شاهدت Braveheart العظيم.. إليك فيلم Outlaw King الجديد الذي يستكمل المسيرة من النقطة التي توقف عندها الفيلم الاسكتلندي

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/11 الساعة 16:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/12 الساعة 09:26 بتوقيت غرينتش
Robert the Bruce (Chris Pine) surveys his phalanx in Outlaw King.

يعد ديفيد ماكنزي من المخرجين الاسكتلنديين العِظام، الذي لم يضطلع بإخراج فيلم في اسكتلندا منذ سنوات.

في عام 2003، لمع نجمه في فيلم Young Adam (بطولة النجم إيوان مكريغور)، وهو عبارة عن قصة كئيبة متقلبة تدور أحداثها في خمسينات القرن الماضي في غلاسكو، لكن منذ ذلك الحين لم يزر موطنه الأصلي مرة أخرى إلا نادراً، حسب مجلة The Atlantic الأميركية.

تعتبر أفلامه الأخيرة -فيلم دراما السجن الإنكليزي Starred Up والفيلم المثير Hell or High Water الذي تدور أحداثه حول سرقة مصرف تكساس- من أفضل أفلامه.

لكن في فيلم Outlaw King، يعود ماكنزي إلى موطنه ليتناول واحدة من أكبر أساطيرها، ألا وهي معركة اسكتلندا من أجل الاستقلال في القرون الوسطى. وهي قصة تناولتها أفلام السينما من قبل، ومن أبرزها فيلم Braveheart للنجم ميل غيبسون، الذي حصد خمس جوائز أوسكار.

لدى فيلم Outlaw King بطله الخاص وهو كريس باين في دور الملك روبرت ذا بروس.

قُدم روبرت في فيلم Braveheart على أنه سياسي ماكر مهادن تنقصه الشجاعة، يتخلَّى في نهاية المطاف عن قضية التمرد والثورة التي يتزعمها ويليام والاس (يؤدي دوره غيبسون).

يؤرِّخ فيلم Outlaw King لما حدث بعد ذلك، إِذْ يتسلّم روبرت راية الاستقلال الاسكتلندي في مطلع القرن الرابع عشر، ويبدأ في شنِّ حملةٍ أشبه ما تكون بحرب العصابات ضد الملك الإنكليزي إدوارد الأول (يؤدي دوره ستيفن ديلان).

يهدف الفيلم إلى تحطيم الأساطير الرومانسية الخرافية، التي قام عليها فيلم ميل غيبسون، وكذلك العديد من الأعمال الدرامية الأخرى التي تدور حول القرون الوُسطى، وكشف الحقيقة القاتمة لحروب تلك الحقبة.

إذن ما تلك الحقيقة؟

هل هي أن الكثير من الرجال كانوا يواجهون بعضهم البعض في الميدان، ويضربون جيادهم بالسيوف والسياط وسط الكثير من الوحل. كان روبرت خبيراً في التخطيط التكتيكي، ويريد ماكنزي أن يجسِّد ذلك درامياً، على الرغم من أن فكرة الملك حول التكتيكات قامت في الغالب على استدراج الجنود الإنكليز المندفعين بتهور إلى الوقوع في حفر لزجة ممتلئة بالرماح.

لكن مهما زاد إبداع روبرت فقد كان في النهاية يعيش في القرن الرابع عشر، ويصور فيلم  Outlaw King كل تفاصيله القذرة السائدة في ذلك الوقت. قد يكون الفيلم بالنسبة للبعض مغرقاً في الدموية، لكن آخرين سيتقبّلون كل لحظة بشعة في الفيلم.

ما الفارق بين الفيلمين؟

في فيلم Braveheart، كان الاستقلال الاسكتلندي مسألة شرف، واعتمدت حملة والاس الأولى أكثر على المواجهة المباشرة. يستكمل فيلم Outlaw King الأحداث ليس بعد فترة طويلة من هزيمة والاس، كما يشهد الفيلم انتقال روبرت إلى استخدام السياسة المخادعة من خلال القسم بالولاء للملك إدوارد، دون أن يخسر احترام أبناء وطنه.

كما يصور أيضاً جون كومين (يؤدي دوره كالان مُولفي) المنافس على كرسي الزعامة في اسكتلندا، وكذلك والد روبرت (يؤدي دوره جيمس كوزمو) الذي يبشر بالسلام، والأمير إدوارد (يؤدي دوره بيلي هاول) ابن الملك، الذي يحمل شارة على كتفه تدل على مهارته العسكرية.في البداية، يحاول روبرت الحفاظ على الهدنة بالزواج من امرأة إنكليزية، وهي إليزابيث دي بورغ (تؤدي دورها الممثلة فلورنس بوغ)، لكن سرعان ما تنهار الأوضاع وتُستأنف الحرب مرة أخرى، حيث يواصل روبرت تكتيك الكرّ والفرّ حول البلاد، من أجل تجميع وحشد جنودٍ محاربين، وتجنُّب سحقهم وهزيمتهم للأبد من قبل الإنكليز.

أداء الممثلين مميز أم مفتعل؟

يؤدي كريس باين دور الملك الذي توَّج نفسه على عرش اسكتلندا بصفته رجلاً خشناً واستراتيجياً مُحنكاً يُمعن التفكير، ولا يلقي خطباً عاطفية كثيراً، وما يشغله أكثر هو تطويق وحصار أعدائه.

كما أن لكنة باين متينة، والأفضل منها ثقته بنفسه، لا يتباهى باين مطلقاً أو يستعرض ويبالغ في تمثيله أمام الجمهور ليبدو بمظهرٍ ملكيٍّ فخم مبالغ.

يُقابل رزانته وتمثيله المحكم أداء طاقمٍ تمثيل مُبالغ ومفتعل للغاية، من بينهم تحديداً الممثل آرون بيري تايلور-جونسن، الذي فقد صوابه تماماً في دور المحارب الاسكتلندي جيمس دوغلاس.

حرص ماكنزي دائماً بصفته مخرجاً وصانع أفلام على مُحاكاة الحقيقة مهما كانت طبيعة الفيلم ونوعه الفني. نجح هذا النهج في فيلم بمثل كمال ومثالية فيلم "Hell or High Water"، لأن الممثلين (من بينهم باين) بدوا كأناسٍ حقيقيين على الرغم من حدة الألاعيب بين أدوار اللصوص ورجال الشرطة التي يؤدونها.

يسعى فيلم "Outlaw King" لتحقيق نفس المثالية والكمال

ونجح في ذلك إلى حد كبير، رغم افتعال ومبالغة تايلور جونسون وهول أمام الكاميرا. وتجمع شخصيات باين وبوغ على وجه الخصوص رابطة حاسمة بالغة الأهمية في اللحظات الأولى من الفيلم، ما يجعل انفصالهما النهائي خلال الحملة يبدو مجازفة كبيرة للغاية.

يعرف ماكنزي أن روبرت سياسي يُكوّن تحالفاته بحذرٍ شديد، لكنه يعرف أيضاً أن تلك التحالفات يجب أن تكون ذات أهمية للمشاهدين.

التأويل السينمائي أم التفسير التاريخي؟

يبذل فيلم "Outlaw King" جهوداً مكثفة في مزج التأويل والتفسير التاريخي بشيء أكثر إنسانية بصورة ملموسة. عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان Toronto السينمائي الدولي في نسخة أطول، وبدت مملة وغير محكمة (خاصة في أول عرض له) بكل المعلومات الأساسية التاريخية التي كان يحاول توصيلها للجمهور. منذ ذلك الحين، قام ماكنزي باقتطاع أجزاء من الفيلم بكثافة، واقتطع حوالي 20 دقيقة منه، كما أن نسخته النهائية على شبكة Netflix أكثر تنقيحاً.

ربما لا يحلّ فيلم "Outlaw King" محلّ فيلم "Braveheart" من وجهة نظر الجمهور، نظراً لبقاء الاستعارات القتالية الملهمة في أذهان الجماهير، وهذا ما يهب المجد تلقائياً لأيّ فيلم.

في فيلم ماكنزي تتطلب النجاة من أيّ معركة مزيجاً من الحظ والجرأة، وحتى الشخصيات الأسطورية مثل شخصية روبرت (الذي لا يزال خالداً في اسكتلندا حتى يومنا هذا) يتحمل الثمن المترتب على قتال من أجل الحرية.

لكن فيلم "Outlaw King" هو جرعة ضرورية، قد تأخذ الجمهور على حين غرة في البداية، لكنه يبقى أبداً محفوراً في الذاكرة بسبب شدة اتساقه وهول إثارته.