أيهما تصدق: عالم متخصص مغمور أم نجم مشهور؟ الناس فيما يصدقون مذاهب، ولكن تبين أن الناس تصدق المشاهير أكثر من العلماء المتخصصين حتى في القضايا العلمية.
وهناك جانب إيجابي لهذه الحقيقة الغريبة، فقد تبين أن القليل من الشهرة يمكنه المساعدة في تقبُّل الناس للنظريات العلمية بسلاسة أكبر، حسبما ورد في تقرير لمجلة Science Alert الأسترالية.
إذ كشفت دراسة حديثة نشرت في جريدة SAGE البحثية أنَّ الاستماع إلى آراء المشاهير عن نظرية التطور أو قراءتها قد يزيد من احتمالات تقبُّل الأشخاص لها.
لكن، لماذا نظرية التطور تحديداً؟
التطور هو أحد المبادئ العلمية الأساسية الموجودة منذ أكثر من 100 عام، ومع ذلك هناك العديد من الناس ما زالوا يسيئون فهم حقائق النظرية أو يرفضونها كليةً، حسب التقرير.
تتقبل الغالبية العظمى من العلماء أنَّ البشر تطوروا على مر الزمان، لكن 65% فقط من الأميركيين يوافقونهم الرأي، ويعتقد 33% فقط أنَّ هذا يرجع إلى العمليات الطبيعية وحدها.
ومنذ بدء النظرية والعلماء يحاولون اجتذاب المزيد من الناس للإيمان بالفكرة.
لكن، لم يحققوا كثيراً من النجاح.
وتبين أن جورج كلوني يستطيع إقناع الناس أفضل من العلماء المتخصصين
هذا البحث الأخير يشير إلى أنَّ كل ما يحتاجه العلماء الذين يرهقون أنفسهم في البحث عن الأدلة العلمية هو جرعة من شهرة جورج كلوني.
إذ أظهر هذا البحث أن الناس تصدق المشاهير أكثر من العلماء المنكبين على العلم.
فقد ركزت الدراسة على 360 طالباً جامعياً في كندا، قرأ كلٌ منهم مقالاً عن التطور.
وكانت المقالات إما تشكك في النظرية أو تدعمها أو تتناولها بحيادية.
في نصف المرات كان مؤلف المقالات خبيراً في علم الأحياء، أو أستاذاً جامعياً متخيلاً في الأحياء بإحدى الجامعات الأميركية المرموقة، والنصف الآخر كان المقال يُقدم على هيئة استعراض لأحد الكتب بقلم أحد المشاهير، وكان الكاتب هو جورج كلوني.
ثم ملأ المشاركون استبياناً يقيس مدى تقبلهم نظرية التطور.
وأظهرت النتائج أنَّ الآراء حول التطور يمكنها أن تتأثر بالمشاهير الذكور، حتى بعد تثبيت عامل السن والميول الدينية، على الأقل بالنسبة لمن خضعوا لهذه التجربة.
ومما يثير الدهشة أنَّ الدراسة وجدت أنَّ جورج كلوني أكثر فاعلية بكثير في تغيير آراء الطلبة الجامعيين من عالِمٍ حقيقي (وإن كانت هويته مختلقة).
في الحقيقة، لم يكن للاستناد إلى كلان، أستاذ الأحياء المتخيل للنظرية، أي تأثير حقيقي على رأي الطلبة الجامعيين.
بل إن عارضة أزياء كانت أكثر تأثيراً في الطلبة من العلماء!
حتى عندما استبدل العلماء اسم جورج كلوني باسم الممثلة وعارضة الأزياء الإنكليزية إيما واتسون، ظلت النتيجة كما هي، الناس تصدق المشاهير أكثر من العلماء المتخصصين.
وهذا يشير إلى أنَّه حتى النساء، التي تُهمل آراؤهن في بعض الأحيان بالساحة العلمية، لهن القدرة على التأثير في معتقدات العامة، أكثر من العلماء، إذا كان لديهن القدر المناسب من الشهرة.
كما أثبت هاريسون فورد قدرته على المجادلة بشأن التغير المناخي
يمكننا أن نرى أمثلةً لهذه الاكتشافات بوضوح في الحياة الحقيقية.
فعندما يتعلق الأمر مثلاً بالتغير المناخي، وهو موضوع علمي آخر عادةً ما يُقابل بالشك والتمحيص من العامة، بإمكان المشاهير التوعية بالأمر أفضل بكثير من أي عالِم مناخ عادي.
ويمتلك المشاهير من المهتمين بقضايا المناخ، مثل هاريسون فورد، شيئاً ما يجعل الناس يجلسون ويستمعون.
تحدث فورد مرتين للعامة على مدار العامين الماضيين، مهاجماً السياسيين الذين ينكرون التغيرات المناخية، وفي كل مرة تنتشر ملاحظاته كالنار في الهشيم.
لتتأكد الحقيقة المذهلة، وهي أن الناس تصدق المشاهير أكثر من العلماء.
ولهذا السبب، الناس تصدق المشاهير أكثر من العلماء
ربما السبب في أن الناس تصدق المشاهير أكثر من العلماء، هو أنَّنا نميل إلى تصديق الأشخاص الذين نراهم جزءاً من الثقافة نفسها التي ننتمي إليها.
وهو مبدأ معروف في علم النفس الاجتماعي باسم الإدراك الثقافي.
ويبدو أنَّ كثيراً من الناس يجدون ارتباطاً بينهم وبين المشاهير أكثر بكثير من العلماء، ربما لأنَّنا نعتقد أنَّنا نعرف المشاهير أكثر كأشخاص.
لذا، فعندما يتعلق الأمر بنشر معرفة مبنية على دلائل علمية، فقد يكون المشاهير هم الأداة التي يفتقدها العلماء.
لكن شهرة النجوم سلاح ذو حدين مع العلم
وعلى الرغم من ذلك، علينا أن نتذكر أنَّ تأثير المشاهير يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين.
فعندما يسخر نجوم مثل جاستن بيبر من نظرية الانفجار العظيم (التي تفسر نشأة الكون)، أو عندما يتلفظ جيم كاري ببعض الهراء حول استخدام اللقاحات، فقد يكون لهذا تأثيرٌ مضاد تماماً، وهو نشر الجهل بدلاً من الحقيقة.
لذلك فأي عالِم يريد أن ينشر نتائج دراسته ويريد أن يحصل على دعمٍ من المشاهير، فعليه اختيار النجم المناسب.
وإلإ فقد تفضي الشهرة إلى نتيجة عكسية.