فيلم عن قصة حقيقية بطلها غاضبٌ من “تشويه” هوليوود.. The Blind Side بين الواقع والتزييف

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/25 الساعة 18:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/25 الساعة 18:18 بتوقيت غرينتش
فيلم The Blind Side

رغم أن The Blind Side هو فيلم عن قصة حقيقية، يروي حياة لاعب كرة القدم الأميركية مايكل أوهر، فإن بطله لم يكن راضياً تماماً عمّا قدّمته هوليوود، كونها عرضت مسار حياته بشكلٍ مخالف للواقع.

والفيلم من تأليف مايكل لويس، وبطولة ساندرا بولوك وكوينتون آرون وإخراج جون لي هانكوك، ومأخوذ من قصة حياة اللاعب المكتوبة في كتاب The Blind Side: Evolution of a Gam.

لكي تعلم إجابة هذا السؤال، يجب أن تعلم أنّ السطور المقبلة تتضمن حرقاً لأحداث الفيلم.

فيلم عن قصة حقيقية: في الشوارع بحثاً عن مأوى

"الأمور ممكنة مع البشر.. لكن لا شيء مستحيل على الله" كان هذا هو شعار مدرسة وينغايت المسيحية التي التحق بها أوهر.

وتجدر الإشارة إلى أنّ إدارة المدرسة لم تكن ترغب في قبول أوهر بسبب عدم اكتمال أوراقه ولكنّ مدرب كرة القدم بالمدرسة بيرت كوتن صمَّم على قبول مايكل ليس من أجل مهاراته الرياضية فحسب.

لم يكن لدى أوهر مأوىً يمكنه المبيت فيه، ولذلك كان يجوب الشوارع بحثاً عن مكانٍ دافئ، وفي إحدى الليالي الباردة التقى مايكل السيدة لي آن توهي، التي جسَّدت دورها ساندرا بولوك وتسأله عمَّا إذا كان لديه مكانٌ يبيت فيه تلك الليلة الباردة، وبعدما ردّ أوهر بالنفي تقرر السيدة توهي اصطحابه إلى المنزل برفقة عائلتها.

توهي تطلب الوصاية القانونية على أوهر

نشأ أوهر وترعرع في قرية هيرت في مدينة ممفيس بولاية تينيسي الأميركية، وقد كانت والدته تتعاطى المخدرات بكثرة وكان لديها 12 ولداً لم تكن تعلم شيئاً عن آبائهم الحقيقيين.

وبسبب الحالة الصحية المتدهورة لوالدته قررت الولاية أن تأخذ منها أطفالها وتعرضهم للتبني على العائلات المختلفة ولكنّ أوهر كان دائماً يهرب من كل عائلة يذهب إليها، للاطمئنان على صحتها ثم يجوب الشوارع مجدداً بحثاً عن ملجأ آمن.

ولكن الأمور -حسب الفيلم – كانت مختلفة مع السيدة توهي، فقد شعر أوهر من البداية بالاختلاف في تلك العائلة.

إذ كانت تربطه علاقة صداقة قوية بالابن الأصغر إس جي كما كانت السيدة توهي تعامله بلطفٍ بالغ.

ففي إحدى المرات التي ارتادت فيها العائلة المكتبة سألت أوهر ما إذا كانت والدته تحكي له القصص كل ليلة.

وعندما علمت أن أوهر لم يستمع إلى قصصٍ في طفولته قررت ابتياع مجموعة من القصص لتسردها عليه كل ليلة.

وعليه حصلت السيدة توهي على الوصاية القانونية لأوهر من الولاية وأضحى جزءاً من عائلة شون توهي.

منحة كرة القدم

على الرغم من موهبة أوهر الفذَّة في كرة القدم إلا أنه لم يكن يبلي حسناً في المواد الدراسية؛ إذ حصل على مستوى 3% في التعامل مع الآخرين، و5% في القدرة على التعلم.

ولذلك كان على السيدة توهي أن تعدّه جيداً من أجل الحصول على منحة كرة القدم التي يلزمها الحصول على درجة "جيد" في التحصيل الدراسي.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف استعانت السيدة توهي بالآنسة سو خريجة مدرسة أول ميس من أجل مساعدته في التحصيل الدراسي.

أوهر لم يستجب في البداية ولكن بمساعدة أفراد عائلة توهي استطاع الحصول على العلامات اللازمة للحصول على منحة كرة القدم وبضغطٍ ناعم من عائلة توهي والآنسة سو، قرر أوهر الالتحاق بمدرسة أول ميس لكرة القدم.

يخضع للتحقيق بسبب التشكيك في نيّة عائلة توهي!

خضع مايكل أوهر للتحقيق من قبل جوسلين جرانجر عضو الرابطة الوطنية لكرة القدم، وذلك من أجل استجوابه بشأن محاولات عائلة توهي للتأثير على قراره بالانضمام لمدرسة أول ميس، التي تقدم لها عائلة توهي والآنسة سو الكثير من التبرعات المالية.

جرانجر كانت لديها مخاوف بعد تجربة أوهر من لجوء العائلات الغنية ذات الصيت والتأثير المجتمعي إلى تبنِّي الأطفال المشردين والموهوبين من أمثاله، من أجل تدربيهم وتحديد مسار حياتهم.

انهار أوهر أثناء عملية التحقيق وفرّ هارباً، وحين قابل السيدة توهي في طريقه سرد عليها ما ورد في غرفة التحقيق، وسألها إذا ما كان كلام المحققة صحيحاً وأن عائلة توهي استغلته.

ترك أوهر عائلة توهي هائماً على نفسه في الطرقات باحثاً عن والدته، وفي تلك الأثناء ذهبت السيدة توهي إلى قرية هيرت مسقط رأس أوهر للبحث عنه، ولكنها لم تجده هناك، وفي طريق عودتها اتصل بها منادياً إياها للمرة الأولى "ماما".

وبعد أن تقابلا قالت له إنه يمكنه اختيار المدرسة التي يرغب في ارتيادها، كما يمكنه أن يترك كرة القدم نهائياً إذا كان لا يحبها.

وفي النهاية قرر مايكل أوهر الانضمام لمدرسة أول ميس كما فعل جميع أفراد عائلة توهي.

القصة الحقيقية.. أوهر غاضب لأنهم لم يركزوا على الصعوبات التي مرّ بها!

تبدو قصة مايكل أوهر من خلال أحداث الفيلم مثالية للغاية؛ شابٌّ مراهق في الـ 16 من عمره يجوب الشوارع بحثاً عن الدفء لتجده السيدة توهي، وتأخذه إلى منزلها وتسير الأمور كلها لصالح أوهر بشكلٍ يدعو للتساؤل.

فعائلة توهي وخاصة الابنة المراهقة كولينز لم تبدِ أيّ اعتراض على وجود أوهر في منزلها.

لكنّ الواقع لم يكن كذلك أبداً؛ فقد واجه مايكل أوهر الكثير من المصاعب، وخاصة داخل مدرسة برياركريست المسيحية- التي تم تغيير اسمها إلى بيغايت في الفيلم لأن إدارة المدرسة رفضت بشكل قاطع أن يظهر اسمها في أحداث الفيلم.

وكانت بداية تلك المصاعب من ماضيه المضطرب ووالدته المدمنة على الشراب، هذا عطفاً على كونه متشرداً.

بينما لم تأخذ السيدة توهي أوهر من الشارع في لحظتها كما ورد في أحداث الفيلم ولكنّها انتظرت لليوم التالي بعد رؤيته، وذهبت إلى مدرسة برياركريست وسألت على أوهر أولاً ثمّ أخدته إلى المنزل.

كما أنّ عائلة توهي لم تتقبَّل وجوده بسهولة، إذ كلفه الأمر كثيراً من الوقت حتى يعتادوا على وجوده، كما حدث الأمر نفسه في المدرسة فقد عانى كثيراً حتى يندمج مع الطلاب.

غضب أوهر من الفيلم كان ناجماً من عدم عرض قصته بشكلٍ متوزان؛ إذ ارتكزت أحداث الفيلم على دور عائلة توهي وخاصَّة لي آن توهي والدته بالتبني في مساعدته.

ولم تركز على التحديات التي استطاع اجتيازها والعمل الشاق الذي قام به، حتى يصبح واحداً من أكبر الأسماء في كرة القدم الأميركية.

كما ذكرت جويس طومسون عضو الرابطة الوطنية لكرة القدم الحقيقية أنّ المقابلة مع أوهر لم تجرِ على الإطلاق كما حدث في مشاهد الفيلم.

إذ أكدت طومسون أنها لا تقوم بإرعاب الناس أثناء التحدُّث معهم كما ورد في الفيلم، هذا بالإضافة إلى أنّ المقابلة لم تكن تحقيقاً وإنما كانت جزءاً من برنامج هدفه تحديد مستقبل أوهر وفرص توظيفه.

وأنّ المقابلة لم تجرِ في مقر الرابطة ولم تنتظر السيدة توهي بالخارج كما جاء، وإنما جرت المقابلة في منزلها.

هو لاعب كرة قدم أفضل بكثير مما صوّره الفيلم

كان أوهر لاعب كرة قدم محترف ولم يكن خجولاً من اللعب كما بدا في أحداث الفيلم التي أظهرته وهو يُخفق في التدربيات مرةً تلو الأخرى، وذلك حتى تدخلت والدته بالتبني لي آن شون وتحدثت معه أن فريق كرة القدم هو بمثابة عائلته وأن عليه أن يقوم بحمايته.

الواقع أن أوهر كان يلعب كرة القدم باحتراف دون تشجيع مباشر من والدته بالتبني.

كما أن أوهر لم يكن بارعاً في كرة القدم فقط، ولكن كان موهوباً أيضاً في كرة السلة، إذ كان أفضل لاعب بمدرسته الثانوية في تينيسي.

وفيلم The Blind Side الذي أُصدر عام 2009، رشّح للعديد من الجوائز تمكّن من الظفر بـ8 منها، وكان من بينها أوسكار أفضل ممثلة لساندرا بولوك عن دورها في هذا الفيلم.

كما حقَّق نجاحاً جماهيرياً كبيراً على مستوى شباك التذاكر؛ إذ تعدَّت إيرادات الفيلم 300 مليون دولار، كما حاز الفيلم على إعجاب النقاد

علامات:
تحميل المزيد