من منّا لم يستمتع بمشاهدة فيلم Gladiator الذي صَوَّر الحملة العسكرية العنيفة التي شنَّها الجيش الروماني بقيادة الجنرال ماكسيموس ديسيموس ميريدوس، على القبائل الألمانية التي كانت تعيش في المنطقة الواقعة بين نهري الراين والدانوب.
كانت الإمبراطورية الرومانية حينها في قمة سلطتها شديدة الاتساع، إذ امتدَّت من صحاري إفريقيا حتى الحدود الشمالية لإنكلترا.
قصة الفيلم تتحدث عن تحوّل ماكسيموس ديسيموس ميريدوس من قائد في الجيس، إلى عبدٍ يباع ويشترى، قبل أن يصبح مصارعاً تحدَّى الإمبراطور.
لكن ما علاقة Gladiator بالأحداث التاريخية الحقيقية التي وقعت خلال تلك الحقبة الزمنية؟
تحذير: السطور المقبلة تتضمن حرقاً لأحداث الفيلم.
فيلم Gladiator: الإمبراطور يسلّم سلطته لقائدٍ وهمي!
تبدأ أحداث الفيلم الذي أدى بطولته راسل كرو وخواكين فونيكس وأخرجه ريدلي سكوت، من ألمانيا، حيث كانت تدور هناك حروب الرومان ضد القبائل المحلية.
وكانت بقيادة الجنرال ماكسيموس الذي استطاع الانتصار في الحرب، والحفاظ على حدود الإمبراطورية الرومانية.
تمحور الفيلم حول بطل خيالي، وهو ماكسيموس، المصارع الذي قتل الإمبراطور كومودس، الأمر الذي لم يحدث تاريخياً.
فشخصية ماكسيموس هي شخصية خيالية استوحاها صناع Gladiator من أكثر من شخصية تاريخية حقيقية.
بعض خصال ماكسيموس استوحيت من العبد سبارتاكوس، الذي أضحى مصارعاً وقاد تمرداً ضد الإمبراطورية الرومانية، انتصر خلاله بـ 9 معارك قبل أن ينهزم في نهاية المطاف.
كما اعتمد مؤلفو الفيلم على شخصية تارتينس باترينوس قائد القوات الرومانية ضد الألمان (179 سنة قبل الميلاد).
وكان للمحارب السوري تبيريوس كلاوديوس بومبيانوس نصيب من شخصية ماكسيموس الخيالية، إذ كان محبوباً لدى الإمبراطور ماركوس أوريليوس، وتزوج من ابنته لوسيلا.
روما تعود إلى النظام الجمهوري؟
وبعد أن انتهت الحرب، طلب الجنرال ماكسيموس من قيصر روما أوريليوس أن يعود إلى بلاده من أجل رؤية زوجته وابنه.
لكن القيصر رفض، وطلب منه أن يقوم بواجبه تجاه روما وأن يُعيدها إلى ما كانت عليه.
وبذلك يتسلم ماكسيموس سلطات القيصر كاملةً بعد وفاته ليعيدها إلى مجلس الشيوخ، تمهيداً لإعادة الحكم الجمهوري إلى روما، والقضاء على حكم الفرد الواحد.
يرفض ماكسيموس في البداية طلب القيصر، لكنه وتحت إلحاح القيصر يقرر التفكير في الأمر الذي لن يتم بسهولة.
وخلافاً لما جاء في Gladiator، ووفقاً للأحداث التاريخية لم يرغب القيصر في إعادة روما إلى العهد الجمهوري.
كما لم تكن لدى مجلس الشيوخ أية نية في الإمساك بمقاليد الحكم، وانتقل عرش روما بشكل شرعي إلى ولي العهد الإمبراطور كومودس، الذي كان يبلغ حينها 18 من العمر.
وعلى غرار ما جاء في أحداث الفيلم كان كومودس جباناً، وعلى الرغم من ذلك كان متعلقاً بشدة بألعاب القتال في روما.
الأميرة لويسلا ليست طيبةً كما ظهرت
ووفقاً لأحداث الفيلم فإن لوسيلا – شقيقة الإمبراطور كومودس – خططت للانقلاب على حكم أخيها، وذلك بالتعاون مع مجلس الشيوخ والجنرال ماكسيموس.
لكن الحقيقة كانت أسوأ قليلاً، فما قامت بيه لوسيلا في الواقع هو تدبير قتل شقيقها بالتعاون مع مجلس الشيوخ، عبر قاتل مأجور.
وعلى غرار ما جاء في الفيلم اكتشف أخوها المؤامرة، وألقى القبض على القاتل، ونفى شقيقته إلى جزيرة كابري الإيطالية.
ولي العهد يقرر قتل والده الإمبراطور.. ويأمر بإعدام ماكسيموس
فور أن علم كومودس بمخطط والده قرَّر قتله على الفور، ثم طلب الولاء والإخلاص من قائد الجيش الروماني الجنرال ماكسيموس.
علم ماكسيموس بأن كومودس قتل والده بسبب وصيته الأخيرة، لذلك رفض تقديم الولاء للإمبراطور الجديد، الذي بدوره أمر بقتله في غابات ألمانيا.
استطاع ماكسيموس الهرب من جنود الإمبراطور الجديد، لكن ما إن وصل إلى بيته حتى وجد جنود الإمبراطور قد سبقوه إلى هناك وقتلوا زوجته وابنه.
دفن ماكسيموس عائلته وسقط مغشياً عليه، ليجد نفسه بعد ذلك عبداً بإقليم زوكابار الروماني.
وبعد أن ألقى تجار العبيد القبض على ماكسيموس أثناء فقده للوعي باعوه إلى بروكسيمو، أحد المصارعين القدامى الذين ينظمون مباريات القتال أمام الجماهير الغفيرة.
والمصارع المنتصر هو الذي يقتل جميع الموجودين في حلبة المصارعة ويبقى حياً حتى النهاية.
استطاع ماكسيموس الصمود بسبب مهاراته القتالية، وفي تلك الأثناء قرر الإمبراطور الروماني الجديد كومودس استضافة دورة ألعاب مصارعة استجداءً لحب الشعب، وتمهيداً لسحب كافة السلطات من مجلس الشيوخ.
وبسبب مهارات ماكسيموس البارعة في القتال، يقرر بروكسيمو اصطحابه إلى روما للمشاركة في دورة الألعاب المزمع إقامتها في مدرج روما الكبير.
استطاع ماكسيموس أن يحظى بحب الجماهير، بسبب أدائه البارع في القتال، وهو ما حدا بالإمبراطور الجديد إلى النزول إلى الحلبة من أجل مقابلة المصارع القوي، الذي كان متخفياً حينها في خوذته الحديدية.
ولكن الإمبراطور يطلب منه الكشف عن هويته، ليتفاجأ بكونه جنرال الجيش الروماني.
نركسوس يخنق الإمبراطور الصغير حتى الموت
يحاول الإمبراطور بعدها قتل ماكسيموس أكثر من مرة، خاصة بعد علمه أن أخته لوسيلا حاولت التواصل معه من أجل تنفيذ وصية والدها، وتسليم السلطة لمجلس الشيوخ.
كومودس كان يعلم بمخططها وقبض على ماكسيموس، مقرراً قتله أمام شعب روما في معركة بينهما في حلبة القتال.
لكن بسبب معرفة الإمبراطور الجديد بقدرات ماكسيموس القتالية، طعنه في كتفه بشدة قبل بداية المعركة حتى يؤثر على قوته.
لكن ماكسيموس استطاع في النهاية قتل كومودس، وبسبب جرحه البالغ مات هو أيضاً في النهاية، بعد أن سلَّم سلطات القيصر إلى مجلس الشيوخ.
لكن في القصة الحقيقية، كان الإمبراطور كومودس مولعاً بألعاب القتال وتربية الحيوانات المفترسة، تمهيداً لدخولها الحلبة من أجل قتل المصارعين.
وقد كان كومودس يقضي أغلب وقته مع الأسود والنعام داخل ساحات القتال في روما.
وعوضاً عن قضاء الوقت في تربية الحيوانات من أجل التدريب على القتل، قرَّر كومودس استئجار مصارع وتدريبه على القتال داخل ساحات روما، وهو المصارع نركسوس.
وبعد أشهر من التدريب خنق نركسوس الإمبراطور الصغير حتى الموت.
https://www.youtube.com/watch?v=do9zep1n8cU
جوائز أوسكار
يذكر أن Galdiator فاز في العام 2001 بجائزة أوسكار أفضل فيلم وأفضل ممثل وهو راسل كرو، كما حصلت جانتي بيتس على الأوسكار لأفضل تصميم أزياء.
وفاز الفيلم بنفس الجائزة لأفضل تأثيرات صوتية وأفضل خلط أصوات.
كما حاز Galdiator جائزة الغولدن غلوب لأفضل فيلم دراما، وأفضل موسيقى تصويرية للمبدع الألماني هانز زيمر.
وجائزة البافتا لأفضل فيلم، وأفضل مونتاج، وجائزة اختيار النقاد لأفضل فيلم وأفضل ممثل.