تمكّنت النساء من اقتحام الكثير من المجالات التي لم تستطع خوضها قديماً، لكن هل حصلت النساء على حقهن كاملاً؟ وهل يمثل وجودهن في تلك المجالات نسبة متساوية مع الرجال؟ وهل يحصلن على نفس الفرص في مجال التعليم والعمل؟
دعنا نسرد لك بعضَ أهم الأرقام حول عالم الإناث، اعتماداً على ما أورده التقرير السنوي الحادي عشر لمؤشّر المُساواة بين الرجل والمرأة، الذي أعدَّه المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"، وضمَّ التقرير بياناتٍ وصفيةً لوضع النساء في حوالي 144 دولة حول العالم في بعض المجالات.
إذ درس التصنيف حالة الذكور والإناث ونسبة فرصهم في المجالات الأساسية من صحة وتعليم ومشاركة سياسية، كما قدَّم المؤشّر تصنيفاً للدول، ومقارناتٍ فيما بينها، اعتماداً على قدرة الجنسين في الحصول على الموارد والفرص، مقارنةً بالنسبة الفعلية التي يجب أن تكون عليها في الدول التي تضمنها المؤشر.
وكانت النتيجة التي وصل إليها المؤشر، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، أن المساواة بين الرجل والمرأة تحققت بنسبة 68% في دول العالم. لذا دعنا في هذا التقرير نستعرض أبرز تلك الأرقام عن وضع النساء حول العالم:
مناصفة في مجال السياسة بين الرجال والنساء
بدأت كِفة الميزان تتمايل ببطء إلى جانب المرأة في أغلب دول العالم، فقد زادت نسبة المقاعد البرلمانية التي تشغلها النساء منذ عام 1990 بنسبة 23% حتى الآن، وذلك بتحسن 10% مقارنةً بما كان عليه الوضع عام 2006.
وخلال النصف الثاني من القرن الماضي، استطاعت النساء السيطرة على مناصب عليا في الدولة، شملت منصب الرئيس ورئيس الوزراء في حوالي 59 دولة لفتراتٍ متفاوتة، ما ساعد على سَنِّ عدد من القوانين التي تدعم المساواة الفعلية بين الجنسين.
فيما شملت الدول التي استطاعت النساء الوصول إلى أعلى المناصب السياسية فيها: كندا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، والبرازيل، وكوريا الجنوبية، وتشيلي، والصين، والهند، وأستراليا، وكرواتيا، والأرجنتين، والسنغال، وباكستان.
نسبة مُطمئنة لعدد الإناث في مجال التعليم
على الرغم من التباين الإقليمي على الصعيد العالمي في مجال التعليم، فإن الجنسين يملكان مستويات متقاربة نوعاً ما في المؤهلات العلمية، وهناك شبه تكافؤ في المرحلتين الابتدائية والثانوية، بنسبة 2% و3% على التوالي، بينما تصل الفجوة إلى 7% في مرحلة التعليم العالي.
وحسب تصنيف المنتدى الاقتصادي، فإن نسبة الفتيات الملتحقات بمرحلة التعليم الأوَّلي غير مبشرة بالمرة؛ إذ يوجد 23% منهن خارج المدارس على مستوى العالم.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن النساء اكتسبن مهاراتٍ علميةً ومعرفيةً مماثلةً للرجال، بخلاف مجال كالهندسة، الذي تظل فيه الفجوة ثابتة عند 47%، ويعزى ذلك إلى الصور النمطية السلبية عن تلك المجالات، وبعض العادات والتقاليد التي تؤكد على أن هذا المجال يقتصر دخوله على الذكور.
فرص المرأة في المشاركة الاقتصادية العالمية
على الصعيد العالمي، يشارك حوالي 54% من النساء -في سن العمل- في تشكيل الاقتصاد، مقارنةً بحوالي 81% من الرجال، وهناك زيادة في نسبة البطالة لدى النساء أعلى بحوالي 2% على الصعيد العالمي.
وعلى الرغم من ذلك، يشير التقرير إلى استمرار الفجوة في الأجور بين الجنسين، فقد بلغ متوسط دخل المرأة حوالي نصف متوسط دخل الرجل.
وفيما يتعلق بالمديرين التنفيذيين فإن المساواة في الأجور بين الجنسين في هذا المنصب ليست متكافئة، فهناك خمس دول فقط تصل الفجوة عندها إلى 20%، بينما تتسع الفجوة إلى 40% في حوالي 88% من الدول، وفي حوالي 35 دولة تتراوح الفجوة لديها بين 40% إلى 50%.
بطء في سد الفجوة بين الجنسين في مجال العمل
أشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه تم سد ما يقرب من 60% من الفجوة في العمل بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعتبر هذه الفجوة هي الأكبر عالمياً، إذ نجحت أوروبا في الوصول إلى نسبة 75% في سد هذه الفجوة، بينما وصل إقليم شرق آسيا والمحيط الهادئ إلى نسبة 68% تقريباً.
كما نوَّه أيضاً إلى اتساع الفجوة في مجال الأعمال، وعلل ذلك بعدد من العوامل منها الراتب، إذ تبين أن متوسط الرواتب الوظيفية للنساء في جميع أنحاء العالم لا يكاد يزيد عن نصف ما يكسبه الرجال، بالرغم من أن السيدات يعملن فعلياً في المتوسط لساعات أطول من الرجال، فقد وصل معدل العمالة النسائية إلى حوالي 54%، مقارنة بنسبة 81% من الرجال.
زواج القاصرات وحملهن في زيادة
وعلى صعيدٍ آخر أكثر بؤساً لتمثيل النساء في المجتمعات، أشارت إحصائية المُنتدى الاقتصادي العالمي، لوجود أكثر من 700 مليون امرأة وفتاة في عالمنا هذا قد تزوّجن وهن قاصرات، أي قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، وبذلك يتعرضن لوحشية وخطر العنف المنزلي أكثر من غيرهن، وهذا ما يزيد معدَّلات الوفيات من الأمهات في هذه السن أكثر من غيرهن.
ورغم تحديد سن الزواج عند الثامنة عشرة في معظم الدول، تُعقد الزيجات قبل هذا السن بموافقة الأهل وإجبار العروس في عدد من الدول. ليس ذلك فحسب، بل يبلغ العدد أكثر من 16 مليون فتاة يتزوجن بين سن الخامسة عشرة والتاسعة عشرة كُل عام، وتأتي النسبة الأكبر من هذه المعدّلات في إفريقيا وأميركا اللّاتينية.
مع هذه الأرقام السابقة، هل ترى العد التنازلي لتحقيق المساواة الفعلية بين الإناث والذكور في ربوع العالم قد بدأ بالفعل؟ وأن هذه النسب كافية لتمكين النساء من الحصول على حقوقهن كاملةً في السنوات القليلة القادمة؟!