حجز صالات لحفلاته في أوروبا ولم يحضر سوى 7 أشخاص! بهذه الطريقة نفذ شاب أميركي أكثر خدعة موسيقية محيّرة

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/20 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/21 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش

في أبريل/نيسان من العام الجاري (2018)، بدأ جيرد ثريتين إجراء اختبارات الأداء لاختيار أعضاء فرقة موسيقية. اختار 3 عازفين، وأخبرهم بأنهم سوف ينطلقون في جولة أوروبية مدفوعة التكاليف بالكامل مع فرقته التي تحمل اسم ثريتين.

كانت الجولة الأولى في ملهى The Underworld بلندن. ودفع شخصٌ يُمثِّل ثريتين مبلغاً يُقدَّر بنحو 1010 دولارات، لحجز مساء الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2018 في الملهى.

وأخبر باتريس لوفليس، وهي إحدى منظمي الحفلات في الملهى، بأنَّ الفرقة باعت 291 تذكرة لحضور العرض الذي ستقدمه.

لكن عندما دخلت الفرقة لتبدأ عرضها، كان الحضور يتكون من 3 أشخاص فحسب.

تقول باتريس: "لم ندرك الأمر إلَّا يوم العرض، عندما لم نجد قائمة تضم أسماء الزبائن البالغ عددهم 291 المزعومين، وأدركنا أننا قد خُدعنا".

ثريتين يحير الوسط الفني بحفلات موسيقية مدفوعة، ولكن بلا حضور!

استمر العرض بحضور جمهور يتكون من فرق موسيقية أخرى والموظفين وطاقم العمل فقط.

"لم تحقق الحانة أي أرباح تقريباً، وكان الوضع غريباً للغاية. وكانت القاعة خاويةً، بطبيعة الحال"، كما قال.

الحفلات القليلة التالية للفرقة نفسها كانت خاوية أيضاً.

وبعد عرض في ملهى The Exchange بمدينة بريستول الإنكليزية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ادَّعى أحد المنظمين أنه باع 182 تذكرة من أجله، قرر الموظفون في المكان التحري عن الفرقة.

وجدوا أن شخصاً ما دفع أكثر من 500 دولار لحجز المكان. وتبين أن كل ما يتعلق بفرقة ثريتين كان وهماً.

وقال إيوان بيست، أحد مديري المسرح في  The Exchange، لصحيفة The New York Times، إنهم اكتشفوا أن التسجيل في مواقع الشركات المتصلة بفرقة ثريتين -مثل موقع شركة Superlative Music Recordings المسؤولة عن تسجيل الأغاني للفرقة؛ وموقع شركتها الإدارية Aligned Artist Management؛ وموقع الشركة المنتجة لمواد الفيديو الخاصة بالفرقة والتي أطلقت مقطع الفيديو الخاص بالفرقة- قد تم باستخدام الحساب نفسه على موقع GoDaddy.

إذ أُنشئت الحسابات باستخدام موقع رئيس مرتبط -على ما يبدو- بشركة Superlative Music، وهذا هو الاسم المزيف.

كوّن لنفسه قاعدة شعبية زائفة على حساباته الاجتماعية

إذ يبدو أن العديد من أصدقاء ثريتين على موقع فيسبوك كانوا من البرازيل، ولا تُظهر مقاطع حفلاته على اليوتيوب الفرقة والحشود في الوقت نفسه.

وتحتوي مقاطع فيديو أخرى على قناته، حُذف بعضها من ذلك الحين، على مقابلات أُجريت معه ولم يظهر فيها المُحاور، وبدا من المعقول أنه كان يحاور نفسه.

وثَّق الكُتَّاب المجتهدون جزءاً كبيراً من تلك القصة توثيقاً دقيقاً على موقع MetalSucks.net.

بل منح نفسه جوائز!

ووجدوا أن المواقع الموسيقية التي أجرت مقابلات مع ثريتين (ومنحه أحدها جائزة) قد أُعِدَّت على برنامج WordPress أو Wix، اللذين يتيحان إنشاء مواقع مجاناً، ومُلِئت بمحتوى مسروق من مواقع أخرى.

أخضع العازفين لاختبارات أداء قبل أن يتجهوا إلى بريطانيا

لم يجد أعضاء فرقة ثريتين في أثناء جولة الفرقة في قائدهم شيئاً خارجاً عن المألوف بالبداية.

وروى دان ديفيس، عازف الطبل في الفرقة؛ وجو برونيرا، عازف الغيتار، وكلاهما موسيقي يقيم في لاس فيغاس، قصصاً متشابهة.

وقد خضعا لاختبارات أداء للانضمام إلى الفرقة خلال الصيف، بعد أن اتصلت بهما امرأة قدمت نفسها باسم ليزا غولدينغ، وقالت إنها عرفتهما من خلال مقاطع الفيديو التي يقدمانها على موقع يوتيوب.

وقالت ليزا إنها تعمل لدى شركة Aligned، التي من الواضح أنها شركة إدارية زائفة.

وصورتها الشخصية على Facebook مأخوذة من مجموعة من صور إحدى الفتيات على Pinterest.

وجد كلا الرجلين أنه كان من السهل الانسجام مع ثريتين والأعضاء الآخرين في الفرقة، وسرعان ما تحولوا إلى تبادل أطراف الحديث حول الموسيقى وألعاب Blackjack وUno.

زوجته منعت الفرقة من التجول، وأنفقت رواتبهم على الطعام

وقال ديفيس إن الشيء الوحيد غير الطبيعي الذي حدث قبل الجولة والذي استطاع تذكره، هو أنه قبل يومين من بدء الفرقة رحلتها إلى إنكلترا، قيل لهم إنَّ مبلغ الـ300 دولار الذي وُعدوا بالحصول عليه سيُنفق على الطعام.

وتذكَّر أيضاً أن مسار الرحلة المرسوم كان صارماً للغاية، يصاحبه فرض لحظر التجول، حتى في الأيام التي لا تؤدي فيها الفرقة عروضاً.

واتضح أنَّ كلسي -زوجة ثريتين- هي من فرضت حظر التجول.

وفي اليوم الأول بلندن، استيقظ برونيرا وديفيس مبكراً، وتركا بقية المجموعة وذهبا لتناول وجبة الفطور.

وقال ديفيس: "عندما التقينا في وقت لاحق، واجهتنا كلسي وجادلتنا حول ذهابنا لتناول وجبة الفطور دون علمهم".

وقالت: "لا يمكن أن يحدث ذلك مرة أخرى. إذا فعلتما هذا مرةً ثانية، فستُطردان".

وأضاف ديفيس، الذي وصف نفسه بأنه يكره الجدال، أنَّ ثريتين وزوجته أخبرا الموسيقيين بأنهم كانوا بحاجةٍ إلى رعاية رسمية ليتمكنوا من السفر إلى أوروبا.

وقيل لهم إنهم إذا لم يسجلوا وصولهم كفرقة كاملة لها رعاة، فسوف تُلغى تأشيراتهم.

لم يشك العازفون في أن قائد فرقتهم نصاب

وقال برونيرا إنهم أخبروه بأن هذه الأماكن سوف تستوعب ما بين 1000 و1500 من المعجبين، وهو أمر أدرك أنه لم يكن صحيحاً لحظة دخوله إلى ملهى The Underworld الذي يتسع لـ500 شخص فحسب.

ولكن بعد ذلك، بدأت الجولة وكان من الواضح أن القاعدة الجماهيرية لثريتين لم تكن قوية بقدر ما كان يزعم.

إذ قال برونيرا: "أحصيت في العرض الأول 7 أشخاص في الحضور فحسب، ومعظمهم كانوا من الفرقة التي أدت عرضاً قبلنا، وقلت في نفسي: أتعرف؟ حسناً، لا بأس، إنه المسرح، وأنا أحب أن أعتلي خشبة المسرح، أريد أن أعتلي خشبة المسرح، ولا يهم أي شيء آخر".

وحدث الشيء نفسه في مكان تلو الآخر.

وقال ديفيس: "لم يظن أحدنا لحظةً أنَّه يزيف كل هذا، إذ كان انطباعي بالكامل هو أن شركتي الإدارة والتسجيل كانتا شركتين صغيرتين ما زالتا تحاولان إبرازه واكتساب شعبية".

وقال إن لديه أغانيَ ناجحة بأوروبا، وخاصة في ألمانيا.

لذلك كان الأمر غريباً، لكن ليس بالقدر الذي يدفعك إلى أن تظن أنَّ "كل ذلك قد يكون زائفاً، أو أنه يكذب في كل شيء. لقد تظاهر بأنَّه كان مرتبكاً مثلنا تماماً".

لكن تدقيق الصحافة في ماضيه كشف مغامرته المزيفة

لكنَّ ثورة الصحافة الناقدة بعد العرض في ملهى The Exchange تسبَّبت في تفكك الفرقة.

إذ نشرت صفحة الملهى على موقع فيسبوك بعض النتائج التي توصلوا إليها فيما يتعلق بثريتين.

وقال ديفيس إنَّه علم لأول مرة، بتلك الروايات عن جولة ثريتين الفاشلة والمعجبين المزيفين، بعد نزولهم من العبَّارة إلى العاصمة الأيرلندية الشمالية بلفاست، حيث كان من المقرر أن تؤدي الفرقة عرضاً يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

تبرأ منه العازفون فوراً وعادوا إلى أميركا

بدأ ديفيس وبرونيرا والشخص الثالث الذي انضم إلى الفرقة -عازف القيثارة غافين كارني- تبادل الرسائل النصية فيما بينهم، في محاولة لاتخاذ قرار بشأن ما يجب فعله، واتفق ديفيس وبرونيرا على أنهما سيتركان الفرقة.

وقال ديفيس: "لم أتمكن من استيعاب الاستمرار في جولة قد تجعل الناس يتصورون أنني على صلة بجيرد، وشريك له في تلك الأكاذيب".

وتوجه ديفيس وبرونيرا بالسؤال إلى ثريتين.

لكنَّ برونيرا قال: "لقد ظل يقول إنه مستهدف، وإنه يُلام، وإنه هو من في الواجهة. وإنه هو الضحية. ولكن في ضوء جميع المقالات التي نُشرت في ذلك الوقت، وما كان الجميع يستنبطونه، كان من الصعب التفرقة بين ما هو حقيقي وما ليس بحقيقي، لذلك تقبَّلت ما قاله على مضض".

سافر برونيرا عائداً إلى وطنه، الولايات المتحدة. ولم يستطع تحمل نفقات الرحلة بنفسه؛ فأعارته إحدى قريباته نفقات الرحلة.

بينما ظل ديفيس في أيرلندا حيث يعيش شقيقه الأكبر شون. ونفى كلا الرجلين معرفة أي شيء حول خطط ثريتين.

وقال ديفيس: "لم أكن لأفعل أي شيء من شأنه أن يضر بمسيرتي المهنية ويضر بمسيرات الآخرين كذلك. هذا ليس من شيمي".

ولم يرد كارني، الذي يقول ديفيس إنَّه استمر مع ثريتين في أوروبا، على الرسائل النصية.

اتضح كل شيء الآن ما عدا الدافع

ما زال سبب إنفاق ثريتين آلاف الدولارات في جولة موسيقية دون جمهور- مبهماً.

وفي حين أنَّ قصة خداعه لم تلقَ اهتماماً كبيراً في الصحافة الفنية الأوروبية، فإن العديد من المعلقين على الإنترنت قد أبدوا سرورهم بالتفاصيل، وشبَّهوا ثريتين بتومي ويزو، الذي حقق نجاحاً عبثياً بالصدفة بفيلمه The Room.

وردَّت إحدى وكيلات الدعاية والإعلان لدى ثريتين، قالت إنَّ اسمها تشارلوت هاينز، على رسالة بريد إلكتروني وعدت فيها بالترتيب لإجراء مقابلة معه.

وطلبت إجراء المقابلة عن طريق البريد الإلكتروني، ولم تجب عن الأسئلة المتعلقة بزوجته أو مدة عملها لديه أو عن عملائها الآخرين.

وكان الموقع الإلكتروني الخاص بشركتها، التي تحمل اسم Magnified PR، واحداً من العديد من المواقع الأخرى المتصلة بموقع Superlative Music الذي يمثل الشركة الزائفة لتسجيل أغاني ثريتين.

وأخيراً، قال ثريتين، الذي قد يكون اسمه الحقيقي جيرد إيمز: "عن أي أخبار زائفة تتحدثون؟"، وقال إنَّ كل شخص علِم بمآثره يُعَد "جزءاً من الخدعة".

والبعض يرجح أنه مجرد طفل ثري أراد جذب الاهتمام

وقالت باتريس لوفليس، منظِّمة الحفلات العاملة في ملهى The Underworld بلندن، إن هناك نظريات تُتداول باستمرار حول دوافع ثريتين.

وقالت باتريس: "أعتقد أنه مجرد طفل ثري أنفق على جولته بنفسه، حتى يتمكن من العودة إلى أميركا ومعه دليلٌ يثبت خوضه جولةً في المملكة المتحدة، موثَّقة بطريقة ذكية لا تُظهر قلة الحضور، سعياً لجذب اهتمام صناعة الموسيقى في أميركا".

وأضافت: "يعتقد بعض الناس أنَّ ذلك نوعٌ من المشروعات الفنية أو التجارب الاجتماعية العبقرية. ويعتقد آخرون أن والدته هي من أنفقت على هذه الجولة، وذهب البعض إلى إطلاق نكات يقولون فيها إنه ربما قيَّد والديه بقبوٍ في لوس أنجلوس، وفرَّ هارباً ببطاقتيهما الائتمانيتين. ما زلت لا أستطيع أن أقرر ما إذا كان ذلك عبقرية أم جنوناً، ولكن ربما يكون مزيجاً من قليلٍ من الاثنين".

تحميل المزيد