليها في "المنطقة الآمنة" التي اكتشفت حديثاً.

تقول سارة ألسن، التي كانت تنتظر المرور عبر الممر الأمني، الذي كانت تشرف عليه مجموعة من الحارسات: "جئت إلى هنا للتنزه مع صديقاتي، وكي لا أتعرض للتحرش الجنسي".

ولكن هل المشاركات يفتقدن الرجال؟

وعندما سئلت سارة عما إذا كانت تفتقد الطاقة الذكورية أثناء سماع الموسيقى، قالت ألسن: "لا، على الإطلاق. في الواقع أنا أشعر بحرية مطلقة".

 وقالت ليزين أندرياس فلورمان، المسؤولة الأمنية في المهرجان، إن 4500 امرأة شاركن في المهرجان مساء السبت.

وأفادت لويز ويثاليسون، وهي طالبة كانت تقف أمام عربة صغيرة عتيقة، زينت بأضواء ملونة، مخصصة لقراءة الطالع: "لا يجسد هذا المهرجان المجتمع الفعلي، ولكن من الممتع أن تخوض مثل هذه التجربة لمدة 12 ساعة. أعتقد أنه من المنطقي جداً أن يكون لدينا فضاءات خاصة بنا".

وقالت صديقتها، مالين ماركلوند، وهي معلمة في مدرسة ثانوية وتبلغ من العمر 26 سنة: "لقد خضت في إحدى المناسبات تجربة سيئة مع مجموعة من الرجال، لذلك كلما كنت في موقف يذكرني بما حدث أشعر بالخطر. أما هنا فلم أشعر بالخطر مطلقاً".

من جانبها، أوضحت ماتيلدا هدلين، التي تبلغ من العمر 24 سنة، والتي قدمت للمهرجان لرؤية المغنية وكاتبة الأغاني فريدا هيفونن، قائلة: "أعتقد أن الكثير من النساء يفسحن المجال للرجال دون وعي منهن، في حين يفضلن التراجع للخلف. ولكن هنا، لا أحد يفعل ذلك".

أما ليندا جينسن، التي كانت ترتدي عصابة رأس على شكل أحادي القرن، وقميصاً كتب عليه "حتى يتعلم كل الرجال"، فكانت واقفة في طابور أمام صالة الوشم، وقد كان هذا أول مهرجان تحضره.

وأوردت جينسن، قائلة: "لقد كنت أشعر من قبل بالخطر من حضور مثل هذه المناسبات".

ولكن كيف تم منع الرجال من الحضور؟

والجدير بالذكر أن منظمي المهرجان كانوا غامضين حيال كيفية مراقبتهم للمهرجان للتأكد من أن الجمهور الذي يريدونه هو الجمهور المشارك فعلاً.

وقالت كنيكير: "لقد وضعنا خطة أمنية مختلفة قليلاً عن الخطط المعتمدة في المهرجانات الأخرى.

تعد هذه الخطة معقدة بعض الشيء، ولا يمكنني الكشف عنها".

في المقابل، أكدت كنيكير أن "الجميع هنا يعتنون ببعضهم البعض. يحدث أمر خاص ومختلف عندما لا يكون هناك رجال متوافقو الجنس في الأرجاء. أعتقد أنه أمر مميز وذو تأثير قوي يمكن أن يؤدي إلى نتائج جيدة في نهاية المطاف".

من جانبهم، أكد المنظمون أن المهرجان قد سجل حضور نجمات مشهورات وفنانات من ذوات الجنس الواحد، كما سجل أيضاً حضور رجل على الأقل كان ضمن الفرقة الموسيقية.

وهن سعيدات بالمهرجان لأن كل محاولات ردع التحرش السابقة لم تفلح

 كانت الفنانات العضوات في فرقة موسيقى البوب ​​السويدية "دولوريس هايز"، وهو اسم اقتطف من رواية "لوليتا" للكاتب نابوكوف، مستلقيات على الوسائد في الخيمة الإعلامية.

وقالت إحداهن، وهي لاكي لولو، إنها في الوقت الذي شعرت فيه بالسعادة لتسليط الضوء على الانتهاكات المتفشية في المهرجانات على غرار مهرجان برافالا، إلا أن النقاش انحرف عن مقصده، وجاء متأخراً.

إذ تقول لولو أن "الأمر بدا وكأنه أمر جديد ومستحدث، في حين أن ظاهرة التحرش وانعدام الآمن موجودة منذ فترة طويلة".

وقالت عضوة أخرى، وهي فوكسي ساغز، التي تبلغ من العمر 22 سنة، إن الشرطة بذلت جهوداً مبكرة لجعل الرجال يتوقفون عن مضايقة النساء من خلال وضع شرائط على معاصم الفتيات مكتوب عليها "لا تحاول مسكي"، ولكن هذا الإجراء لم يؤت أكله.

كما قالت لاكي لولو إن بيان المهرجان من ناحية أخرى، قد ساهم في إطلاق شرارة مثل هذه المحادثات.

في الوقت ذاته، بينت غروفي نيكس، أن "المهرجان رائع وهادئ وآمن أيضاً. لم أكن لأتخيل حدوث مثل هذا الأمر منذ خمس سنوات، إن الأجواء رائعة". وأضافت نيكس، أنه "في هذا المكان، لا تسمع الكثير من "الخوار الرجالي"، كما لا تشعر بالجو الذكوري الذي يحتل مجالاً واسعاً".


إقرأ أيضاً..

من أجل المصابين بالتوحد.. متاجر بريطانية تمنع الموسيقى والأضواء العالية ساعة أسبوعياً لراحة المتسوقين

 

للتخلص من إزعاج المتحرشين.. 9 نقاط ضغط في الجسم يجب استهدافها عند الدفاع عن النفس

تحميل المزيد