توني ماهر كاد يعتزل الفن قبل أن يمارسه فعلياً.. نجم «SNL بالعربي» يروي كيف غيرت الصدفة حياته

قصة صعود توني ماهر .. الممثل المصري يروي لـ «عربي بوست» الجانب المظلم في رحلة النجومية.. والفلسفة التي تقف وراء الألفاظ الخارجة في أشهر أعماله

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/14 الساعة 08:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/15 الساعة 11:17 بتوقيت غرينتش

"يومان فقط"، كانا كفيلين بتغيير مسار حياته، فوراء الشهرة التي يعيشها النجوم يوجد آلاف من قصص الإخفاق وفقدان الأمل أو انفراجه، وهذا ما تكشفه لنا قصة صعود توني ماهر.

فالممثل المصري توني ماهر، الذي لفت النظر في برنامج "SNL  بالعربي" بمشاهده الكوميدية، وأصبح نجماً يشار إليه بالبنان، في مسلسلي "رحيم" و"فوق السحاب"، كاد يوماً يعتزل الفن قبل أن يعمل به فعلياً.

قصة صعود توني ماهر بدأت عندما كان يمشي على قدميه للذهاب لدار الأوبرا توفيراً للنفقات، ولم يكن هذا حاله هو فقط.

فهناك مئات، بل الآلاف من هواة الفن في مصر الذين يعيشون ظروفاً مماثلة، ولكن لم يحققوا النجاح نفسه، كما قال توني ماهر لـ "عربي بوست".

قصة صعود توني ماهر، التي رواها في حوار مع "عربي بوست"، تكشف كيف غيرت سلسلة من الأحداث مجرى حياته، بعد أن كاد اليأس يسيطر عليه، وبعد أن سدت السبل أمامه.

قصة لعبت الصدفة دوراً كبيراً فيها، ولكن أيضاً مع قليل من الصبر والقناعة.

قصة صعود توني ماهر تبدأ برفض والده التمثيل.. وكان محقاً

قصة صعود توني ماهر لم تكن مثالية على الإطلاق، فمنذ البداية واجه عقبة عائلية اعترضت حبه للتمثيل، وجعلته يدخل كلية ليس لها علاقة بالفن الذي يهواه منذ الصغر.

يقول توني ماهر: "والدي كان معارضاً لفكرة التمثيل، ولذا اضطررت إلى دراسة الحقوق في المرحلة الجامعية، ولكن بعد تخرجي كان لدي الفرصة لدراسة الفن".

ويضيف: "الأهل دائماً يرفضون فكرة أن يتجه الابن للغناء أو التمثيل أو لعب كرة القدم؛ نظراً إلى أن تلك النوعية من الأعمال النجاح صعب فيها، إذ إن نسبة من ينجح بها قليلة".

ومن ثم، يتخوف الأهل من أن يضيع الابن وقته ومستقبل في مجال لن يصل فيه إلى ما يريد، فليس شرطاً أنك بمجرد خوضك تجربة الفن أنك ستنجح وتصل للنجومية.

غير أنه استدرك قائلاً: "لكن الأهل قد يتقبلون محاولاتك دراسة الفن أو العمل به بعد انتهاء دراستك، عملاً بفكرة أنك تكون في هذه الحالة ضمنت مستقبلك بحصولك على شهادة جامعية، تستغلها في حالة فشلك في تجربة التمثيل أو الغناء أو غيرها من المجالات".

وهذا ما حدث لتوني، فبعد أن انتهى من دراسته الجامعية وخاض -ولو قليلاً- في غمار الحياة العملية، بدأ دراسة الفن.

ثم اختار الطريق الأصعب لدراسة الفن.. كيف سأصبح نجماً بين كل هؤلاء الآلاف؟

وجاء الفصل الأصعب في قصة صعود توني ماهر.

فعندما قرر دراسة الفن، لم يسلك طريقاً سهلاً، فقد قرر أن يدرس بمركز إبداع التابع لوزارة الثقافة.

يقول توني: "أنا من رواد مركز الإبداع، وكنت أذهب لمشاهدة مسرحيات كل الدفعات السابقة".

ويتابع قائلاً: "كنت أعتبر مركز الإبداع حلماً كبيراً جداً بالنسبة لي، وكانت أمنيتي أن أدرس به".

ولكن المشكلة أنه يتقدم للمركز في الدفعة الواحدة ما بين 8 آلاف و 1 ألف شخص يريدون الالتحاق به، يتم اختيار 200 في النهاية من بينهم، منهم 50 فقط في مجال التمثيل".

ويضيف: "بالنسبة لنا في الوسط، مركز إبداع، أقوى من معهد السينما، ومعهد فنون مسرحية ليس على مستوى الدراسة، ولكن من ناحية القبول به، وذلك لأن اختباراته أصعب".

ويتابع: "أما بالنسبة لتوقيت الدراسة، فهو لم يكن من اختياري، فالمركز لا يختار دفعة كل عام، ولكن يحدث ذلك كل مدة".

وحظه العاثر جعله جزءا من الدفعة المظلومة

وتصادف أن قرر المخرج خالد جلال قبول دفعة جديدة في ذلك الوقت بشكل استثنائي اسمها "دفعة استديو المواهب"، وهي دفعة للتمثيل فقط، عكس الدفعات الأخرى التي يوجد بها 5 أقسام وهي: إلقاء، وشعر، ورقص، وتمثيل، وإخراج.

ويقول: "كانت هذه الدفعة عبارة عن كورس تمثيل مدته 4 أشهر فقط، ولن تقدم عرضاً مسرحياً في التخرج مثل بقية الدفعات".

وأضاف قائلاً: "كان كل هدفي من هذه التجربة الاستفادة والدراسة على يد خالد جلال، وأنا أعلم أنه في النهاية لن يأتي فنانون ومخرجون ليشاهدونا مثلما يحدث مع بقية الدفعات".

غير أن المخرج خالد جلال تحمس لهم وقرر مساواتهم بالآخرين

كان يمكن أن يكون مصير توني مختلفاً، إذا لم يقرر المخرج الشهير خالد جلال أن ينصف هذه الدفعة ويساويها بالدفعات الأخرى.

إذ يقول توني: "المفاجأة أن المخرج خالد جلال تحمس لنا وقرر أن يقدم بنا عرضاً مسرحياً كبقية الدفعات.

ولذا درسنا عاماً ونصف عام، بدلاً من 4 أشهر كما كان مقرراً، والعرض الخاص بنا كان من المفترض أن نعرضه 20 يوماً فقط، ولكنه امتد إلى 270 يوماً".

من مندوب للدعاية إلى تسويق الأدوية..  عندما يفسد الولع بالفن الحياة الطبيعية

كانت هذه الفترة صعبة جداً بالنسبة لتوني ماهر.

إذ يقول: "بعد أن تخرجت في كلية حقوق عملت بأكثر من مهنة".

ويضيف قائلاً: "واصلت خوض تجارب العمل خلال فترة دراستي بالمركز".

فقد عملت مندوب دعاية، وعلاقات عامة في أحد الفنادق المعروفة، ومندوب أدوية، وغيرها من المهن.

ويستدرك: "ولكني كل مرة كنت أترك الوظيفة، بسبب عدم استطاعتي التوفيق بينها وبين الدراسة في مركز الإبداع، فدائماً كنت أسعى للانتهاء من العمل، بسبب ارتباطي بموعد بروفة أو عرض مسرحي".

ويضيف: "طيلة الوقت كنت غير متقبل فكرة أنني أعمل في شيء آخر بجانب التمثيل".

كانت 3 سنوات صعبة للغاية.. فقد كنت أنوي الاعتزال كل يوم

يقول توني ماهر: "درست في مركز الإبداع 3 سنوات، العام ونصف الأول كانت مرحلة جيدة.

ولكن فترة العام ونصف العام الأخيرة كانت في منتهى الصعوبة، فالأموال التي أدخرها انتهت بالكامل.

ويضيف قائلاً: "كل يوم وأنا ذاهب إلى العرض كنت أنوى أن يكون هذا اليوم هو الأخير لي، وكل يوم كنت أنوي أن أعتذر للمخرج خالد خلال عن إكمال العرض".

"فأحياناً لم يكن معي سوى جنيهين في جيبي، وكل من حولي يضغطون عليّ للتخلي عن دراسة الفن، فالأمر كان صعباً جداً علي، سواء على المستوى المادي أو النفسي".

 يقول: "كان كلام الأصدقاء دائماً عن أن فرص النجاح قليلة".

ورغم نجاحه الكبير اليوم فقد اكتشف أن كلامهمكان منطقياً.

إذ يقول: "فعدد الدراسين بالدفعة كان 53، يعمل منهم في الفن حالياً 6 فقط، والـ53 شخصاً، أساساً تمت تصفيتهم من 10 آلاف متقدم.

فكلامهم عن ضعف احتمالية النجاح كان مقنعاً".

ورغم ذلك، كان توني طيلة تلك الفترة يحارب أفكاره السلبية واليأس والضغوط النفسية.

وكان يقول لنفسه: "أنا هكمل وهيجيلي دور".

وهذا ما حدث له بالفعل.

إلى أن فتحت له أول نافذة محتملة للشهرة

يقول توني: "من خلال عرض الذي كنا نقدمه في مركز إبداع، دخلت عالم الإعلانات".

فقد اختاره المخرج شريف عرفة لتقديم إعلان موبينيل، وقدم إعلانا آخر مع المخرج هادي الباجوري، وكلاهما اختاره من خلال مركز الإبداع.

ويقول: "كانت هذه الإعلانات تساعدني بشكل ما، فأنا لم أكن أحصل من خلالها على الكثير من المال، ولكن كان كل هدفي أن يراني الناس.

"فهي تمثل مكسباً مزدوجا، فأنا أوفر للمنتج كثيراً، لأنني وجه جديد ولن أتقاضى مبالغ كبيرة، ولكن أحصل في الوقت ذاته على نافذة محتملة للشهرة".

ثم جاءت الانطلاقة مع برنامج "SNL بالعربي".. فكيف حصل على هذه الفرصة؟

واصل القدر لعب دور البطولة في قصة صعود توني ماهر، وكرر معه لعبة حبس الأنفاس.

فقبل نهاية العرض الخاص بالدفعة بيومين فقط، جاءته فرصة العمر.

يقول توني: "في الوقت الذي كنا نقدم فيه عرض دفعتنا بمركز الإبداع، على مدار 270 يوماً، وقبل نهاية العرض بيومين فقط، كان زملائي نور قدري وميرنا وإسلام إبراهيم ومحمود الليثي قد تعاقدوا بالفعل على الانضمام إلى برنامج (SNL بالعربي).

وجاء المخرج عمرو سلامة لمشاهدتهم، بعدما تعاقد معهم المنتج طارق الجنايني للمشاركة في تقديم البرنامج، وعندما شاهدني عمرو سلامة في العرض طلب مني أن أنضم إليهم في البرنامج وهو ما حدث بالفعل.

18 عاماً من التمثيل بعيداً عن الأضواء.. فهل كان ينوي الاستمرار؟

كانت صدفة غريبة التي أنقذت توني، صدفة عززها إيمانه الغريب بقدر لم يكن قد رآه بعد.

إذ يقول: "حتى قبل نهاية العرض بيومين وقبل أن أتعاقد على SNL، كان لدي يقين بأنني سأتعاقد على عمل ما، رغم أجواء اليأس التي كانت محيطة بي".

ويقول: "أنا كنت بالفعل قد استُهلكت بشدة؛ فأنا أمثل منذ 18 عاماً، وكان من الصعب أن أكمل الطريق، فأنا التحقت بمركز الإبداع وعمري 27 عاماً".

وأضاف: "كل من هم أصغر مني كانوا متزوجين ويعملون في وظائف جيدة، ولذا كانت الضغوط المحيطة بي قوية لكي أغير طريقي".

ويضيف: "أظن أنه لو لم تتح لي هذه الفرصة فلم أكن لأكمل، ولكن رغم ذلك كان لدي يقين كامل بأن الفرصة قادمة".

و الـ2 جنيه ما زالت في جيبه

بعد أن روى لنا قصة كفاحه، طرح "عربي بوست" سؤالاً محرجاً على توني ماهر.

إذ قلنا له: "الفنانون الذين يواجهون صعوبات في بدايتهم الفنية أحياناً يتحولون للأسوأ عندما يصبحون نجوماً كباراً، فهل من الممكن أن تصبح مثلهم؟".

أجاب توني قائلاً: "نحن بشر ونفسياتنا متقلبة جداً، ولا تستطيع أن تحكم كيف سيكون هذا الشخص بعد 5 سنوات".

لكنه استدرك قائلاً: "لكن، كل ما أستطيع قوله أنني أحاول قدر الإمكان ألا أتغير وأن أظل كما أنا، توني الذي كان يعيش بـ2 جنيه وكان يذهب من بيته للأوبرا مشياً على الأقدام، وأن أظل توني الذي بدأ من الصفر".

ولماذا نجح برنامج "SNL بالعربي" بهذا الشكل؟ وهل كان يتوقع ذلك عندما تعاقد عليه؟

يعترف توني ماهر بأنه لم يكن يتوقع هذا النجاح الكبير لبرنامج "SNL بالعربي".

ويقول: "لقد وصل لي عرض من البرنامج قبل يومين من نهاية العرض الذي كنت أقدمه في مركز إبداع، ولو كان وصل لي أي شيء وقتها كنت سأوافق".

ويضيف قائلاً "إن البرنامج ليس له (فورمات) ومأخوذ من البرنامج الأميركي الشهير الذي يحمل الاسم نفسه "SNL"، وهناك فئة قليلة فقط تعرفه".

وأردف: "أنا لم أكن أعرف طبيعة أدواري فيه، ولكنه كان سيحقق لي مكسبين أحدهما مادي والآخر فني، لأنه كان الفرصة الأخيرة بالنسبة لي".

وهل ساعد عرض البرنامج على قناة مشفرة في إنجاحه؟

عرضُه على قناة مشفرة غير متاحة للجمهور العادي في مصر كان فيه نفع وضرر، حسبما يرى ماهر.

إذ يقول: "الضرر جاء أن التشفير منعنا من الحصول على الشهرة السريعة مثلما حدث مع نجوم (مسرح مصر) على سبيل المثال، لأنهم كانوا يعرضون أعمالهم على قناة مفتوحة".

ويستدرك قائلاً: "ولكن التشفير أفادنا من ناحية أخرى، لأنه جعل الناس تتساءل عنا وعن البرنامج الذي لم يكن يعرفونه وقتها، وتفاصيله، وسر استضافته كبار نجوم العالم العربي وتقديمه الجمهور بشكل كوميدي، وأثار حالة جدل بين الناس جعلت البرنامج ينجح جداً".

وهذا موقفه من الألفاظ والإيحاءات غير المقبولة في البرنامج

"لن أنكر أن البرنامج كان به ألفاظ وإيحاءات"، هكذا يعلق توني على الانتقادات الموجة لـ"SNL بالعربي"

ولكن، يلفت إلى أن هناك أعمالاً مثل ما يسمى أفلام المقاولات وأفلام السبعينيات والثمانينيات لنجوم هم رموز الفن في مصر حالياً، وكان بها أسوأ مما قُدم في برنامج "SNL بالعربي" بكثير.

وأضاف: "وأنا لا أتحدث عن نجوم صف ثانٍ أو ثالث، ولكنهم نجوم ورموز الفن حالياً شاركوا في مثل هذه الأعمال".

وتابع قائلاً: "أضف إلى ذلك أننا وضعنا تصنيفاً عمريأ للبرنامج (+18)، وكان يتم عرضه بعد الـ11 مساء، وكان يتم التشويش على الألفاظ أو الكلمات الخارجة، والأهم من كل ذلك أنه على قناة مشفرة".

وأخيراً وصل إلى ضفاف النجومية.. قليل من القناعة والذكاء ينفع أحياناً

شكّل مسلسلا "رحيم" و"فوق السحاب" في رمضان الماضي 2018، طريق النجومية لتوني ماهر بعد انطلاقة برنامج "SNL بالعربي".

ولكن طريق النجومية لم يكن مفروشاً بالورود، غير أن توني ماهر عبّده بقليل من القناعة والذكاء أيضاً.

يقول ماهر: "في العام الماضي (2017)، قدمت مع الفنانة يسرا دوراً في مسلسل (الحساب يجمع)، وكان عبارة عن 3 حلقات فقط".

ويضيف: "وقتها كنت وجهاً معروفاً بعد نجاح (SNL بالعربي)، قال لي المخرج هاني خليفة إن الدور قليل علي.

ولكني وافقت عليه، لأثبت للجمهور أنني لست كوميديان فقط، فأنا ممثل متكامل، أستطيع أن أقدم الكوميدي والتراجيدي، فأنا لدي جانب آخر قوي غير الكوميديا"، حسب ما قال توني.

وأضاف: "من خلال هذا الدور، رشحني المخرج رؤوف عبد العزيز لمسلسل (فوق السحاب)، والمنتج ريمون مقار لمسلسل (رحيم)".

لن أعيش في عباءة الكوميديان.. ها هو يسير في خطته المرسومة ويقبل التحدي

دورا "كاريكا" في مسلسل "فوق السحاب" و"هشام السيوفي" كانا بمثابة تحدٍّ له.

يقول: "إن الشخصيتين لم يكونا كوميديتين على الإطلاق، وكان الأمر بمثابة تحدٍّ بالنسبة لي، وكنت أسعى لتقديم مثل هذه الأدوار".

ويضيف توني قائلاً: "فأنا منذ موافقتي على عمل دور صغير في (الحساب يجمع)، كنت أخطط لأن يكون لدي هذا الدور، لأثبت للمخرجين أنني أستطيع تقديم كل الأدوار، وأخرج نفسي من الحصر في منطقة الممثل الكوميدي فقط، فأنا كنت أخطط لذلك وأسعى له".

وهكذا تحقق ما يخطط له، وأصبح هذان الدوران علامتين في قصة صعود توني ماهر التي بدأت وفي جيبه إثنين من الجنيهات فقط لاغير.

تحميل المزيد