أحفاد تاجر يهودي يطاردون لوحة سرقها النازيون، وهناك ما يجعلهم يتعلقون بها أكثر من بقية ثروتهم المنهوبة

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/11 الساعة 23:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/11 الساعة 23:20 بتوقيت غرينتش

يعرف شخص ما مكان هذه اللوحة التي تنتمي إلى ما وصفه النازيون بالفن المنحط، ولكن، هذا الانحطاط المزعوم، لم يمنعهم من سرقة لوحة ديغا الرائعة هذه، ولكن لماذا يواصل أصحابها البحث عنها إلى اليوم؟.

ظلت لوحة Mlle. Gabrielle Diot للفنان الفرنسي إدغار ديغا (Edgar Degas) التي تعود إلى عام 1890، مُعلقة فوق مكتب بول روزنبيرغ أحد تجار اللوحات اليهود المشهورين في معرضه في باريس حتى عام 1940 عندما جرت مصادرتها من قبل النازيين، إلى جانب العديد من الأعمال الأخرى، وفقا لما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.  

قصة الفن المنحط

صنف النازيون كل مقتنيات هذا التاجر اليهودي الباريسي بـ"الفن المنحط" ("degenerate ar")، ومنعت الأعمال المصنفة ضمن هذه الفئة من دخول ألمانيا، ولكنه وجدوا لها استخداماً آخر.

فقد وقعت تحت ولاية لجنة استغلال الفن المنحط، بعد توجيه جوزيف جوبلز وزير دعاية هتلر لبيع هذه الأعمال الموصومة بالمنحطة مقابل العملات الأجنبية لتمويل بناء متحف الفوهرر والجهد الحربي الأوسع لألمانيا النازية.

وبينما تبعثرت مجموعة روزنبرغ عبر أوروبا، فإنه يعتقد أن لوحة ديغا تحديداً قد ذهبت إلى سويسرا.

ولكن ما الذي جعل لوحة ديغا تلقى هذا الانتباه الكبير؟

على عكس كثير من أعمال التاجر الباريسي التي اختفت آثارها تماماً، فإن لوحة ديغيا كانت تظهر تظهر أخبارها لتثير انتباه عائلة بول روزنبيرغ، وتثير الأمل لديهم باستعادتها.

ولكنهم لم يتمكنوا قط من استردادها.

ومع ذلك لم ييأسوا من اقتفاء أثرها بعد.

حتى أنهم استأجروا محققين من لندن لاستردادها بعد 77 عاماً من اختفائها

مؤخراً، استأجر أحفاد تاجر الفنون الفرنسي بول روزنبيرغ محققين في لندن متخصصين في مجال الفن واللوحات لمحاولة استعادتها، بعد ما يقرب من 60 عاماً من وفاة تاجر اللوحات.

وقالت ماريان روزنبيرغ، حفيدة بول، "ليس مستحيلاً أن يكون هناك شخص ما قد رآها. نحن نحتفظ بالحق في طلب اللجوء إلى القانون في جميع الولايات القضائية".

تاجر الفنون الشهير بول روزنبيرغ مع إحدى لوحاته/wikipedia
تاجر الفنون الشهير بول روزنبيرغ مع إحدى لوحاته/wikipedia

واحتفظ بول روزنبيرغ، الراعي لكل من هنري ماتيس وبابلو بيكاسو، بسجلات دقيقة للأعمال التي بحوزته، وهي ممارسة ساعدت عائلته إلى حد كبير على مر السنين في سعيها لاستعادة هذه الأعمال.

لكن من بين 400 عمل فني نُهِبت من معرضه، لم يُسترد سوى 65 لوحة فقط بعد، بحسب ما ذكرته ماريان.

إنه ليس مجرد فيلم هوليوودي.. لقد أوقفوا القطار الذي يحمل ممتلكاتهم المنهوبة

حُملت الكثير من القطع الفنية على متن قطار توقف بالقرب من باريس في أغسطس/آب عام 1944 من قبل إحدى وحدات القوات الفرنسية الحرة بقيادة الملازم ألكسندر روزنبيرغ، ابن بول روزنبيرغ.

هذه الواقعة الغريبة مكنتهم من استرداد جزء من مقتنياتهم المنهوبة

وهو التدخل الذي ظهر في فيلم The Train عام 1964، من بطولة برت لانكستر.

لكن لوحة ديغا الفنان الذي اشتهر برسم الراقصات لم تكن من بينها، وأصبح المكان الذي تتواجد به تلك اللوحة منذ سرقتها من قبل النازيين لغزاً.

هنا ظهرت لأول مرة، ولكن قواعد هذه التجارة منعت استردادها

ظهرت اللوحة مجدداً عام 1974، عندما قيل أن تاجر اللوحات الفنية المقيم في هامبورغ بألمانيا، ماتياس هانز، قد توسط في بيعها إلى مشترٍ سويسري.

وظهرت بعد ذلك في ديسمبر/كانون الأول عام 1987، عندما عثرت إلين رونبيرغ، زوجة ابن بول روزنبيرغ، عليها في مجلة فنية.

وكانت معروضة للبيع من قبل معرض هانز في هامبورغ. عندما اتصلت بالمعرض لتقول إنها مسروقة، قال هانز إن قواعد السرية منعته من الإفصاح عن مالكها.

وأُجريت محاولات أخرى لبيع الصورة، من خلال وُسطاء في الدنمارك وألمانيا وكاليفورنيا ونيويورك والبندقية، وفقاً للمحققين الذين استأجرتهم عائلة روزنبيرغ.

 ثم طلب الوسيط من الأسرة تعويضاً لاستعادة ما هو حق لهم!

في مرحلة ما، اقترح هانز أن تدفع العائلة تعويضاً قدره 3 ملايين يورو  مقابل استعادة لوحة ديغا، ما أثار غضب ماريان روزنبيرغ.

وقالت "إذا اشتريت لوحة من تاجر وتبين أن اللوحة مسروقة أو مزيفة، فمن الممارسات السوقية أنه يتعين على التاجر تعويضك.

لذا، إذا كان هناك شخص يطالب بالتعويض لاستعادة اللوحة، فإن الشخص الذي يجب أن يدفع له التعويض هو هانز التاجر الوسيط في بيعها".

من بين جميع الأعمال التي نُهِبت من معرض روزنبيرغ في باريس، باتت لوحة ديغا المسروقة – التي وصفتها ماريان روزنبيرغ بأنها "رائعة" – الأكثر صعوبة في استرجاعها.

ألمانيا وقعت على اتفاق لإرجاع الأعمال التي نهبها النازيون ولكن جهودها تبدو فاترة

وقّعت الحكومة الألمانية على مبادئ واشنطن، التي مر على إقرارها نحو 20 عاماً، والتي تُلزِم السلطات بالمساعدة في إرجاع الأعمال الفنية التي سرقها النازيون إلى أصحابها الشرعيين، وتواصلت وزارة الثقافة الفرنسية مع هانز التماساً لتعاونه.

ومع ذلك، يقول كريستوفر مارينلو، مؤسس الشركة الدولية لاستعادة الأعمال الفنية Art   Recovery International ومقرها البندقية، والتي تمثل ورثة روزنبيرغ، كان من الممكن أن يتمادى الأمر إلى أبعد من ذلك: "كانت الجهود فاترة على أفضل تقدير.

ويضيف "هناك أمور أكثر بكثير يمكن للسلطات الألمانية أن تتحقق منها هنا، ومن بينها عمليات الشراء والضرائب وسجلات التصدير".

إذ يقول "لا تعتبر ألمانيا فقط مسؤولة عن تصرفات أسلافها، بل مسؤولة أيضاً عن المعايير التي تنفذها في الوقت الحاضر. فعندما لا تكون الحكومة قدوةً، فإنها بذلك تمنح العذر لسوق الأعمال الفنية بعدم الالتزام التام بوقف التجارة في الأعمال الفنية المنهوبة".

والتاجر الذي باعها يقول إنه مجرد وسيط

في المقابل، اتهم هانز مارينلو بممارسة الترهيب، وتحريض"الأجهزة الصحفية بأكملها" ضده.

وقال هانز في تصريح لصحيفة Observer البريطانية، "أشعر بالأسف الشديد لأن عائلة روزنبيرغ تعرضت للظلم في ظل النظام النازي".

 "كما أشعر بأسف شديد لأنني عاجز عن استرجاع اللوحة، لكنني دائماً ما عملت كوسيط".

وأضاف هانز أن القرار بشأن ما يجب فعله تجاه اللوحة لم يكن قراره، وأنه لن يفصح عن الشخص الذي يمتلك اللوحة حالياً.

ورغم فشلها.. العائلة مصرة على استكمال ما فعلته أجيالها الثلاثة

من جانبها، قالت ماريان روزنبيرغ إنها كانت تأمل أنّ قرار العائلة بإعلان الطلب المتعلق باسترجاع لوحة ديغا قد يثير ذاكرة أحدهم ليتذكر شيئاً عن اللوحة التاريخية.

كما أكدت على التزامهم باستعادة جميع اللوحات التي سرقها النازيون قائلة "إن السعي لاستعادة هذه اللوحات مستمر مثلما جرى على مدى ثلاثة أجيال حتى الآن.

وأضافت قائلة "تعد مسألة بقاء جميع اللوحات على حالها موضع شك. وقد يُنظر إلى بعضها على أنها لوحات رائدة، جرى حرقها، وربما تعرّض بعضها لحوادث الحرب المؤسفة لكنني متأكدة من أن نسبة كبيرة منها موجودة في مكان ما.

وأردفت "ربما تتواجد هذه اللوحات في متاحف أو مجموعات خاصة. من يعرف؟"

علامات:
تحميل المزيد