مقنعون اقتحموا بيتها فجراً وأخبروها أنها أغضبت “الناس اللي فوق”.. الممثلة المصرية التي اشتكت من التحرش فألقوها بالسجن

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/23 الساعة 13:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/24 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش

أمضت أمل فتحي يوماً عصيباً للغاية.

فقد تعرَّضَت للتحرُّش الجنسي مرتين خلال ساعات قليلة.

حسب روايتها، تحسَّسها سائق سيارة أجرة.

بعدها بساعتين كان حارس أحد البنوك يلاحقها بتعليقات بذيئة وهو يلمس جسمه.

وبين الواقعتين، تشاجرت مع مسؤولين بالبنك المزدحم للحصول على بطاقة مصرفية بديلة.

وحينما وصلت إلى المنزل، كانت تشعر بالغضب الشديد. ولذا نفَّست عن غضبها من خلال موقع فيسبوك، بمقطع فيديو مدته 12 دقيقة مليئ بالألفاظ النابية، وربما يكون مستوحى من روح هاشتاغ #Me Too Movement بالولايات المتحدة وحول العالم.

في مقطع الفيديو تحدثت الممثلة المصرية السابقة وعارضة الأزياء البالغة من العمرِ 33 عاماً  عما تعرَّضت له من تحرش جنسي وعن الحياة بصفة عامة في مصر، حسب تقرير لموقع   The Daily Beast الأميركي.

وخلال 36 ساعة، اعتقلت الشرطة صاحبة الفيديو وزوجها الناشط الحقوقي محمد لطفي، وابنهما البالغ من العمر عامين من منزلهم في منتصف الليل. وتم إطلاق سراح لطفي وابنه بعد بضع ساعات، بينما استمر اعتقال أمل فتحي في سجن نسائي سيئ السمعة واتهامها بجرائم تتضمن الانضمام لإحدى المنظمات الإرهابية والدعوة لتنفيذ أعمال إرهابية عبر شبكة الإنترنت ونشر أخبار زائفة "تضر بالنظام العام والأمن القومي".

ربما يعاقبون ربة المنزل على علاقة زوجها بملف مقتل الإيطالي ريجيني

كان العديد من الناس يأملون أن يؤدي إعادة انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في وقت سابق من شهر مارس/آذار 2018، إلى منحه الثقة من أجل التخفيف من حدة قبضة النظام على المعارضة. ومع ذلك، يوضح اعتقال فتحي –ربة المنزل التي لا علاقة لها بالسياسة على الإطلاق– مدى صغر المساحة المتبقية للمعارضة في مصر، حسب التقرير.

ولكن تشكك البعض أيضاً في أن الاعتقال يعد بمثابة رسالة إلى لطفي، ومن يساعدونه في التحقيقات في مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي تم اختطافه وتعذيبه حتى الموت، بحسب مسؤولي الأمن في مصر، في إحدى قضايا عام 2016، التي لا تزال تهدد العلاقات بين القاهرة والغرب، حسب الموقع الأميركي.

وكان لطفي يعمل بمنظمة العفو الدولية، ويتولى حالياً الإشراف على المفوضية المصرية غير الحكومية للحقوق والحريات.

وفي إشارة أخرى إلى تضييق الخناق على المعارضين، اعتقلت السلطات المصرية يوم الجمعة المحامي هيثم محمدين بتهمة التحريض على الاحتجاجات التي نشبت بسبب ارتفاع سعر تذكرة مترو الأنفاق.

وقال تيموثي كالداز، العالم السياسي بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بالقاهرة: "مَن يظل يأمل أن السيسي سوف يخفف من حدة قمعه السياسي خلال فترته الرئاسية الثانية، ينبغي أن يتحرَّر من هذا الوهم في هذه المرحلة. ولا تزال سياسة انعدام تسامح الدولة مع منتقديها قائمة"، حسب ما أورد التقرير.

لكنهم لم يحققوا في وقائع التحرش التي تزعم أنه وقعت لها

تعد مصر من أصعب بلدان العالم التي تستطيع المرأة بها أن تسير في الأماكن العامة دون التعرض للتحرش البدني واللفظي، وخاصة في المدن الكبرى، مثل القاهرة والإسكندرية.

ووفقاً لدراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2013، ذكرت معظم النساء المصريات أن هناك مضايقات من جانب الرجال. وصدقت السلطات المصرية مؤخراً على قانون جديد يقضي بمعاقبة من يتحرش بالسائحين، ويُذكر أنها كلفت عملاء سريين بتفقد الحدائق العامة لاستهداف المتحرشين.

ومع ذلك، توضح قضية فتحي حدود ما يستطيع النظام المصري تحمله حينما يكون هناك غضب عام، والمدى الذي يمكنه الوصول إليه لإسكات المنتقدين.

طرقوا بابها فجرا واعتقلوها مع زوجها وابنها

وبعد يومين من نشر مقطع الفيديو، أي في 11 مايو/أيار، وحوالي الساعة 2:30 صباحاً، حدث طرق شديد على الباب الأمامي لمنزل أمل فتحي.

وقال زوجها لطفي لموقع The Daily Beast، إنه قفز من الفراش وألقى نظرة من فتحة الباب. وكان هناك العديد من الرجال يرتدون الزي الأسود، وبعضهم يرتدون أقنعة ويحملون البنادق. ارتدت أمل فتحي ملابسها، وارتدى لطفي سرواله قبل فتح الباب. وطلب كلاهما من مسؤولي أمن الدولة والشرطة عدم إحداث أي ضحة، وإيقاظ ابنهما أثناء تفتيش أوراق الأسرة والمقتنيات الشخصية.

 سحب مسؤول أمن الدولة رفيع المستوى مقعداً من غرفة الطعام وجلس.

 وفي الأيام التالية لنشر مقطع الفيديو، قامت وسائل الإعلام الموالية للحكومة بإعادة نشر المقطع، وشوهت صورتها باعتبارها عضواً بحركة 6 أبريل، التي تزعَّمت ثورة 2011 ضد الرئيس حسني مبارك.

 وذكر الزوج أن مسؤول أمن الدولة قال "تعرفين ما فعلت يا أمل. لقد أغضبت الناس اللي فوق".

 وقال لطفي إن زوجته لا علاقة لها بالسياسة، ولكنها واحدة من المصريين الذين يهتمون بشؤون بلادهم في أعقاب ثورة 2011 بميدان التحرير، والتي أخفقت بعد أن أطاح السيسي بالرئيس الإسلامي المنتخب من خلال انقلاب عام 2013.

حاولت أن توضح للضابط أنها كانت غاضبة للغاية، حينما نشرت مقطع الفيديو وأخبرته قائلة "تم التحرش بي مرتين. لقد مررت بيوم عصيب".

 وذكر المسؤول الأمني أنه يحمل أمراً باعتقالها، ولكنه اعتقل لطفي وابنهما أيضاً. وأقنع لطفي الشرطة أن تسمح له بجلب جهاز آي باد لإلهاء ابنهما. وتمكن أيضاً من إجراء مكالمة لمحاميه الذي حضر إلى قسم الشرطة.

واتهموها بأنها عضوة بجماعة 6 أبريل تحاول إفساد الانتخابات الرئاسية

وكانت الاتهامات قاسية، ومن بينها بث مقطع فيديو على موقع فيسبوك كوسيلة عامة للتحريض على الإطاحة بالنظام المصري.

وقال محاميها أنس سيد في تصريحات لموقع مصراوي، إن النيابة نسبت لأمل، اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، مع علمها بأغراضها، واستخدام موقع على شبكة المعلومات الدولية لنشر أفكار تدعو لارتكاب أعمال إرهابية، وإذاعتها عمداً أخباراً وشائعات كاذبة، من شأنها تكدير الأمن العام، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، بينما وصف موقع "اليوم السابع" أمل بأنها عضوة بحركة 6 أبريل.

ونقلت صحيفة الشروق عن مصدر أمني وصفه للمفوضية المصرية للحقوق والحريات التي يشرف عليها زوجها بأنه كيان غير شرعي، وأن أمل مطلوب ضبطها من قبل في قضية "تحركات العناصر الإثارية الإخوانية لإفشال الانتخابات الرئاسية وتأليب الرأي العام".

وحبسوها في سجن لقناطر للنساء بعيدا عن ابنها

في النهاية تم اصطحاب أمل فتحي إلى سجن القناطر للنساء، الواقع شمال القاهرة. وقام لطفي بزيارتها يوم الخميس الماضي، وقال "كانت تبكي كثيراً وتريد رؤية ابنها، وانزعجت لأنني لم أحضره معي".

وعلى النقيض من النشطاء الفعليين، لم تذهب أمل فتحي إلى السجن أو تدخل مركز شرطة من قبل مطلقاً.

وذكر لطفي، الذي كان يعمل بمنظمة العفو الدولية، ويتولى حالياً الإشراف على المفوضية المصرية غير الحكومية للحقوق والحريات، أنه يشعر بالقلق من عدم قدرتها على تحمل الضغوط، وأن المعاملة القاسية التي تتعرض لها زوجته تستهدف إسكاته.

لكن زوجها يرى أن ما جرى "محاولة لترويعه"

وجاءت عملية الاعتقال، التي سلطت الجماعات الحقوقية الدولية والبرلمانيون الأوروبيون الضوء عليها، قُبيل زيارة المحققين الإيطاليين الذين حضروا لفحص مقاطع مصورة من دوائر تلفزيونية مغلقة ترتبط باختفاء ريجيني.

ونقل موقع The Daily Beast عن لطفي قوله "لم يجدوا وسيلة لترويعي، ولذا استخدموا زوجتي لمنحهم تلك الوسيلة. ويتمثل هدفهم في الأساس في معاقبتها واعتقالها وتقييد يدي. لقد تعقبوا أسرتي على أمل الحصول على معلومات عني وعن عملي". 

 

علامات:
تحميل المزيد